تندرج هذه المقالة ضمن "طيف22"، وهو مشروع مخصص لالقاء الضوء على التنوعات والاختلافات الجنسانية والجندرية والجسدية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يشارك فيه صحفيون وصحفيات، ناشطون وناشطات وأفراد من مجتمع الميم-عين أو داعمون لهم/نّ، ليكون مساحة للتعبير بحرية عن مختلف المواضيع المتعلقة بالتوجّهات الجنسية والجندرية والصحّة الجنسية، بغرض كسر التابو والحديث بموضوعية عن هذه المسائل الشائكة.
للحب قانون أساسي واحد: عدم وجود قواعد بين القلوب، فعندما يقع القلب في شباك الحب لا يميّز حينها على أساس الدين أو اللون أو الجنس.
على مدار العصور وفي معظم الثقافات والحقب التاريخية المتعددة، كانت هناك علاقات زوجية علنية وغالباً ما كانت تحظى بالتأييد المجتمعي في المطلق، وفي سياق آخر وفي صورة سرّية، كان بعض الرجال يقيمون علاقات غير علنية مع نساء غير زوجاتهم.
اتخذت تلك العلاقات مسميات تنوعت بين العشيقة، الخليلة، ملك اليمين، المحظية وغيرها، وبمعزل عن التسميات المختلفة، فإن بعض النساء يلقين انتقادات تطال سمعتهنّ وقدراً وافراً من الانتقاص منهنّ ونصيباً أكبر من الخيبات، لا سيما الإثم والظلم وعدم الاعتراف بهنّ.
التمييز الجنسي
تسمح المجتمعات بأن يحظى الرجال بأكثر من علاقة عاطفية في الحياة، وبأن يستمتعوا باسم الحب أو أن يتركوا زوجاتهم من أجل "العشيقة" التي قد تلاحقها الوصمة الاجتماعية، حتى لو كان الرجل هو من اتخذ البادرة الأولى، بمعنى آخر، غالباً ما تدفع النساء ثمن الحب أو القبول بالدخول في علاقة غير معترف بها اجتماعياً أو أسرياً، على الرغم من أنها علاقة حب/ جنس رضائية جمعت بين شخصين راشدين متساويين.
قصص عديدة تنطوي على تفاصيل كثيرة وتتفق معظمها حول أمر واحد: في حال اعترضت تلك العلاقة السياق المجتمعي أو الزوجي للرجل، يصدح الوازع الديني والأخلاقي الذي يبرّئ الرجل ويلاحق المرأة، على اعتبار أن الرجل لا يعيبه تعدد العلاقات ويتم التبرير له من خلال القول بأنه "طيش الشباب" أو "بيلعب بدَيله" أو "بيتسلى يومين" أو "مخنوق حبتين"، وذلك من باب عدم هدم علاقة زوجية لها منافعها الاجتماعية والمادية.
غالباً ما تدفع النساء ثمن الحب أو القبول بالدخول في علاقة غير معترف بها اجتماعياً أو أسرياً، على الرغم من أنها علاقة حب/ جنس رضائية جمعت بين شخصين راشدين متساويين
تظلم تلك الأمثال والمقولات وغيرها المرأة التي وقعت بشكل أو بآخر في تلك العلاقة، وتُسمّى في هذه الحالة بـ"خرابة البيوت"، فينالها وابل من الشتائم والملاحقات المجتمعية التي لا مفر منها.
ألم وخجل ووصمة اجتماعية
إن الخجل، الألم، الانكسار والخوف من الوصمة الاجتماعية، كلها أمور تشكل عاملاً مشتركاً للعديد من السيدات اللواتي انخرطن في علاقات عاطفية مشابهة.
"بعد علاقة حب دامت 6 سنوات اكتشفت صدفةً أنه تزوج"؛ هذا ما قالته سامية لرصيف22، وأضافت: "عرفته خلال فترة الدراسة الجامعية، وظل خلال تلك السنوات يصارحني بحبه بإلحاح ويطلب مني مساندته حتى تستقر أوضاعه المهنية، وعلى الرغم من أنه كان مصدراً للأمان العاطفي والحب، إلا أنه كان يختفي أحياناً أشهراً عدة -خاصةً بعد التخرج- وكنت قد اتخذت القرار بالانفصال عنه وقطع كل الطرق التي تمكّنه من التواصل معي، ولكنه كان يجد طريقاً إليّ في كل مرة، ويضغط عليّ لأحادثه ونستأنف علاقتنا".
"لم أتمكن من إخبار القصة لأي من أصدقائي خوفاً من اتهامي بالسذاجة وخوفاً من الأحكام المسبقة مثل 'لماذا كلمتيه وهو متزوج؟ ده حق مراته عليه'، وكأن السنوات التي ولّت لم تكن من عمري وكأنه ليس المخطئ. أصبحت فجأةً المرأة الأخرى التي تسعى إلى خراب بيته"
وتابعت: "في آخر مرة استمر اختفاؤه لمدة أطول من سابقاتها، ثم عاد واستأنفنا علاقتنا كالمعتاد حتى صارحني فجأةً: أنا الآن تزوجت بمعرفة أهلي ولا أريدك أن تتواصلي معي مجدداً لأن زوجتي قد تنفصل عني بسببك... الله يعوض عليكي".
شعرت سامية بالقهر والانكسار: "كنت أتمسك بسراب. كان يمكنني أن أبادر إلى فسخ العلاقة ولا أتكبد عناء الانفصال المرير وهول الصدمة. حتى الآن لم أتمكن من إخبار القصة لأي من أصدقائي خوفاً من اتهامي بالسذاجة وخوفاً من الأحكام المسبقة مثل 'لماذا كلمتيه وهو متزوج؟ ده حق مراته عليه'، وكأن السنوات التي ولّت لم تكن من عمري وكأنه ليس المخطئ. أصبحت فجأةً المرأة الأخرى التي تسعى إلى خراب بيته".
تستر الجميع
كشفت رنا أن زميلها في العمل كان يطاردها لـ8 أشهر، وبسبب كثرة محاولاته للتقرّب منها ورغبته في التعبير عن صدق مشاعره وحسن نواياه تجاهها، قررت أن تمنحه فرصةً.
عن هذه النقطة، قالت لرصيف22: "كانت نواياه تبدو وكأنه يبحث عن شريكة حياة وزوجة بوضوح. بالفعل تحركت مشاعري تجاهه لمدة وجيزة حتى فوجئت بأحد الزملاء في الشركة يحذرني من أنه متزوج بالفعل منذ سنة أو أكثر".
وتابعت: "كانت صدمتي كبيرةً لأسباب عدة، أهمها ثقته المفرطة بنفسه وسعيه إلى الخوض في علاقات حب مع أخريات من دون علمهنّ بزواجه ومن دون علم زوجته أيضاً، وموقف زملائي من عدم ذكر أمر زواجه برغم معرفتهم بأنه كان يستميلني، يوحي بالتستر على أفعاله لأنه رجل 'لا يخضع للمعايير الأخلاقية'".
وختمت بالقول: "شعرت بالخجل وبأنه تم الاستهزاء بمشاعري وبمشاعر زوجة مسكينة، ولم أتمكن من رد اعتباري ولا اعتبارها".
"بيضحك عليّ"
في حديثها إلى رصيف22، قالت مي بسخرية مريرة: "اكتشفت أنه كان 'بيضحك عليّ' بعد ارتباط دام ثلاث سنوات. كانت علاقتنا متباعدةً نظراً إلى سفره، لذا كنا نتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في الآونة الأخيرة كنت أشعر بثقل رهيب على كاهلي وأرغب في الانفصال عنه، ربما كان حدساً أو حاسةً سادسةً تنبئني بما سيحدث".
وأضافت: "لم يكن دقيقاً في تحديد مسمى علاقتنا، كانت علاقتنا تتراوح بين الصداقة والحب ولا أعلم لماذا تقبلت هذا الوضع؟ ربما بسبب الرغبة في الاستمرار في علاقة تكاد تكون طويلة الأمد مع شخص أشعر معه بالأمان، برغم زيف الشعور وعدم وجود تلك العلاقة المنطقية من الأساس".
وأوضحت مي أنها في أحد الأيام، اكتشفت من خلال محركات البحث والصور والأصدقاء على صفحته الشخصية أنه متزوج منذ سنوات ولديه أبناء: "حينما واجهته هددني بقطع كل سبل التواصل بيننا قائلاً 'هتخربي بيتي لو مراتي عرفت'، وكأنني الشخص المخول بملاحقته حين يخون زوجته معي".
"كنت إحدى مغامراته العاطفية التي ما لبث أن استعاض عنها بمغامرات أخرى، عرفت أيضاً أن زوجته على علم بكل نزواته، لكنها تتغاضى عنها ما دام يعود إليها وإلى أولاده"
في المقابل، ألقت شيرين اللوم على نفسها لأنها السبب في تدمير نفسها بنفسها لخوضها علاقةً مع رجل كانت على علم بأنه متزوج.
قالت شيرين لرصيف22: "وقعت في حب أحد المديرين في مكان عملي برغم أنه أكبر مني سنّاً ورجل متزوج ولديه أبناء، لكنني ومع ذلك شعرت معه بالأمان والحب، وبادلني الشعور نفسه، وصارحني باستحالة زواجنا ووافقت، واكتفيت بعلاقة تترنح بين الصداقة والعشق، وكنا نتقابل مرات معدودة على مدار الشهر خارج إطار العمل وفي سرّية شديدة، خوفاً من زوجته ومن أحكام زملاء العمل".
عُرضت على شيرين وظيفة في شركة أخرى، وعندما أخبرت حبيبها شجعها على قبولها على اعتبار أنها فرصة جيّدة وهي أفضل من شغلها الحالي، وأكد لها أن علاقة الحب مستمرة بينهما ولن تعيقها المسافات.
وعن هذه النقطة، قالت لرصيف22: "بمجرد انتقالي إلى العمل الجديد، بدأ بافتعال المشكلات، حتى تنامى إلى مسمعي من أحد زملاء العمل السابقين أنه كان يتفق مع أصدقائه على 'تضبيط بنات' في ما بينهم للسفر والخروج وأحياناً ممارسة الجنس".
وأضافت: "كنت إحدى مغامراته العاطفية التي ما لبث أن استعاض عنها بمغامرات أخرى، عرفت أيضاً أن زوجته على علم بكل نزواته، لكنها تتغاضى عنها ما دام يعود إليها وإلى أولاده".
وختمت شيرين بالقول: "لم أتوقف عن جلد نفسي بسياط المنطق والحب الخادع الذي انجرفت إليه بكامل إرادتي".
اضطرابات ومعتقدات مغلوطة
إن الوصمة الاجتماعية، والخجل وكذلك الإحساس بالذنب في بعض الحالات هو فصل آخر من فصول معاناة بعض النساء، اللواتي ينخرطن في علاقات بدافع الحب غير أنهنّ يتفاجأن بالحقيقة المرة: مجرد علاقات عابرة يحصل فيها الرجل على الامتياز الأكبر من الإفلات من المساءلة، وكأنها من المسلّمات المقبولة لدى المجتمع، وهي المسلّمات نفسها التي نالت بقسوةٍ من أعمار النساء ومن مشاعرهنّ وسمعتهنّ.
وفي تحليل نفسي لمثل هذه المواقف، قالت لرصيف22، المعالجة النفسية الشعورية ومدربة مهارات الحياة إسراء مؤمن: "تكمن المشكلة في اضطراب الشخصية والمعتقدات المغلوطة الناتجة عن مشكلات عدة تعود إلى أيام الطفولة، والمترسخة في العقل الباطن، وهو ما يؤدي إلى مثل هذه العلاقات".
إن الوصمة الاجتماعية، والخجل وكذلك الإحساس بالذنب في بعض الحالات هو فصل آخر من فصول معاناة بعض النساء، اللواتي ينخرطن في علاقات بدافع الحب غير أنهنّ يتفاجأن بالحقيقة المرة: مجرد علاقات عابرة يحصل فيها الرجل على الامتياز الأكبر من الإفلات من المساءلة
وأوضحت إسراء، إن السيكولوجيات المضطربة للأشخاص والعائدة إلى مرحلة الطفولة تقوم على احتياجات لم تُشبَع ومبادئ لم تُبنى في الشخصية، فالرجل في أولى سنوات نشأته إذا لم تتم تربيته على الأمانة أو تحمل المسؤولية، فإنه بالتبعية يفقد القدرة على التعبير عن احتياجاته، وبالكاد يعلمها، وفي مرحلة النضوج يقوم بالتعبير عن احتياجاته بأسلوب خطأ وغير مباشر في صورة علاقة مع امرأة أخرى تقوم بتلبية احتياجاته التي لم يتمكن من التعبير عنها لزوجته.
وأضافت: "أما المرأة التي تنشأ على عدم تلبية احتياجاتها، فإنها تختبر ما يسمى بـ'عدم الاستحقاق في الطفولة أو بمعنى آخر الحرمان العاطفي' الذي يدفعها إلى القبول بأي نوع من أنواع الاستمالة الذكورية لإشباع عاطفتها -حتى وإن كان حدسها الأنثوي يخبرها بأن هناك شيئاً ما مفقوداً- ظنّاً منها بأن اختياراتها العاطفية 'قليلة' وهو أمر غير صحيح".
وتشير مؤمن، إلى أن أسباب عدم قدرة الرجل على التعبير عن احتياجاته في علاقته مع زوجته تعود إلى قلة الخيارات وضعف الشخصية، وفقا لتربيته، وكنتيجة لذلك لا يتمكن من تلبية احتياجات زوجته، بمعنى أدقّ لو كان هناك إشباع لاحتياجات كلا الطرفين، فإن الزوج لن يسعى إلى الدخول في علاقة مع امرأة أخرى، والأمر نفسه ينطبق على الزوجة".
ونصحت إسراء، السيدات اللواتي يدركن أنهنّ منخرطات في علاقة رضائية يكون فيها الرجل في علاقة علنية مع امرأة أخرى، باللجوء إلى معالج/ ة نفسي/ ة لتخطي تلك العلاقة بشكل صحّي، مشددةً على أن أولى مراحل العلاج هي "الإيمان التام بأنه في مثل هذه العلاقات لا توجد ضحية، أو جانٍ ومجنيّ عليه"، وبأن الجميع لديهم ما يكفي من ترسخات الطفولة التي قد تدفع إلى الدخول في علاقات رضائية ولا تلبي الاحتياجات العاطفية والنفسية بمرور الوقت.
وفي ما يتعلق بالوصمة الاجتماعية التي قد تلاحق بعض النساء، قالت إسراء إن الأحكام المناهضة للنساء من قبل المجتمع غير مستحقة، ولا شأن للمجتمع بالحكم على النساء من عدمه.
هذا المشروع بالتعاون مع Outright Action International.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون