لم يكن الصحافيون استثناء من المآسي والانتهاكات التي تعرض لها السودانيون، منذ اندلاع القتال بين الجيش والدعم السريع في 15 أبريل/ نيسان المنصرم، الذي يتركز بصورة كبيرة في العاصمة الخرطوم مركز جميع الخدمات والمؤسسات.
تعرض عشرات الصحافيون السودانيون لانتهاكات فظيعة، شملت التعدي الجسدي واقتحام منازلهم وترويع أسرهم وتوقف أعمالهم، خاصة أولئك الذين يعتمدون في معاشهم على الصحافة المحلية، ما أدى إلى انتشار الشائعات والمحتوى الزائف.
وفي 20 مايو/ آيار الحاليّ، اقتحمت قوة من الدعم السريع منزل الصحفي بمكتب قناة الجزيرة أحمد فضل الذي كان يتواجد فيه رفقة أقاربه والمصور المتعاون مع القناة راشد جبريل، وتعدت عليه بالضرب ونهب هواتفهم النقالة وأموالهم وملابسهم تحت تهديد السلاح، وفقا لنقابة الصَّحفيين
السُّودانيين. وتقول النقابة إن هذه قوات الدعم السريع التي نهبت سيارة الصحفي أحمد فضل، كانت قد أوقفته قبل يوم من اقتحام منزله في إحدى مراكز التفتيش التابعة لهم، ليقضي ليلة كاملة تحت رحمة عنتهم. وتحدث الصحفي وجدي الكردي عن إصابته وزوجته بشظايا القذائف التي تُطلق عشوائيًا، بجانب نهب جميع ممتلكات منزله حيث لم يتركوا شيئًا غير الجدران.
تزدادالمخاوف من تصنيف الصحافيين كأعداء لطرفي القتال، مما يعقد مهامهم في البحث عن الحقيقة في ظل انتشار المحتوى الزائف
أوضاع سيئة
ويقول نقيب الصحافيين السودانيين عبد المنعم أو إدريس، إن النقابة تحاول حماية الصحافيين بتمليكهم التدريب الضروري للتغطية في ظل القتال ومطالبة أطرافه باحترام حق الصحفيين في التحرك وحمايتهم، بجانب التواصل مع الذين يتعرضون للتهديد بالتصفية والنظر في إمكانية نقلهم إلى
مكان آمن. ويشير خلال حديثه لرصيف 22، إلى أن أجهزة الإعلامية المحلية من إذاعات وتلفزيونات وصحف توقفت أعمالها منذ اندلاع الحرب، لكن القلق الحقيقي على حدوث ضرر على مكتبتي الإذاعة والتلفزيون الصوتية والمرئية. ويحاول
الجيش استرداد مقر الإذاعة والتلفزيون من قوات الدعم السريع، فيما يتحدث سكان عن تعرض محيط المقر لغارات جوية وقصف بالقذائف الثقيلة، ما قاد إلى مخاوف من إتلاف المكتبة التي تُعد بمثابة أرث ثقافي وتاريخي مهم للسودانيين.
وتقول الصحافية، ملاذ حسن، انها واظبت على العمل في الأيام الأولى من اندلاع الحرب رغم انقطاع الكهرباء لساعات طوالٍ، لكنها واجهت صعوبات في التواصل مع أفراد الموقع الإلكتروني نظرًا لتأثرهم بالنزاع المسلح.
وتشير إلى أن انعدام الأمن دفعها إلى مغادرة العاصمة الخرطوم، دون أن تستطيع تدبير أمرها لمعاودة العمل، بسبب الضغط النفسي الذي تعرضت له. وتوضح ملاذ لرصيف 22 بأنه غير الضغط النفسي من أهوال الحرب والنزوح، إلا إن عدم وجود مقر دائم للعمل وتوقف صرف الرواتب وعدم التواصل مع فريق العمل أثر على الصحافة.
وتضيف: "هناك صعوبة كبيرة في البقاء في الخرطوم وتغطية الأوضاع ميدانيًا، لعدم توفر معينات الحماية وعدم حرص طرفي القتال على٨ كشف الانتهاكات، ولذلك حتى الصحافيين المتوجدين في الخرطوم لا يستطعون التحرك ميدانيًا وإنما اكتفوا بالمراقبة والمتابعة من على بعد".
وتشدد على أن كل ذلك أسهم في انتشار الشائعات، التي ضاعف انتشارها أيضا انحياز بعض الصحافيين لأحد طرفي الصراع، ما ساعد في نشر المحتوى المضلل.
ويعيش كثير من الصحافيين في ظل ظروف إنسانية ضاغطة، بسبب توقف أعمالهم. وعن هذا يقول صحفي لرصيف 22 إن بات لا يملك ما يشبع جوع أطفاله. ويشير إلى أن العديد من الأشخاص عرضوا عليه شراء بضائع وسلع غذائية مسروقة، بأقل من 90% من قيمتها الحقيقية، على أن يُسدد سعرها لاحقًا، لكنه رفض. ويوضح أنه لا يملك مال يعينه على الهروب من العاصمة الخرطوم.
انتهاكات وعطالة
تقول نقابة الصحفيين، في بيان بتاريخ 14 مايو/ آيار الحالي، إن النزاع المسلح أدى إلى تعميق معاناة الصحفيين الذين ترك 250 منهم المهنة بحسب مسح أجرته في مطلع هذا العام، فيما هناك 250 آخرين عاطلين عن العمل في الآونة الأخيرة.
وتلفت بأن توقف عمل وسائل الإعلام شرد جزء كبير من الصحافيين والصحافيات، فيما يعيش العديد من العاملين والعاملات في مجال الإعلام في ظروف صعبة ويواجهون مخاطر يومية بحثًا عن الحقيقة وسط القتال؛ ومع ذلك رصدت انتهاكات تمثل تهديدًا لحيواتهم.
وتضيف: "تم قصف عدد من مكاتب غرفة الأخبار بوسط الخرطوم، وظل العشرات من الصحفيين عالقين في أماكن عملهم التي كانت تقع في خطوط النار بين الأطراف المتقاتلة، وتعرض بعض الصحفيين لانتهاكات وقمع أثناء تغطيتهم للاشتباكات".
الطرفين المتحاربين غير راضيين عن الأخبار والمعلومات التي ينقلها وينشرها صحفيون مستقلون، وقد تعرض عدد من الصحفيين لتهديدات بالتصفية
وتشير إلى أن الطرفين المتحاربين غير راضيين عن الأخبار والمعلومات التي ينقلها وينشرها صحفيون مستقلون، وقد تعرض عدد من الصحفيين لتهديدات بالتصفية في ظل مناخ تسيَّده خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي.
ورصدت النقابة عدد من الانتهاكات الخطيرة، منها تعرض مقر صحفية جريدة الجريدة اليومية ومكتب وكالة تانا فورميديا ومكتب قناة الشرق إلى إطلاق نار وتحدثت عن إطلاق نار على سيارة الصحفي الجميل الفاضل خلال محاولته إجلاء أسرته لمكان آمن، علاوة على إطلاق نار عبر مسدس على المصور فايز أبو بكر وأصيب مراسل الإذاعة السودانية بولاية جنوب دارفور خالد شرف الدين في رجله ويده إثر سقوط قذيفة دانة في منزله.
وغير الانتهاكات الجسدية والتهديدات بالتصفية، يُواجه الصحافيون صعوبات في رصد الأوضاع ميدانيًا بسبب انعدام الأمن وانتشار الأعمال التي طالت حتى المارة، مما يضطرهم للاعتماد على بيانات طرفي القتال المليئة بالدعاية الحربية، علاوة على المصادر الطبية والشهود العيان.
وتزدادالمخاوف من تصنيف الصحافيين كأعداء لطرفي القتال، مما يعقد مهامهم في البحث عن الحقيقة في ظل انتشار المحتوى الزائف الذي يسهم في صناعته صحافيون يدعمون للجيش أو الدعم السريع.
ودخل ليل الاثنين 22 مايو/ آيار الحالي، اتفاق وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 7 أيام، حيز النفاذ وسط مخاوف من عدم تقييد طرفي القتال به، حيث لم يتقيدا سابقًا بعدد من اتفاقيات الهُدن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين