شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
السوريون وهروبهم من الحرب إلى المخدرات

السوريون وهروبهم من الحرب إلى المخدرات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 14 مايو 201703:32 م
بدأت رحلة مي، التي رفضت الإفصاح عن اسمها الكامل، مع مرض الإدمان منذ نحو عامين. عمرها 23 سنة، وتنحدر من منطقة جبل العرب جنوب غرب سوريا. "أنا طالبة جامعية من عائلة محافظة. لو عرف أهلي أني مدمنة لقتلوني، ولصارت سمعتي سيئة بين الناس"، تقول لرصيف22. تقيم مي في السكن الجامعي وسط دمشق، ومصروفها الشهري لا يكاد يكفيها لتأمين الحد الأدنى من متطلبات العيش. بدأت مشوارها مع حشيشة الكيف، لكنها اتجهت إلى حبوب الكبتاجون لرخص ثمنها، إذ يبلغ سعر 5 حبات الدولارين. "هذا أقصى ما باستطاعتي، تكفيني الحبوب أسبوعاً، هذا جيد في غياب حلول بديلة. فمن المستحيل أن أقصد مشفى للعلاج من الإدمان، خوفاً من انتشار الفضيحة"، تقول.

في سوريا

لا يتم زرع وإنتاج المخدرات في سوريا، التي يجعلها موقعها الجغرافي ممراً لها من لبنان وأفغانستان حيث تزدهر زراعة الحشيش. وقد شاع أخيراً استخدام أدوية العلاج النفسي التي يُمنع بيعها من دون وصفة طبية كبدائل للمواد المخدرة، مثل البالتان والأوبرفال وبروكسيمول، بالإضافة لأدوية السعال التي تحتوي على مادة الكودئين. يعتبر القانون السوري للعقوبات المتعاطي مريضاً صحياً، وليس مجرماً. وتقع العقوبة على المروج والمتاجر، اللذين يخضعان لعقوبة شديدة قد تصل بحسب قانون العقوبات العام الصادر عام 1949، إلى 15 سنة. رسمياً، أكدت إحصاءات وزارة الداخلية أن محاولات التعاطي والإدمان في سوريا ليست أكثر من سلوك فردي، ولا تتجاوز نسبة مجربي المخدرات والمتورطين فيها 51 شخصاً في المليون. وهي نسبة ليست دقيقة أو منطقية، حيث أكد مصدر رسمي لرصيف22 رفض الكشف عن اسمه أن الدوائر العدلية وفروع مكافحة المخدرات في سوريا تستقبل بين 50 و 60 حالة يومياً كحداً متوسطاً، وكلها تتعلق بالتعاطي والاتجار والإدمان. كما قالت مصادر طبية وقضائية ورسمية تحدث معها رصيف22 أن نسبة التعاطي ارتفعت في أعوام الحرب الـ6 الأخيرة، وباتت تجارة المخدرات أمراً رائجاً في بعض الأوساط، أبرزها الطلابية. 
حال المجتمع السوري كحال الشعوب التي انتشرت المخدرات بها إبان الحرب والمعارك كلبنان واليمن والاتحاد السوفييتي
الخطورة تكمن في ما بعد الحرب. حينذاك ستنتشر المخدرات بشكل أكثر اتساعاً وبطانة

المخدرات والحرب

حال المجتمع السوري كحال العديد من المجتمعات التي انتشرت المخدرات فيها إبان الحرب والمعارك، كلبنان واليمن والاتحاد السوفياتي السابق. ويرى الدكتور علي معروف، الاختصاصي في علاج الإدمان في سوريا، أن الخطورة تكمن في ما بعد الحرب. حينذاك، وفق رأيه، ستنتشر المخدرات بشكل أكثر اتساعاً. يقول لرصيف22: "نحن يومياً على تماس مع الكثير من الحالات المدمنة على الحشيش والكحول والمخدرات، ونبذل قصارى جهدنا من أجل معالجة هذه الظاهرة الخطيرة".

هل الحرب هي السبب؟

العامل المشترك بين الكثير من المدمنين الذين بدأوا التعاطي خلال السنوات الست الأخيرة هو الرغبة في الهروب من الحرب. أحمد (24 عاماً) طالب في السنة الرابعة في كلية الهندسة المدنية، بدأ تدخين الحشيش قبل عامين تقريباً.ومع أن الحصول على الحشيش صعب جداً، فقد وجد مُهرّباً يوفره له، داخل كتاب يسلمه إليه سراً في منطقة متفق عليها مسبقاً. "الأمر غاية في الصعوبة, ولكن في حرب كهذه أنت مضطر لأي حل يجعلك سعيداً ولو قليلاً، وقادراً على الدراسة ولو قليلاً أيضاً". أما ندى فهي صيدلانية من منطقة السويداء جنوب سوريا، فقد أدمنت حبوب الكابتاجون والحشيشة رغم معرفتها المسبقة بأضرارها. تقول: "سأحاول أن أتعالج من إدماني، لا أستطيع المتابعة، لي مستقبل وأهل وعمل، ولكنني تورطت وما عدت قادرة على الابتعاد، ليس لدي سبيل للسعادة إلا عبر المخدرات، أنا مضطرة لذلك فعلاً". وتتابع :"تباً للحرب، لم تترك لنا أي خيار للسعادة". يعلق الطبيب النفسي درويش سميع على ارتباط المخدرات بالحرب، قائلاً إن الحروب تدفع الناس لتعاطي المخدرات لأنهم يعيشون حالة من اليأس واللاجدوى والعبث، وهذه مرحلة قاسية عاشتها أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية. "يوم صار الناس يجدون أن لا فائدة من حياتهم أو من أي شيء يفعلونه، انتشرت ثقافة المخدرات"، يقول درويش لرصيف22.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image