شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"رسائل إخوان الصفاء"… نصّ أدهش قارئيه ومؤلفوه مجهولون

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

إخوان الصفاء، جماعة سرّية، يلفّها الغموض من ناحية مؤلفيها، خصوصاً أنها ظهرت في مرحلة تحولات وصراعات كثيرة في الساحة العربية-الإسلامية آنذاك، في منتصف القرن الرابع الهجري، حيث ساعدت الأجواء السياسية والفكرية في ظهورهم، نظراً إلى ضعف الدولة العباسية. وقد نسبت رسائل إليهم تعرف برسائل إخوان الصفاء، لكن المؤلفين مجهولون. نريد هنا أن نعرف متى تم تأليف هذه الرسائل؟ وهل يمكن معرفة المؤلفين الحقيقيين والفعليين لهذه الرسائل التي قال البعض إنها النصوص الأقوى تأثيراً في الثقافة العربية بعد القرآن؟ وعلى ماذا تحتوي هذه الرسائل؟

يُقسَّم هذا العمل الموسوعي المكوّن من 52 رسالةً، إلى أربعة كتب تتناول العلوم الرياضية (الهندسة والفلك والموسيقى، إلخ)، والعلوم الجسمانية والطبيعيات، والعلوم العقلانية والنفسانية (الكوزمولوجيا والإيسكاتولوجيا، إلخ)، والعلوم الدينية (الثيولوجيا)، ويضاف إلى هذه الرسائل التي تتناول تقريباً جميع العلوم والتقاليد الفكرية المعروفة في فترة تصنيفها، ملخصٌ ختامي مستقل لهذه الرسائل يُعرَف باسم "الرسالة الجامعة".

إخوان الصفاء جماعة سرّية، يلفّها الغموض من ناحية مؤلفيها، خصوصاً أنها ظهرت في مرحلة تحولات وصراعات كثيرة في الساحة العربية-الإسلامية آنذاك، في منتصف القرن الرابع الهجري

يقول المستشرق دي بور، في كتابه "تاريخ الفلسفة الإسلامية" إن "آراء إخوان الصفاء ظهرت في جملتها من جديد عند فرق كثيرة في العالم الإسلامي: كالباطنية والإسماعيلية والحشاشين والدروز، وقد أفلحت الحكمة اليونانية في أن تستوطن في الشرق وذلك عن طريق إخوان الصفاء".

ومن الكلام الذي يبيّن طريقة تأليفهم ومزجهم للفلسفات والأديان والقول بصحتها كلها، وبأن مذهبهم يشمل المذاهب والأديان جميعها، قولهم في المجلد الرابع: "وبالجملة ينبغي لإخواننا، أيّدهم الله تعالى، أن لا يعادوا علماً من العلوم، أو يهجروا كتاباً من الكتب، ولا يتعصبوا على مذهب من المذاهب، لأن رأينا ومذهبنا يستغرق المذاهب كلها، ويجمع العلوم جميعها، وذلك أنه هو النظر في جميع الموجودات بأسرها، الحسية والعقلية، من أولها إلى آخرها، ظاهرها وباطنها، جليّها وخفيّها، بعين الحقيقة من حيث هي كلها من مبدأ واحدة وعلّة واحدة، وعالم واحد ونفس واحدة محيطة جواهرها المختلفة، وأجناسها المتباينة، وأنواعها المفننة، وجزئياتها المتغيرة".

وفي السياق نفسه نرى كلاماً لإخوان الصفاء في المجلد الأول يتصل بما قلناه لناحية شمول الأديان وربطها بمذهبهم: "أو هل لك أن تخرج من ظلمة أهْرمَن حتى ترى اليَزدان قد أشرق منه النور في فسحة أفريحون... أو هل لك أن تدخل إلى هيكل عاديمون، حتى ترى الأفلاك يحيكها أفلاطون، وإنما هي أفلاك روحانية، لا ما يشير إليه المنجمون؟ وذلك أن علم الله تعالى محيط بما يحوي العقل من المعقولات.

والعقل محيط بما تحوي النفس من الصور. والنفس محيطة بما تحوي الطبيعة من الكائنات. والطبيعة محيطة بما تحوي الهيولى من المصنوعات، فإذا هي أفلاك روحانية محيطاتٌ بعضها ببعض. أو هل لك أن لا ترقد من أول ليلة القدر حتى ترى المعراج في حين طلوع الفجر ،حيث أحمدُ المبعوث في مقامه المحمود، فتسأل حاجتك المقضية، لا ممنوعاً ولا مفقوداً، وتكون من المقربين؟ وفقك الله، أيها الأخ البارّ الرحيم، وجميع إخواننا لفهم هذه الإشارات والرموز... تشوقت نفس هرمس بالصعود إلى هناك والاستماع لها والنظر إليها (إشارة إلى حركات الأفلاك)، كما سمعته نفس فيثاغورس، فاجتهد يا أخي في تصفية نفسك وتخليصها من بحر الهيولى وأسرار الطبيعة وعبودية الشهوات الجسمانية".

آراء في نسبة الرسائل

ينسب أبو حيان التوحيدي (310-414 هـ)، في "الإمتاع والمؤانسة"، رسائل إخوان الصفاء إلى مؤلفين هم: أبو سليمان محمد بن معشر البستي المعروف بالمقدسي، وأبو الحسن علي بن هارون الزَّنجاني، وأبو أحمد المهرجاني، وأبو الحسن العوفي، وزيد بن رفاعة.

وفي كلامه عنهم للوزير صمام الدولة بن عضد الدولة البويهي، يقول أبو حيان التوحيدي: "وكانت هذه العصابة قد تألّفت بالعشرة، وتصافت بالصداقة، واجتمعت على القدس والطهارة والنصيحة. فوضعوا بينهم مذهباً زعموا أنهم قربوا به الطريق إلى الفوز برضوان الله، وذلك أنهم قالوا: إن الشريعة قد دُنست بالجهالات، واختلطت بالضلالات، ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلّا بالفلسفة، لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية، وزعموا أنه متى انتظمت الفلسفة الاجتهادية اليونانية والشريعة العربية، فقد حصل الكمال".

إذاً ما يهمنا من هذا الكلام، أولاً نسبة هذه الرسائل إلى خمسة مؤلفين، من دون الإشارة إلى النسب الإسماعيلي القرمطي لهذه الرسائل، وثانياً إشارته إلى الخلط بين الشريعة العربية. من جهة يقول: "وقد رأيت جملة منها، وهي مبثوثة من كل فن بلا إشباع، ولا كفاية وهي خرافات وكنايات وتلفيقات وتلزيقات وحملت عدة منها إلى شيخنا أبي سليمان المنطقي السجستاني، وعرضتها عليه، فنظر فيها أياماً، وتبحّرها طويلاً ثم ردّها عليَّ وقال: تعبوا وما أغنوا، ونصبوا وما أجروا، وحاموا وما وردوا، وغنّوا وما أطربوا، ونسجوا فهلهلوا، ومشطوا ففلفلوا".

ينقد المفكر السوري عارف تامر، في تقديمه لكتاب فخر الدين الرازي "المناظرات"، أبا حيان لجهة تأليف الرسائل وظهورها، ويرى بأن تأليفها كان في القرن الثاني للهجرة، وبأنها ظلت سرّيةً، ولم تظهر للعيان إلّا في مطلع القرن الرابع للهجرة، ويرى عارف تامر أن مؤلفيها إسماعيليون.

ويشير الباحث الإيراني في معهد الدراسات الإسماعيلية فرهاد دفتري، في "الإسماعيليون تاريخهم وعقائدهم"، إلى آراء عدة بخصوص الرسائل، فمثلاً يقدّم رأياً للمستشرق بول كازانوفا، الذي يعترف بأصولها الإسماعيلية منذ سنة 1898م، أي قبل اكتشاف الأدب الإسماعيلي. وأيضاً يقدّم رأياً للداعي إدريس، يعكس وجهة نظر الدعوة الطيبية في اليمن، والتي تُنسب إلى الإمام أحمد بن عبد الله، حفيد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، أي أن هذه الرسائل أُلّفت ما قبل العهد الفاطمي وتحديداً في دور الستر، وأن الداعي إبراهيم بن الحسن الحامدي (1162م)، كان أيضاً قد أدخل الرسائل في الدعوة، عند البهرة في اليمن والهند. كما أنه يقال في الفرع النزاري إن الداعي الكبير الشيخ راشد الدين سنان كان منكبّاً على قراءة الرسائل، وحتى أن المؤرخ سليم هشي في "الإسماعيليون عبر التاريخ"، يرى أن مؤلف الرسائل هو الإمام عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وكان ملقباً بـ"وفي أحمد"، وعلى هذا الرأي سار مصطفى غالب، وهو من الفرع الإسماعيلي النزاري، ويدعي أنه تاجر فارسي توفي سنة 212 هـ. أما الرسالة الجامعة فتُنسب إلى ابنه الإمام أحمد بن عبد الله الملقب بـ"فقي محمد".

وهناك آراء من خلال كتاب "قلاع العقل" (تحرير عمر علي دي أونثاغا)، تربط الرسائل بالصوفية الشيعية والقرامطة، حسب رأي المستشرق الألماني مادلونغ، وآخر بالمعتزلة كالمستشرق غولدزيهر (1910 م)، والباحث ج. فلوغل، وف. ديتريشي (1859-1872 م)، وس. لين-بول (1883 م)، وأ. زكي (1928 م)، وع. عوا (1948 م) وغيرهم. لكن عباس همداني يُرجعها في بحثه "إخوان الصفاء: بين الكندي والفارابي"، إلى إسماعيلية الستر ما قبل العهد الفاطمي، وتحديداً ما بين الفيلسوفين الكندي والفارابي، "إلى الفترة 260 هـ، تاريخ اختفاء آخر أئمة الشيعة الاثني عشرية وبروز التوقعات المهدوية، و297 هـ"، لأن هذه الجمعية السرية برأيه كانت تهيئ وتحضر لحركة فكرية لإنشاء الخلافة الفاطمية في العام 297 هـ.

وهناك كلام للمفكر المصري عبد الرحمن بدوي في "مذاهب الإسلاميين"، عند عرضه للفكر الإسماعيلي، وتحديداً عند الحديث عن موضوع الإبداع ومفهومه، والفوارق بين إخوان الصفاء والإسماعيلية، وكأنه يوحي من خلال كلامه وعرضه للفوارق بالمفهوم داخل المدرسة الواحدة.

أما المفكر المغربي محمد عابد الجابري في "نحن والتراث"، فرأى في الرسائل أنها ذات الطابع الهرمسي العرفاني الغنوصي، وعلى أنها الأب للمتصوفة والعرفان، في إشارة إلى أن هذا المنهج يمثل اللا معقول في الفلسفة العربية، ويبين كيف أن الفارابي وابن سينا تأثرا بهذا المنهج، مستشهداً بكلام لابن خلدون: "كان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة، الدائنين أيضاً بالحلول وألوهية الأئمة مذهباً لم يعرف لأولهم، فأُشرب كل واحد من الطرفين مذهب الآخر، واختلط كلامهم، وتشابهت عقائدهم".

في المقابل، هناك نظرة أكثر انفتاحاً لمحمد أركون بنزعة الأنسنة يبين أن هذه الفترة، أي القرن الرابع الهجري، هو قرن النوعة الإنسانية، جرياً على رأي ماسنيون الذي عدّ أنه القرن الإسماعيلي، كما هنري كوربان في كتاب "تاريخ الفلسفة الإسلامية".

نماذج من تطابق المقولات بين إخوان الصفاء والإسماعيلية

هناك إسقاط عددي نراه على كل الموجودات في الرسائل؛ ففي المجلد الأولفي الرسالة الأولى من القسم الرياضي نقرأ: "أكثر الأمور الطبيعية جعلها الباري مربعات مثل الطبائع الأربع، ومثل الأركان الأربعة، ومثل الأخلاط الأربعة، والأزمان الأربعة ومثل الجهات الأربع، والرياح الأربعة والأوتاد الأربعة والمكونات الأربعة". هذا طبيعياً، أما روحانياً: "وكذلك في العالم الروحاني هناك مراتب أربع ليست بأجسام: أولها الباري جل جلاله، ثانيتها العقل الكلي الفعال، ثالثتها النفس الكلية، ورابعتها الهيولى الأولى". فلهذا هم يرون أن العدد أربعة فيه إشارات ورموز، لذلك قالوا أيضاً في الموسيقى: "آلة العود أربعة أوتار"، "واعلم يا أخي بأن العدد كله آحاده وعشراته ومئاته وألوفه، أو ما زاد بالغاً ما بلغ فأصلها كلها من الواحد إلى الأربعة، وإن سائر الأعداد كلها من هذه يتركب ومنها ينشأ وهي أصل فيها كلها".

من جهة أخرى، نرى على الطريقة نفسها الفيلسوف أبا يعقوب السجستاني الداعي الإسماعيلي، في كيفية توظيف العدد، وخصوصاً العدد "أربعة" لما يعنيه من رموز، وفي كتابه "الينابيع" يماثل على قاعدة المثل والممثول الينابيع الروحانية الأربعة: "السابق، التالي، الناطق، الأساس" بالينابيع الطبيعية (الأركان) الأربعة (النار، الهواء، الماء، التراب). السابق يشبه النار، التالي يشبه الهواء، الناطق يشبه الماء، الأساس يشبه الأرض.

كذلك يقوم السجستاني بعملية تماثل من خلال مرموزات الصليب ليأخذنا هذا إلى الاعتراف كما ذكر إخوان الصفاء بجميع الأديان، ويقيم السجستاني تماثل الصليب المسيحي مع الشهادة الإسلامية ليبين الربط والمسار الواحد للأديان، لأن الدين ظاهره الإسلام وباطنه الإيمان في نظر الفلاسفة الإسماعيليين والتماثل الذي يشير إليه عبدان في شجرة اليقين يقوم بتأويله أيضاً السجستاني من خلال العدد للشهادة: "الشهادة أربع كلمات، كذلك الصليب له أربعة أطراف، فالطرف الذي هو ثابت في الأرض، منزلته منزلة صاحب التأويل الذي تستقر عليه نفوس المرتادين، فالطرف الذي يقابله علوّاً في الجوّ منزلته منزلة صاحب التأييد الذي عليه تستقر نفوس المؤيدين، والطرفان اللذان في الوسط يمنة ويسرة على التالي والناطق، اللذين أحدهما صاحب التأليف، وأحدهما مقابل الآخر، والطرف القائم على السابق الممد لجميع الحروف، الشهادة سبعة فصول، كذلك الصليب أربع زوايا وثلاث نهايات".

وفي كلام للداعية الإسماعيلي جعفر بن منصور اليمن (حوشب)، المتوفى سنة 380 هـ، يقدّم فيه بعض المرموزات المسيحية عن الصليب والقربان والمعمودية وغيرها، ويطابقها مع المفاهيم الإسماعيلية أيضاً من خلال كتابه "سرائر وأسرار النطقاء"، فمثلاً: "الأناجيل سبعة، وهي أمثال للحدود، ونصب دينه على سبعة، وجعل مرجوع الأمة إليهم وهم: البطول، المطران، والأسقف والقس والشماس والمرسوم والروس". وهذا التوظيف للسباعيات وراءه أيديولوجيا تتوجه صوب الأدوار السبعة للنطقاء.

وبالعودة إلى إخوان الصفاء وحديثهم عن العدد وتحديداً سبعة: "وأما ما قيل إن السبعة أول عدد كامل، فمعناه أن السبعة قد جمعت معاني العدد كلها، وذلك أن العدد كله أزواج وأفراد، والأزواج منها أول وثانٍ، والأفراد منها أولٌ وثانٍ، والثلاثة أول الأفراد، والخمسة فردٌ ثانٍ، فإذا جمعت فرداً أولاً إلى زوجٍ ثانٍ، أو زوجاً أولاً إلى فردٍ ثانٍ، كانت سبعة".

والتماثل بالنطقاء السبعة (آدم، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد، محمد بن إسماعيل)، والأسس السبعة لكل ناطق (شيت، سام، إسماعيل، هارون، يوشع بن نون، شمعون الصفا، علي بن أبي طالب، محمد بن إسماعيل درجة الحدين). يكمل إخوان الصفاء عملية التماثل بالأعداد لتوظيفها سياسيّاً على النطقاء واللواحق والنقباء والدعاة: "الأقاليم سبعة" وأيضاً "الكواكب سبعة" "والبروج اثنا عشر"، "النيران سبعة أبواب". إذاً كل شيء مماثل على مربعات وسباعيات اتفاقاً مع الكوزمولوجيا التي شيدوها لدولة أهل الخير: "واعلم يا أخي أن دولة أهل الخير يبدأ أولها من قوم علماء حكماء، وخيار فضلاء، يجتمعون على رأي واحد ويتفقون على مذهب واحد ودين واحد". هذا الكلام ربما إلى حدٍّ ما كان الإرهاصة للحركة القرمطية السبعية وإنهم يقصدون بالحكماء أنفسهم. واتفاقاً مع الحدود والأصول الأربعة، كانت الأزمان أربعة، والأركان أربعة، والجهات أربع، أرباع العمر أربعة، القوى أربع، الأفعال الظاهرة أربعة، إلخ.

هذه المغامرة التي أقدم عليها مؤلفو رسائل إخوان الصفاء، وبغض النظر إن كانت تبشيراً لمشروع للحكم أم لا، إلا أنها سمحت بوفود أفكار أغنت الثقافة العربية

ويصنف الفيلسوف الكرماني (352-412 هـ)، في كتابه "راحة العقل"، على أساس العدد سبعة أسوار ولكل سور سبعة مشاريع إلّا الأخير فإنه مفتوح بسبب استمرار الدور السابع، مفصلاً فيه للعقائد وللأصول والمفاهيم على قاعدة المثل والممثول العددية. وأيضاً في كتابه "المصابيح في إثبات الإمامة"، يقدّم سبعة أدلة تماشياً مع الأيديولوجيا العددية للدعوة على غرار إخوان الصفاء في رسائلهم.

وكذلك قاضي القضاة أبو حنيفة النعمان التميمي (290-363 هـ)، مؤسس الفقه الإسماعيلي، الذي وضع "دعائم الإسلام" وقسمها إلى سبعة دعائم، وهذا الكتاب يُعدّ كتاباً ظاهريّاً للشريعة الفاطمية. أما الكتاب الأهم والذي فيه المرموزات الباطنية والإشارات الأيديولوجية العددية للمثل والممثول والتي تصب في باطن الدعوة-حقل السلطة، فهو كتاب "أساس التأويل".

أخيراً، من خلال هذا العرض، نستنتج أن هذه المغامرة التي أقدم عليها مؤلفو رسائل إخوان الصفاء، وبغض النظر إن كانت تبشيراً لمشروع للحكم أم لا، إلا أنها سمحت بوفود أفكار أغنت الثقافة العربية، وسمحت لها بأن تصعد من وزن التفكير، والأهم هي لغتها التي تنطوي على أكثر من معنى.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard