طرح مغنّي الراب الجزائري لطفي دوبل كانونLOTFI DOUBLE KANON ، أغنيةً جديدةً تحت عنوان" Rap it "، عاد بها إلى الواجهة من جديد بعد سنوات من الاعتزال.
الأغنية التي تلخّص مشوار الفنان منذ بدايته، حصدت مشاهدات قياسيةً بالملايين في ظرف قصير، ونالت تفاعلاً رهيباً من الجمهور الواسع وإعجاباً، مثبتةً أن الذهب لا يصدأ بمرور الأيام، وكذلك الموهبة لا تزول، ولا يخطئ سهمها قلوب محبّي الفن.
كالمطر المنهمر، تهاطلت ردود الفعل حول الأغنية الجديدة لملك الراب الجزائري، في القارات كلها، وعبّر الملايين عن استمتاعهم بالأداء القوي والكلمات المعبرة التي رفع فيها الفنان الجزائري سقف التحدي عالياً، بحديثه عن الذرّة والرياضيات وعلوم الفيزياء والعلاقات الدولية والدين والقضية الفلسطينية ونهضة الأمم والعلماء والشعراء والزعماء عبر التاريخ.
"فخامة الاسم تكفي. لطفي دوبل كانون أب روحي في الراب الجزائري والعربي، أغنيته الأخيرة تلخص مشواراً فنياً طويلاً.
تفاعل في القارات الخمس
التميّز الذي أبدع فيه لطفي، هو الريتم الذي تعدّى كل وصف وأجبر كل من سمع أغنيته على التصفيق له، حتى أولئك الذين لا يفهمون العربية اندهشوا من السرعة الخيالية التي ألقى بها أحد المقاطع، ففي النهاية الموسيقى لغة تفهمها الشعوب كلها.
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو عدة لتفاعل الجمهور مع الأغنية الجديدة، نشر لطفي دوبل كانون بعضها، موجهاً عبارات شكر وامتنان إلى الجمهور، الذي يدعم الفن النظيف على حد تعبيره.
"فخامة الاسم تكفي. لطفي دوبل كانون أب روحي في الراب الجزائري والعربي، أغنيته الأخيرة تلخص مشواراً فنياً طويلاً. لقد كان موفّقاً جداً في اختيار كلماتها القوية جدّاً"؛ هكذا استهلّ مغنّي الراب الجزائري الشاب أيمن فرانكلي، كلامه مع رصيف22، حول الأغنية الجديدة للفنان لطفي دوبل كانون، مؤكداً أنه يعكس المدرسة القديمة، التي جاء ليذكّرنا بقوتها، في لقطة استعراضية وتشويقية في آن واحد، ويضيف: "لطفي يفرض الاحترام حتى على خصومه، الرجل ملك حقيقي، أثّر على جيل بأكمله وكان مصدراً لإلهام كثيرين، سواء من الجمهور أو الفنانين الذين كبروا وتربّوا على أغانيه، بما يقدّمه من رسالة هادفة تعالج قضايا المجتمع باحترافية عالية".
مشوار KING
اسمه الحقيقي لطفي بلعمري، وهو مغنّي راب جزائري، وُلد في 6 تموز/ يوليو 1974، في عنابة شرق الجزائر. بدأ الغناء في عمر 18 سنةً، ضمن فرقة اشتهرت باسم "دوبل كانون"، أي "المدفع المزدوج"، في كناية عنه وعن صديقه "وهاب" الذي كان رفيق البدايات عام 1996، وطرحا معاً أول ألبوم بعنوانPerpéte ، قبل أن يثبتا تفردهما في مجال الراب، بألبوم ثانٍ اسمه Kamikaz في كانون الأول/ ديسمبر من عام 1997، ومع إقبال الجماهير حصدت فرقة "دوبل كانون" شهرةً واسعةً وتوالت ألبوماتها التي حققت مبيعات كبيرةً أواخر الألفية الماضية مثل Cannibal وCondamné، التي كانت مفترق طرق الفرقة الشهيرة عام 1999، قبل أن يتّبع كلّ من لطفي ووهاب طريقاً مستقلاً عن الآخر.
بعد طلاق الثنائي العناني، كان لطفي على موعد مع مشوار حافل بالنجاح، وطرح ألبومات عدة تعالج قضايا فلسفيةً واجتماعيةً ودينيةً، برغم تعقيدها لا تخلو من محاكاة الواقع. في الحقيقة كان لطفي يضع يده على الجرح، وينتقد الوضع الاجتماعي والحياة السياسية، حوادث المرور وكرة القدم، والدين، والرياضيات والفيزياء والذرّة، بنظرة عميقة، متكئاً على رصيد ثقافي وعلمي ثري، ساعده على إبراز موهبته، فهو يملك مستوى مهندس دولة في الجيولوجيا، تحصّل عليها من جامعة عنابة.
يرى الكاتب الصحافي المختص بالمجال الثقافي عادل محسن، أن أبرز ما يميّز لطفي عن غيره من "الرابرز" العرب، هو قلمه والمستوى الفكري الذي تحمله كلماته، ويقول في تصريح لرصيف22: "لا نجد كل يوم رابر عربي متحصل على شهادة هندسة في الجيولوجيا، كما أنه شديد الاطلاع وذو ثقافة عامة واسعة، ولذلك فهو قادر على إبهار جمهوره، الذي تشكّل من كل الطبقات كونه يتمتع أيضاً بقدرة هائلة على الإحالة إلى أفكار أو مصادر لا يتمكن من ناصيتها سوى المثقفين، وفي الوقت نفسه لا تشذّ عن الموضوع الذي يتطرق إليه وهو غالباً يغنّي هموم واهتمامات الشباب والمجتمع عموماً".
ويضيف عادل محسن الذي يُعدّ من أبرز المخرجين التلفزيونيين الشباب: "تميز لطفي دوبل كانون منذ ظهوره بمواضيعه الملتزمة وقد صرّح بذلك بوضوح مرات عدة في أغنياته، حتى أنه وقتها أرجع سبب انفصاله عن شريكه في الفرقة وهاب، إلى بحث هذا الأخير عن الراب التجاري، الذي لم يقتنع به".
المدفع والبندقية... مواجهة ساخنة
يرى المختصون أن عودة لطفي دوبل كانون، بعد سنوات من الاعتزال، أعادت ترتيب الفوضى الحاصلة في هذا النوع الغنائي، الذي كانت الجزائر سبّاقةً فيه، فالراب الجزائري يُعدّ أول راب في إفريقيا يشير إلى حركة وثقافة الهيب هوب التي ظهرت في أواخر الثمانينيات في الجزائر.
غياب الجيل القديم من المحترفين الذين تكونت بينهم وبين الجمهور علاقة ثقة، ترك الساحة شاغرةً، في اختصاص فني يتابعه ملايين الشباب، لارتباطه وتعبيره عن الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية.
ولا يمكن إنكار أن عودة لطفي من بعيد، لم تخلُ من المخاطرة، بل من مجازفة تشبه إلى حد ما السفر عبر الزمن، من جيل "الكاسيت" إلى جيل التيكتوك والسناب شات، الذي صعد فيه نجوم آخرون، مثل "تراب كينغ"، "فلان"، "فوبيا" و"ديدين كلاش".
وهذا الأخير المعروف أيضاً بـ"ديدين كانون 16"، دخل في مواجهة مباشرة وحرب تصريحات ضد لطفي دوبل كانون، منتقداً مواقفه المعارضة للنظام الجزائري، وسكوته عن قتل الشرطة الفرنسية للشاب نائل ذي الأصول الجزائرية، في قضية هزت الرأي العام الدولي وأشعلت الغضب في فرنسا، متحدياً إياه أن يتحدّث عن الموضوع إن كان رجلاً على حد تعبيره، وكل ذلك بقصد التقليل من أهمية أغنيته وظهوره المفاجئ، والتشكيك في وطنيته وخلق فجوة بينه وبين الجمهور المعجب بأغنيته الجديدة.
ولمن لا يعرف "ديدش كلاش"، فقد برز كاسم لامع في سماء الراب الجزائري، وتحظى أغانيه بمتابعات قياسية تتجاوز مئات الملايين، إذ بلغ صيته أبواب أوروبا والوطن العربي، وغنّى إلى جانب مغنّين معروفين في أوروبا والوطن العربي، ووقّع عقوداً مع شركات عالمية منها عملاق الإنتاج الأمريكي "نيتلفيكس".
حرب النجوم انتقلت إلى ساحة السوشال ميديا، وسرعان ما دخل المدوّن الجزائري الشهير المعارض للسلطة أمير ديزاد، على خط الأزمة، وهاجم المغنّي ديدين كانون 16 دفاعاً عن لطفي دوبل كانون، متطرقاً إلى تفاصيل فضيحة جنسية ربطته مؤخراً مع زوجة سابقة لمغنّي راي معروف على الساحة الوطنية.
كما انقسم الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي بين مجموعة مؤيدة للطفي دوبل كانون، ومدافعة عنه، وأخرى وقفت إلى جانب ديدين كلاش، واصفةً لطفي دوبل كانون بالخائن، وهذا جزء من تفاعل الجمهور.
من حضن السلطة إلى لاجئ سياسي
بعيداً عن الغناء، سلك لطفي دوبل كانون، ميداناً آخر في عالم السياسة، وتبنّى مواقف متذبذبةً بل متناقضةً مع مرور الزمن.
وتأرجح الفنان بين تأييد النظام تارةً، ومعارضته تارةً أخرى، وأحياناً يتحول إلى رجل دين أو داعية، وقد كان من بين المدعوين لحضور ملتقى "الإمام القرضاوي مع التلاميذ والأصحاب"، الذي احتضنته العاصمة القطرية الدوحة في منتصف تموز/ يوليو 2008.
هكذا مرّت سنوات كثيرة، غيّر فيها لطفي مواقفه مثلما يغيّر قبعاته باستمرار، حتى خرج نهائياً عن بيت الطاعة، واستقر في فرنسا وتحديداً في مدينة غرونوبل.
اسم ثقيل يملك صاحبه جمهوراً واسعاً، أضحى معارضاً شرساً تحوّل بسبب مواقفه المتشددة إلى لاجئ سياسي منذ 2014، لا يستطيع العودة إلى وطنه.
هنا احتوته قناة "المغاربية" التي تبث من لندن وتُعدّ العدو الأول للنظام، لمالكها أسامة مدني، وهو نجل عباسي مدني زعيم الجبهة الاسلامية للإنقاذ، وهو حزب إسلامي محظور، ارتبط اسمه بالعشرية السوداء التي تسببت في حمام دم أتى على قرابة ربع مليون جزائري.
وفي مقابلة تلفزيونية مع وسائل إعلام تونسية، أكد لطفي يوم الأربعاء 26 تموز/ يوليو 2017، أن علاقته بالجزائر علاقة محبة وأخوة، لافتاً إلى أنه ممنوع إدارياً من دخول أراضيها بعد أن تم تجريده من وثائقه.
وأوضح دوبل كانون، أنه دخل تونس بوثائق أخرى، بعد أن قام بتسوية وضعيته في فرنسا، مؤكداً: "لن أقول إنني لاجئ في فرنسا احتراماً لبلدي الجزائر، ولأن صورة الجزائر تهمني... وهناك فرق بين حبي لبلدي ومعارضتي للسلطة التي تدير دواليبه".
وأكد الفنان أنه انتقد السلطة الجزائرية في إطار القانون، لافتاً إلى أن رئيس الدولة موظف وليس إلهاً. كما أشار إلى أنه أدّى أغنيات لتحفيز الشعب الجزائري لا للتقرب من السلطة الحاكمة.
تبنّى لطفي دوبل كانون مواقف سياسية متناقضةً مع مرور الزمن، بين تأييد النظام تارةً، ومعارضته تارةً أخرى، والتحول إلى داعية أحياناً
هل قتل لطفي السياسي دوبل كانون الفنان؟
المؤكد أن صورة لطفي كانت أنقى قبل دخوله عالم السياسة، فمواقفه وضعته في فوهة مدفع حقيقي، وقسمت الجمهور حوله، فهل أثّرت الخيارات السياسية للطفي أو مساره السياسي على مساره الفني؟
عن هذا السؤال يقول الصحافي والكاتب والمخرج التلفزيوني عادل محسن، لرصيف22: "أغاني لطفي دوبل كانون المنتقدة للسلطات، هي أهم ما صنع نجاحه، حيث أن متابعيه يشعرون بصدقه في تنوير الرأي العام وتعرية الفاسدين بكل جرأة، فكان تقريباً متنفساً يلجأ إليه كل من يحسّون بالظلم في المجتمع، بسبب عدم تكافؤ الفرص،
ولكن كل ذلك تبدد تقريباً عندما تخلّى لطفي عن حياده، إزاء التيارات السياسية وقبل أن يكون له لون إسلاموي لا رائحة له، وهو يتقرب من حركة رشاد، التي صُنّفت إرهابيةً من طرف الدولة الجزائرية. وذلك ما جعل معجبي لطفي الرابر يصابون بخيبة أمل وهو يساند تياراً سياسياً راديكالياً لا يعارض السلطة بقدر ما يريد هدم الدولة".
برغم ما قيل وما زال يقال حول عودة لطفي دوبل كانون المثيرة للجدل، يفرّق محبّوه بين لطفي الذي تسيّس وتخطى كانون الفنان الذي صنع ذكريات مراهقتهم بكمّ معتبر من الجمال، بأغانٍ قوية ومعبّرة، تحتاج إلى التركيز معها لفهم رسائلها، حول الظواهر الاجتماعية والسياسية، وبكلمات لامست قلوب أولئك الذين أحسوا بأنها مرآة لواقعهم... وما أكثرهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 20 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع