بحسب أحدث تقرير أصدره البرنامج العالمي لمكافحة المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة، هناك نحو 250 مليون شخص في العالم تعاطوا المخدرات بأنواعها المختلفة. وفي العالم العربي، يمكن وصف الأمر بالكارثي، ففي بعض دوله يزيد معدل التعاطي عن 10% من عدد السكان (مصر نموذجاً). وفي الكويت على سبيل المثال تصل النسبة إلى 7% من عدد السكان. لكن هل الإدمان هو نهاية الحياة؟ بالتأكيد لا. هناك قصص ملهمة لأناس استطاعوا أن يتعافوا ويحققوا نجاحاً، لكن تظل قصة الأمريكي خليل رافاتي النموذج الأبرز لمدمن استطاع الهروب من الإدمان إلى عالم النجاح وجني الملايين.

نسيت أن أموت

ولد خليل في أمريكا من أم يهودية وأب مسلم، ووصلت المأساة في قصته إلى ذروتها في العام 2003، كان وقتها في مقتبل الثلاثين من عمره، مدمناً على الكوكايين، بجسد نحيف وصل لأقل من 50 كيلوجراماً ملآن بالجروح والقروح، وبوجه شاحب تظن صاحبه سيموت. Khalil Rafati before-after اعتقل خليل الذي ولد في أوهايو أكثر من مرة بتهم تتعلق بجرائم المخدرات، وحفظت وجهه سجون لوس أنجلوس حيث كان يعيش. وبحسب ما كتبه خليل بعد ذلك في كتابه I Forgot to Die الذي صدر عام 2015، فإنه كاد يقترب من الموت تسع مرات بسبب جرعات مخدرات زائدة. كل مرة كان خليل يتعرض فيها للاقتراب من الموت بسبب جرعة زائدة كان لا يهتم بما يحدث، ولا تفرق معه الحياة، لكن الأمر اختلف في المرة التاسعة. شعر بأن الوقت قد حان ليتوقف عن كل هذا.

كاد يقترب من الموت تسع مرات بسبب جرعات مخدرات زائدة... ثم توقف وبفكرة واحدة أصبح مليونيراً

التحق خليل بأحد مراكز إعادة التأهيل الأمريكية، وخرج منه بخطط جديدة ورغبة أكبر في الحياة والنجاح، فعمل في محطات لغسيل السيارات، وكمسؤول عن رعاية الكلاب وتنسيق الحدائق. كان يعمل لأكثر من 16 ساعة يومياً. Khalil Rafati1

نجاح بطعم العصائر المثلجة

في هذه الفترة، التقى خليل بصديق قديم أخذ يحدثه عن أهمية الخضر والفواكه العضوية الخالية من المبيدات، اهتم المدمن السابق بالأمر، وفكر في صنع عصائر من فواكه وخضر عضوية وبدأ ببيعها في المركز الذي عولج فيه من الإدمان. ثم بدأ يفكر بجدية في إقامة مشروع تجاري مستقل للعصائر، فولدت شركته في عام 2011 عندما افتتح أول فرع في ماليبو، وحقق نجاحاً كبيراً إذ تخطت المبيعات مليون دولار في العام الأول. حالياً يعمل في شركة خليل أكثر من 200 موظف وبات لها فروع عدة، وتنتج بالإضافة للعصائر، موادَّ غذائية عضوية وبعض الملابس. وتخطت مبيعات الشركة 6 ملايين دولار سنوياً. Khalil Rafati3

بداية جديدة

أصبح اسم مشروع خليل SunLife Organics من الأسماء المميزة في أمريكا، ويحقق كتابه مبيعات كبيرة في المكتبات، وصار لديه طائرة خاصة. يشبه الجزء الأول الحزين من حياة خليل رافاتي حياة مئات الآلاف من الشباب العرب الذين خاضوا تجربة الإدمان. فهل نجد منهم من تشبه قصته الجزء الثاني الناجح من حياة خليل؟ "بالتأكيد سيحدث ذلك، فالإدمان، برغم أنه يحول حياة صاحبه إلى جحيم، تجعلني الإرادة التي أراها في وجوه المتعافين منه، واثقاً بأن عالمنا العربي سيشهد قصص نجاح ملهمة جداً"، يقول لرصيف22 عادل صدقي الطبيب النفسي المتخصص في علاج الإدمان.