شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
هل ستنجح القوى السياسية السودانية في تشكيل ائتلاف متماسك؟

هل ستنجح القوى السياسية السودانية في تشكيل ائتلاف متماسك؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 20 أغسطس 202302:12 م

تسعى القوى السياسية المدنية في السودان إلى تجاوز خلافاتها والتوحّد في تحالف جديد، قبل الانخراط في العملية السياسية المتوقع انطلاقها بالتزامن مع تفاوض الجيش وقوات الدعم السريع الخاص بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار؛ لكن جهودها في هذا الصدد لا تزال متعثرة.

لقاء مع السفير الأمريكي في القاهرة

عقد السفير الأميركي في السودان، جون غودفري، اجتماعات مع ممثلين عن المجتمع المدني والأحزاب السياسية والائتلافات، في العاصمة المصرية القاهرة، أوائل أغسطس/آب الحاليّ، ناقش فيها جهودهم لتشكيل تحالف مدني واسع، يعمل على إنهاء الحرب واستعادة الانتقال المدني.

وأتت هذه اللقاءات بعد عقد ائتلاف الحرية والتغيير المجلس المركزي، وتحالف الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية، اجتماعات منفصلة وأخرى مع بعض في القاهرة، تلاها عقد الطرفين، كلٌّ على حدة، لقاءات مع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، بحثت بناء منصة مدنية واسعة النطاق.

ويضم "المجلس المركزي" الذي كان يقود عملية التفاوض مع الجيش والدعم السريع وصلت لمراحلها النهائية قبل أن تقطع الحرب التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان طريقها أحزاباً سياسية، مثل حزب الأمة والتجمّع الاتحادي والمؤتمر السوداني، إلى جانب نقابات عمالية وقوى مهنية وبعض أطراف الحركة الاحتجاجية.

وتتألف "الكتلة الديمقراطية" من حركات مسلحة، أبرزها "حركة تحرير السودان" بقيادة مني أركو مناوي، "والعدل والمساواة" برئاسة جبريل إبراهيم، إضافة إلى زعماء عشائر من قبيل زعيم قبيلة الهدندوة محمد الأمين ترك، وقوى سياسية؛ وتلاحقها اتهامات بالعمل مع العسكر على تقويض الانتقال المدني بتهيئة الأوضاع العامة ودعم انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

خلافات على المشاركة

خلافات الطرفين تتعلق برفض "المجلس المركزي" انضمام بعض أطراف "الكتلة الديمقراطية" إلى العملية السياسية السابقة، بدعوى أنها أذرع للعسكر، بينما أصرّت الأخيرة على انخراطها في العملية مجتمعة.

وفي مقابل ذلك، يختلف الحزب الشيوعي والبعث العربي الاشتراكي والحركة الاحتجاجية مع المجلس المركزي في المواقف حيال الترتيبات السياسية والدستورية لمستقبل السودان، ما يُشكّل تهديداً لتقويض أي ترتيبات لا تشملهم.

ترتيبات متسارعة تسابق الزمن

نفى القيادي في المجلس المركزي ماهر أبو الجوخ، وجود تعثّر في تأسيس التحالف الجديد، وقال إن نتائج التحركات السياسية لم تظهر حتى الآن.

ويقول لرصيف22، إن الاجتماعات التي عُقدت في القاهرة أواخر يوليو/تموز، كان غرضها الرئيسي توحيد رؤي تحالف الحرية والتغيير، فيما يتصل بتشكيل الجبهة المدنية والرؤية السياسية المطلوبة لإنهاء الحرب وإعادة الإعمار واستعادة الانتقال المدني - يستطرد "أبو الجوخ" - اللقاءات التي نُظّمت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا منتصف هذا الشهر، ضمّت قوى جديدة، مثل الجبهة الثورية، وهي تحالف يضم حركات مسلحة يقف على رأسها مسؤولون حكوميون والحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة محمد الحسن، والحزب الجمهوري والمؤتمر الشعبي، في إشارة لعدم وجود خلافات بينها.

لماذا سيمتنع الحزب الشيوعي عن المشاركة في التحالف السياسي الجديد؟

معركة الحزب الشيوعي الخاصة

على صعيد آخر، يرتب الاتحاد الأفريقي لعقد اجتماع شامل للقوى السياسية في أديس أبابا في مطلع سبتمبر/أيلول، من المتوقع أن يُشارك فيه الإسلاميون الذين كانوا جزءاً من حقبة الرئيس المعزول عمر البشير.

وتشير بعض التكهّنات إلى أن المفاوضات الجارية قد تسفر عن نجاح الاجتماع الموسع المزمع انعقاده في أديس أبابا، والذي سيضم المجلس المركزي والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، وأحزاباً سياسية وبعض أطراف الحركة الاحتجاجية وممثلين عن اللاجئين والنازحين والشباب، لإعلان تشكيل جبهة مدنية واسعة.

وعلى الأرجح ألا ينضم الحزب الشيوعي الذي يُنادي بالتغيير الجذري، فضلاً عن أن هناك تياراً رئيسياً داخل الحزب الشيوعي يرى أن معركته الأساسية من أجل الحرية والتغيير وليس مع أنصار البشير أو مؤيدي الحرب، مقابل تيار آخر يُطالب بأن يكون الحزب جزءاً من جهود إنهاء النزاع، وهو ما ينعكس على فرص انضمام الحزب إلى التحالف الجديد.

حلقة مفرغة

يبدي أبو الجوخ تفاؤلاً لا يلائم الوضع الحالي الذي يعيشه السودان جرّاء النزاع الذي تعدّدت أطرافه، وما صاحب ذلك من استقطاب جعل بعض القوى السياسية، مثل التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، تستنفر عضويتها للمشاركة الفعلية في القتال إلى جانب الجيش.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي، أن القوى السياسية تدور في حلقة مفرغة، مُرجِعاً تعثّر خطوات التوحّد في تحالف واحد إلى تباين التقديرات حول الأزمة السودانية، وبالتالي عدم قدرتها على توحيد المواقف حيال قضايا البلاد.

ويشير لرصيف22، إلى أن بعض مواقف أطراف الحرية والتغيير حيال قوات الدعم السريع، قد تعيق القدرة على التحالف مع جماعات أخرى لا تزال فاقدة التواصل معها، مثل نقابة الصيادلة ولجان المقاومة، كما يشدّد المحلل السياسي على أن القوى السياسية تستطيع تجاوز الخلافات بصورة مرحلية، لكن الأمر يحتاج إلى تقديم المجلس المركزي تنازلات من أجل كسب الكتلة الديمقراطية، التي يبدو أنها لا ترغب في الانضمام إلى التحالف المزمع تشكيله.

ما هو طبيعة الدور الذي تلعبة  الولايات المتحدة، في تشكيل تحالف واحد  يضم جميع القوى السياسية؟

مساعي واشنطن

تعمل دول عديدة، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، على توحيد القوى السياسية في تحالف واحد، قبل انعقاد اجتماع موسّع يرعاه الاتحاد الأفريقي، تقرّر انعقاده نهاية أغسطس/آب الجاري، من أجل توحيد الرؤى حيال العملية السياسية المرتقبة.

ويرى الكثيرون أن الوقت كافٍ لتشكيل التحالف الجديد وترتيب العملية السياسية والاتفاق على أجندتها، خاصة قضايا ما بعد الحرب والترتيبات الدستورية الجديدة، لكنه سيكون تحالفاً مرحلياً يمكن أن ينحلّ في أي وقت.

وفي حال استطاع المجلس المركزي الاستفادة من خلافات الكتلة الديمقراطية الداخلية بانضمام أطراف منها إلى التحالف الجديد، سيواجَه برفض من الحزب الشيوعي والبعث وأطراف عديدة في الحركة الاحتجاجية وبعض النقابات، ما يجعل الخلاف في داخله أكثر من نقاط الاتفاق.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image