شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
هل كُتب على المرأة دفن رغبتها الجنسية بعد الإنجاب؟

هل كُتب على المرأة دفن رغبتها الجنسية بعد الإنجاب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الثلاثاء 6 يونيو 202312:37 م

"أصابني اكتئاب مزمن، فاتجهت إلى إهمال شكلي ومظهري، واتخذت من الطعام أداةً لكي أفرغ بها غضبي من حالي وحياتي وما أصبحت عليه من وضع صعب واتجهت إلى الطبيب النفسي لكن حالتي النفسية لم تتحسن حتى الآن، ولم أرَ أي بوادر أيضاً بعد أن تعرضت للإهمال من قبل زوجي الذي رفض إقامة علاقة جنسية معي بعد إنجابي طفلتي الأولى"؛ هذا ما قالته نوال (اسم مستعار)، كاشفةً عمّا وصلت إليه بعد أن رفض زوجها إقامة علاقة جنسية معها بعد الإنجاب، برغم محاولتها مرات متعددة التقرب منه بعد أشهر عدة من الإنجاب.

كانت نوال (35 عاماً)، صغيرةً في العمر حين أنجبت طفلها الأول، ولا تعلم كيف تبدلت رغبة زوجها الذي كان يتمنى إقامة علاقة جنسية معها بشكل يومي، وبدأت أفكار متعددة تطاردها حول السبب الرئيسي لتبدّل رغبته.

الخيانة

لم تتوقف تفاصيل قصة نوال عند هذا الحدّ، ففي طريقها لمعرفة سبب الرفض، وجدت أنه قام بخيانتها أكثر من مرة في أثناء الأشهر الأخيرة من الحمل، وبعد المشكلات بينهما وعدها بعدم تكرار ذلك، غير أنه خانها مرةً أخرى، فقررت أن تغلق حياتها على بناتها وألا تكترث لزوجها الذي هاجمها بسبب ما حدث لجسدها من تغيرات لم تنَل رضاه على الإطلاق، كاشفةً لرصيف22، قوله: "مش دي الست اللي إتجوزتها مبقتيش مرضية بالنسبة لي ولا عجباني".

"ذهبت إلى أهلي لأخبرهم بما أتعرض له من إهمال من قبل زوجي، وأنه لديّ العديد من الاحتياجات وعدم تلبيتها سيجعلني أرتكب أفعالاً لم أتوقع يوماً أن أقوم بها، ولكن الرد كان 'اهتمي بابنك فأنتِ أصبحت أماً'، و'لا يجب أن تفكري في مثل هذه الموضوعات وعليك أن تسيطري على رغباتك أكثر من ذلك... هو إحنا مربناكيش'"

هذه الكلمات الجارحة جعلت نوال تُصاب باكتئاب منذ سنوات عدة.

وبالرغم من محاولاتها العديدة لمساعدة نفسها، إلا أنها لم تصل إلى مستوى مرضٍ بالنسبة لها مع رفضها الطلاق حتى لا تعيش بناتها من دون أب.

الانفصال بدلاً من الخيانة

بدورها، عانت شهيرة (اسم مستعار)، من تبدل رغبة زوجها بعد الإنجاب، وقالت لرصيف22: "حين تعرضت للرفض من قبل زوجي بعد الإنجاب، توقعت أن يكون هذا بسبب بعض التغيرات التي طرأت على جسدي ولكن الرفض استمر وتغيّر معي بشكل كلي".

وأضافت شهيرة: "استمعت إلى آخرين يتغزلون بي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأقيمت محادثات بيني وبين رجال لم ترقَ إلى مستوى علاقة جنسية عبر الشات، ولكن حدثت لي حالة إفاقة، وذهبت إلى أهلي لأخبرهم بما أتعرض له من إهمال من قبل زوجي، وأنه لديّ العديد من الاحتياجات وعدم تلبيتها سيجعلني أرتكب أفعالاً لم أتوقع يوماً أن أقوم بها، ولكن الرد كان 'اهتمي بابنك فأنتِ أصبحت أماً'، و'لا يجب أن تفكري في مثل هذه الموضوعات وعليك أن تسيطري على رغباتك أكثر من ذلك... هو إحنا مربناكيش'".

وتابعت: "أصابني الاندهاش من كوني أطالب بحقوقي التي كان من الممنوع الحديث عنها قبل الزواج، وكان عليّ اتخاذ القرار وانفصلت لأني لم أكن قادرةً على تحمل ذنب الخيانة إذا حدثت، ولا على مواجهة أي شخص بما يدور ببالي بعد أن انهارت ثقتي بنفسي كأنثى وزوجة وكأم أيضاً بسبب شعوري بالذنب".

المجتمع أجبرني على القبول

لم يمر على زواج عليا (29 عاماً)، سوى عام ونصف حتى أنجبت طفلتها الأولى، وكانت ترى أنها حققت ما أرادت من الزواج، وهو الإنجاب ولكنها تريد إقامة علاقة جنسية مع شريكها، فهي في مقتبل العمر غير أن زوجها كان يرفض دوماً ويقول لها: "مش عايز"، أو "ماليش مزاج"، ما عدّته إهانةً لكرامتها.

تعليقاً على هذه النقطة، قالت: "عددت حالة الرفض التي تعرضت لها إهانةً كبيرةً لكبريائي، ولكن فكرت في الأمر بشكل عقلاني، فلا يمكنني طلب الطلاق بعد عام ونصف من الزواج لكوني سأتعرض للشماتة والاتهام بأني امرأة مقصرة، خاصةً إذا عُلم السبب، وسأتحول حينها إلى إمرأة تافهة قليلة الحياء في نظر البعض، إذ إن بعض الأفراد في مجتمعنا يعتقدون أن السيدة خُلقت من دون رغبات جنسية".

واستطردت: "قررت اتخاذ القرار الأصعب حتى أبتعد عن مواجهة المجتمع وتعصباته، وقررنا الانفصال مع البقاء معاً في منزل واحد، وكل واحد منّا يحصل على ما يريده من احتياجات، فأنا قمت بتلبية رغبتي كأم، وهو حصل على مظهر اجتماعي بعد ضغط من أسرته لكي يتحقق، وأعلم أنه يخونني ولكني أرى أني اخترت الحل الأسلم والآمن لي ولطفلتي".

"لا يمكنني طلب الطلاق بعد عام ونصف من الزواج لكوني سأتعرض للشماتة والاتهام بأني امرأة مقصرة، خاصةً إذا عُلم السبب، وسأتحول حينها إلى إمرأة تافهة قليلة الحياء في نظر البعض، إذ إن بعض الأفراد في مجتمعنا يعتقدون أن السيدة خُلقت من دون رغبات جنسية"

أظهرت الدراسات التي نشرها موقع "national library of medicine"، أن 89% من النساء يستأنفن النشاط الجنسي في غضون 6 أشهر من الولادة، وتتراوح معدلات انتشار الخلل الوظيفي الجنسي من 41% إلى 83% بعد شهرين إلى ثلاثة أشهر من الولادة، وكشفت بعض الدراسات أنه في فترة تزيد عن 18 شهراً بعد الولادة، تكون لدى لنساء مستويات منخفضة بشكل ملحوظ من المتعة الجنسية والرضا العاطفي.

ورأت الدراسة أن الولادة تؤثر على الحياة الجنسية، وذلك لأسباب عدة منها المضاعفات في أثناء الحمل، خصائص الولادة المختلفة، التغيرات الفيزيولوجية والنفسية بعد الولادة، واكتئاب ما بعد الولادة، بالإضافة إلى أن المستوى الثقافي يشكل عاملاً مهماً في السلوك الجنسي بعد الولادة: الثقافات المختلفة في العالم النامي تمنع الجماع الجنسي لفترة من الوقت بعد الولادة، بينما توفر الرعاية الصحية الحديثة رعاية ما بعد الولادة في معظم أنحاء العالم الغربي.

أسباب متعددة والنتيجة واحدة

"ليس هناك من سبب واحد يجعل بعض الرجال يرفضون المرأة بعد عملية الإنجاب، بل هناك العديد من الأسباب التي تساهم في ذلك، ولا يمكننا أن نحمّل طرفاً دون الآخر السبب في تلك العزلة الجنسية التي تحدث عقب عملية الولادة"؛ هذا ما قاله أحمد الحسيني عن الرفض الجنسي بعد الإنجاب.

وأضاف لرصيف22: "إقبال الرجل على ممارسة الجنس مع زوجته بشكل مستمر من دون مراعاة حالتها النفسية والصحية والمسؤوليات الجديدة التي تقع على عاتقها عقب الإنجاب، يمكن أن يتسبب في حدوث نفور من الزوجة في البداية، وتالياً يقابل الزوج هذا النفور بنفور أيضاً من دون بحث منه عن الأسباب أو النتائج، ففي النهاية الرجل في الحياة الجنسية أناني، والكثير من الرجال لا يفهمون ما تمر به المرأة وما تحتاج إليه، خاصةً مع التغيرات النفسية والجسدية التي تتعرض لها عقب الإنجاب".

واستطرد الحسيني بأن المرأة قد تتوقف بعد الإنجاب عن الإهتمام بشكلها، فيصاب الشريك بحالة من النفور وعدم الرغبة، خاصةً مع ما يتعرض له من مغريات يومية من نساء أخريات: "الرجل يتأثر جنسياً بشكل سريع، وهنا أيضاً تحدث حالة من النفور من قبل الزوجة من دون أن تعي هي الأخرى الأسباب بالأساس، وقد يؤدي ذلك إلى الخيانة".

وتابع: "الكثير من الرجال يقومون بخيانة زوجاتهم بعد أشهر قليلة من الإنجاب، وحتى إن لم تصل هذه الخيانة إلى الخيانة الجسدية أو إلى إقامة علاقة بشكل كامل مع امرأة أخرى".

ليس لدى المرأة بديل

"اتساع مدخل المهبل هو السبب الرئيسي في عملية رفض الزوج للزوجة جنسياً، وهذا ما يجعل المرأة تلجأ إلى الولادة القيصرية برغم خطورتها في بعض الأحيان وعدم الحاجة إليها"، هذا وفقاً للدكتورة أميمة السيد، استشارية العلاقات الزوجية والأسرية.

وأضافت أميمة لرصيف22: "هناك رجال تحدث لهم حالة من الفوبيا بعد إنجاب الزوجة، إما نتيجة علاقات سابقة أو نتيجة الإنجاب لأكثر من مرة، وتكون المرأة قد نزفت في أثناء العلاقة، فيخشى الرجل من هذا النزيف ومن إصابته بأي مرض عضوي أو ما شابه، وتالياً تحدث لديه حالة من العزوف عن إقامة علاقة مع زوجته عقب الإنجاب".

"اتساع مدخل المهبل هو السبب الرئيسي في عملية رفض الزوج للزوجة جنسياً، وهذا ما يجعل المرأة تلجأ إلى الولادة القيصرية برغم خطورتها في بعض الأحيان وعدم الحاجة إليها"

وعن قيام بعض الرجال بإقامة علاقات أخرى، قالت السيد: "لا مبرر للخيانة، فالرجل يتعامل على أنه لديه الحق، ويهمل المرأة نتيجة أسباب أصبحت لها حلول، سواء في ما يتعلق بعنق الرحم أو المهبل".

إذاً، العملية الجنسية عقب الإنجاب قد تتسم بالرغبة لدى الرجال في البداية، ثم تتحول إلى حالة من النفور والابتعاد بعد أيام قليلة، في حين أن الزوجة تحتاج إلى بعض الوقت لتتحسن حالتها النفسية والجسدية وتعود إلى حياتها الجنسية، غير أن بعض الرجال لا ينتظرون ولا يتفهمون ما تمر به المرأة من تغيرات ويضعونها تحت ضغط شديد أمام أمرين: إما العودة السريعة إلى حياتها أو تعرضها للخيانة حتى يُشبع الرجل رغباته الجنسية، وتظل المرأة في حيرة بين عدم إمكانية التصريح برغباتها التي خلقها الله بها والتي يعدّها المجتمع "تابو"، أو الصمت والرضوخ وأن تستبدل حياتها كأنثى ببقائها أمّاً فقط. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

رصيف22 من أكبر المؤسسات الإعلامية في المنطقة. كتبنا في العقد الماضي، وعلى نطاق واسع، عن قضايا المرأة من مختلف الزوايا، وعن حقوق لم تنلها، وعن قيود فُرضت عليها، وعن مشاعر يُمنَع البوح بها في مجتمعاتنا، وعن عنف نفسي وجسدي تتعرض له، لمجرد قولها "لا" أحياناً. عنفٌ يطالها في الشارع كما داخل المنزل، حيث الأمان المُفترض... ونؤمن بأن بلادنا لا يمكن أن تكون حرّةً إذا كانت النساء فيها مقموعات سياسياً واجتماعياً. ولهذا، فنحن مستمرون في نقل المسكوت عنه، والتذكير يومياً بما هو مكشوف ومتجاهَل، على أملٍ بواقع أكثر عدالةً ورضا! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، وأخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!.

Website by WhiteBeard
Popup Image