خلال السنوات الأخيرة، ذاع صيت الصحافي الإسرائيلي إيدي كوهين على تويتر، وهو المعروف بقربه من أجهزة الأمن الإسرائيلية فيما يُعرف نفسه على أنه إعلامي وأكاديمي إسرائيلي وباحث أول في مركز بيغن للدراسات والأبحاث الإستراتيجية في إسرائيل، ويدّعي أنه متخصص في الشؤون العربية وفي الصراع العربي الإسرائيلي.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 2012، بدأ حساب كوهين في النشاط على تويتر بحيث كان يغرد باللغتين العبرية والإنجليزية فقط. وكان أداة للترويج للأخبار الإسرائيلية الرسمية.
تطور حسابه شيئاً فشيئاً سيّما عقب ظهوره على قنوات عربية ودولية كمحلل سياسي مختص في الشأن العربي. منذ ذاك الحين تحوّل للتغريد باللغة العربية ولم يترك حادثة أو قضية تخص دولة عربية إلا وتناولها بطريقة تثير الجدل واستفزاز الجمهور العربي في أغلب الأحيان.
وانطلاقاً من تعمّد كوهين نشر الشائعات والأخبار المضللة لإحداث ضجة إعلامية، قام مرصد "مسبار" لتدقيق الحقائق بتتبع حساب كوهين في تويتر في محاولة للوقوف على الأيديولوجية التي يتبناها وأهدافه من هذا الترويج المتعمد للتضليل ولاستفزاز الجمهور العربي.
من هو كوهين؟ وماذا يفعل على تويتر؟
بحسب مسبار، الاسم الأصلي لإيدي كوهين هو إدوارد حاييم كوهين حلاله وهو من مواليد عام 1972. وبينما لا تتوفر عنه الكثير من التفاصيل، يوصف بأنه باحث إسرائيلي من جذور عربية لبنانية ولد وترعرع في بيروت قبل الهجرة مع أسرته والاستقرار في تل أبيب، وهو ما قد يفسّر إجادته للغة العربية. تبلغ نسبة المحتوى العربي على حساب كوهين 90%، وفق تحليل مسبار.حالياً، وبفضل محتواه المثير للجدل على تويتر، أصبح كوهين أحد أبرز وأشهر الإسرائيليين في العالم العربي مع أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وهو يجيد اللغة العربية أيضاً.
الاسم الأصلي لإيدي كوهين هو إدوارد حاييم كوهين حلاله وهو من مواليد عام 1972. وبينما لا تتوفر عنه الكثير من التفاصيل، يوصف بأنه باحث إسرائيلي من جذور عربية لبنانية ولد وترعرع في بيروت قبل الهجرة والاستقرار في تل أبيب
يحظى كوهين راهناً بمتابعة أكثر من 571 ألف شخص في تويتر، ويراوح متوسط عدد الإعجابات بتغريداته بين 20 و٥٠ إعجاباً للتغريدة الواحدة، يزيد العدد إلى 100 أو أكثر في بعض المواضيع الإشكالية. وأكثر تغريداته إثارة للجدل أو التي تتناول حادثة تهم الرأي العام، تحقق بين 500 و 1000 إعجاب أو أكثر.
وقد تحصد تغريداته التي تشكك بنبرة ساخرة في مواضيع متعلقة بالمنطقة العربية على قدر أعلى من التفاعل.
ويُسهم نشر المحتوى المثير للجدل والمشكوك في صحته والمرتبط بنظريات المؤامرة، عبر حساب كوهين في توظيف خوارزميات المنصة لصالحه عبر ترشيح محتواه وظهوره لأعداد أكبر من الجمهور المستهدف.
الظاهر للعيان، أن كوهين ينتقد مظاهر الاستبداد والفساد والمشاكل التنموية في الدول العربية، ويعقد مقارنات بينها وبين الوضع السياسي والاقتصادي في إسرائيل، في محاولة لا تخفى على أحد لتكريس فكرة أنَّ إسرائيل هي "الدولة الوحيدة الديمقراطية والمزدهرة" في المنطقة، في ظل انقسام العرب وتشتتهم.
يركز كوهين على مصر على نحو خاص، ودائماً يتحدث عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعن النظام الملكي في الأردن، بالإضافة إلى حديثه المتكرر عن سوريا وإيران وتركيا والدول الخليجية.
ويتعمد كوهين تشويه سمعة الفلسطينيين والفصائل السياسية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية على وجه التحديد.
عينة من الكلمات والوسوم العربية التي استخدمها كوهين خلال الفترة الأخيرة
من بين عشرات الادعاءات المضللة التي روج لها حساب إيدي كوهين في تويتر، والهادفة لإحداث الوقيعة بين الشعوب العربية، نشره مقطع فيديو لرجل ملتحٍ بلباس الإحرام داخل الحرم المكي يتحدث عن السعي بين الصفا والمروة، مروجاً للمقطع على أنه لمفتي فلسطيني يشكك في علماء السعودية ويطعن في علمهم، ويبث الفوضى بفتواه.شارك كوهين المقطع مع تعليق: "لا أحد يمكن أن يفهم سر عداوة الفلسطينيين للسعودية ولكل شيء سعودي". تبيّن مسبار من أن الشيخ الظاهر في الفيديو هو عالم الدين اللبناني جميل حليم الحسيني، رئيس جمعية المشايخ الصوفية في لبنان، مؤكداً أن مفتي فلسطين لا علاقة له بالفيديو من قريب أو بعيد.
فيديو آخر نشره كوهين قائلاً إنه لواقعة "حديثة" شهدتها مصر، لمنع سائح سعودي من دخول أحد المطاعم السياحية لارتدائه جلباب. شارك المقطع مع تعليق: "يا سعوديين، أهلاً وسهلاً فيكم في إسرائيل مع الزي السعودي والجلابية وبلاش الإهانات اللي تتعرضون لها في مصر".
وجد مسبار أن الحادثة قديمة، قبل ثماني سنوات، وأن الحكومة المصرية اعتذرت عنها في حينه، واستقبل وزير السياحة آنذاك، خالد رامي، السائح السعودي وأعرب له عن أسفه، وأغلق المطعم "لإتيانه بأعمال تضر بسمعة البلاد السياحية".
عدد كبير من متابعي حساب إيدي كوهين وحسابات الدعاية الإسرائيلية الناطقة بالعربية الأخرى، هم إسرائيليون متخفّون تحت أسماء عربية لخداع العرب. أما التفاعل العربي الحقيقي، فينقسم إلى ثلاث فئات
من يعاونه؟
ويخاطب كوهين الجماهير الخليجية بشكل مباشر ومكثّف، مروّجاً لأن هناك العديد من القضايا التي توحد المصالح السياسية الإسرائيلية والخليجية. وذلك بالتزامن مع تغريده المنتظم عن عداء مزعوم يحمله الشعب الفلسطيني تجاه الخليج والخليجيين.ويحث في تغريداته الدول والشعوب العربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. علماً أن استهدافه الدول الخليجية ازداد بشكل ملحوظ بعد تطبيع الإمارات والبحرين علاقاتهما مع إسرائيل.
في أحد تصريحاته لموقع الحرة، قال كوهين إنّ السعودية تحاول منذ أعوام تهيئة الأجواء للتطبيع مع إسرائيل. وما يفعله كوهين هو مناشدة الشعوب العربية فتح صفحة جديدة مع إسرائيل، وتقبل جيرانهم اليهود والإسرائيليين. وصرح مراراً بأن الصراع العربي الإسرائيلي انتهى، و"لا توجد دولة عربية تفكر في خيار الحرب مع إسرائيل حالياً، بعد هذه المعاهدات"، معتبراً أنّ الصراع سيبقى فلسطينياً إسرائيلياً فقط.
وفي مسار الترويج للتطبيع، لا يعمل كوهين وحيداً بل يتفاعل باستمرار مع تغريدات منسوبة لحسابات تحمل أسماء عربية تعكف على مدح إسرائيل وتعداد "مزايا" التطبيع ويعيد مشاركة منشورات هذه الحسابات التي تبادله التفاعل.
بعض هذه التغريدات يعود إلى شخصيات عربية حقيقية تدعم التطبيع بالفعل. لكن الكثير من هذه الحسابات يبدو وهمياً وأنشئ خصيصاً لإقناع المتابعين العرب بالتطبيع.
من أبرز الحسابات التي تتفاعل مع إيدي كوهين وتروج له بقوة، حساب بدر السعدون المزعوم لمواطن سعودي الجنسية يقيم في الرياض. تماماً مثل كوهين، لا يُعرف عن السعدون الكثير. يتابعه نحو 20 ألف شخص، وظهر في لقاء مع إيدي كوهين على موقع توف الإسرائيلي ذات مرة بصفته "ناشط سعودي".
أُنشئ حساب السعدون، وفق تحليل مسبار، في نيسان/ أبريل عام 2020، وينشر مُستخدمه من السعودية. علماً أن 4% فقط من تغريدات أصلية، وأكثر من 20% منها إعادة تغريد، وقرابة 76% منها عبارة عن تعليقات.
بشكل أساسي، يركز الحساب على التناول السلبي لقضايا فلسطين بما في ذلك التشكيك بأحقية الشعب الفلسطيني في أرضه، وامتداح إسرائيل. وصف صاحبه نفسه ذات مرة بأنه "عربي عبراني"، وعادةً ما ينشر تغريداته عبر وسمي "#فلسطين_ليست_قضيتي"، و"#المجد_لإسرائيل".
من الحسابات الأخرى التي يروج لها كوهين باستمرار، حساب "صفوك الشيخ" الذي يُعرف نفسه على تويتر بـ"قائد ثورة التنوير في القرن 21". يقول الشيخ الذي أُنشئ حسابه في كانون الأول/ ديسمبر عام 2020 إنه "سوري الأصل" يفتخر بـ"صهيونيته وتصهينه".
تطور حساب إيدي كوهين تدريجياً سيّما عقب ظهوره على قنوات عربية ودولية بوصفه "محلل سياسي مختص في الشأن العربي". وتحوّل للتغريد باللغة العربية ولم يترك حادثة أو قضية تخص دولة عربية إلا وتناولها بطريقة تثير الجدل وتستفز الجمهور العربي
يتابع الحساب نحو 35 ألفاً، وينشر الكثير من مقاطع الفيديو التي تسخر من العرب والمسلمين وتزدريهم، علاوة على سعيه الدائم لتشويه صورة الفلسطينيين.
وتسعى حسابات إسرائيلية عديدة إلى تلميع حساب صفوك الشيخ، مع محاولة لتصديره على أنه "مواطن عربي يتحدث بعقلانية وصدق" عن أصل الصراع العربي الإسرائيلي. حساب "إسرائيل بالعربية" التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية أحد الحسابات التي روّجت لمقاطع الشيخ الذي يغرّد غالباً من الولايات المتحدة الأمريكية أو السعودية.
وكشف تحليل مسبار عن مئات الحسابات المشكوك فيها التي تتفاعل مع كوهين بانتظام، بما فيها مئات الحسابات الإسرائيلية "الوهمية" التي لا يوجد لها خلفيات أو تعريفات واضحة. لاحظ مسبار أن الكثير منها انضم إلى تويتر مطلع العام الجاري، ولا تنشر أية تغريدات ولا تتابع إلا شخصيات معروفة وعلى علاقة بالحكومة الإسرائيلية، وهو ما يرجح وجود شبكة حسابات وهمية إسرائيلية تقف وراء حساب كوهين وتدعمه هو وحسابات مماثلة.
وعثر مسبار على آلاف الحسابات الوهمية وغير النشطة على تويتر الأخرى التي تتابع حساب إيدي كوهين وتُعرّف نفسها بأسماء عربية، والكثير منها انضم إلى المنصة في الأشهر الأخيرة، وليس لديها نشاط واضح.
من هذه الحسابات حساب باسم "عماد سعد الله" الذي بدأ في الظهور منتصف شهر آذار/ مارس 2023، مدعياً أنه سيرشح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر والمقررة عام 2024.
هذا الحساب المزعوم لـ"رئيس مصر القادم"، نشر على سبيل المثال لا الحصر، مقطع فيديو يذكر فيه أن الأرض المقدسة تعود لبني إسرائيل وليست للشعب الفلسطيني. فقام كوهين بمشاركة المقطع معقّباً "برافو كلمة حق من رئيس مصر المقبل". ليقوم سعد الله بنشر مقطع آخر يشكر فيه كوهين على كلماته.
منذ ذلك الحين، ينشر الحساب مقاطع فيديو تنكر حق الفلسطينيين في أرضهم، وتؤكد أن إسرائيل عاصمتها القدس، مع دعوات إلى طرد جميع اللاجئين من مصر. يعيد كوهين مشاركة هذه المقاطع.
ولا تتوفر معلومات عبر حساب سعد الله الذي يظهر في هيئة المعارض للنظام المصري، بينما يكثف منشوراته الداعمة لإسرائيل.
آلة تضليل إسرائيلية متكاتفة
في نهاية تحليله، خلص مسبار إلى أن حساب إيدي كوهين هو أحد الحسابات الإسرائيلية المنتشرة باللغة العربية، والتي تستهدف المواطنين العرب وتعمل على تبييض صورة إسرائيل لديهم، في مقابل تشويه الفلسطينيين، وإحداث الوقيعة بين الشعوب العربية كلما سنحت الفرصة.
وسبق أن أشارت تحليلات سابقة إلى وجود حسابات موالية لإسرائيل تحاول اختراق الشعوب العربية من خلال التحدث معهم بلغتهم الأم، لنشر الأكاذيب والدعاية المضللة بهدف التطبيع مع إسرائيل وتبييض صورتها وتبني أجندتها السياسية، وتشويه سمعة الشعب الفلسطيني الذي يطالب بحقه في أرضه.
حساب إيدي كوهين هو أحد الحسابات الإسرائيلية المنتشرة باللغة العربية، والتي تستهدف المواطنين العرب وتعمل على تبييض صورة إسرائيل لديهم، في مقابل تشويه الفلسطينيين، وإحداث الوقيعة بين الشعوب العربية كلما سنحت الفرصة.
ووفق مسبار: "تسعى هذه الحسابات أيضاً لتصوير إسرائيل على أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ودولة إنسانية تقع ضحيةً للعنف والإرهاب. ما قد يترتب عليه تضليل الرأي العام عن تاريخ كامل من الاستعمار والقتل والتهجير القسري".
يضرب المرصد مثالاً على ذلك، قيام حساب أفيخاي أدرعي بالتغريد في اليوم الأول من شهر رمضان الفائت، بنشر صورة قال إنها لطفل فلسطيني يقوم بالسلام على جنود الاحتلال، أمام معبر راحيل في بيت لحم، قائلاً إنها "تختصر ألف كلمة لتفضح كل من يحاول أن يحرض ويزرع الكره". أعاد إيدي كوهين نشر الصورة مع تعليق "بعيداً عن أكاذيب الفلسطينيين". لكن الأرقام الرسمية والتوثيق الحقوقي يشير إلى أن إسرائيل قتلت خمسة أطفال فلسطينيين في غضون أقل من شهر مطلع هذا العام. ووثقت جميعات حقوقية مقتل ما لا يقل عن 50 طفلاً فلسطينياً عام 2022.
ومن تحليل مسبار يتضح أن عدداً كبيراً من متابعي حساب كوهين والحسابات الإسرائيلية الناطقة بالعربية الأخرى، هم إسرائيليون متخفّون تحت أسماء عربية لخداع العرب.
أما التفاعل العربي الحقيقي مع هذه الحسابات، فينقسم إلى فئتين، مؤيدون للقضية الفلسطينية يدافعون عنها ويردون على تغريدات كوهين بالتكذيب والرفض، وفئة ثانية لمستخدمين لا يرون مشكلة في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. يشير مسبار إلى فئة محدودة من المغردين العرب "تتفاعل بحسن نية ودون إدراك لتأثير هذه التفاعلات".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...