شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
اللذّة المؤلمة... لماذا ندمن على الشطّة والطعام الحار؟

اللذّة المؤلمة... لماذا ندمن على الشطّة والطعام الحار؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الأحد 9 يوليو 202302:31 م

تقول أماني (41 عاماً): "عائلتي تحب الشطة، دائماً هناك صحن شطة بالليمون يوضع على السفرة مهما كانت الطبخة، وبطبيعة الحال فقد ورثنا جميعنا هذا الحب من طرف أمي وذوقها في الأكل الذي لم يرحم طفولتنا، فاضطررنا إلى الاعتياد على المذاق الحار والتلذذ به من عمر صغيرة جداً، لم ينقص أمي إلا أن تضيفه إلى الرضاعات مع الحليب".

وتضيف لرصيف22: "كنا نسمع أمي دائماً تقول إن من يأكلون الأكل الحار لا يصابون بالدود وأمراض المعدة، فيرد عليها أخي من طرف المائدة بما يؤكد قولها بأن الهنود أقل شعوب العالم تعرضاً لأمراض الجهاز الهضمي، طبعاً لا أمي طبيبة باطنية ولا أخي يعرف شيئاً عن الهند والموضوع كله فض مجالس". 

اختلافات ثقافية           

في بلاد الشام تسمى الشطة، وفي المغرب تسمى السودانية أو فلفلة حارة، وفي تونس الهريس، وفي بعض البلاد تنادى بوصفها، الحراق، أو الخلطة، وبغض النظر عن أسمائها إلا أنها حاضرة دائماً على سفرتنا. 

فقد أثبتت دراسة أن الشعوب في المناطق الحارة تميل إلى استخدام الشطة والفلفل الأحمر والتوابل عموماً أكثر من الشعوب في المناطق الباردة، وهذا يفسر ميل كثير من البلاد العربية إلى جانب شعوب أمريكا اللاتينية وأفريقيا وشعوب شرق آسيا إلى استخدام التوابل والفلفل الأحمر أكثر من غيرها من الشعوب في المناطق الباردة، وقد عزت الدراسة هذا الميل إلى قدرة المنكهات الحارة إلى حفظ الطعام لفترات أطول من البكتيريا.

تشير الأبحاث إلى أن انتشار الطعام الحار في المناطق ذات المناخ الحار كانت نتيجة لقدرتها على حفظ المأكولات لفترات أطول، وبالتالي تحولت إلى ثقافة لدى هذه الشعوب  

وقد جاء في الدراسة التي نشرت في مجلة "كوارترلي ريفيو أوف بيولوجي" في العام 1998 أن "على عشاق المأكولات الحارة والتوابل أن يشكروا البكتيريا السيئة ومسببات الأمراض المنقولة بالغذاء على الوصفات التي تأتي لم تأت من قبيل الصدفة من البلدان ذات المناخ الحار. فقد تم تطوير استخدام البشر للتوابل المضادة للميكروبات بالتوازي مع الكائنات الدقيقة التي تسبب تلف الطعام".

لعلم النفس رأي آخر

يقول الطبيب النفسي د. محمد الصالحي لرصيف22:"ما يجعل بعض الأشخاص يعشقون الأكل الحار بينما يرفضها البعض الآخر هي الفوارق الثقافية بالأساس، لأن الذائقة تتربى على هذا الأمر منذ الصغر، مثلاً سنجد أن الطفل في غزة يفضل هذا الطعام عن الطفل في منطقة لا تضيف الشطة إلى كل الطعام، وهذا هو تحديداً تأثير البيئة التي نكبر فيها ونتعلم فيها".

ويعارض الصالحي الدراسات التي تقول بأن النساء اللواتي يفضلن الأكل الحار يستمتعن بالألم أما الرجال فيميلون إلى الاستعراض، فيقول: "من غير العادل جمع جنس كامل في نمط واحد، قد يكون هناك حالات من الرجال يأكلون الشطة للاستعراض، وبعض النساء يأكلنها للتلذذ بالألم، لكنها حالات فردية ولا يمكن أن نقيس عليها بتعميم على الجنس كله، الأساس في هذا الأمر هو الثقافة المكتسبة من المحيط بغض النظر عن الجنس".  

طبيب نفسي: "نظرية أن النساء يعشقن الطعام الحار للتلذذ بالألم، والرجال للاستعراض بالقوة غير دقيقة، ولا يمكن تعميم حالات فردية على جنس بأكمله"  

منوهاً إلى أن المستقبلات الحسية على اللسان لدى الأطفال أقوى بكثير منها لدى الكبار، لذا يجب الحذر قبل تقديم الطعام الحار للصغار ولو من باب التعويد، يقول: "ما نستطعمه كمالح يكون مالحاً جداً لدى الأطفال، والحلو حلو جداً، والحار حار جداً وقد يصل إلى درجة الألم الشديد".

لكن، هل هو طعام صحي؟

للغرابة نعم، يعتبر الطعام الحار صحياً جداً، باستثناء أصحاب وصاحبات بعض المشاكل الصحية وتحديداً المعوية الذين يمنع عليهم تناوله بكميات كبيرة أو مفاجئة في حال لم يعتادوا على ذلك، وتأتي هذه الفوائد بسبب مادة "الكابسيسين" الموجودة فيه بكثرة، والتي تستخدم لصنع كثير من الأدوية التي تعالج آلام المفاصل وبعض المراهم التي تخفف من آلام بعض أمراض الأعصاب.

بعض أهم الفوائد الصحية للطعام الحار والتوابل وردت في أكثر من بحث على موقع المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة الأمريكية، مع اشتراط أن يترافق الطعام الحار مع نظام غذائي صحي متوازن وكميات قليلة من السكر وكميات صحية من الماء.  

فقد ثبت أن الفلفل الأحمر أو المواد المستخلصة منه يساعد على تفكيك الدهون، وبالتالي قد يكون له دور داعم في عملية إنزال الوزن. كما يساعد على تقليل الشهية، فالأشخاص الذين يدخلون التوابل والفلفل الأحمر في نظامهم الغذائي أقل ميلاً للشره ويشعرون بفترات شبع أطول من الذين لا يدخلونها في وجباتهم. 

أثبت العلم أن الطعام الحار يساهم في إنزال الوزن لدوره في تكسير الدهون، كما أنه يقي من أمراض القلب ويساعد في تنشيط الدورة الدموية 

كما يساهم هذا الطعام بتقليل احتمال الإصابة بالجلطات والأزمات القلبية، بحسب دراسة لـ"كليفلاد كلينك" تساهم الأطعمة الحارة في الحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية.

تناولوه... لكن بحذر

تقول أماني: "في أحد اليوم تراهن أخي الكبير والذي نسميه في العائلة الجحش مع خالي  على أكل مرطبان كامل من الشطة، واتفقنا على مبلغ 100 دولار مقابل عدم الاستعانة بأي شيء سوى الماء، ونصف رغيف من الخبز، وبالفعل فاز أخي بالرهان وأخذ الـ100 دولار من خالي، لكن في غرفة الطوارئ، فقد نقلناه فور انتهائه من المرطبان بسبب حالة من التقيؤ الشديد واحمرار وجهه وألم شديد في المعدة".

على الرغم من الترحيب الذي يقدمه الأطباء للأكل الحار، لكنه ترحيب مشوب بالحذر، تحديداً لمن لم يعتادوا عليه سابقاً، لذا ينصحون بأن يكون هذا الأمر بالتدريج ورويداً رويداً، وأن يراقب الشخص نفسه في حالة ظهرت لديه بعض ردود الفعل كالسخونة المفاجئة، أو آلام المعدة، أو الإسهال. 

أماني:"دخل أخي الجحش كما نسميه في رهان مع خالي على إنهاء مرطبان شطة مقابل 100 دولار، وفاز به لكنه قبض النقود وهو في غرفة الطوارئ" 

ليس الأمر بالغريب، فحتى الأشداء من آكلي الطعام الحار ومدمني الفلفل الأحمر يوقّعون على ورقة قانونية يقرون بها تنازلهم عن حقوق رفع دعاوى قضائية قبل دخولهم للمسابقات التي تنظم في أكثر من مكان في العالم لمن يستطيع التهام أكبر كمية من الفلفل الأحمر، وهي الأيام التي تتأهب بها المستشفيات في تلك المدن لاستقبال عدد كبير منهم، من أشهرها مسابقة " Peperoncino" التي تحدث في إيطاليا والتي وصل الرقم القياسي فيها إلى 800 غرام من الفلفل الحار.  

أفضل طريقة لتبريد الفم بعد الشطة؟

الهدف من أي طعام أو شراب نتناوله بعد الأكل الحار لتبريد حرارته في الفم هو تفكيك مادة الكابسيسين، وبالتالي ينصح الأطباء بالتالي بشرب الحليب واللبن وبالأخص منزوع الدسم، كذلك فإن زيت الزيتون له مفعول مهدئ لكن ليس بنفس القدر.

أما المشروبات الغازية والمشروبات الكحولية فقد تؤدي إلى زيادة الشعور بالحرارة والألم، على عكس ما يشاع بأن لها أثر مبرّد أو مهدئ على المستقبلات الحسية في الفم.

وصفة الـ"القهوة بالشطة" من الهند

المقادير:

- ملعقة كبيرة كاكاو بودرة.

- ملعقة كبيرة حليب ناشف.

- نصف ملعقة صغيرة قرفة بودرة.

- رشة فلفل أحمر مطحون أو حسب الرغبة.

- سكر حسب الرغبة.

- كأسان من الماء.

الطريقة:

- نخلط المكونات الجافة سوياً.

- نضع الماء على النار في غلاية القهوة العادية وننتظر حتى يفتر قليلاً.

- نضيف المكونات السابقة إليه، ونحركها حتى تذوب جميعها.

- نستمر بالتحريك حتى الغليان.

- وتقدم ساخنة بالطبع.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image