شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
رحيل الشيف رمزي... أصدقاء وطهاة يتحدثون عن ميراثه اللذيذ وعمله الإنساني

رحيل الشيف رمزي... أصدقاء وطهاة يتحدثون عن ميراثه اللذيذ وعمله الإنساني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الثلاثاء 20 يونيو 202304:36 م

حزن شديد لف قلوب محبي عميد الطهاة في لبنان الشيف رمزي الشويري، خصوصاً من قبل الجيل الذي عايش إطلالاته عبر شاشة تلفزيون المستقبل، والذي اختبر ظاهرته على مدى 17 عاماً، فكان هذا الطاهي الماهر نجماً لامعاً في مجاله قبل سنوات طويلة من تكاثر ظاهرة الـ"Food bloggers" ومشتقاتها من المهن الترويجية.
كان الشيف رمزي من أوائل الذين أدخلوا التفاعل مع الجمهور في فقرة الطبخ عبر فتح الاتصالات المباشرة لإعطاء النصائح أو لسماع الأسئلة والاستفسارات عن مقادير وتفاصيل الوصفات، وكان ذهنه دائماً حاضراً وجوابه "على طرف لسانه" كما يقال.
لكن، ولعلّ أهم ما ميزّه هو لطفه الشديد، وتهذيبه الواضح الذي كان يظهر جلياً على الشاشة، وسعة صدره لأي نوع من الأسئلة، فالراحل لم يبنِ شهرته بسبب إتقانه لما يفعل فحسب، بل حظي بجزء كبير من هذا القبول لدماثته وخفة حضوره.  

رائد  في برامج الطهو وفي تعليمه  

رحل الشيف رمزي وهو في الـ52 من عمره، وفق ما أعلن مؤسسة الكفاءات التي كان يترأسها عن وفاته يوم الأمس، الاثنين 19 حزيران/ يونيو 2023 بنوبة قلبية مفاجئة.
كان الشيف رمزي من أوائل الذين أدخلوا التفاعل مع الجمهور في فقرة الطبخ، وذلك عبر فتح الاتصالات المباشرة لإعطاء النصائح أو لسماع الأسئلة والاستفسارات عن مقادير وتفاصيل الوصفات

تعنى المؤسسة بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد كان والده الراحل نديم شويري قد أسسها، وهي التي حاول الشيف الحفاظ عليها وعلى طلابها رغم كل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الصعبة التي أصابت لبنان، فدرّس فن الطهو لطلاب مدرسة الكفاءات الفندقية الذين نهلوا من خبرته ودراساتة المجبولة بحسن أخلاقه وخفة دمه ومهنيته العالية وطيبته التي قل نظيرها.
عن دور هذه المدرسة وأهميتها في حياة الشيف رمزي يقول الشيف أنطوان الحاج ابن بلده وصديقه لرصيف22: "الشيف رمزي ترك التلفاز وبرامج الطبخ المباشر ليتفرغ لإدارة المعهد الجميل الذي أسسه والده، تابعناه بكل فخر وهو يعطي الدورات ويعلّم الطلاب حتى أصبح الكثير من تلاميذه من أهم الشيفات في لبنان والبلاد العربية والعالم".

أما الفنانة الكوميدية اللبنانية ليليان نمري فقالت: "الحروف تغيب عني لدى الحديث عن رحيل الشيف رمزي الذي تربطني به علاقة صداقة قوية جداً وعشرة عمر، كان أول من أصدر مجلة تعنى بالطبخ، فالتقانا أنا ووالدتي عليا قبل رحيلها في لقاء دام لساعات وكان من أجمل اللقاءات".

وتضيف في تصريحها لرصيف22: "حزينة على هذا الإنسان الطيب والخدوم والمحب الذي رحل باكراً وفي عز شبابه. في أحد الأيام طلبت منه أن أكون تلميذته وأن أتعلم منه فن الطبخ، فأجابني ممازحاً، وأعطيكِ شهادة زعيمة الأكل الإيطالي".

وتؤكد أن الجانب الغائب عن الإعلام من شخصية الشيف رمزي هو أعماله الخيرية وتقديسه لوالديه وإعطاءه الأولوية لعائلته، تقول: "شاركته في العديد من النشاطات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، فقد كان يعتني بهم في مؤسسة الكفاءات، وعرضت لهم ولذويهم مسرحية "نحيفة"، كان عرض رائعاً لا أنساه في حياتي".

غيّر مكانة الشيف الاجتماعية

يقول أستاذ فنون الطهو الشيف علي فريتخ لرصيف22 إن الشيف رمزي كان أحد الأسباب التي ألهمته أن يصبح طاهياً في وقت لم يكن هذا الأمر مألوفاً أو حتى مقبولاً. 
الفنانة ليليان النمري: "الجانب الغائب عن الإعلام من شخصية الشيف رمزي أنه كان هي أعماله الخيرية وتقديسه لوالديه"

يضيف: "شهادتي بالشيف رمزي رحمه الله مجروحة، كنت أتابعه منذ العام 1989. الطريقة التي قدّم بها نفسه وقدّم بها الطبخ بأناقة ورقي كان لها دور كبير في تغيير المفهوم الاجتماعي العربي حيال الشيف، فصارت المهنة تحظى باحترام لم تحظ به من قبله".
ويستدل على ارتفاع قيمة الشيف منذ ذلك الوقت بأنه تعرض للرفض من عائلة فتاة تقدم لخطبتها في التسعينيات على اعتبار أنه مجرد "طباخ". أما اليوم فهو واحد من أشهر مقدمي برامج الطبخ في تلفزيونات الأردن، وهو شيف خاص في الديوان الملكي الأردني، إضافة إلى عمله في تدريس فنون الطهو.  
وحول نجاح الشيف رمزي الساحق يعزى فريتخ الأمر لمصداقيته ومصداقية وصفاته مع الجمهور، وقد تكرس هذا الرأي لدى فريتخ بعد أن جرّب برامج الطبخ "على الهوا" بنفسه، وصار يدرك صعوبة الأمر ونوعية الحوادث التي يمر بها الشيف على الهواء، كالاتصالات التي تتطرق لمسألة شخصية، أو كانسكاب الماء الساخن عليه واضطراره للتصرف بشكل طبيعي رغم الألم في أحد المرات.  
ويختم: "لو خرجت موهبة الشيف رمزي في وقتنا الحالي لصار يعادل أكبر نجوم السوشال ميديا تأثيراً، الله يرحمه".  

قدّم صورة إعلامية جديدة للمطبخ

أما عن أثره على المشاهد العربي فيتحدث الشيف سليمان عوكان من سوريا عن دوره في ترويج المطبخ اللبناني وتقديم المطبخ ككل بشكل جديد، وبالطبع إعادة صياغة صورة برامج الطهو البشكل جذاب. 
الشيف علي فريتخ من الأردن: "يعود الفضل للشيف رمزي في اختياري لمهنتي، لقد فرض على المجتمع العربي احترام مهنة الشيف فصارت تحظى باحترام لم تحظ به من قبله" 

يقول عوكان لرصيف22: "الفضل يعود للشيف رمزي في تأسيس صورة إعلامية وذهنية جديدة ومختلفة في عالم الطبيخ ودهاليزه".
ويؤكد على كلام الشيف فريتخ بأن مصداقيته كانت السبب الأبرز في شهرته وقبوله، ويضيف: "كان أن ظهر نموذج غير مسبوق لبرامج الطبخ والطهو التي جمع بها الشيف رمزي المعلومة الصحيحة وسلاسة وصولها حتى للمتلقي العادي، وليس حصراً لطالب المعرفة المهنية".
ويختم: "لا شك أنه أحد أهم الفاتحين لأبواب المعرفة في عالم المطبخ العربي لذلك سنظل ممتنين لمعروفه ما حيينا".

إنجازاته

كان الشيف رمزي كان قد تدرب في شبابه على يد الطاهي الفرنسي جان ماسون، ودرس فن الخبز والحلويات على يد الطاهي برنار موان، ومن ثم حصل على عضوية الشرف في النقابة الفرنسية لفنون صنع الحلويات والخبز.
الشيف سليمان عوكان من سوريا: "ظهر الشيف رمزي كنموذج غير مسبوق لبرامج الطبخ، فجمع بين المعلومة الصحيحة وبين سلاسة وصولها"  

وقد سجّل قرابة ثلاثة آلاف حلقة تلفزيونية في تلفزيون المستقبل وتلفزيون LBC.
أطلق كتابه الأول في العام 1998 وباع منه ما يفوق الـ 650 ألف نسخة، ومن ثمّ وثّق تاريخ المطبخ اللبناني وتراثه في كتاب آخر حمل عنوان "الشيف رمزي من تراث لبنان"، والذي جاء حصيلة ما جمعه من وصفات تراثية خلال تجواله في القرى اللبنانية لأكثر من عامين. الكتاب ترجم إلى 5 لغات وحصل في برشلونة على جائزة أفضل كتاب طبخ تراثي في العالم.
سجل الشيف رمزي مع مركز الكفاءات المتخصّصة بالتعاون مع طلاب المدرسة الفندقية أحد الأرقام في موسوعة غينيس للأرقام العالمية للبنان، وذلك بتقديم أكبر صحن فتّة حمص الوزن 3.4 طن بمناسبة عيد الكفاءات الـ60، كما سجل رقماً آخر بأكبر قرص فلافل للبنان.  
هو من طباخي الزمن الجميل وفق ما أطلق عليه بعض من نعاه من معجبين والعديد من الإعلاميين والفنانين، خصوصاً أولئك الذين عايشوا عصر تلفزيون المستقبل الذهبي، ليعلن برحيله طيّ صفحة مميزة من ذاكرة اللبنانيين والجمهور العربي الذي عرّفه الشيف رمزي بالمطبخ اللبناني، فهو الذي قدم الفرح ونقل شغفه بفن الطبخ لهم وأسس لإطلالة الطهاة اللبنانيين والعرب على الشاشات منذ التسعينيات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image