شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
لثقافة المصريين رأي آخر...

لثقافة المصريين رأي آخر... "حُرمة" الموتى ليست قاصرة على أجساد المشاهير

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والتاريخ

الاثنين 19 يونيو 202305:04 م


مع تصاعد الحملات المطالبة بالوقف الفوري لأعمال الهدم الجارية بمنطقة القرافتين الصغرى والكبرى غرب القاهرة، ونداءات لمراجعة ضرورة إنشاء محور "الفردوس" الذي تعتزم الدولة بناءه في موضع المقابر المُزالة، خرج قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في 12 يونيو/ حزيران الجاري بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، تضم جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين والمكاتب الاستشارية الهندسية، لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير، على أن تقوم اللجنة بدراسة البدائل المتاحة والتوصل لرؤية متكاملة وتوصيات يتم الإعلان عنها للرأي العام قبل يوم الأول من يوليو/ تموز 2023، في محاولة لتهدئة الرأي العام.
وانقسم المهتمون حول القرار، الذي يعد إشارة إلى أن المنطقة سوف تزال بالكامل، وأن رفات الشخصيات التاريخية والمبدعين سيتم نقلها لما يسمي "مقبرة الخالدين"، فبما رأى مهتمون بالشأن السياسي أن المسألة ستحل بهذا القرار، يجد الدارسون والمهتمون بالآثار والتاريخ والتراث المعماري ان هذا القرار لن يعالج الخسارة المستمرة، وأن المنطقة يجب أن تترك كما هي لأنها بهذا الوضع تعد مقبرة للخالدين.

فيما اعتبر مهتمون بالشأن السياسي أن المسألة ستُحل بموجب القرار الرئاسي؛ يجد الدارسون والمهتمون بالآثار والتاريخ والتراث المعماري أن هذا القرار لن يعالج الخسارة المستمرة، وأن المنطقة يجب أن تترك كما هي لأنها بهذا الوضع تعد مقبرة للخالدين

فقد طالبت الدكتورة جليلة القاضي أستاذة التخطيط العمراني وتاريخ المدينة، التي قضت أكثر من 36 عاماً في دراسة الجبانات، وواحدة من أهم الناشطات في الحفاظ على التراث المعماري للقاهرة ولمدينة الموتى فيها بأن تقام مقبرة للخالدين على ان تضم رفات العظماء ممن أزيلت مقابرهم ومن لم يُستدل على مواضع دفنهم مثل الصحابة والتابعين الأوائل الذين ماتوا بمصر ومنهم عمرو ابن العاص، ومن أزيلت مقابرهم أمثال المقريزي وابن خلدون في باب النصر (أزيلت مقبرتاهما أثناء إنشاء وتوسعة طريقي صلاح سالم والأوتوستراد) ومن أزيلت مقابرهم في السنوات الأخيرة أمثال دكتور نور الدين طراف ومحمد التابعي وزكي المهندس وابنه الفنان فؤاد المهندس وابنته الإذاعية القديرة صفية المهندس وإحسان عبد القدوس وآخرين، "أما من لا تزال مقابرهم قائمة، فلتتركوهم في أماكنهم، في مقبرة الخالدين الحقيقية".
فيما رأى المؤرخ الدكتور خالد فهمي أن هذا القرار "يجافي الحقيقة". ولا يتجاوب بشكل جاد مع مطالب أصحاب الأحواش والمعماريين والمؤرخين والمهندسين والفنانين والأثريين وكل المعنيين بالتراث المعماري الفريد للقاهرة.
وكتب "الكلام عن إنشاء مقبرة للخالدين لا محل له لأن مقبرة الخالدين موجودة بالفعل ولا حاجة لإنشائها. القرافة هي مقبرة الخالدين، والمطلوب حمايتها واحترام قدسيتها وقيمتها الروحية والتاريخية والجمالية، لا بناء بديل لها. وأخيراً الكلام عن نقل الأعمال الفنية والأثرية الموجودة في المقابر الحالية أيضاً لا محل له ولا معنى. فالقرافة لا تحتوي فقط على لوحات رخامية أو شواهد قبور، ولكنها تحتوي على قباب بديعة في زخرفتها، وحوائط رائعة في الآيات القرآنية المنقوشة عليها، ومباني كاملة أبدع مهندسوها في بنائها. هذه النفائس الفريدة ستُدمر نهائيا إذا نقلت لمكان آخر، وسنحمل جميعنا عار التسبب في تدميرها".

وواصل فهمي: "حل مشكلة القرافة ومقابر الإمام الشافعي والسيدة نفيسة والسيدة عائشة والسيوطي واضح وصريح: إيقاف إنشاء الطرق والكباري المارة في القرافة فوراً، وتحويل مسار تلك المشاريع بحيث تتفادى المرور في أكبر وثاني أقدم جبانة إسلامية في العالم ".


مدينة الموتي بالقاهرة

اشتهرت القاهرة بضمها لأكثر من مقبرة مترامية الأطراف يتحد معظمها في غرب المدينة جهة هضبة المقطم، حيث تمتد القرافتان الكبرى، والصغرى، والأخيرة هي موضع الإزالات والإنشاءات الجارية حالياً. 
لا ينفصل أحياء القاهرة عن موتاها، فالقرافة يتخللها التهديد من الشوارع والأحياء السكنية لأناس استقر بهم المقام بين الموتى. في الماضي، كان الزهاد والمتصوفة يلجأون إلى عزلة "الجبل" كما يعرف المصريون المقطم، فيكونون في جوار المقابر، وفي العصور المتأخرة، باتت سكنى المقابر ملجأً للفقراء، ومع الاهتمام الدولي بتراث تلك المنطقة الفريد، باتت تحمل في الأدبيات الغربية والعربية لاحقاً باسم "مدينة الموتى" وهو الاسم الذي أدرجت به على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. 
اشتهرت القاهرة بضمها لأكثر من مقبرة مترامية الأطراف يتحد معظمها غرب المدينة جهة هضبة المقطم، حيث تمتد القرافتان الكبرى، والصغرى، والأخيرة هي موضع الإزالات والإنشاءات الجارية حالياً، وتُعرف المنطقة كلها بالاسم الذي سجلت به في قائمة اليونسكو للتراث الإنساني: "مدينة الموتى"

تشكل مقابر القرافتين الصغرى والكبرى جزءاً أصيلاً من التراث المعماري للقاهرة، وتحمل كل واحدة منها اسم ولي أو إمام أو واحدة من آل البيت أو مشهد، ونادراً باسم حاكم أو وزير حظي باحترام المصريين أو عُرف عنه الورع والتقوى، فسميت بمقابر الإمام الشافعي، والسيدة نفيسة، وباب الوزير، ومقابر باب النصر، ومقابر الغفير والمجاورين، وأيضا مقابر المماليك في منطقة عرفت من قبل بصحراء المماليك والتي تواجه حالياً خطر التعدي على حرمتها بالإزالة من أجل مشروع مروري جديد.
كانت مقابر المماليك عبارة عن ميدان فسيح أعدّ للعب والتدريب، وفي النصف الأول من القرن الثامن الهجري بدأ ملوك مصر وأمراؤها في إنشاء المساجد والخوانق بهذه المنطقة وألحقوا بها مدافن لهم، ووفقاً لكتاب "التطور العمراني لمدينة القاهرة منذ نشأتها وحتى الآن" للدكتور أيمن فؤاد السيد: "أما قرافة المماليك الواقعة في الصحراء شرق طريق صلاح سالم الحالي، كانت في الأصل براحاً واسعاً يعرف بميدان القبق وميدان العيد والميدان الأسود، يمتد بين قلعة الجبل وقبة النصر، حيث كان فرسان المماليك يؤدون فيها تدريباتهم منذ أن أنشأها السلطان الظاهر بيبرس، وترك السلطان الناصر بن قلاوون النزول للميدان وهجره من عام 720 هجرية".
ووفقا للكتاب أيضاً "أطلق جومار أحد العلماء المصاحبين للحملة الفرنسية على المقابر الموجودة بهذه المنطقة اسم ترب قايتباي، وهي بالرغم من فقدان الكثير منها فإن المتبقي منها الآن يمثل ثروة معمارية لم يجتمع مثلها في صعيد واحد مثل ما اجتمعت بها".

الحي أبقي من الميت

في 22 يوليو/ تموز 2020، كشفت محافظة القاهرة النقاب عن مسار محور "الفردوس" المروري الممتد إلى تسعة كيلومترات تقريباً، بهدف تيسير الحركة المرورية المتبادلة بين وسط القاهرة وكل من الطريق الدائري ومحاور ربط العاصمة الإدارية الجديدة.
وعملا بالمقولة الشعبية "الحي أبقى من الميت" اتضح أن مسار المحور يخترق مقابر السيدة نفيسة والسيدة عائشة والغمام الشافعي، ويهدد عدداً كبيراً منها بالإزالة، ليخرج الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، للرد على مزاعم هدم المقابر من خلال مداخلة هاتفيه في أحد البرامج وأكد أن محور الفردوس بعيد عن المنطقة الأثرية، وأن المقابر تبدو وكأنها قديمة، ولكن هذا لا يعني أثريتها لأن قانون حماية الآثار ينص على أنه يجب أن يمر على المبنى 100 عام منذ صدور القانون حتى يكون أثرياً، وما تم هدمه لا يتخطى عمره الـ30 عاماً.
ورغم تأكيده أن مسار المحور بعيد عن المقابر الأثرية إلا أنه عاد ليشير إلى أنه صدر قرار بتشكيل لجنة فنية لمعاينة الشواهد والجداريات والنقوش والكتابات الموجودة بهذه المباني أي أنه لم يكن يمتلك تأكيداً على ذلك.
اقرأ أيضاً: كم مرة علينا أن ندفن أهلنا؟… "فردوس" القاهرة يطرد موتاها والأحياء 

شواهد مصر 

أطلق عدد من المهتمين بالتراث مبادرة بعنوان "شواهد مصر" لتوثيق وإنقاذ الآثار غير المسجلة في حيز مشروع توسعة طريق صلاح سالم ومحور الفردوس.
قال حسام عبد العظيم مؤسس المبادرة لرصيف22 إن المبادرة بدأت من نهاية عام 2021 "بدأنا في تتبع الأحواش وتراكيب موجودة في حيز توسعات صلاح سالم، نبحث عن المقابر التي وضعت عليها علامة إزالة ونري إذا كانت مهمة فنقوم بالتنسيق لإنقاذها، وتوثيقها وبالفعل استطعنا أن نوثق وننقذ أكثر من شاهد للقبور من عصور مختلفة أقدمها من العصر العباسي واحد من عام 229، وآخر من عام 221، وثالث من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين".

وأوضح "هناك شواهد غير مسجلة كأثر لكنها تؤرخ للعصر التي تنتمي إليه وهذه ما نعمل عليها، ونتعاون مع وزارة الأثار منذ أن بدأنا المرحلة الثانية وهي الانقاذ منذ عيد الفطر الماضي، ونجد تعاوناً كبيراً من الوزارة ويستلموا منا الشواهد التي تم إنقاذها للحفاظ عليها".
ولفت عبد العظيم إلى أن شواهد مصر ذاتية التمويل، مضيفاً "المبادرة مستمرة في منطقة التوسعات بصلاح سالم، لأنه لا يتعارض مع مشروعات الطرق، فهو إنقاذ للشواهد غير المسجلة وتسليمها للأثار، ولو كان هناك رعاية للمشروع ودعم كنا استطعنا أن ننقذ شواهد أكثر".
وأشار عبد العظيم إلى أن أثناء توثيق الشواهد المهددة بالإزالة تجد المبادرة عناصر فنية كثيرة "إلى جانب الشكل المعماري، هناك ملامح إنسانية توجد على شواهد القبور من خلال كلمات الرثاء خاصة في المقابر المنتمية للقرن التاسع عشر ويكون الرثاء اكثر تأثيراً ومبكياً لو كان المتوفي شاب أو شابة". في إشارة إلى النصوص الجنازية التي تعد مبحثاً تراثياً مهماً لكنه غير مطروق في مصر. 

إذا ذكرت الموتى فعُدَّ نفسك واحداً منهم

قال أبو الدرداء رضي الله عنه "إذا ذكرت الموتى فعُدَّ نفسك كأحدهم"، لم تكن حالة الاستنكار التي شهدتها مواقع التواصل من الجمهور حول هدم المقابر ثائرة بسبب كونها مقابر وشواهد تراثية أو أثرية فقط، لكن استدعيت فكرة اصيلة في التكوين الثقافي المصري تتصل بـ"حُرمة الميت والقبر"، وقبل أن يأخذ الباحثين والمؤرخين والمعماريين النقاش في طريق "الحفاز على التاريخ والتراث المعماري والفني"، كان النقاش العام لا يقبل أن تأتي جرافات تزيل مقابر ترقد بها أجساد أجداد وآباء يتعين على أبنائهم وأحفادهم نقل رفاتهم إلى أماكن أخري بعد اعتقادهم أنهم في سكنهم الأخير.
الموت والمقابر لهما قدسية كبيرة عند المصريين منذ قدم التاريخ، إذ اهتموا بسلامة الجسد وإعداد أماكن لحفظه ليستكمل رحلته في الحياة الأخرى. ولا يزال قطاع كبير منهم يعتقد في ارتباط روح الميت بموضع دفنه وأنه الموضع الذي يعاين فيه أهله عند زيارتهم للمقابر  

إكرام الميت دفنه

الموت والمقابر لهما قدسية كبيرة عند المصريين منذ قدم التاريخ، إذ اهتموا بسلامة الجسد وإعداد أماكن لحفظه ليستكمل رحلته في الحياة الأخرى بسلام.
الباحث الأثاري الدكتور أحمد صالح يوضح لرصيف22 الحساسية الثقافية لقبور الموتى بالنسبة للمصريين قائلاً: "المصريون القدماء اهتموا بالمقابر وقدسو الجسد الذي تعود له الروح بعد الموت، ولكي تمر الرحلة بسلام لا بد من المحافظة على الجسد، لذلك اهتموا بالمقابر وتأمينها، في نهاية الدولة القديمة بعد أن اكتشف ان الجسد قد يُنتَهك من قبل الأحياء، وهمً بنوا أهرامات ليؤمنوا المقبرة بسراديب تؤدي لمتاهات حتى لا يُعرف مكان غرفة الدفن فتتعرض للتدنيس، وفي الدولة الحديثة كانت المقابر لكي تصل لها تمر بوادي وبها مقصورة للقرابين وأخرى للطقوس".
"المصري حياته قائمة على ما بعد الموت، ولو لم توجد مقبرة لحفظ الجيد فستكون حياته قد ذهبت هباء"
وتابع "تعرضت مصر لانتكاس في نهاية الدولة الحديثة، عندما ضربتها أزمة اقتصادية كبيرة هي والعالم كله، مما جعل العمال الذين بنوا المقابر مغبونين إذ لم تستطع الدولة أن تعطيهم أجورهم فلجأوا لنهب المقابر، لكن الدولة كان من واجبها المحافظة على جثامين الملوك والأفراد واضطرت لعمل صيانة للمقابر والأجساد وإعادة دفن المومياوات في خبيئات حتى لا يستطيع أحد الوصول لها وأنفقت الكثير رغم أزمتها الاقتصادية في حراسة تلك الخبيئات، فمن المهم أن تبقي المقبرة والجسد بشكلهما الكامل لأن المصري القديم حياته قائمة على ما هو بعد الموت، فلو لم توجد مقبرة أو جسد فستكون حياته ذهبت هباء".
هذا الاعتقاد استمر على مر التاريخ وتغيُّر الأديان. لا تزال ساحات المقابر أماكن ذات قدسية واحترام يرتبط باحترام الموتى، كما يشرح صالح لرصيف22: "يجب المحافظة على رغبة الميت في المكان الذي يريد أن يدفن فيه، فالدفن ضروري في البيئة والمحيط الذي طلب أن يدفن فيه، فلا تأتي اليوم وتنقله لمدفن آخر، لأنه قبل موته طلب أن يدفن هنا من أجل مشروع؛ فالمشروع يمكن أن يتحرك ويجد له حلول أخرى، وهي فكرة راسخة لدي المصريين منذ آلاف السنين، فالميت يُدفن في المكان الذي يريد أن يُدفن فيه، ولم يكن أحد يستطيع أن يقترب من محيط الجبانة".
ويؤكد الدكتور خالد أبو الليل أستاذ الأدب الشعبي ما ذهب إليه صالح، أن الموت وقدسية الجسد بعده يحظيان باهتمام كبير في الموروث الشعبي. يقول وكيل كلية الآداب بجامعة القاهرة: "الموت حظي باهتمام كبير عند المصريين من العصر القديم وتصوراتهم للموت مستمرة حتى الآن فالموت بداية لحياة جديدة، فالموت قنطرة للعبور من حياة أدني لحياة أعظم فالحياة الأخري هي التي تشغل المصريين طوال الوقت".
يواصل أبو الليل: "الجسد بعد الموت له قدسية كبيرة عند المصريين فبمجرد موت الإنسان، ورغم الحزن، هناك استعجال لإرساله للحياة الأخرى والمحافظة على جسده فيقولون إكرام الميت دفنه". وتمتد بعد ذلك التصورات حول الجسد وموضعه، فيعتقد قطاع غير قليل من المصريين إلى الآن، أن روح الميت تنزل إلى مقبرته في يوم الزيارة الأسبوعية وفي الاعياد، فتعاين أسرته إذ يأتون لزيارته وقراءة القرآن والصلوات من أجله، لذا يظل لموضع جسد الميت المتمثل في قبره قدسية ومكانة خاصة ترتبط بالجسر الرابط بين الحياة والموت، واستمرار الراحلين في حياة ذويهم من بعدهم. 
وهناك تصور شعبي آخر ذكره الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي في قصيدته "مقتل صبي" التي جاء بها: 
الموت في الميدان طَنٌ
الصمت حطَّ كالكَفَنْ
وأقبلتْ ذبابة خضراءْ
جاءت من المقابرِ الريفية الحزينة ْ
ولَوَلَبَتْ جناحها على صبيٌ مات في المدينة

فهناك تصور أن الأرواح تتجسد في أشياء مثل ذبابة خضراء تحوم حول الجسد لتحميه من أي شيء بعد الموت، كما يذكر أبو الليل، الذي يوضح أن فكرة قدسية الجسد ليست جديدة فهي فكرة متوارثة و"هناك التقاء فكري وروحي بين المصري الآن والمصري القديم في فكرة الموت والحياة الأخري وقدسية الجسد".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard