شخصيّة متفائلة وأخرى متشائمة، شخصيّة مُحبّة للمجازفة والمغامرة وأخرى روتينيّة تقليديّة، شخصية واثقة من ذاتها وأخرى اتّكاليّة، وشخصية عاطفيّة رومانسية وأخرى عقلانيّة؛ هذه عيّنة من أنماط مُتعدّدة لشخصيّة الإنسان التي تنعكس على مختلف جوانب حياته.
فمن يُفضّل مثلاً اللون الأسود، يتم وصفه في أغلب الأحيان بالتّشاؤم، ومن يفضل اللون الورديّ، على سبيل المثال، يصفه البعض بالتّفاؤل والانطلاق وحُبّ الحياة.
وتشير دراسة إلى أن أوضاع النّوم المفضّلة، تعكس الكثير من سمات الشخصيّة، ولكن هل تخيلتم/ نّ أن تعبّر الأوضاع الجنسية عن سمات الشخصيّة إلى حدّ كبير؟
خيارات متعدّدة
"أحبّ مع زوجي تعدّد الأوضاع الجنسيّة من أجل كسر الروتين؛ فأستخدم لعبة الأوضاع الجنسيّة الورقيّة، وهي إحدى الألعاب الجنسيّة لتحديد الوضع الذي نريده في كل لقاء لتحقيق المتعة"؛ بهذه الكلمات كشفت نهى أحمد (اسم مستعار) لرصيف22، عن كيفيّة اختيارها وزوجها أوضاعاً جنسيّةً معيّنةً في أثناء العلاقة الحميميّة.
وتتابع: "هذه اللُّعبة تعطينا متعةً وإثارةً في أثناء العلاقة الحميميَّة؛ لأنها تساعدنا على استكشاف أوضاع جديدة وتُحقّق الوصول إلى أورغازم ممتع، من خلال ممارسات جديدة بعيداً عن الأوضاع التقليديّة الروتينيّة".
بدوره، يكشف حسام أحمد، لرصيف22، عن الأوضاع الجنسيّة المُحبّبة لديه: "في بداية زواجي؛ كنت أُفضّل الأوضاع التي تجعلني مسيطراً ومتحكّماً في العلاقة الحميميّة بشكل كبير كالوضع الكلاسيكي التقليدي"، كاشفاً أن هذا ما سبب له في بداية الأمر بعض الخلافات الزوجيّة، كون زوجته تفضل أوضاعاً جنسيةً أخرى.
"هذه اللُّعبة تعطينا متعةً وإثارةً في أثناء العلاقة الحميميَّة؛ لأنها تساعدنا على استكشاف أوضاع جديدة وتُحقّق الوصول إلى أورغازم ممتع، من خلال ممارسات جديدة بعيداً عن الأوضاع التقليديّة الروتينيّة"
غير أنه يستدرك قائلاً: "ولكن بعد تجربة أوضاع جنسيّة أخرى كوضع الأمازون، ومع التعوّد عليه، أصبحنا نستمتع بهذا الوضع بشكل كبير وتم حلّ الخلاف بيننا حول اختيار الوضع الجنسي المُحبّب".
في مسح تم إجراؤه على نحو ألف مواطن أمريكي حول تفضيلاتهم ألعاباً وأوضاعاً جنسيّةً مُحدّدةً؛ كانت النسبة الأعلى من نصيب أربع وضعيات جنسيّة هي: الدوغي، اللّوتس، الأمازون والوضع الكلاسيكيّ التقليديّ، حيث حازت على نسب تتراوح بين 20 و26% مقارنةً بالأنواع الأخرى، في حين أن النسبة الأقل كانت من نصيب وضعية الفراشة، حيث حازت على نسبة ضئيلة جداً تُقدّر بـ5%.
كيف تكشف الأوضاع الجنسيّة عن سمات الشخصيّة؟
يكشف كتاب بعنوان "The "BigBookofsex Brayon Gray، أن الوضع الجنسيّ المُفضّل للشخص يعكس العديد من سمات شخصيّته كقوتَي السيطرة والتحكم، فمثلاً من الناحية السلبيّة يتمتع الرجل المُحبّ للوضع الكلاسيكي التقليدي بقوة السيطرة تجاه الأشخاص والأشياء في آن واحد، ولكن من الناحية الإيجابيّة يتمتع بالكثير من الحميميّة والتقرّب من شريكة حياته من خلال التواصل الجسديّ بالعين والوجه.
وبالنسبة للمرأة، يعكس هذا الوضع من الناحية السلبيّة لدى شخصيتها جزءاً من الاتّكالية والاعتماد على الآخرين، ولكن من الناحية الإيجابيّة، فهي تبحث أيضاً عن الحميميّة والتقرّب من الشريك.
"في بداية زواجي؛ كنت أُفضّل الأوضاع التي تجعلني مسيطراً ومتحكّماً في العلاقة الحميميّة بشكل كبير كالوضع الكلاسيكي التقليدي"
وبقياس ذلك على وضع آخر كوضعية "الملعقة"؛ نجد أن الرجل المُحب لهذا النوع يتمتع برومانسيّة حالمة وشغوف لإسعاد شريكته في الحياة بشتى الطرق الممكنة. أما المرأة المُحبّة لهذه الوضعية فهي امرأة حنونة جداً، لذلك يساعدها هذا النوع على غمر شريكها بالحنان عن طريق تدعيم التواصل الجسدي معه طوال الوقت، كما أنها امرأة مُحبّة للاسترخاء والتأمّل بشدة.
أما الرجل المحب لوضعية الجلوس؛ فهو رجل ذو كاريزما وحضور قويّين- صانع البهجة- وشخصية بارزة ومُميّزة بين أفراد المجتمع، كما يتمتع بشخصية قويّة وجذّابة، وكذلك المرأة المُحبّة لهذه الوضعية، فهي تتمتع بمثل هذه الصفات.
في السياق نفسه، أوضح موقع womens' health "أن الوضعيات الجنسيّة أيضاً تكشف العديد من سمات وجوانب الشخصيّة مثل: الرومانسيّة، المُغامرَة، الحميميّة، العقلانية وضعف العاطفة، تواصل العيون أو لغة العيون، كما فسر سمات كل وضع جنسيٍ، فمثلاً المرأة المحبة لوضعية رعاة البقر، هي امرأة مجازفة عاشقة للمخاطرة والتّجديد في أثناء العلاقة الحميميّة وكذلك على صعيد حياتها اليومية".
كما أشارت دراسة حديثة صدرت في العام 2023، إلى ست وضعيات جنسية مُفضّلة لدى الجنسين؛ من بينها الدوغي ورعاة البقر، مؤكدةً أن هذه الأوضاع الجنسيّة تعكس العديد من سمات الشخصية، كما تؤثر أيضاً سمات الشخصية في اختيار هذه الأوضاع الجنسيّة وتفضيلها.
تعبّر عن شخصية فاعلها
تعليقاً على هذه النقطة، يوضح هشام محمود طه، الخبير الاستشاريّ للعلاقات الزوجيّة والأسريّة، في حديثه إلى رصيف22، أنّ الأوضاع الجنسيّة في معظم الأحيان تعبّر عن شخصية فاعلها سواء كان رجلاً أم امرأةً: "المرأة الخجولة مثلاً تحتاج إلى أن يبدأ الرجل بالمداعبة، ولذلك يجب اختيار وضع جنسيّ داعم لذلك؛ لأنها لا تستطيع أن تخبر زوجها أو شريكها عن مدى الرضا الذي توصلت إليه في أثناء العلاقة، مما يعرضها للاكتئاب بسبب تزايد الرغبات الجنسيّة المكبوتة داخلها، في حين أن المرأة التي تتمتع بشخصيّة قوية وجريئة؛ لا تحب الرجل ذا الطابع التقليديّ، بل تعشق روح التجربة والمغامرة، وبذلك فهي بحاجة إلى الرجل المُحب لتجديد وتغيير الأوضاع الجنسيّة باستمرار، وفي حالة عدم تلبية زوجها وشريكها لهذه الرغبات لديها، فقد تلجأ إلى علاقات خارج إطار الزواج للبحث عمن يشبع هذه الرغبات المتزايدة".
"المرأة المحبة لوضعية رعاة البقر، هي امرأة مجازفة عاشقة للمخاطرة والتّجديد في أثناء العلاقة الحميميّة وكذلك على صعيد حياتها اليومية"
ويتابع هشام: "الرجل الشّره جنسياً يميل إلى تجربة كل الأوضاع الجنسيّة من أجل الحصول على أورغازم ممتع، وإذا لم تتجاوب معه شريكته قد يلجأ أيضاً إلى إقامة علاقات عاطفيّة مع نساء أخريات من أجل إشباع ذلك ويستعيض عن ذلك بمغامرات جنسيّة تشبع قليلاً من الحاجة الجنسيّة لديه، وهو بطبيعة الحال رجل ذو شخصية متكبرة متفاخرة؛ وتالياً ينعكس ذلك على الأداء الجنسيّ لديه".
ويضيف: "في حين أن الرجل ذا الشخصية الاتّكالية الضعيفة، لا يتمتع بالرضا النفسيّ والسلام الداخلي؛ مما ينعكس على الأداء الجنسيّ لديه واختياره أوضاعاً جنسيّةً تجعله يظهر أقوى من الحقيقة وتساعد على إخفاء ضعف الشخصية لديه".
ويستدرك هشام قائلاً: "هناك أساسيّات عدة لهذه النظرية؛ بمعنى أن الرجل الضعيف جنسيّاً يميل إلى الأوضاع التي تجعله مسيطراً بشكل كلّي على زوجته، في حين أن المرأة المُصابة بفتور جنسيّ تميل إلى ترك جسدها بأي وضع لأنها لا تشعر بأيّ لذّةٍ أو استمتاع في أثناء العلاقة الحميميّة".
ويوضح أنه من الممكن تقليل الفجوة بين الزوجين لجهة اختيار أوضاع جنسيّة محددة للحصول على علاقة زوجية ناجحة: "لتحقيق ذلك يجب أن يتحدث الطرفان عن رغباتهما المفضلة، فإن تبادل الأفكار والتوقعات الخاصة بكل منهما حول الأوضاع الجنسية المحببة، ضروري وفعّال من أجل علاقة حميميّة ناجحة وممتعة".
"الكثير من الرجال يعشقون وضع الدوغي لأنه يحقق لهم متعةً وسيطرةً في أثناء العلاقة الحميميّة، بينما غالبية النّساء يعشقن وضع رعاة البقر؛ لأنه يحقق لهنّ نشوةً ومتعةً كبيرتين في أثناء العلاقة الحميمية"
وعن النقطة الخاصة بأسباب الخلافات الزوجيّة حول أوضاع جنسية معينّة، يرى هشام أن ذلك يرجع إلى ضعف أو قوة الرغبة الجنسيّة عند أحدهما: "هناك أوضاع تحتاج إلى رغبة جنسيّة عالية من أجل تأديتها والعكس صحيح، ولكن الاستنتاج العام لديّ، أن الكثير من الرجال يعشقون وضع الدوغي لأنه يحقق لهم متعةً وسيطرةً في أثناء العلاقة الحميميّة، بينما غالبية النّساء يعشقن وضع رعاة البقر؛ لأنه يحقق لهنّ نشوةً ومتعةً كبيرتين في أثناء العلاقة الحميمية".
وختم حديثه قائلاً: "العلاقة الحميميَّة أكثر من مجرد احتياجات جنسيّة؛ بل تتضمن أيضاً الاحتياجات العاطفيّة والروحيّة والبدنيّة والترفيهيّة، فإذا تم التّجاوز عن رغبات أحد الشريكين، فقد تقلّ بل تنعدم العلاقة الحميميَّة نهائياً، وإذا استمرت تلك الصعوبات في مواجهة الشريكين؛ فمن الضروري اللجوء إلى استشاريّ/ ة علاقات زوجية وأسريّة من أجل سدّ تلك الفجوة في التعامل بين الشريكين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...