شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
كندا وهولندا تجرّان نظام الأسد إلى محكمة العدل الدولية… ماذا يعني ذلك؟

كندا وهولندا تجرّان نظام الأسد إلى محكمة العدل الدولية… ماذا يعني ذلك؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الثلاثاء 13 يونيو 202302:26 م

في خطوة غير مسبوقة، أعلنت محكمة العدل الدولية العليا التابعة للأمم المتحدة، الاثنين 12 حزيران/ يونيو 2023، أن هولندا وكندا تقدّمتا إليها بدعوى ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد تتهمانه فيها بارتكاب أعمال "تعذيب وحشي" بحق معارضيه منذ اندلعت الثورة السورية التي استحالت حرباً أهلية عام 2011.

وهذه هي أول قضية من نوعها في سياق النزاع الأهلي السوري الذي خلّف ما لا يقل عن نصف مليون شخص قتيل، وشرّد ملايين آخرين في الداخل والخارج، وفق تقديرات حقوقية ودولية. 

تجاهلت سوريا الاتهامات ولم تعلّق على الخبر من قريب أو بعيد حتى نشر هذه السطور. علماً أن نظام الأسد طالما أنكر استخدام الأسلحة الكيماوية أو التعذيب ضد معارضيه. كما أنها كانت قد أكدت في وقت سابق أن هولندا وكندا ليس لديهما شرعية اتخاذ مثل هذا الإجراء.

لكن "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقول إن من نصف مليون سوري راحوا ضحية الحرب الأهلية منذ 2011، أكثر من 14 ألف مدني قضوا بسبب التعذيب في سجون النظام. كما تحدّث معتقلون سابقون لدى الحكومة السورية عن تعرضهم للتعذيب بما في ذلك الضرب المبرح والصعق بالكهرباء وحرق أجزاء من الجسم وخلع الأظافر والأسنان والاعتداءات الجنسية، والحرمان الممنهج من الطعام والماء والرعاية الصحية.

بانتظار قرارها بالاختصاص لنظر القضية من عدمه… محكمة العدل الدولية تتلقى دعوى من هولندا وكندا تتهم نظام الرئيس السوري بشار الأسد بـ"ارتكاب انتهاكات لا حصر لها" ضد السوريين منذ 2011

"انتهاكات لا حصر لها"

في القضية أمام محكمة العدل الدولية، تتهم هولندا وكندا النظام في سوريا بـ"ارتكاب انتهاكات لا حصر لها للقانون الدولي" منذ عام 2011. تحديداً خرق اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب من خلال إساءة معاملة المعتقلين السياسيين وإخفائهم قسرياً، وارتكاب أعمال عنف جنسي بما في ذلك ضد الأطفال، وحتى باستخدام الأسلحة الكيماوية.

في حال أقرت المحكمة بالاختصاص لنظر القضية، ستكون هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها النظام السوري العدالة الدولية بشأن قمع الرئيس الأسد للثورة الشعبية التي اندلعت ضد حكمه.

وأوضحت المحكمة أن البلدين الأوروبيين طلبا من محكمة العدل الدولية اتخاذ "إجراءات عاجلة" بما في ذلك إصدار أوامر للنظام السوري بـ"وقف التعذيب والمعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة لشعبه" بما يشمل وقف "الاعتقال التعسفي" والإفراج عن المحتجزين بشكل غير قانوني، والكشف عن مواقع دفن الأشخاص الذين ماتوا رهن الاحتجاز، والحفاظ على أي دليل على ذلك بما في ذلك السجلات الطبية.

وتشمل طلبات البلدين محاكمة ومعاقبة جميع المسؤولين الذين يثبت تورطهم في تعذيب المحتجزين لدى السلطات السورية، وتقديم تعويضات لضحاياهم.

وفي بيان مشترك، قالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي ونظيرها الهولندي فوبكه هويكسترا: "لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم ومصالحة دائمة في سوريا بدون تحقيق العدالة للضحايا والناجين". وأضاف هويكسترا أن رفع الدعوى أمام محكمة العدل الدولية "خطوة تالية رئيسية على الطريق الطويل لتحقيق هذا الهدف" أي تحقيق المساءلة عن الفظائع في سوريا.

يرد في الدعوى اتهام النظام السوري بـ"المعاملة المقيتة للمعتقلين، والظروف غير الإنسانية في أماكن الاحتجاز، والإخفاء القسري، واستخدام العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والعنف ضد الأطفال" علاوة على "استخدام الأسلحة الكيماوية التي كانت ممارسة مقيتة بشكل خاص لترويع السكان المدنيين ومعاقبتهم".

ويُتوقع أن تنعقد أولى جلسات المحكمة بشأن القضية في المستقبل القريب غير أن المحكمة لم تحدد أو تُعلن موعداً بعد. كما أن أي حكم نهائي قد يستغرق صدروه سنوات.

وعبر حسابه في تويتر، أوضح المحلل السياسي السوري أيمن عبد النور أن هذه "المرة الأولى التي يصل بها ملف التعذيب ضد سوريا إلى محكمة دولية" وأن الخطوة "تأتي بعد فشل  المسار الذي يجب إتباعه قانونياً قبل الوصول إلى المحكمة وهو الخوض في المفاوضات والتحكيم لإنهاء خروق الاتفاقية من قبل الدولة السورية". كما أبرز أن المحامي السوري البريطاني إبراهيم العلبي هو عضو فريق المستشارين للخارجية الهولندية في الدعوى.

دأبت دمشق على "تعطيل" محادثاتها مع الهولنديين والكنديين بشأن الدعوى، ما دفعهم إلى إحالة الأمر إلى محكمة العدل الدولية لـ"إجبار" #سوريا على الوفاء بالتزاماتها الدولية

لماذا هذه الخطوة؟

وفي حين كانت هناك دعاوى فردية ضد جرائم حرب ارتُكبت في إطار الصراع السوري في بعض البلدان الأوروبية، كان هناك إحباط منذ فترة طويلة في العواصم الغربية بسبب عدم وجود أي خطة موسّعة لتحقيق العدالة الدولية للضحايا السوريين.

في هذا الصدد، أطلق الهولنديون، في أيلول/ سبتمبر 2020، أول محاولة لتحميل النظام السوري مسؤولية الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي والاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب، التي وقّعت عليها دمشق. انضمت كندا للقضية في آذار/ مارس 2021.

منذ ذلك الحين، حاولت هولندا وكندا الوصول إلى "تسوية" مع سوريا عبر "التفاوض"، بما يتماشى مع آلية تسوية المنازعات المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والتي هي دولة طرف فيها. وأوضح المسؤولون في كندا وهولندا أن سوريا لم توافق على اقتراحهم للتحكيم في غضون ستة أشهر. لهذا السبب، تقرر رفع الأمر برمته إلى محكمة العدل الدولية في محاولة لـ"إجبار" سوريا على الامتثال لالتزاماتها بموجب الاتفاقية.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر دبلوماسي لم تذكره أن سوريا دأبت على "تعطيل" محادثاتها مع الهولنديين والكنديين بشأن الدعوى، ما دفعهم إلى إحالة الأمر إلى محكمة العدل الدولية - المحكمة التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية للتعامل مع النزاعات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والانتهاكات المزعومة للاتفاقيات التابعة للمنظمة.

يُشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، وهي محكمة جرائم حرب مقرها لاهاي، لم تتمكن من بت دعاوى ضد سوريا لأن دمشق لم تصادق على نظام روما الأساسي، المعاهدة التأسيسية للمحكمة. كذلك منعت روسيا والصين مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية في 2014.

وساهمت عودة الأسد إلى المشهد الدولي في أيار/ مايو 2023، بحضوره أول قمة جامعة عربية له منذ أكثر من عقد إلى إعادة قضية مساءلة نظامه إلى الواجهة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image