"مع لفّة بالسيارة"، أو في المصعد، وربما "بمزاج تحت الكوبري"... كُلها أماكن كانت شاهدةً على مشاعر عابرة، ولكنها لا تُنسى. لحظات أو ربما ثوانٍ تُضفي بهجةً وسعادةً طوال أيام؛ قبلة فقط على قدر بساطتها، ولكنها تختصر مشاعر الجنس كافة، وهي كفيلة بالشعور بالأورغازم. ففي طفولتي، حين كنت أسأل كيف يحدث الزواج كانت الإجابة بأنه يحدث بـ"بوسة"، ومع هذا التصوّر ظلّت الفكرة في رأسي: فما الحب، ومن بعده الجنس، إلا "بوسة".
في بداية تعارفنا، أنا وزوجي، كان الخجل يكسو علاقتنا، وظلّ الارتباط العاطفي بيننا لسنوات ومن بعدها قررنا الزواج والارتباط الأبدي، بعدما اختبرنا حقيقة مشاعرنا تجاه بعضنا البعض. أتذكر جيداً أنه بعد فترة من الإعجاب والاعتراف بالمشاعر، جاءت لحظات الجرأة وبدأت اللمسات الحارّة، والتي بالطبع لم تكن تخلو من نظرات حميمية يملؤها شوق إلى اللقاء الجنسي ثم لمسات الأيادي.
"الحلم القديم الجديد"
هذه العواطف كلها كانت مقدمةً رائعةً للوصول إلى مرحلة "البوسة": كانت القبلة الأولى بيننا رائعةً ودافئةً وبريئةً فيها قدر كبير من التأنّي والتلذذ، كما لو كنّا نأكل وجبة طعامنا الأخيرة، ولا نريد لها أن تنتهي. مرّت السنوات واستمر الحال على ما هو عليه: لقاء فقُبلة فحنين فشعور رائع لا ينتهي.
"مع لفّة بالسيارة"، أو في المصعد، وربما "بمزاج تحت الكوبري"... كُلها أماكن كانت شاهدةً على مشاعر عابرة، ولكنها لا تُنسى. لحظات أو ربما ثوانٍ تُضفي بهجةً وسعادةً طوال أيام؛ قبلة فقط على قدر بساطتها، ولكنها تختصر مشاعر الجنس كافة، وهي كفيلة بالشعور بالأورغازم
"تزوجنا، وانتقلت العلاقة من شعور رائع بريء إلى شعور عنيف قوي. أي خطوة تسبق السرير والجنس الصريح باتت غير مهمة، ففي البداية طالبته بالقبلة أولاً، واللمسات البريئة ثانياً، ومن ثمّ الدخول إلى تفاصيل جنسية بحتة، ولكنه لم يقتنع. كان يجاريني أحياناً على مضض، وأحياناً أخرى لا ينظر إلا إلى جسدي، ومع مرور الوقت اختفت القُبلة من حياتنا، وانطفأت معها كل مشاعري المتأججة تجاه زوجي. صارحته بمشاعري هذه، فأجابني بكل صراحة أو ربما بقسوة قلب: 'كل مرحلة وليها طبيعتها، زمان مكنش فيه بيت يجمعنا ومكنش فيه خيارات قدامي إلا البوسة دي، أما دلوقتي فخلاص السرير جاهز'"، تروي ريهام (31 عاماً)، وهي دكتورة أمراض باطنية، مأساتها مع زوجها بسبب أنه لم يعدّ "يبوسها" كما هو معتاد ولم يعد كذلك يعبّر لها عن حبه، وتالياً فإن علاقتهما الجنسية باتت ضعيفةً جداً وسريعة.
بالرغم من أنه لديهما 4 أطفال، إلا أن علاقتهما خالية من عنصر الاستمتاع، وتشرح كيف أن زوجها يعاني من ضعف الانتصاب أو سرعة القذف، وكيف اختفت مظاهر التعبير عن الحب بالقبلات.
أما مصطفى (40 عاماً)، فكشف لرصيف22، أنه بعد 10 سنوات من الزواج، وعلاقات عديدة قبله، باتت القبلات والأحضان والمقدمات الطويلة أمراً "يحتاج طولة بال وأنا خلاص زهقت"، على حدّ قوله، عادّاً أن الأهم بالنسبة له ولشريكته هي التفاصيل الجنسية العميقة، أما المسائل الأخرى فهي تصلح فقط "لتوقيع بنت في غرامه"، كخطوة أولى للعلاقة التي تتطلب في بدايتها مجهوداً أكبر للحصول على قلب الشريكة.
ولكن الآن يكفي أن "يشعر بإثارة جنسية ما"، وتالياً يبدأ العلاقة الجنسية مباشرةً للوصول إلى ذروة الشعور الجنسي، وعند سؤاله عن زوجته ومتطلباتها، أجاب بأنها بالفعل طلبت منه مراراً أن يُقبّلها قبل خروجه من البيت وبعد رجوعه إليه، وبات يفعل هذا الأمر لمجرد إرضائها من دون شعور عميق منه تجاهها.
"الرجل بحكم طبيعته يميل إلى التفكير المادي"
كشف خبير العلاقات الجنسية والزوجية، خالد شهاب، أن هناك العديد من المشكلات الجنسية بين الأزواج والتي باتت منتشرةً بشكل كبير مؤخراً، عادّاً أن الأزمات الأسرية أو الخلافات الاعتيادية في الغالب يكون لها سبب حميمي، ولكن معظم الزوجات يرفضن الاعتراف بها أو الحديث عنها نظراً إلى التابوهات المعروفة مثل أنه لا يجب على الزوجة الحديث عن الأمور الجنسية، أو لأنها اعتادت ألا تتحدث في تلك المشكلات بسبب الشعور بالحرج.
كانت القبلة الأولى بيننا رائعةً ودافئةً وبريئةً فيها قدر كبير من التأنّي والتلذذ، كما لو كنّا نأكل وجبة طعامنا الأخيرة، ولا نريد لها أن تنتهي
وفي توضيحه لرصيف22، قال شهاب إن الرجال في معظمهم يكون تفكيرهم مادياً وليس عاطفياً مثل غالبية النساء، لذلك نجد أن بعض الرجال لا يلتفتون إلى بعض التفاصيل الحميمة البسيطة مثل القبلة والمداعبات التي تسبق العلاقة الجنسية، عادّاً أن التفاعل البسيط قبل بدء العلاقة أمر مهم جداً ومن شأنه توطيد العلاقة بين الزوجين.
كما كشف أن بعض الزوجات يشتكين من عدم حصولهنّ على لحظات رومانسية حميمة مع أزوجاهنّ خاصةً بعد فترة من الزواج حيث يقمن بالعلاقة الجنسية مباشرةً من دون مقدمات مثل القبلات أو الأحضان الدافئة، مثلما كان الحال في بداية الارتباط، خاصةً إذا كان الزوج يعاني من سرعة القذف فيبدأ العلاقة سريعاً ويُنهيها سريعاً وهو ما يصيب الزوجة بإحباط شديد.
"شريكي توقف عن تقبيلي... ماذا أفعل؟"
من خلال موقع goaskalice، طرحت فتاة التساؤل التالي: "ماذا أفعل حيال الرجل الذي لم يعد يقبّلني في أثناء ممارسة الجنس؟ ما زلنا نمارس الجنس بشكل منتظم، لكنه لم يعد ينظر إليّ بينما نمارسه، وهو دائماً يغطي وجهه عندما نكون معاً، لقد مرت شهور منذ أن قبّلني".
وجاءت الإجابة كالتالي: "لمعرفة سبب توقف القبلات من شريكك، يجب التواصل مع شريكك حول احتياجاتك الجنسية والعاطفية وكذلك رغباتك، من أجل فهم أفضل لسبب تغير سلوكياته، ويمكنِك محاولة إخباره بتفضيلاتك حول التقبيل والجنس، كما يمكنك أيضاً محاولة السماح لشريكك بمعرفة بماذا يُشعرك هذا النقص في التقبيل، وكيف أثّر ذلك على علاقتك، مع منحه فرصةً للرد، واكتشاف ما إذا كانت هذه مجرد مرحلة يمر بها سواء كان سلوكاً غير واعٍ من جانبه أم لا، أو ما إذا كان هناك شيء آخر يحدث في علاقتك، ومن المحتمل ألا يكون شريكك ببساطة على دراية برغبتك في المزيد من المودة الجسدية وقد يكون إجراء المحادثة هو ما تحتاجينه لتقريب شفتيك معاً، وقد يسلّط الضوء أيضاً على العوامل التي يمكن أن تعزز علاقتك في مجالات أخرى. بشكل عام، يمكن أن تكون القدرة على إجراء مناقشة مع شريكك حول مخاوفك مفتاحاً لاستدامة العلاقة".
"توقفت عن التقبيل في أثناء ممارسة الجنس"
يبدو أن تراجع التقبيل مشكلة شائعة، فقد طرح موقع prevention.com، موضوعاً بعنوان: "لقد توقفت عن التقبيل في أثناء ممارسة الجنس"، وعنه ردت ماريان براندون، مؤلفة كتاب Monogamy: The Untold Story، بالقول: في بداية العلاقة تكون حياتنا الجنسية عبارةً عن شعور ملتهب ويحتوي أيضاً على تسامح كبير، ولكن مع مرور السنين تتحول الحياة بشكل شبه حتمي إلى ما يشبه القهوة السوداء العادية والروتينية تماماً، عادّةً أن الجنس الممل يتكشف بشكل طبيعي في العلاقات طويلة الأمد، لأننا جميعاً في البداية نقوم بما يجعل الحياة الجنسية تنجح، ثم نستمر في تكرار ما ينجح حتى يصبح شبقاً ثم يتحول إلى برود وروتين.
"كل مرحلة وليها طبيعتها، زمان مكنش فيه بيت يجمعنا ومكنش فيه خيارات قدامي إلا البوسة دي، أما دلوقتي فخلاص السرير جاهز"
أما ديانا لورين، مدربة المواعدة والعلاقات في لوس أنجلس، فرأت أن الكسل قد يكون جزءاً من المشكلة، موضحةً أن الأزواج يريدون فقط الذهاب مباشرةً إلى النتيجة النهائية، وهي النشوة الجنسية.
بمعنى آخر، عندما يكون لدينا هدف، نريد أن نصل إليه بأسرع ما يمكن، وطالما أن الجماع هو الوجهة النهائية للحياة الجنسية، فسوف يتسابق بعض الرجال حتى يصلوا إلى خط النهاية، وحينها تصبح كل الأشياء الممتعة التي يجب أن تحدث على طول الطريق اختياريةً، وأهمها "البوسة" طبعاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...