شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
لماذا

لماذا "ماظو"، الزوج الشرير، هو الأكثر شعبية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والتنوّع

الاثنين 26 يونيو 202312:18 م

انتهى منذ أيام قليلة الجزء الرابع (ليس الأخير) من مسلسل "اللعبة" الذي حصد جماهيرية كبيرة في معظم الدول العربية، واحتلّ المركز الأول على قائمة مشاهدات منصّة "شاهد" المنتجة للمسلسل، طوال فترة عرضه.

جاءت النهاية بفوز "ماظو" (الممثل المصري هشام ماجد) والذي يتمتع فريقه بالشعبية الأكبر بين الجماهير، خاصة الأطفال منهم، أنا عن نفسي واحدة من الجماهير التي تندرج تحت بند "تيم ماظو"، وكنت أشجّع فريقه طوال مدة العرض؛ الأمر الذي جعلني أتساءل: لماذا نحب ماظو؟

على الرغم من كونه شخصية أنانية، لا يهمه سوى اللعب، ينظر للحياة من منظور المكسب والخسارة فقط، لا يلتزم بوظيفة ولا يؤمن بقيمة العمل، ولا هو أب صالح ولا حتى زوج يُعتمد عليه؛ هو حرفياً مثال للرجل الذي لا تتمنى أي امرأة العيش معه؛ ومع ذلك أحبته النساء وتعلّق به الأطفال وبقية الجماهير أيضاً.

ومن وجهة نظري، سبب نجاح شخصية ماظو في مسلسل "اللعبة"، وتفوقه على وسيم الرومانسي المخلص المتفاني، هو أن ماظو مثال حقيقي للرجل العربي، المشاغب، الذي لا يرضي زوجته، ويقلّل من مشاكلها ومشاعرها.

الشجارات التي يعيشها مع شيماء – زوجته- تعرفها كل زوجة عن ظهر قلب، وعاشتها مع زوجها مراراً وتكراراً وحزنت من أجلها، فيأتي ماظو ليحول تلك الذكريات الحزينة إلى مواقف طفولية مضحكة؛ يشاهدها الأزواج ويضحكون ويدركون أن ما يمرون به ليس أمراً خاصاً بهم فقط.

سبب نجاح شخصية ماظو في مسلسل "اللعبة"، وتفوقه على وسيم الرومانسي المخلص المتفاني، هو أن ماظو مثال حقيقي للرجل العربي، المشاغب، الذي لا يرضي زوجته، ويقلّل من مشاكلها ومشاعرها

ومع كل الكلام الرومانسي الذي قاله وسيم لزوجته في المسلسل، كانت جملة ماظو الشهيرة: "شيماء هتنفخني"، والتي كان يقولها عندما يفعل شيئاً خاطئاً؛ هي الأكثر رومانسية بالنسبة لي على الإطلاق، فماظو يحب شيماء، وهذا ظهر بوضوح عندما شك في خيانتها وأصابه الجنون، وعندما ادعى فقدان الذاكرة ليستعيد حبها، ولكن حبه مثل حب الأطفال، لن يعبر عنه بكلام رومانسي ولا بتصرفات واضحة؛ لأن هذا الأمر يحتاج منه قدراً من النضج لم يصل له بعد؛ مثله مثل كثير الرجال الذين نتعامل معهم يومياً.

وفي المقابل، ماظو يدفع ثمن هذا الاستهتار وتتطوّر شخصيته وتتغير في كل جزء، ويحاول أن يتغير للأفضل ويفشل في كثير من الأحيان أمام إغراء اللعب ولكنه يحاول مرة أخرى، وهذا يمنح من يشاهده الأمل.

وقد ظهر هذا بوضوح في الجزء الرابع، حينما أظهر ماظو وجهاً جديداً لم نره من قبل، عندما ادعى فقدان الذاكرة بعد أن أصرّت شيماء على فراقه، وكأنه يخجل أن يظهر لها حبه وهو في نظرهم واع ومدرك، وكأنه لا يستطيع أن يقول إن زوجته جميلة وإنه يحبها ويخاف عليها وهو ماظو الذي يعرفه الجميع؛ مثله أيضاً مثل أي رجل شرقي يجد صعوبة حقيقية في التعبير عن مشاعره لحبيبته أمام الآخرين، وكأنه مظهر مظاهر الضعف.

شخصية ماظو موجودة في كل بيت مصري، وربما عربي أيضاً، بتلك الجلسة المرتخية على الأريكة وهو يمسك ذراع البلاي ستيشن، سواء أكان شقيقاً أم زوجاً أم ابناً غير ناضج ولم يستقل بحياته عن أسرته، ماظو هو مشروع إصلاحي مستمر للمرأة التي ترعاه، وطفل يبذل مجهوداً خرافياً لينضج.

أحبه الأطفال لأنه يشبه آباءهم وإخوتهم الكبار ويشبهم هم شخصياً، فهو لا يريد من الحياة سوى اللعب، مثله مثل أي طفل يشاهد المسلسل، ولذلك لم يشعر الأطفال تجاهه بغربة.

أتذكر جيداً المشهد الذي جاء في أحد الأجزاء السابقة، حين ركع ماظو على ركبتيه أمام شيماء، وهو يقسم لها أنه يحبها بعد اكتشافه أنها لا تخونه، يطلب منها أن تسامحه، في لحظة هي الأكثر رومانسية من مشاهد "إيسو وويسو" لأنها كانت صادقة وأقرب إلى الواقع.

فهو الآن طفل يشعر أن زوجته، ظاهرياً، وأمه، روحياً، على وشك أن تتركه بسبب شغبه وتهوره، فيبكي ويمسك بقدميها لأنه لا يتخيل الحياة بدونها، وكل امرأة عاشت مع رجل فترة طويلة في علاقة زواج؛ قد عاشت تلك اللحظة أكثر من مرة وفي أكثر من موقف مع شريكها الذي لا يتوقف عن ارتكاب الأخطاء ذاتها بنفس الطريقة والأسلوب، وكأنها لم تلفت نظره عشرات المرات، وعلى الرغم من ذلك، فهي لا تتوقف عن حبه والمحاربة من أجله على أمل أن ينضج ويتحمل المسؤولية.

ربما تكون جملة I can fix him تستخدم في إطار كوميدي ساخر من المرأة التي تمنح الفرص لحبيبها على أمل أن يكون أفضل، وبالفعل ليس دور المرأة أن تساهم في نضوج شريك حياتها خلال زواجهما، بل من حقها تماماً أن تعيش مع إنسان ناضج منذ بداية العلاقة

ربما تكون جملة I can fix him تستخدم في إطار كوميدي ساخر من المرأة التي تمنح الفرص لحبيبها على أمل أن يكون أفضل، وهو بالفعل ليس دور المرأة أن تساهم في نضوج شريك حياتها خلال زواجهما، بل من حقها تماماً أن تعيش مع إنسان ناضج منذ بداية العلاقة.

ولكن ما يحدث بالفعل على أرض الواقع في النسبة الأكبر من علاقات الزواج والحب؛ هو ما نراه في علاقة شيماء بماظو، مع الفرق أن المسلسل يمنح الجماهير أملاً في نضوج ماظو، ولذلك نفخر به حين يتصرف بشكل جيد، وكأنه طفل ظل يحبو طويلاً والآن يخطو خطوته الأولى ويجب أن نشجّعه؛ ربما لتلك الأسباب، "تيم ماظو" حصد جماهيرية أكبر من "تيم ويسو".

النجم المصري هشام ماجد الذي لعب دور "ماظو" له دور مهم يصعب تجاهله في نجاح شخصية ماظو، فقد أظهر مؤخراً نضوجاً فنياً واضحاً، سواء في الشكل الخارجي واهتمامه كممثل بأداته الأهم وهي جسده، ليظهر لياقة جسدية واضحة منذ تقديمه فيلم "حامل اللقب".

أو شجاعته في اتخاذ الخطوة الأولى لتقديم بطولات سينمائية منفردة دون شيكو، والدخول في زوايا رومانسية في فيلم "تسليم أهالي"، ورغبته الدائمة في الدخول بخطوط درامية أعمق في أحداث أي عمل يقدمه، وكأن روحه تهفو إلى التمثيل بشكل عام وليس الكوميديا فقط، وقد ظهر هذا بوضوح في مسلسل "الرجل العناب" في علاقته بناتاشا وفي مسلسل "خلصانة بشياكة" في علاقته بزوجته، كما أن هشام ماجد يتمتع بقدرة واضحة في تغيير لغة جسده في الانتقال من شخصية لأخرى ؛ وقد ظهر هذا بوضوح حين ادعى فقدان الذاكرة في الجزء الرابع من "اللعبة"، وبمراجعة الحلقات السابقة لتلك الوقعة، يمكنك ملاحظة تغير واضح في ملامح ومشيته، وجهه ونظرات عينيه، لتشعر أنه شخص مختلف بالفعل، دون الحاجة لتغيير مظهره الخارجي، والأهم من كل هذا بالطبع؛ هو الحضور والقبول الذي يتمتع به هشام ماجد لدى الأسر المصرية، ومعاملته الشخصية المميزة مع الأطفال من معجبيه على أرض الواقع.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image