شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ليبيا والسودان نموذجان... هل يعيد تمرّد فاغنر خلط الأوراق في إفريقيا؟

ليبيا والسودان نموذجان... هل يعيد تمرّد فاغنر خلط الأوراق في إفريقيا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تصدرت "فاغنر" عناوين صحف العالم بعد تمرّدها الفاشل في روسيا، وسيل عقوبات الكرملين ضدها. لكن مستقبلها، لا يزال غامضاً، خصوصاً في عالمنا العربي، وتحديداً في دوله الإفريقية، تماماً كموقف تلك المجموعة بعد غضب بوتين عليها، في ظل الحرب في السودان، والصراع السياسي في ليبيا، حيث تتواجد وبقوّة.

لم تنتهِ قصة "فاغنر" بعد تمرّدها. أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عناصرها في البداية صفة "المتمردين"، وبعد يومين التقى بقادتها في الكرملين، والآن وقّع عدد من جنودها عقوداً مع وزارة الدفاع الروسية، وبقي الجزء الآخر منهم في معسكرات تدريب.

عدم نقل جميع جنود فاغنر ليصبحوا تحت قيادة وزارة الدفاع الروسية يؤدي إلى استمرار المناقشات حول مستقبلها، بحسب المحلل السياسي الأوكراني، والمستشار في مركز السياسة الخارجية في المعهد القومي للدراسات الإستراتيجية، إيفان أوس.

ويؤكد أوس لرصيف22، أن المتغير الرئيسي بعد التمرّد هو سحب الأسلحة الثقيلة، مثل الدبابات والطائرات وقذائف الهاون، منها، وتخفيض تمويلها المقدّم من الميزانية الروسية، كلياً أو جزئياً، مبيّناً أن مستقبل فاغنر في إفريقيا يطرح علامة استفهام كبيرة، لأنه في حال إبرام جنودها عقوداً مع وزارة الدفاع الروسية، فسيكون من الصعب عليهم قانونياً التواجد في القارة السمراء، لأن ذلك سيعني أن دولة روسيا طرف في أي اشتباكات عسكرية يشتركون فيها، وموسكو ليست بحاجة إلى ذلك، كما أنها حلّت العديد من القضايا التجارية في إفريقيا التي لم تتمكن وزارة الدفاع الروسية من حلها.

العلاقات الروسية-السودانية

تعود علاقة موسكو بالسودان، إلى رغبة روسية غربية في السيطرة على سواحله على البحر الأحمر. قبل 4 سنوات اتفقت حكومة البشير مع روسيا على إقامة قاعدة عسكرية بحرية هناك، ما أثار حفيظة الغرب، وسهّل عملية الاتصال بينها وبين قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ومهّد لزيارته المثيرة للجدل إلى موسكو بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، بحسب المتحدث باسم تحالف قوى التغيير السودانية، حيدرة قاسم.

وأكد قاسم لرصيف22، أن الوصول الروسي إلى السودان تزامن مع صعود حكومات إفريقية عسكرية مناهضة للغرب وتحظى بدعم موسكو. وظهور التنافس بين المعسكرين الشرقي والغربي للظفر بإفريقيا، يظهر من خلال القمم التي قام بعقدها طرفا المعسكرَين مع القادة الأفارقة.

برزت العلاقة بين الروس والدعم السريع، عبر التعاون على تعدين الذهب في السودان، ومساعدة الدعم السريع لقوات فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى المجاورة، ومساندتها خلال الاشتباكات التي دارت هناك قبل شهرين، بحسب قاسم.

"مصالح الدعم السريع وفاغنر تتقاطع في السودان" حيث أن المصالح الاقتصادية ليفغيني بريغوجين، مؤسس المجموعة، هي التي تفسر وجودها في السودان وارتباطها بالأخيرة، إذ يُعدّ الذهب السوداني المورد الذي تتواجد فاغنر من أجله، لا سيّما وأن الحرب الأوكرانية أجبرتها على نقل جزء كبير من مواردها العسكرية من السودان إلى أوكرانيا

ذهب وأسلحة

"مصالح الدعم السريع وفاغنر تتقاطع في السودان"؛ هكذا وصف أوس علاقة فاغنر بقوات الدعم السريع، مبيّناً أن المصالح الاقتصادية ليفغيني بريغوجين، مؤسس المجموعة، هي التي تفسر وجودها في السودان وارتباطها بالأخيرة، إذ يُعدّ الذهب السوداني المورد الذي تتواجد فاغنر من أجله، مبيّناً أن الحرب الأوكرانية أجبرتها على نقل جزء كبير من مواردها العسكرية من السودان إلى أوكرانيا، ولكن مقاتليها يريدون العودة، لهذا السبب نشأت النزاعات بين بريغوجين ووزارة الدفاع الروسية، وأسفرت عن التمرد الأخير.

بينما يُرجع مسؤول شؤون الرئاسة في التحالف الوطني من أجل التغيير في إفريقيا الوسطى، فتحي بويا، وهي المعارضة المسلحة الأبرز في البلاد، العلاقة بين حميدتي وفاغنر إلى زمن الرئيس السابق عمر البشير، عام 2017، فالأخير هو من سمح لفاغنر بدخول إفريقيا الوسطى لأسباب اقتصادية بحتة، ولكن حميدتي قاد القوات التي أمّنت دخولها، فأقامت بعده علاقات مع رئيس إفريقيا الوسطى للقيام بمهام تأمينه مقابل الذهب.

وأكد بويا لرصيف22، أنه منذ ذلك التاريخ بدأت علاقة إستراتيجية بين فاغنر وقوات الدعم السريع لتهريب الذهب السوداني إلى روسيا عبر إفريقيا الوسطى، وقامت الأولى بتدريبهم وتسليمهم تقنيات متطورةً في الاتصالات والتجسس، ومنها طائرات تجسس وطائرات درون، وشبكة اتصالات حديثة للمراقبة، كما يوجد مستشارون لفاغنر داخل الخرطوم، بالإضافة إلى فنّيين لا سيما في مجال الطائرات والمضادات والدفاع الجوي.

لا تزال إلى الآن قواتٌ لحميدتي تأتي من إفريقيا الوسطى إلى الخرطوم أو إلى الأبيض في شمال كردفان، وقد رصد الجيش السوداني بعضها وقصفها جوّاً، كما تقدّم قوات فاغنر على الحدود دعماً عسكرياً لقوات الدعم السريع وتقوم بنقل معلومات استخباراتية إليها. وخلال الأيام الماضية، سيطرت قوات حميدتي على منطقة أم دافوق المحاذية للحدود مع إفريقيا الوسطى، وتقابلها في الجهة الأخرى مدينة دروا، والقاعدة العسكرية الروسية فيها، والتي أدخلت منها عتاداً عسكرياً إلى داخل السودان، بحسب بويا.

تمدّ فاغنر قوات الدعم السريع بالأسلحة، خاصةً مضادات الطيران اليدوية التي دخلت المعارك مؤخراً بكميات كبيرة، والتي تصل عبر الحدود لأن الدعم السريع تنتشر بصورة كبيرة هناك، لدورها السابق في حماية الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وهو الملف الذي دعم من أجله الاتحاد الأوروبي هذه القوات للحد من الهجرة غير الشرعية، بحسب الأمين العام لحركة كفاح السودانية والقيادي في التحالف السوداني، حذيفة محي الدين البلول، في حديثه إلى رصيف22.

تكمن مشكلة الجيش في أن مقاتلي الدعم السريع يتدفقون إلى العاصمة من إقليم دارفور، حيث تقوم فاغنر بتجهيز المقاتلين وترسلهم، كما أنها تدير الاتصالات والخدمات اللوجستية لهم، كما يوضح الصحافي والإعلامي السوداني من الخرطوم، محمد حسن حلفاوي، لرصيف22.

أجندات دولية

لم تتوقف نيران الحرب بأجندتها الدولية التي تديرها قوات الدعم السريع نيابةً عن روسيا، عند معارك الخرطوم، إذ أعلن عدد من نظّار (أعلى سلطة في القبائل العربية ويرأس شيوخ أفخاذ القبيلة) القبائل العربية في دارفور انضمامهم إلى قوات الدعم السريع، التي صارت تستقطب حتى عرب تشاد والنيجر، وهما الدولتان اللتان يتمتع فيهما الغرب عامةً، وفرنسا بصفة خاصة، بنفوذ كبير وتتواجد فيهما قواعد عسكرية فرنسية، وذلك في محاولة روسية للاستحواذ على ما تبقّى لفرنسا وحلفائها الغربيين من نفوذ في الغرب الإفريقي، بحسب قاسم.

ويرى المتحدث باسم تحالف قوى التغيير السودانية، أنه على الجانب الآخر يبدو أن هناك رضا بغض الطرف وبضوء أخضر تحت الطاولة، من جهات دولية، عما يجري في السودان، وسبب ذلك محاولة الغرب القضاء على النفوذ الروسي ووجود فاغنر فيه، عبر ضرب حليفها الجنرال حميدتي، ويتمثل ذلك من خلال التعامل الأمريكي مع الأزمة السودانية الذي يركز فقط على الدعوة إلى هدنات "إنسانية"، وفرض بعض العقوبات الخجولة على طرفَي النزاع بعد فشل المفاوضات بينهما، ولم نرَ أي ضغط حقيقي من أجل الدخول في مفاوضات لإنهاء الأزمة عبر الحوار.

ما بعد تمرد فاغنر في السودان

طفا فوق السطح بعد تمرد فاغنر في روسيا، متغيّر جديد هو التحسن التدريجي للعلاقات بين الكرملين ورئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، والسماح للأخير بزيارة سان بطرسبرغ ورئاسة وفد بلاده في القمة الروسية-الإفريقية.

"ستتأثر فاغنر بكل خطوة من القيادة الروسية سلباً"؛ بتلك الكلمات وصف الإعلامي والمحلل السياسي السوداني الطيب المكابرابي، الذي عمل سابقاً في تلفزيون السودان الرسمي، تداعيات التمرد على علاقة الطرفين بالسودان، مبيّناً أن التقارب بين الحكومتين السودانية والروسية كان قائماً، وقد زار حميدتي روسيا بوصفه نائب رئيس مجلس السيادة وعلى ذلك سارت علاقات البلدين.

وأكد المكابرابي، لرصيف22، أن المتغير الأخير كان عقب تمرّد حميدتي، ثم تمرّد حليفه قائد فاغنر، مبيّناً أن تمرّد الأخير صحح بعض المسارات، ولكنه متغيّر لا يرقى إلى مستوى إجراء تغيير كبير في مسار علاقات البلدَين.

وعلى الجانب العسكري، فإن فاغنر كجهة قابلة للعمل مع أو ضد أي نظام بحسب المدفوع، يُمكن توقّع استمرارها في العمل مع هذه الجامعات المتفلتة التي تملك المال، بعد أن تفقد أرضيتها ورعايتها من قبل الحكومة الروسية، مشيراً إلى أن فاغنر موقفها قد يضعف ولكن لا يجب أن نحسب ما تتخذه روسيا تجاهها لصالح الجيش السوداني، فهم مسلحون مدرّبون يعرضون خدماتهم لمن يدفع والقارة الإفريقية، ومن ضمنها السودان، هي الأكثر قابليةً والبيئة الأخصب لاستمرارهم في أعمالهم، خاصةً المليشيات التي تمتلك المال ومنها الدعم السريع، بحسب المكابرابي.

فاغنر موقفها قد يضعف ولكن لا يجب أن نحسب ما تتخذه روسيا تجاهها لصالح الجيش السوداني، فهم مسلحون مدرّبون يعرضون خدماتهم لمن يدفع والقارة الإفريقية، ومن ضمنها السودان، هي الأكثر قابليةً والبيئة الأخصب لاستمرارهم في أعمالهم، خاصةً المليشيات التي تمتلك المال ومنها الدعم السريع

روسيا في ليبيا

تكمن أهمية ليبيا للجانب الروسي في أمور عدة؛ فهي تحتوي على العديد من الثروات الطبيعية، مثل النفط واليورانيوم والفوسفات، كما أن لديها موقعاً مهماً على ساحل البحر المتوسط وجنوب أوروبا، وهي رابط ورأس حربة مهم في الإستراتيجية الروسية في إفريقيا، وموطئ قدم لها في القارة مع تزايد اهتمامها بها، كما يذكر المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل.

ويؤكد عقيل لرصيف22، أن روسيا طعنت ليبيا في الظهر، عندما امتنعت هي والصين عن التصويت ضد قرار الناتو بالتدخل في ليبيا، لصالح بعض الدول التي انتقمت منها، مشيراً إلى أن هذا القرار يكتوي بناره الشعب الليبي وليس القذافي، لأنه مات رئيساً، ولكن ليبيا هي من تمزقت بين الميليشيات.

أسباب عديدة جعلت روسيا تتخلى عن القذافي، فبوتين يتحجج بأن الرئيس في ذاك الوقت كان مدفيديف، ولكن الحقيقة أن توجّه القذافي في أواخر عهده نحو الاتحاد الأوروبي، إذ أصبح يستقبل في خيمته زعماء فرنسا وإيطاليا وغيرهما من الدول، هو من جعل بوتين يقدّمه كقربان، لكي يثبت أن من يحيد عن التحالف معه يمكنه التضحية به حتى إذا كان قوياً، ومن كان ضعيفاً مثل الأسد سينقذه في الرمق الأخير لأنه كان مخلصاً له، بحسب عقيل.

وتعدّ روسيا إحدى قوى الصراع التي تشكل الأزمة الليبية، وتزيد من انقسام الليبيين، حيث تساند الجيش الليبي، وهي تستمر في سياسة اللعب بالورقة الليبية ولا تعدّها حليفاً حقيقياً. اتضح ذلك عندما سحبت موسكو قوات فاغنر وسط معركة طرابلس، بعد رفض خليفة حفتر التوقيع على إعلان موسكو الذي تضمّن الكثير من المكاسب لتركيا على الأراضي الليبية، وذلك برغم أنها شركة خاصة وليست جزءاً من الجيش الروسي، مما أدى إلى وقف الهجوم على طرابلس والانسحاب منها.

ولا تُعدّ ليبيا مكاناً ثابتاً لنفوذ روسي في المنطقة، وذلك لأنها موقع حيوي لكل من إيطاليا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى، وتقع على الضفة الأخرى للمتوسط، كما أنها مجال حيوي للناتو وقريبة من قواعده في إيطاليا وإسبانيا. وغير مسموح لموسكو بزيادة نفوذها السياسي أو العسكري داخل ليبيا إلى درجة تهدد قواعد الناتو، ولذلك تعلم موسكو أنها في مرحلة ما ستتنازل عن نفوذها فيها إذا ما قدّم الغرب تنازلات في أماكن أخرى، مثل أوكرانيا أو سوريا أو أرمينيا. ولتلك المعطيات اكتفت بالتواجد عبر شركة فاغنر، وليس عبر الجيش الروسي مثلما فعلت في بقاع أخرى مثل سوريا، عندما تدخلت وأرسلت جنرالات روس وسلاح الجو الروسي.

تقاسمت روسيا مع تركيا السيطرة على ليبيا، واتفق الطرفان على ذلك مقابل تسهيلات لروسيا في سوريا، وتُعدّ تركيا في ليبيا مجرد وكيل للغرب لكيلا يحدث صدام مباشر بين القوات الأوروبية وروسيا، حيث تتواجد روسيا عبر فاغنر والغرب عبر القوات التركية، ويشمل ذلك القواعد العسكرية، وحددت ستيفاني ويليامز 20 قاعدةً عسكريةً للقوات الأجنبية، منها 4 لروسيا والباقي للغرب تتواجد في بعضها قوات أوروبية وليست تركيةً فقط.

ورسم الطرفان الروسي والتركي معادلة الرعب التي ثبتت خط الهدنة بين الأطراف الليبية عند سرت، وهو مصر شرقاً وتركيا غرباً، ومقابل ذلك يعدّ أردوغان ليبيا ورقة ضغط على الناتو يحصل منها على مكاسب.

أما جنوباً فيختلف المشهد، لأن الجنوب الليبي يُعدّ "بطن التمساح" بالنسبة إلى روسيا، إذ تدرّب فيه فاغنر العديد من المعارضات في الدول التي فيها نفوذ غربي، وتستخدمها كمنطقة إمداد وتموين لقواتها في مالي والسودان وإفريقيا الوسطى، ولذلك تأتي حرب السودان كمحاولة لتقليص النفوذ الروسي فيه وقطع الإمدادات الروسية عن تلك المنطقة.

لا يُعدّ النفط الليبي في حد ذاته هدفاً لموسكو، ولكن الهدف التحكم فيه وفي ضخّه إلى أوروبا بما يضمن التفوق الروسي في أسواق النفط لدى أوروبا.

ولا يُعدّ النفط الليبي في حد ذاته هدفاً لموسكو، ولكن الهدف التحكم فيه وفي ضخّه إلى أوروبا بما يضمن التفوق الروسي في أسواق النفط لدى أوروبا، برغم وجود ضغوط أمريكية لزيادة معدلات الإنتاج إلى 500 برميل. واستخدام القوة القاهرة من أنصار الجيش الليبي في راس لانوف، كان محاولةً للفت انتباه الغرب إلى معسكر الرجمة، وبالون اختبار روسي يفيد بأن موسكو قادرة على تعطيل صنابير النفط الليبي.

فاغنر في ليبيا

بينما تقوم فاغنر بدور مهم في إفريقيا، نظراً إلى وجود أكثر من 2،500 عنصر على الأراضي الليبية، و3،000 عنصر متواجدين في السودان، وأيضاً ما بين 7،000 عنصر إلى 10،000 عنصر متواجدين في جمهورية إفريقيا الوسطى، وكلهم ينفّذون إستراتيجية روسيا بشأن التمدد إلى الدول الإفريقية للعمل على الإطاحة بالأنظمة الموالية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين فيها، وإقامة أنظمة موالية لروسيا، بحسب المستشار العسكري والإستراتيجي للقائد الأعلى للقوات الليبية سابقاً، العقيد عادل عبد الكافي.

وأكد عبد الكافي لرصيف22، أن خليفة حفتر كان جسر عبور مرتزقة فاغنر من الأراضي السورية إلى إفريقيا، وقد استخدمهم في حرب طرابلس ولكنه تلقّى هزيمةً كبيرةً على يد قوات الجيش الليبي في طرابلس، مما أدى إلى انسحابهم وتحصّنهم في مدينة سرت وقاعدة الجفرة.

ومكّن خليفة حفتر مرتزقة فاغنر والسودانيين والتشاديين من أجزاء من ليبيا، سواء في قاعدة الجفرة، أو قاعدة سرت، أو قاعدة براك الشاطئ التي تبعد عن مدينة سبها 80 كم، أو قاعدة الخروبة "الخادم" القريبة من جنوب بنغازي، كما مكّنهم من جلب أسلحة فتاكة مثل ميغ 29، ومنظومة سير المضادة للطائرات وكميات هائلة من الألغام الأرضية المضادة للآليات والأفراد، وأجهزة استشعار ومراقبة، ما أتاح لهم إقامة نقاط مراقبة للمواقع التي يتحصنون بها في ليبيا وقدّم لهم المساعدات اللوجستية.

حلقة وصل من ليبيا إلى السودان

في الآونة الأخيرة، أقامت فاغنر معسكرات لتدريب قوات حميدتي في وسط ليبيا وجنوبها، ودعمته بصواريخ سام 7 المحمولة على الكتف والمضادة للطائرات، كما أمدّته بقوافل من الأسلحة والذخيرة منطلقة من قاعدة الكفرة العسكرية القريبة من الحدود السودانية، بالإضافة إلى رحلات طائرات يوشن التي نقلت معدات عسكريةً وذخيرةً إلى حميدتي في دارفور، حيث رُصدت رحلتان من هذا النوع بحسب عبد الكافي.

وأوضح الخبير العسكري الليبي أن أبرز حلقات وصل فاغنر في ليبيا مع بقية قواتها في إفريقيا، هي العلاقة التي تربط حفتر بحميدتي، مبيّناً أن الأخير تعاقد مع الجيش الوطني الذي يقوده حفتر، واستُخدمت قواته في العديد من المعارك المهمة مثل معارك طرابلس، ولا تزال له قوات في الجنوب الليبي. بل أكثر من ذلك، لقوات الدعم السريع كمائن في جنوب ليبيا كما أنها تتعامل مع المواطنين الليبيين بشكل سيئ، زد على ذلك أن حميدتي يرعى عمليات الهجرة غير الشرعية في ليبيا ويموّل منها معاركه في السودان.

وتصل إمدادات الوقود من حقل الشرارة في جنوب شرق ليبيا بحماية من كتائب خليفة حفتر، عبر معسكر الرجمة، ما أدى إلى مواجهة مع أفريكوم والسي أي إيه، على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، وزيارة معسكر الرحمة ووجه قادة أفريكومإنذار مباشر إليه بعدم دعم حميدتي، بحسب عبد الكافي.

ما بعد تمرد فاغنر في ليبيا

وفي ظل التطورات الأخيرة وما حدث بين مجموعة فاغنر وبوتين، وتصنيف تلك المجموعة متمردةً، وفرض عقوبات عليها، ومحاولة بوتين حلّها عبر دعوة عناصرها للالتحاق بالجيش الروسي، قد تُقطع الإمدادات عن المرتزقة الموجودين في ليبيا والسودان وإفريقيا الوسطى، بحسب عبد الكافي.

لا تزال هناك أسباب ومبررات تدفع موسكو للإبقاء على فاغنر في ليبيا، وذلك لعدم توريط القوات الروسية النظامية الروسية هناك، مع غياب الإطار القانوني الذي يسمح لها بالحضور، ومع مطالبة الأطراف الليبية المختلفة بخروج القوات الأجنبية، وأيضاً لوجود تنوع بوجود الشركات الأمنية الخاصة في البلاد

وأشار عبد الكافي إلى أن التوترات الأخيرة في معسكر "الخادم" أو "الخروبة" سابقاً، واستهدافه من قبل طيران مسيّر، وهي قاعدة تُستخدم من قبل فاغنر، وتواتر معلومات مبدئية عن حرائق وانفجارات كبيرة هناك، تُعدّ بداية العمليات العسكرية لإنهاء دور مرتزقة فاغنر في ليبيا، خصوصاً بعد تصريحات لافروف بأن الحكومات الإفريقية هي من لديها قرار التعامل معهم، أي إخراجهم من أراضيها.

لكن لا تزال هناك أسباب ومبررات تدفع موسكو للإبقاء على فاغنر في ليبيا، وذلك لعدم توريط القوات الروسية النظامية الروسية هناك، مع غياب الإطار القانوني الذي يسمح لها بالحضور، ومع مطالبة الأطراف الليبية المختلفة بخروج القوات الأجنبية، خاصةً البرلمان الليبي، والسبب الآخر وجود تنوع بوجود الشركات الأمنية الخاصة في البلاد، خاصةً التي تتبع لحكومة طرابلس، بحسب الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أحمد عليبة، في دراسته "الشركات العسكرية الخاصة والجيوش النظامية... أدوار متبادلة".

كما يزيد من صعوبة إخراج فاغنر أن حلفاءهم، أي قوات الدعم السريع، يتمتعون بحرية حركة عند الحدود الليبية السودانية التشادية، لأنها منطقة جبلية وعرة، ونظراً إلى التداخل القبلي بين دارفور وتشاد خاصةً في جبال تبليسي، إذ وبرغم قوة الدولة الليبية في عصر القذافي إلا أنها لم تستطع ضبط الحدود تلك، بحسب المحلل السياسي الليبي محمد الزبيدي، في حديث إلى رصيف22.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image