خسرت نجمة التنس التونسية أنس جابر فرصتها الثالثة لدخول التاريخ من أوسع أبوابه كأول لاعبة تونسية وعربية وإفريقية تفوز بإحدى بطولات الغراند سلام الكبرى في عالم الكرة الصفراء، عقب هزيمتها في نهائي بطولة ويمبلدون 2023.
خسرت أنس ابنة الـ28 عاماً، والملقبة بـ"وزيرة السعادة" في بلدها، اللقبَ لصالح اللاعبة التشيكية ماركيتا فوندروسوفا (24 عاماً)، المصنفة 42 عالمياً، في حضور أميرة ويلز كيت ميدلتون.
قبيل وأثناء المباراة، أعرب المئات من المواطنين التونسيين والعرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن شعورهم بالفخر وأمنياتهم بالتوفيق لأنس التي تصدر اسمها قائمةَ المتداول في عدة دول عربية. أما اللاعبة العربية المصنفة السادسة عالمياً، فقد صرّحت بأن وجود المشجعين العرب في مبارياتها "يجعلني أؤمن بروحي ويخليني نحب أكتب التاريخ".
إنجازات غير مسبوقة
وتعد أنس صاحبة أرفع إنجازات للعرب في رياضة التنس الأرضي، وهي صاحبة شعبية جارفة بتفوقها هذا. علماً أن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك لقباً من ألقاب الغراند سلام باسمها، كان قد أحرزه التشيكي الأصل ياروسلاف دروبني.
ولم يفز سوى لاعب واحد فقط من القارة الإفريقية بأحد الألقاب الفردية في البطولات الأربع، وهو يوهان كريك من جنوب إفريقيا، وذلك في بطولة أستراليا المفتوحة عام 1981. فاز كريك بالبطولة مرة أخرى في العام التالي، لكنه كان يمثل الولايات المتحدة حينذاك.
أنس جابر باكيةً بعد خسارة لقب ويمبلدون: "أظن أن هذه هي الخسارة الأكثر إيلاماً في مسيرتي الرياضية… إنه يوم صعب عليّ. لكنني لن أيأس. سأعود أقوى مما أنا عليه، وسأحقق لقب إحدى بطولات غراند سلام ذات يوم"
وهذه هي السنة الثانية على التوالي لأنس في نهائي ويمبلدون بعدما خسرت العام الماضي أمام إيلينا ريباكينا، بعد جراحة أبعدتها عن الملاعب مدة ستة أشهر. وخسرت بعد ذلك بشهرين تقريباً نهائي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة.
أما منافستها التشيكية، فكان أفضل إنجاز في مسيرتها حصولَها على المركز الثاني في بطولة فرنسا المفتوحة عام 2019 عندما كانت تبلغ من العمر 19 عاماً. وقد أصبحت "أول امرأة غير مصنفة" تصل النهائي منذ 60 عاماً وتفوز بطبق فينوس روزووتر، الجائزة التي تحصل عليها الفائزة بلقب البطولة لفردي السيدات.
وفي طريقها للنهائي، تفوقت البطلة التونسية على أربع بطلات سبق لهن الفوز ببطولات الغراند سلام، بينهن حاملة اللقب، ما جعلها الأكثر خبرة والأوفر حظاً للفوز باللقب. تخطّت أنس في مسارها للنهائي الكازاخية يلينا ريباكينا، وحاملة لقب بطولة أستراليا المفتوحة، أرينا سابالينكا، الفائزة مرتين ببطولة ويمبلدون، وبيانكا أندريسكو بطلة دورة أمريكا المفتوحة 2019.
اللافت أن الوصول للنهائي جاء بعد بداية صعبة لأنس هذا العام بإصابة أخضعتها لعملية جراحية بسيطة على مستوى الركبة، لم تمنعها من مواصلة السعي لتجاوز خيبات العام الماضي.
"سأتعلم الكثير ليس فقط من نهائي ويمبلدون (الذي خسرته) ولكن أيضاً من نهائي أمريكا المفتوحة، وسأبذل قصارى جهدي... ربما كان هذا العام يدور حول المحاولة مرتين وتصحيح الأمر للمرة الثالثة"، هكذا تعهدت أنس قبل النهائي، مؤكدةً: "أنا لاعبة مختلفة هذا العام؛ أعمل على نفسي بجنون. ليس لديك فكرة عما أفعله". ولم يحالفها الحظ للأسف مرةً أخرى.
مع ذلك، لم يكن الأمر سهلاً سيّما أن فوندروسوفا صدمت الجميع ببلوغها النهائي وتخطيها المصنف الرابعة عالمياً، حتّى أنها هي نفسها وصفت الأمر بـ"الجنون"، مستدركةً "إنه عالم التنس؛ أي شيء يمكن أن يحدث هنا".
وسبق أن واجهت أنس فوندروسوفا في ست مواجهات، وحققت كل واحدة الفوز في ثلاث مناسبات. علماً أن أنس كانت قد اضطرت للانسحاب من أولى المواجهات المشتركة بسبب الإصابة. كان ذلك في دورة براغ 2015.
وفي دورة سانرايز عام 2016، حققت أنس فوزها الأول على اللاعبة التشيكية، وهو ما كررته لاحقاً في دورة إيستبورن عام 2021 ودورة شتوتغارت 2022. لكن العام الجاري شهد فوز فوندروسوفا على أنس مرتين، أولاً في دورة أستراليا المفتوحة وتالياً في دورة ويلز.
عقب خسارة البطلة التونسية أنس جابر، انهالت تعليقات الدعم من المشجعين العرب، بمن فيهم شخصيات عامة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معربين عن ثقتهم في أنها ستحقق "الحلم" ذات يوم
دعم عربي مستمر
بعد المباراة، قالت أنس باكيةً: "أظن أن هذه هي الخسارة الأكثر إيلاماً في مسيرتي الرياضية… إنه يوم صعب عليّ. لكنني لن أيأس. سأعود أقوى مما أنا عليه، وسأحقق لقب إحدى بطولات غراند سلام ذات يوم".
وقال معلقون عرب إن خسارتها النهائي الثالث هي "خيبة حقيقية"، وإن أقروا بأن "الوصول إلى هذه المرحلة إنجاز بذاته مهما كانت النتيجة النهائية"، لافتين إلى أن فقدان أنس التركيزَ وتوترها كانا سببين في خسارتها اللقب.
ووجهت شخصيات عربية عامة لها باع في المجال الرياضي، ومواطنون عرب، رسائل الدعم لأنس بعد الخسارة، معربين عن ثقتهم في أنها ستعود وتحقق "الحلم" -كما تصفه هي نفسها- ذات يوم، وتحصد أحد ألقاب بطولات الغراند سلام.
من هؤلاء الإعلامي الرياضي المصري أحمد شوبير الذي غرد بصورتها معقباً: "شكراً أنس. دموعك غالية على كل مواطن عربي".
بدوره، اعتبر المعلق الرياضي التونسي عصام الشوالي أن أنس بما حققته "أسعدت شعباً وشرفت وطناً" وكانت "أحسن سفيرة" تسوّق لبلدها كما لم تفعل الدبلوماسية التونسية منذ عام 1956.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...