شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
تجميد البويضات... عندما تحاول المرأة التحايل على الساعة البيولوجية

تجميد البويضات... عندما تحاول المرأة التحايل على الساعة البيولوجية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الخميس 8 يونيو 202301:40 م

عاشت النساء طويلاً تحت ضغط ما يُطلق عليه "الساعة البيولوجية"، التي أجبرت بعضهنّ أحياناً على الزواج بشخص غير مناسب فقط لضمان عيش تجربة الأمومة قبل فوات الأوان. ولكن العلم الذي أدار ظهره طويلاً لمصالح المرأة، يقدّم لها اليوم فرصةً ذهبيةً لتمديد هذه المهلة البيولوجية، وهي تقنية تجميد البويضات.

ما هي هذه التقنية؟

"تجميد البويضات" (oocyte cryopreservation)، هي عملية يتم فيها استخراج بويضات المرأة وتجميدها وتخزينها كطريقة للحفاظ على القدرة الإنجابية لدى النساء في سنّ الإنجاب.

يتم في هذه العملية استخراج البويضات من المرأة، ثم تجميد البويضات غير المخصبة (البويضات التي لم يتم دمجها مع الحيوانات المنوية)، لحفظها واستخدامها في المستقبل، وعندما يحين هذا الوقت تتم إذابة تجميد البويضات وتخصيبها في المختبر لصنع أجنّة يمكن وضعها في رحم المرأة.

عاشت النساء طويلاً تحت ضغط ما يُطلق عليه "الساعة البيولوجية"، التي أجبرت بعضهنّ أحياناً على الزواج بشخص غير مناسب فقط لضمان عيش تجربة الأمومة قبل فوات الأوان. ولكن العلم يقدّم لها اليوم فرصةً ذهبيةً لتمديد هذه المهلة البيولوجية، وهي تقنية تجميد البويضات

تم الإبلاغ عن أول ولادة بشرية من بويضة مجمدة في العام 1986، وقد تقدّم حفظ البويضات بالتبريد بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، مع تحسن إجمالي في نجاح البويضات التي نجت من عملية التجميد.

لم يعد هذا الإجراء الطبي تجريبياً من قبل الجمعية الأمريكية للطب التناسلي منذ العام 2012، إذ يتم إجراء عملية تجميد البويضات حول العالم في الوقت الحالي، وبدأت هذه الفكرة تنتشر في الوطن العربي مؤخراً، وتتعدد العيادات المتخصصة التي تقدّم هذه الخدمة للنساء المتزوجات أو غير المتزوجات.

التجميد لقتل الخوف من الندم

كشفت مروة محمد (31 عاماً)، التي تعمل في مجال العقارات، أن الهدف من تجميد البويضات هو عدم إجبارها على أخذ قرار الإنجاب إلا عندما تكون مستعدةً له تماماً، وفق ما قالت لرصيف22: "قررت تأجيل الإنجاب لوقت طويل، ولكن أحياناً أفكر في أني على وشك إتمام الثانية والثلاثين من عمري، ربما عندما أفكر في الإنجاب أصبح غير مستعدة من الناحية الجسدية، أو تحدث لي اضطرابات في الدورة الشهرية تؤثر على الحمل، لذلك الحل الأنسب هو تجميد البويضات، الأمر الذي أبحث فيه بجدية في الوقت الحالي".

وأنهت حديثها بالقول: "أختار هذا الحل لضمان ألا أندم في المستقبل".

بدورها، قالت مادونا بشارة، وهي شابة تبلغ من العمر 32 عاماً، إنها تفكر في تجميد البويضات وذلك لسببين: "السبب الأول أنني لا أرغب في الزواج في الفترة الحالية، والثاني أن الإنجاب ليس من أولوياتي، بل يتجه تفكيري أكثر إلى التبنّي، ولكن للأسف أفكارنا تتغير كل فترة تبعاً لتجاربنا، فأخشى الندم في المستقبل على تضييع فرصة الإنجاب، ولذلك أحتاج إلى مصدر أمان لا يجبرني على الزواج الآن".

أكملت مادونا متحدثةً عن الضغط المجتمعي: "أول جملة يقولها أي شخص يحاول أن يقنعني بالزواج هي التحذير من أن فرصي في الإنجاب تقلّ كلما تقدمت في العمر، ولذلك تجميد البويضات سيوقف هذه التهديدات، أو على الأقل سيجعلني أقل اهتماماً وخوفاً منها".

جمّدت بويضاتها وتلقّت غضب المجتمع

مادونا بشارة غير متزوجة، ولا تفكر في الزواج، لذلك ترغب في تجميد البويضات حتى لا تضطر إلى خوض علاقة لا ترغب فيها في الوقت الحالي خوفاً من المستقبل، وهو السبب نفسه الذي دفع الشاعرة ريم مهنا (41 عاماً)، للقيام بعملية تجميد البويضات بالفعل قبل أعوام عدة، ولكنها لم تتوقع هذا الغضب الواسع على إجرائها عمليةً جراحيةً في جسدها بكامل إرادتها الحرة ومن أموالها الخاصة.

وحكت لرصيف22 عن تفاصيل تجربتها: "طوال عمري كنت أظن أن الزواج يجب أن يكون مع شريك مناسب أحب أن أشاركه حياته ويشاركني حياتي، وذلك أهم بالنسبة لي من تفاصيل مثل حفل الزفاف أو شهر العسل. ما يهمني بالفعل هو أن يكون الشخص هو الشخص الصحيح، وأدركت أن ذلك التفكير قد يجعلني أنتظر طويلاً لإيجاد هذا الشخص، كما أني مهتمة بمسيرتي المهنية لكونها أداةً تسمح لي بدخول معترك الحياة، ودعم شخصيتي وتحقيق ذاتي".

وتابعت: "لطالما جفلت من فكرة زواج أي فتاة فقط للإنجاب قبل فوات الأوان من الناحية البيولوجية".

"أول جملة يقولها أي شخص يحاول أن يقنعني بالزواج هي التحذير من أن فرصي في الإنجاب تقلّ كلما تقدمت في العمر، ولذلك تجميد البويضات سيوقف هذه التهديدات، أو على الأقل سيجعلني أقل اهتماماً وخوفاً منها"

عن طريقة معرفتها بتقنية تجميد البويضات، قالت: "عرفت بالتقنية وأنا في التاسعة عشر من خلال مقال في بي بي سي، عن ولادة أول طفل بريطاني عبر تجميد البويضات، وفكرت في أن ذلك خيار مميز لأي فتاة، وقررت أني إن لم أرتبط قبل الخامسة والثلاثين فسأقوم بهذه العملية حتى لا يتم ضغطي للزواج، وبالفعل بعد الخامسة والثلاثين بدأت بالبحث عن أماكن لإجراء العملية خارج مصر، ثم وجدت أن مثل هذه العمليات يتم إجراؤها في مصر للمتزوجات بصورة أوسع".

وأضافت: "في الحقيقة لا أحد يخبر غير المتزوجات عن هذا الخيار المتاح لهنّ، بل يرتبط بشكل أساسي بعمليات أطفال الأنابيب ما يعكس عدم التوعية بوجود هذه التقنية".

أجرت ريم العملية من دون معرفة أهلها، ولكنها حصلت على الدعم من صديقة مقربة، بعد ذلك قررت الحديث بصراحة عما قامت به، الأمر الذي أدى إلى ردود أفعال مختلفة بعضها قاسٍ للغاية: "شعرت أمي بالحزن والمفاجأة، ولم أعلم هل هي حزينة لأني قمت بالعملية، أم لكبر سنّي واضطراري عليها؟ بينما أفراد العائلة تقبلوا ما حدث برحابة صدر وتشجيع كبير"، كاشفةً أن ردود الفعل اختلفت على مواقع التواصل الاجتماعي: "تلقيت هجوماً غير طبيعي وسبّاً وقذفاً، وكلاماً مؤذياً وشديد الجهل لي ولأهلي".

وعن شعورها بعد تجميد بويضاتها قالت: "بعد العملية شعرت بأني قمت بالخيار الصحيح وبالراحة والاطمئنان إلى المستقبل، بالإضافة إلى سعادتي بعدد الفتيات اللواتي يتواصلن معي لمعرفة معلومات حول الإجراء الطبي، ومساعدتهنّ لاستمرار حلم الأمومة".

وختمت ريم حديثها عن تجميد البويضات قائلةً: "توقعت رد فعل عنيف من المجتمع، ولكني رأيت وقتها أنه يجب أن تخرج أصوات تخبر الفتيات والنساء بهذه الإمكانية المتاحة لهنّ. كل عام تفقد مئات الآلاف من النساء القدرة على الحمل والولادة لأسباب بيولوجية، وهي الفرصة التي كانت يمكن إنقاذها بهذه التقنية".

بأقل من 700 دولار في مصر

في حديثها مع رصيف22، كشفت طبيبة النساء والتوليد، ياسمين أبو العزم، أن أفضل سن لتجميد البويضات يتراوح من 20 إلى 35 عاماً: "لأن عدد البويضات وجودتها والمادة الوراثية التي تحتويها تقل مع العمر، لذلك الحد الأعلى 35، ولكن يمكن إجراؤه حتى الـ38 ولكن بنسب نجاح أقل"، وفق قولها.

"بالنسبة للمتزوجات يتم السحب من المهبل باستخدام السونار المهبلي وإبرة رفيعة، ولكن بالنسبة لغير المتزوجات يتم السحب عن طريق البطن"

وشرحت ياسمين تفاصيل الإجراء الطبي: "يبدأ الإجراء بتنشيط التبويض بالمنشطات، وذلك للوصول إلى مرحلة التحفيز المفرط للمبيض (Superovulation)، لزيادة عدد البويضات إلى الحدود القصوى، ثم يتم سحب البويضات، وفي معمل تجميد البويضات يتم فحصها لأن البويضات لا تصلح كلها للتجميد، ويجب أن تحمل خصائص معيّنةً، وفي مستوى محدد من النضج، ثم يتم حفظها وتجميدها، ويمكن أن تستمر مجمدةً لمدة 20 عاماً".

وبسؤالها عن واحدة من أهم النقاط التي تثير تحفظ الفتيات غير المتزوجات وقلقهن: "هل يمكن إجراء العملية لغير المتزوجات؟". أجابت: "بالنسبة للمتزوجات يتم السحب من المهبل باستخدام السونار المهبلي وإبرة رفيعة، ولكن بالنسبة لغير المتزوجات يتم السحب عن طريق البطن".

تجدر الإشارة إلى أن بعض العيادات في مصر تقوم بتقسيم التكلفة على أكثر من قسم، تبدأ بالعملية نفسها وكلفتها نحو 13،200 جنيه مصري، بخلاف سعر العلاج، مع 1،700 مقابل متابعة التبويض، والحفظ 2،500، وتكلفة التجميد على البويضات سنوياً 1،000 جنيه، في حين أن عيادات أخرى تقوم بتسعير العملية بنحو 14،500 جنيه مصري، والتجميد 6،500 جنيه، بينما الاشتراك السنوي للحفاظ على البويضات المجمدة يبلغ نحو 2،000 جنيه، وقامت عيادة أخرى بتحديد تكلفة العملية بالكامل من البداية إلى النهاية بمبلغ يتراوح ما بين 22 ألف جنيه و24 ألف جنيه، يشمل العلاج، وتالياً فإن متوسط الأسعار تقريباً في مصر هو 20 ألف جنيه أي نحو 670 دولاراً أمريكياً. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

رصيف22 من أكبر المؤسسات الإعلامية في المنطقة. كتبنا في العقد الماضي، وعلى نطاق واسع، عن قضايا المرأة من مختلف الزوايا، وعن حقوق لم تنلها، وعن قيود فُرضت عليها، وعن مشاعر يُمنَع البوح بها في مجتمعاتنا، وعن عنف نفسي وجسدي تتعرض له، لمجرد قولها "لا" أحياناً. عنفٌ يطالها في الشارع كما داخل المنزل، حيث الأمان المُفترض... ونؤمن بأن بلادنا لا يمكن أن تكون حرّةً إذا كانت النساء فيها مقموعات سياسياً واجتماعياً. ولهذا، فنحن مستمرون في نقل المسكوت عنه، والتذكير يومياً بما هو مكشوف ومتجاهَل، على أملٍ بواقع أكثر عدالةً ورضا! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، وأخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!.

Website by WhiteBeard