استطاعت هذه الفتاة أن تجمع ما لا يجمع عادةً؛ الحجاب، والرقص المعاصر، والفوز بمسابقة عالمية، وملايين المتابعين، والشهرة. وكل هذا في عمر صغير. فهي الفائزة بمسابقة "ريدبول دانس" العالمية في العام 2022، وهي أيضاً التي تعرّضت لهجوم حاد بعد فوزها استخدم فيه بعض المعلقين كثيراً من الألفاظ الجارحة.
لم يُسقط الهجوم "زوبا" واسمها الحقيقي شيماء صبحي، ولم تتوقف عن الرقص وتخضع للتعليقات التي تصف ما تقدمه بأنه "فن يهين الحجاب"، و"يتخطى كل المعايير الاجتماعية"، واليوم هي من أنجح صانعات المحتوى المصريات في معظم مواقع التواصل الاجتماعي، وبلغ عدد متابعيها على "تيك توك" أكثر من مليونين، وأكثر من 600 ألف متابع على إنستغرام.
رصيف22 التقى زوبا بعد عام من فوزها في المسابقة، وتالياً نص الحوار
لنرجع إلى الطفولة، وأهم ذكرياتك عنها؟
طفولتي كطفولة أي طفلة مصرية. عادية بلا "أكشن" أو أي شيء خارق للعادة، نشأت في أسرة بسيطة، ومارست هوايات متعددة، إلى أن ذهب بي شغفي نحو الرقص، وحينها لم أتمهل لحظة، وعقدت العزم على السير قدماً نحو احتراف الرقص وجعله جزءاً من حياتي.
بعد فوزها بمسابقة "ريدبول دانس" في العام الماضي جمعت زوبا في عمر صغير ما لا يجمع عادة، الحجاب، والرقص المعاصر، والفوز بمسابقة عالمية، والشهرة، وملايين المتابعين
من أين جاء اسم زوبا؟ ولماذا تفضلين استخدامه عوضاً عن اسمك الأصلي؟
أسرتي كانت ترغب بتسميتي "زوبا" كاسم دلع لزينب لكنهم سجلوني في الشهادة باسم شيماء في اللحظة الأخيرة وهو مجرد اسم في بطاقة فقط بالنسبة لي، اسم "زوبا" أصبح هو اسمي بين الناس والعائلة والأصدقاء.
كيف كانت بداية دخولك عالم الرقص الاستعراضي؟ ولماذا هذا النوع من الرقص تحديداً؟
بدايتي كانت صدفة، أثناء تصفحي للإنترنت شاهدت فيديو لفتاة مراهقة ترقص بأداء مدهش، كانت مذهلة إلى درجة غير طبيعية، شدتني طريقتها في الرقص، فحدثت نفسي قائلة: "ليه ما أجربش اللي هي بتعمله، يمكن الصنارة تغمز معايا، وأبقى نجمة في يوم من الأيام"، وفعلاً تدربت لعدة أشهر على هذا النوع من الرقص، وركزت على أدق التفاصيل كي أصل إلى درجة إبداع تقارب إبداع تلك الفتاة، وأؤدي الرقصة بنفس التمكن، ومع الوقت أصبحت شبه محترفة في أنواع لا بأس بها من الرقصات، فكنت أتدرب على كل رقصة جديدة أتعلمها لأشهر، إلى أن أصل لمرحلة الكمال. ثم انتقلت إلى تدريب الأطفال على عدد من الرقصات السهلة التي تناسب أعمارهم.
كفنانة استعراضية ما هي الصعوبات التي واجهتك؟ وكيف كنت تتعاملين مع ردود فعل الناس تجاهك كونك فتاة محجبة تقدم هذا النوع من الرقص؟
أشكرك على وصفك لي بفنانة استعراضية، الفن الاستعراضي مجال واسع جداً، ولا يقتصر على نوع رقص بعينه، أنا متميزة في نوع رقص يعرف بالـ"بوبينغ/هيب هوب". بصراحة لم أعطِ اهتماماً بالغاً للصعوبات والاعتراضات "اللي عايز يولول يولول"، أنا حرة في فعل ما يحلو لي، ومثلما هناك المئات ممن يهاجمونني، فهناك الآف يدعمونني مع كل خطوة، وأنا ممتنة لهم جداً.
أما بالنسبة لرقصي بالحجاب، فهذه ليست جريمة، فأنا لا أهين الحجاب لا من قريب ولا من بعيد، أنا محافظة على ديني الحمد لله، ومن يكترث لرأي الناس لا يتحرك خطوة واحدة في حياته.
زوبا: "هناك المئات ممن يهاجمونني ويصفون ما أفعله بالفن المهين للحجاب، لكن في المقابل هناك آلاف الداعمين لي"
ماذا عن رد فعل الأسرة والأصدقاء تجاه ما تقدمينه من فن؟
بخصوص العائلة فهي داعمة لي منذ لحظاتي الأولى مع الرقص، وهو دعم متواصل من الصغر ومستمر حتى اللحظة، أما عن الأصدقاء ففي بداية الأمر قاطعني الكثير منهم، معلقين بأنني "لا أقدم فن عليه القيمة"، ولكن بعد أن شاهدوني ولمسوا نجاحي الذي تحقق بعد سنين من التعب عاد المخاصم والمقاطع محباً من جديد.
بحسب وصفك كلام الناس لا قيمة له، فهل جميع آراء الجمهور الذي يتوجه ضدك بالنقد بلا وزن؟
أنا لم أقل هذا إطلاقاً، كلامي عمن يتوجهون لي بالنقد "عَمال على بَطال"، هناك مجموعة كبيرة من الناس في مجتمعنا وبكل أسف يتمادون بتوجيه ألفاظ وعبارات مخجلة جداً، وليس النقد الحقيقي "هو في حد مش بيُنتقد"، لكن هناك فرقاً بين النقد البناء والنقد المحمل بقلة الأدب، وبالمناسبة أنا أتابع ردود الفعل البناءة تجاه ما أقدمه أول بأول، ففي بداية شهرتي من الأساس وظهوري على الـ"سوشال ميديا"، لم أكن في أفضل صورة، وكنت أقدم رقصات كثيرة غير موفقة، وتداركت كل هذا بفضل تعليقات الناس.
هل يمكننا تصنيفك كصانعة محتوى هادف وموثر بالنسبة لجيل البنات ما بين 17-25 سنة؟
بداية انتشاري على الـ"سوشال ميديا" كانت بعد تصدري التريند لأسابيع بعد فوزي في مسابقة "ريدبل دانس يور استايل"، في البداية لم يرق لي الأمر، بسبب الضغط الذي وقع على عاتقي بسبب الشهرة الكبيرة التي تحققت بين يوم وليلة، ولكن مع الوقت، وشعوري بحب الكثير من الناس للمحتوى الذي أقدمه، ومراسلة عدد كبير من المشاهير لي، إضافة لرسائل البنات المبهجة التي كنت أتلقاها يومياً على مختلف صفحاتي على السوشال ميديا، حينها شعرت بمسؤولية ما أقدمه من فن، وبدأ ينتابني إحساس بأنني أقدم فناً جيداً هادفاً يناسب الكبير قبل الصغير، فنوعية الرقص الخاص بي، تعد هواية ممتعة يمكن لأي شخص التدرب عليها وممارستها في أوقات الفراغ، الرقص ليس بالأمر الصعب، ولكنه يحتاج إلى صبر وتدريب متواصلين دون انقطاع. أما كلمة مؤثرة فثقيلة علي، تستطيع القول إني صانعة محتوى فني، ترفيهي، خفيف، مناسب لقيم المجتمع، ولا شيء يصف سعادتي أكثر من فتاة بالتعلم مني وتقليدي.
تقولين إنك صانعة محتوى فني ترفيهي مناسب لقيم المجتمع، ماذا يختلف الرقص الذي تقديمنه عن الرقص الشعبي؟
ما أقدمه من فن شيء، والرقص الشعبي شيء آخر، لا أعرف ما سبب ربط بعض الناس هذا بذاك، وأظن الفرق واضح.
عودة إلى المسابقة، كيف كان إحساسك بالفوز في المسابقة؟
إحساسي بالفوز طبعاً لا يوصف، كانت فرحة غامرة؛ لأنني لم أتوقعه، خصوصاً وأن الفوز تحقق في ظل منافسة عالية برفقة مواهب من شتى أنحاء العالم، ولكنني توفقت وتمكنت في النهاية من نيل اللقب.
هل اختلفت حياتك بعد المسابقة مقارنة بما قبلها؟
اختلاف جذري، الحياة تبدلت رأساً على عقب، وخاصة عندما اجتاح الفيديو الخاص بي أثناء رقصي في المسابقة المنصات وحقق نسب مشاهدة بالملايين على "تيك توك"، في البداية كان الموضوع مرهقاً لكن مع الوقت تأقلمت مع الحياة الجديدة.
زوبا: "أهم ما كسبته المسابقة هو أنني تعلمت أن الرقص يوحدنا حتى وإن كنا من جنسيات وثقافات مختلفة"
هل تعطي المسابقة فرصة حقيقية للراقصين الموهوبين من مصر أن يظهروا للعالم؟
المسابقه أكيد مهمة لأنها فرصة ذهبية لمن يملكون الموهبة بعرضها وتقديمها للجمهور كما أشرت، فهي ملتقى هذه المواهب من كافة أرجاء العالم، لكن أهم ما تعلمته منها هو أننا وإن كنا من جنسيات مختلفة وثقافات مختلفة فـ"الرقص يوحدنا".
ماذا تعملين في الوقت الحالي، هل الرقص هو مصدر دخلك، وماذا عن طموحاتك في الفترة المقبلة؟
أعمل مدرسة رقص لعدد كبير من الأطفال والشباب، نستطيع القول إنه مشروع صغير. كما أشارك تفاصيل التدريب على "ستوري انستغرام"، الرقص يمثل لي مصدر دخل أساسياً، وطموحاتي أن أتمكن من افتتاح مدرسة للرقص في مصر، تكون بمثابة وظيفة بشهادة معتمدة، وطبعاً أحلم بتمثيل مصر في الخارج كراقصة من خلال مشاركتي في بطولات عالمية أخرى.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...