شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"حلّي عنّا يا حماس"... احتجاج سلمي في غزّة يُقابل بالقمع والتعتيم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!
Read in English:

Hamas in the hot seat? Peaceful protesters met with violence and suppression

"يا هنية ويا عباس، وين الكهربا وين الغاز؟" و"يا للعار يا للعار، يا اللي قاعد جوا الدار"، هتف عشرات المواطنون الغزّيون الغاضبون من سوء ظروف المعيشة في تظاهرات سلمية جابت شوارع القطاع المحاصر الأحد 30 تموز/ يوليو 2023.

ومنذ صعود حركة حماس إلى السلطة عام 2007، فرضت إسرائيل حصاراً مريراً على القطاع الذي يسكنه نحو مليوني فلسطيني، ما تسبب في تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بحسب تقارير حقوقية متطابقة. مع ذلك، هناك انتقادات متكررة واتهامات بالفساد و/ أو سوء الإدارة لحكومة حماس بالتسبب في تعميق معاناة سكان غزّة. 

وشهدت الأيام الأخيرة انقطاعات متكررة للكهرباء تزامنت مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة وانقطاع المياه عن مناطق القطاع، وهو ما ساهم في اشتعال الغضب ضد حكومة حماس.

"ضاع عمر شبابنا وضاع مستقبلنا بفعل الحكومة الهشة التي تحكم غزة"... كيف تعاملت #حماس مع التظاهرات الشعبية السلمية التي تطالب بحياة كريمة؟

تظاهرات سلمية تُقابلها حماس بالقمع

وكانت هناك دعوات سابقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الغزّية إلى تظاهرات تحت عنوان "ثورة 30/7" في سبع مناطق تمثل جميع أنحاء القطاع، مع عبارات تشجيعية مثل: "انزل… شارك... طالب بحقك... بدنا تغيير... ضاع عمر شبابنا وضاع مستقبلنا بفعل الحكومة الهشة التي تحكم غزة…". وذلك عبر وسوم من بينها: #غزة_تنتفض و#ثورة_30_7 و#ثورة_الكهرباء و#بدنا_نعيش و#كافي_ظلم.

استجاب العشرات بالفعل للدعوات وخرجوا في تظاهرات سلمية طالبت بالحرية والكرامة والمياه والكهرباء والعمل. وهتفوا: "حلّي عنّا يا حماس"، رفضاً للضرائب المتزايدة. وكانت هناك هتافات سياسية على غرار "يا عباس ويا هنية، بدنا الوحدة الوطنية" و"الشعب يريد إنهاء الانقسام". كما هتف المتظاهرون لإنهاء الحصار المفروض على القطاع منذ 16 عاماً. وذلك باعتبارها جميعاً عوامل مسببة للتدهور في الأحوال المعيشية لهم. وتزامنت الهتافات مع لقاء ممثلي الفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية القاهرة.

في غضون ذلك، اتهم ناشطون حماس بـ"قمع" بعض التظاهرات السلمية وتفريق المتظاهرين بالقوة، مستشهدين في ذلك بصور ومقاطع فيديو يظهر فيها عدد من الأشخاص في ملابس مدنية وهم يعتدون على المتظاهرين بالعصي والهراوات وأحياناً يرفعون مسدسات ويعتقلون البعض فيما رد المتظاهرون بالاشتباك بالأيدي أو إلقاء الحجارة لإبعادهم.

تحذير من "مجاعة وشيكة" وانقطاعات متكررة للكهرباء والمياه… العشرات من سكان غزّة يخرجون في تظاهرات سلمية ضد "الفقر والجوع والانقسام" وأمن حماس يقمعهم، والإعلام المحلي يتجاهلهم

وقال عدد من الناشطين إن تابعين لحماس أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين لتفريقهم، وهو ما لم يتسن لرصيف22 التحقق منه.

لكن وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أكدت حدوث إصابات جراء قمع "أمن حماس" للتظاهرات الشعبية، مضيفةً أن مراسل تلفزيون فلسطين وليد عبد الرحمن، في مخيم جباليا شمال غزة، تعرّض لاعتداء جسدي ولفظي ومُنع من تصوير التظاهرات.

وحثّ رامي عبد، مؤسس ورئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عبر حسابه في تويتر، السلطات في غزة على "احترام ممارسة الأفراد لحقهم في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي، والامتناع عن اللجوء إلى أي شكل من أشكال القمع"، مبرزاً أن التظاهرات التي نظمت في مناطق متفرقة من غزة للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية "حق من حقوق الإنسان الأساسية الذي يتمتع بأساس راسخ في القانون الدولي لحقوق الإنسان".

وبرغم الشكاوى الدائمة من سوء الأوضاع في غزّة، نادراً ما تخرج تظاهرات ضد حماس وطريقة إدارتها لشؤون القطاع المحاصر بسبب القمع أولاً، والمخاوف من التخوين والاتهام بعدم الوطنية ومنح ذريعة لإسرائيل لانتقاد حماس دولياً. وسبق أن خرجت مظاهرات سلمية تحت عنوان "بدنا نعيش" في آذار/ مارس 2019، لكنها لم تسفر عن أي تغيير في أوضاع المعيشة.

ويوحي تجاهل حماس لهذه الصرخات الشعبية، بل وتجاهل الصحافة المحلية، الموالية لحماس، تغطيتها، بأن شيئاً لن يتغير في ظل التركيز الرسمي على إلقاء اللوم على الحصار الإسرائيلي وحده في تردي الأوضاع المعيشية، دون إعادة النظر في السياسات الحكومية. مما يعكس ذلك، خروج "أنصار حماس" في تظاهرات داعمة للحركة ترفع أعلامها، ليل الأحد، مع هتافات عبر مكبرات الصوت من بينها "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" وهتافات أخرى ضد الحصار الإسرائيلي.

وانتقد ناشطون غزّيون الصحافيين والإعلاميين والمؤثرين عبر السوشال ميديا الذين لم يستخدموا الأدوات المتاحة لهم لإيصال صوت أفراد شعبهم الذين خرجوا صارخين "باسم الجوع والفقر والظلم والحصار". من هؤلاء الناشطة نور النجار التي يتابعها أكثر من نصف مليون شخص عبر انستغرام.

قالت نور في مقطع مصور: "روحوا شوفوا الشباب اللي نازل ع الشارع باسم الفقر والظلم. الشاب اللي واقف قدام اللي بده يقمعه. الصحفي اللي منزلش يغطي الحراك لأنه خايف، حرام تكون مهنته صحفي؛ هاد حراك سلمي. اللي بحكي اليوم هاد أخوك وابن عمك. صحفي يعني تنشر كل اللي بيصير سواء مع أو ضد انتماءاتك". 

في غزّة، يناهز معدل البطالة الـ50%، وقرابة 83% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، و60% من ساكنيه يعتمدون على السلال الغذائية التي تقدمها الأونروا. ماذا فعلت حماس لتحسين أوضاع مواطنيها؟

تحذير من "مجاعة" وشيكة

جاءت التظاهرات الغاضبة في غزّة عقب ساعات من تحذير لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) من أن الوضع في القطاع المحاصر بات مزرياً ويهدد بـ"مجاعة" لآلاف من ساكنيه.

وقال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، إن عمل الوكالة مهدد بالتوقف في شهر أيلول/ سبتمبر الوشيك إذا لم تحصل على موارد إضافية من الدول الأعضاء، مشدداً على أن الوكالة بحاجة إلى 300 مليون دولار لمواصلة عملها حتى نهاية هذا العام فقط.

وتقدم الأونروا خدمات صحية وغذائية وتعليمية وتنموية تفيد أكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني يتوزعون في 58 مخيماً في خمس مناطق رئيسية وهي قطاع غزة والضفة الغربية وسوريا والأردن ولبنان.

وفي قطاع غزة وحده، يستفيد مليون و140 ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين من السلة الغذائية التي تقدمها الأونروا، بنسبة تقديرية تعادل 80% من اللاجئين في غزّة، وبنسبة تقدر بـ60% من إجمالي سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

ومن العوامل التي تزيد الأوضاع المعيشية تعقيداً في غزّة، وفق تقارير الأونروا، أن معدل البطالة في القطاع - وفق الأرقام الفلسطينية الرسمية - يصل إلى نحو 50%، وأن قرابة 83% من السكان يعيشون تحت خط الفقر نتيجة تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية.

ووصف عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي للأونروا، في تصريح حديث، الأونروا بأنها "شريان الحياة للاجئين الفلسطينيين في غزّة"، متسائلاً "من يستطيع أن يتحمل عبء مئات الآلاف من الطلاب في مدارس الأونروا؟".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard