عاش السودانيون خلال الـ30 يوماً الماضية من القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، في كوابيس دائمة وسيل مستمر من الانتهاكات الفظيعة، من دون وجود بارقة أمل تدفع في اتجاه إنهاء الحرب، فكل طرف يعتقد بقدرته على إنهاء الآخر في فترة وجيزة.
وقّع طرفا القتال في 11 أيار/ مايو الحالي، على قواعد أخلاقية للاشتباك، شملت السماح بمرور آمن للمدنيين من مناطق الأعمال العدائية على أساس طوعي وحماية احتياجاتهم الأساسية والامتناع عن الهجمات التي تُسبب أضراراً مدنيةً، بالإضافة إلى تسهيل أنشطة المساعدة الإنسانية والإجلاء وعدم التدخل فيها، والامتناع عن الاستحواذ على المرافق الخاصة والعامة والمشافي ومنشآت المياه والكهرباء.
تبادل الطرفان الاتهامات بخرق هذه القواعد، مثلما تبادلا في أوقات سابقة اتهامات بخرق الهدنات لأغراض إنسانية، إذ لا تزال قوات الدعم السريع تحتل عدداً من المستشفيات ولا يزال الجيش يقصف مواقع مدنيةً، بجانب ارتكابهم انتهاكات أخرى.
وثّقت الجهات المعنية بدعم النساء حالات اغتصاب غالبيتها تمت على أيدي رجال الدعم السريع
العنف الجنسي
قالت مدير وحدة مكافحة العنف ضد المرأة الحكومية، سليمى إسحاق، إن الوحدة وثّقت خمس حالات اغتصاب، بعضها ارتُكب بواسطة قوات الدعم السريع والبعض الآخر لم تحدد الضحايا هوية مرتكبيها، وجميعها في العاصمة الخرطوم.
وتضجّ مواقع التواصل الاجتماعي بوقوع عشرات حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي، معظمها نُسبت إلى قوات الدعم السريع، لكن سليمى إسحق، قالت لرصيف22، إنها لا تستطيع التحدث -كجهة رسمية- إلا عن الحالات التي أُبلغت بها، مقرّةً بعدم وجود رصد للانتهاكات ضد النساء.
وأشارت إلى أن الوحدة تُقدّم دعماً نفسياً للضحايا عبر الهواتف ودعماً صحياً، من دون أن تستطيع تقديم دعم من نوع آخر في ظل الوضع الحالي.
ويقول أطباء في مستشفى ود مدني، إنهم يعالجون الآن حالات اغتصاب ارتُكبت على طريق الخرطوم-مدني، وهو الطريق الرئيس الذي يربط العاصمة بعدد من الولايات ويستخدمه الفارون من القتال.
وقالت الجبهة المدنية لإنهاء الحرب واستعادة الديمقراطية، وهي تجمّع لقوى مدنية تأسست بعد اندلاع القتال بين الجيش والدعم، إن هناك أنباءً تتحدث عن وجود حالات اغتصاب وتحرش جنسي في أماكن يسيطر عليها الجيش؛ وذلك قبل أن تتراجع لاحقاً وتقول إنها لم تقع في أماكن سيطرة الأخير.
وأفادت، في بيان، بأن الوقائع المرتبطة باستخدام الاغتصاب والعنف والتحرش الجنسي، تُعدّ بمثابة أفعال شنيعة وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان لا يمكن تبريره أو قبوله أو التسامح معه.
ودعت الجهات الطبية والمنظمات العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والنساء إلى رصد وتوثيق جميع تلك الوقائع وتجميع المعلومات المرتبطة بها، والتي تشمل الزمان والمكان والشهود على هذه الجرائم، وتعريف المتهمين بارتكابها، وأي بيانات مرتبطة بهم، كما تطلب من الجهات الدولية والإقليمية ذات الصلة والاهتمام، تقديم كل الدعم والإمكانات الممكنة في ما يتصل برصد وتوثيق هذه الجرائم وتجميع الأدلة المرتبطة بها وتحديد مرتكبيها.
وتتضاعف مأساة الاغتصاب والاعتداء الجنسي في ظل عدم القدرة على الوصول إلى المرتكبين، أو إلى المستشفيات.
ودعت الجبهة المدنية طرفي هذه الحرب، إلى إدانة جرائم الاغتصاب وإجراء تحقيق فوري وشفاف حولها والقبض على مرتكبيها ومحاسبتهم بشكل علني وإلزام المنتسبين إليها بحماية المدنيين.
تأكيدات... ووصمة عار دائمة
وأكدت منظمة "حاضرين"، التي تنشط في تقديم العون الطبي، وقوع سبع حالات اعتداء جنسي وتعمل على التأكد من خمسة ادعاءات أخرى، جميعها في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
ويقع ضرران على أي امرأة جرى الاعتداء عليها، يتعلق الأول بجرم الاعتداء نفسه، والآخر بصعوبة الوصول إلى المستشفيات في ظل استمرار القتال والقصف بالمدفعية الثقيلة وغارات الطيران الحربي، يُضاف إلى ذلك خروج 60% من مشافي العاصمة الخرطوم من الخدمة، وفقاً للأمم المتحدة.
وتقول اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء إن 66% من المستشفيات الأساسية المتاخمة لمناطق الاشتباكات متوقفة عن الخدمة، إذ يعمل 59 مستشفى فقط من أصل 89. ومن بين المشافي المتوقفة جرى قصف 17 مستشفى وإخلاء 20 قسرياً. وتشمل الانتهاكات الواقعة على المجال الطبي الاعتداء على سيارات الإسعاف وعدم السماح لها بنقل المرضى وإيصال المساعدات.
وتلاحق الفتاة المغتصَبة وصمة عار في المجتمع السوداني، ذي السمت الأبوي الذي ينظر إلى العذرية من منظار الشرف؛ ولهذا يُتوقع أن تكون حالات الاغتصاب الفعلية أكثر بكثير من المعلنة، نظراً إلى ميل غالبية الفتيات المغتصَبات إلى الصمت في ظل تحكم النظرة الذكورية.
ويُجرّم القانون السوداني اغتصاب القُصّر والبالغات، لكن المحامي علاء الدين طه، يقول لرصيف22، إن حالات الاعتداء الجنسي في ظل القتال الحالي هي جرائم حرب يختلف سياقها عن الجريمة في ظل الظروف العادية، حيث أن الاغتصاب في حالة الحرب يُعدّ وسيلةً لإذلال الشعوب وكسر إرادتها.
هل تتحول أجساد النساء إلى ساحة اقتتال جديدة في السودان؟
انتهاكات أخرى
وتتعدى انتهاكات القوّتين المتحاربين الاغتصاب، لتشمل الحق في الحياة وعدم التعرض للأذى والتشريد من المنازل، بالإضافة إلى قصف الطيران الحربي التابع للجيش مواقع مدنيةً، مثل المصانع والمنازل وإخلاء قوات الدعم السريع المواطنين من منازلهم تحت التهديد.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، إن القتال المندلع في السودان منذ 15 نيسان/ أبريل المنصرم، أودى بحياة 676 شخصاً وأصاب 5،576 آخرين، وذلك حتى 11 أيار/ مايو الجاري.
وتحدث عن فرار 936 ألف شخص من منازلهم، منهم 200 ألف فرد عبروا إلى البلدان المجاورة للسودان. وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة إلى إن من بين الفارين 450 ألف طفل.
وقد فقد الـ936 ألف شخص، حياتهم الطبيعية في العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى، بما في ذلك التعليم في المدارس، فيما فرّت معظم الأسر تاركةً وراءها مقتنياتها من دون وجود أمل في وجودها، عند انتهاء القتال، في ظل انعدام الأمن وانتشار النهب على نطاق واقع.
وبالنظر إلى صعوبة الوصول إلى المستشفيات، وخروج معظمها من الخدمة، فإن العدد الفعلي للقتلى والجرحى قد يكون أضعاف المؤكد، لا سيما وأن الأسر تُفضّل في ظل الوضع الحالي الإسراع في دفن القتيل تماشياً مع الشريعة الإسلامية التي يعتقد بها معظم السودانيين، والتي حثّت على الإسراع في دفن المتوفى.
وأدانت الجبهة المدنية لإيقاف الحرب، انتهاكات القصف الجوي والمدفعي للأحياء السكنية واستمرار الاشتباكات فيها، ما نتج عنه زيادة كبيرة في الخسائر وسط المدنيين بين قتلى وجرحى.
ومع عدم وجود أمل في إنهاء القتال بنحو سلمي، برغم المساعي المحلية والإقليمية والدولية، فإن السودان ساحة لانتهاكات فظيعة شملت المساس بدُور العبادة؛ وفي حال استمرار الحرب لن تتواصل الانتهاكات فقط، وإنما ستقوّض تلقائياً بقاء الدولة التي توقفت مؤسساتها العدلية تماماً منذ اندلاع القتال.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
تامر شاهين -
منذ 11 ساعةهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ يوممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ يومجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...
Mazen Marraj -
منذ يومإبدااااع?شرح دقيق وحلول لكل المشاكل الزوجية?ياريت لو الكل يفكر بنفس الطريقة..
بالتوفيق ان شاء الله في حياتكما الزوجية ?
Nawar Almaghout -
منذ يومرداً على ما ورد من الصحفية زيزي شوشة في موقعكم
الذي أوقع محمد الماغوط وشقيقه عيسى بين براثن الآنسة زيزي وأشباهها
يبدو أن الصحفية ثقافتها لم تسمح لها بالغوص أعمق، و يدل عن بعدها كل البعد عن فهم ما يجري. وهي بسلوكها هذا، على أقل تقدير، تمثل المستنقع الفكري الضحل الذي تعيش فيه
رابط ردي في موقع العربي القديم
https://alarabialqadeem.com/mohmaghbor
Ali El-Helbawi -
منذ يومينGood