الأبدية
كان بإمكاني أن أكون أكثر صدقاً
أن أرتجف خوفاً من قول الحقيقة
ولكنني حقاً كنت أرتجف من شدّة الكذب
أنا امرأة أرتجف في الحالتين
وهذا يساعد قلبي على الخروج من متاهة الألم.
لم أحترم يوماً صوتي الكاذب
ولكنني حافظت به مراراً على حياتي الخائفة
فشكراً أيها الكذب.
حبل الكذب ليس قصيراً إن كنت امرأة
موجودٌ دائماً في حقيبة يدك
تجيبين به على الأسئلة التي تهدّد حياتك.
لا يمكن لإنسان جيّد أن يتمسّك بالكذب
ولكنني امرأة
بإمكان أي رجل غاضب أن يُخرج مسدسه الآن
أن يضعه في رأسي الآن، إن قلت الحقيقة
في الحقيقة لا أحد يريد حقيقتي
ومن أجل ذلك يسمحون لحبل الكذب الخاص بي أن يكون طويلاً
قولي إنك راضية، سعيدة، مقتنعة ولست خائفة.
حبل الكذب ليس قصيراً إن كنت امرأة، موجودٌ دائماً في حقيبة يدك، تجيبين به على الأسئلة التي تهدّد حياتك... مجاز
كان بإمكاني ألّا أتصرّف كطفلة
ولكن الكثيرات يتصرّفن كالأطفال عندما يتعلق الأمر بالآخرين
طفلة تخاف العقاب إن قالت "لا"
تخاف ألّا يكون فستانها مناسباً للعيد
تفكر في سُمك قماشه، لونه، طوله
في كل مرة تضع العيدية في جيبها.
طفلة تخاف العتمة
تخاف البقاء في البيت وحدها، تخاف الخروج من البيت وحدها
طفلة تظن دائماً أنها الأصغر، الأقلّ، الأضعف
تخاف وهي تطلب الإذن لتفتح باب حياتها
تخاف العيون إن لم تسامح في حقها
تقول شكراً لمن يمنحها أيامها ويعطيها خياراتها
تخاف ألّا يثق بها أحدٌ لتمارس حياتها
إن فعل أحدهم تشكره على كرمه كطفلة حصلت على هدية فجأة!
وجهها بريءٌ مثل وجه طفلة، صوتها سعيدٌ تماماً مثل صوت طفلة
هل قلت طفلة؟ كم مرة قلت كطفلة؟ كم مرة عشتُ كطفلة؟
أنا طفلة وأنتِ طفلة، وجدّة جدّتي ماتت وهي طفلة
والكثيرات من نساء قريتي أنجبن أطفالاً وهنّ طفلات
ذهبن إلى الكثير من الأعراس وبكين على الكثير من الموتى
غسلن شعور أولادهن مراراً، نظفن بيوتهن كثيراً، جهزن العشاء آلاف المرّات
ذهبن إلى العمل ومشين في الشوارع واخترن ثيابهن بخوف طفلة.
ولكنني لا أريد أن أموت وأنا طفلة
ومن أجل ذلك قتلتُ الكثيرين
تخليت عن صورهم القديمة في رأسي
وضعت موسيقى سخيفة فوق كلماتهم الدافئة
سامحت من خذلوني حتى يخرجوا من رأسي بهدوء
كان علي أن أقتل حبي لهم كطفلة حتى أعيش كامرأة.
مهلاً أيها الحب، لا تغادر، فأنا لست قاسية لهذا الحد
ولكنني امرأة تخاف أن تعيش وتموت كطفلة
كل الذين أحبّوا خوفي لم يحبّوني حقاً
قل لي أيها الحب، فأنت من يملك الإجابات
كان علي أن أتخلّص منهم إذن، أليس كذلك؟
لم يعودوا أشخاصاً أعرفهم بل جروحاً تؤلمني
هم لا يعرفون أنني أتلمّس وجوههم كل يوم حتى أشفى منهم
ولكنني لا أشفى كما وعدتني الخرافة
أعود من جديد وأفكّر بمشاعرهم
هل أحبّوا خوفي لأنه الخيار الأفضل لي؟
هل خافوا علي من الحياة لو أنني كنت أقل خوفاً؟
أنا طفلة وأنتِ طفلة، وجدّة جدّتي ماتت وهي طفلة، والكثيرات من نساء قريتي أنجبن أطفالاً وهنّ طفلات... مجاز
ها أنا من جديد أرتب مشاعري وفقاً لما يناسبهم
أخاف ألّا أخاف بشكل كافٍ على مشاعرهم
أُعيد تشغيل الماضي معهم كل ليلة فأخسر حاضري
تباً.. لا أريد أن أذهب إلى الماضي من جديد، فهذا لا يُفيد
مهلاً أظنني ذهبت... ها أنا أراني وأنا أعود طفلة
أشمّ رائحة خوفي، امتناني، حبي، قلقي، حزني
كأنني لم أهرب من كل هذا يوماً
كأنني لم أقتل من أجله أحداً.
ربما ليس الآن ولكن بعد قليل
بعد قليل سأشعر بالأمان
بعد قليل سأتوقف عن كوني طفلة
لن أعود إلى الخوف، لن أفكّر به مجدداً
لن أخاف لأنني لست خائفة بما يكفي
بعد قليل لن يتمكن الخوف من خداعي بأنه الأمان
ليس الآن.. ليس الآن، ولكن ربما بعد قليل
بعد قليل لن أكون طفلة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
حوّا -
منذ يومشي يشيب الراس وين وصل بينا الحال حسبي الله ونعم الوكيل
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل هذه العنجهية فقط لأن هنالك ٦٠ مليون إنسان يطالب بحقه الطبيعي أن يكون سيدا على أرضه كما باقي...
Ahmed Mohammed -
منذ يوميناي هبد من نسوية مافيش منطق رغم انه يبان تحليل منطقي الا ان الكاتبة منحازة لجنسها ولا يمكن تعترف...
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياموحدث ما كنا نتوقعه ونتأمل به .. وما كنا نخشاه أيضاً
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامصادم وبكل وقاحة ووحشية. ورسالة الانتحار مشبوهة جدا جدا. عقاب بلا ذنب وذنب بلا فعل ولا ملاحقة الا...
mahmoud fahmy -
منذ أسبوعكان المفروض حلقة الدحيح تذكر، وكتاب سنوات المجهود الحربي، بس المادة رائعة ف العموم، تسلم ايديكم