بدأت سلطات الجمارك بالمطارات المصرية، اعتباراً من اليوم الخميس 11 مايو/آيار 2023، تنفيذ قرار مجلس الوزراء بإعفاء واردات الذهب بصحبة القادمين من الخارج، من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، لمدة ستة أشهر.
ووافق مجلس الوزراء خلال اجتماعه، أمس الأربعاء 10 مايو/ أيار الجاري، على مشروع القانون الخاص بإعفاء واردات الذهب من الرسوم الجمركية، ونشرت الجريدة الرسمية القرار في نفس اليوم، في العدد 18 مكرر، ليبدأ العمل به اعتباراً من اليوم الخميس.
يأتي قرار إعفاء واردات الذهب من الضريبة الجمركية وسط حالة من الاضطراب في أسعار الذهب بالأسواق المصرية، على خلفية زيادة إقبال المصريين على شراء المعدن الثمين كطريقة للحفاظ على المدخرات والتحوط ضد التضخم في ظل استمرار تراجع القيمة الشرائية للجنيه
وجاء نص القرار في مادة واحدة كالتالي: "تُعفى الواردات التالي بيانها الواردة للمنافذ الجمركية صحبة الركاب القادمين من خارج البلاد، من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، وذلك لمدة 6 أشهر، وهي:
- الذهب بأشكال نصف مشغولة، الذهب المعد للتداول النقدي، الحلي والمجوهرات وأجزاؤها من معادن ثمينة أخرى وإن كانت مكسوة أو ملبسة بقشرة من معادن ثمينة.
ولا يشمل قرار الإعفاء أصناف اللؤلؤ الطبيعي أو الممزوج أو الأحجار الكريمة أو شبه الكريمة المركبة أو المرصعة على الحلي والمجوهرات وأجزائها.
يأتي القرار الرسمي بعد حالة من الغضب في أوساط المصريين العاملين في الخارج الذين تعرض بعضهم لمصادرة مدخراتهم في موانئ الوصول المصرية، إذ يشيع بين كثير منهم ادخار أموالهم في صورة مشغولات وسبائك ذهبية. وانتشرت تصريحات إعلامية للشحات الغتوري مدير مصلحة الجمارك المصرية التابعة لوزارة المالية حول اعتماد موظفيه على التقييم الشخصي لمظهر الركاب لتقدير الجمارك المفروضة على مشغولاتهم الذهبية في وقت تكرر التعامل مع الكثير منهم كمهربين.
ارتفاع الطلب على الذهب، قفز بأسعار المعدن الثمين داخل مصر لمستويات قياسية كسرت حاجز الـ3000 جنيه للغرام من عيار الـ24، قبل أن يهبط إلى 2914 جنيهاً للغرام بسعر اليوم الخميس، 11 مايو/ أيار، في حين أن السعر العالمي للذهب يراوح بين 65 و68 دولاراً للغرام من عيار 24
كما يأتي القرار وسط حالة من الاضطراب في أسعار الذهب بالأسواق المصرية، على خلفية زيادة إقبال المصريين على شراء المعدن الثمين كطريقة للحفاظ على المدخرات والتحوط ضد التضخم في ظل استمرار تراجع القيمة الشرائية للجنيه، وكونه مرشحاً لمزيد من الانخفاض.
وبحسب أحدث تقرير لمجلس الذهب العالمي، صدر في مايو/ آيار الجاري، احتلت مصر المركز الخامس عالمياً من حيث الطلب على السبائك والعملات الذهبية خلال الربع الأول من عام 2023، بعد كل من تركيا والصين واليابان وإيران، ليصل الطلب إلى سبعة أطنان من الذهب، مقابل 3.2 طن خلال نفس الفترة من العام الماضي، وارتفع الطلب على السبائك والعملات (الوسائل الأنسب للادخار) في مقابل ضعف الطلب على المشغولات.
ارتفاع الطلب على الذهب، قفز بأسعار المعدن الثمين داخل مصر لمستويات قياسية كسرت حاجز الـ3000 جنيه (96.9 دولار) للغرام من عيار الـ24 (المستخدم في السبائك والجنيهات الذهبية)، قبل أن يهبط إلى 2914 جنيهاً للغرام بسعر اليوم الخميس، 11 مايو/ أيار، في حين أن السعر العالمي للذهب يراوح بين 65 و68 دولاراً للغرام من عيار 24.
خبير اقتصادي: اكتناز الذهب في كل الأحوال ليس صحياً على حالة الاقتصاد، إذ يحول دون تدوير الأموال في الأسواق، لكن إذا كانت الأموال ستكتنز فخير لها أن يكون ذلك داخل مصر وليس خارجها، خاصة أموال العاملين في الخارج، وبالتالي من المفيد تقليل القيود على هذا النوع من المنتجات
وكرد فعل سريع، أصدرت الشعبة العامة للذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، بياناً يرحب بقرار رئيس مجلس الوزراء، وأشاد رئيس الشعبة هاني ميلاد باستجابة الحكومة لمقترح الشعبة الذي يهدف لزيادة المعروض من الذهب في الأسواق المصرية لضبط الأسعار، مشيراً إلى أن القرار سيكون له تأثير مباشر على تحقيق التوازن المنشود بين الأسعار المحلية والعالمية، كما يوفر الخام اللازم للتوافق مع حجم الطلب الذي تضاعف خلال الثلاثة أشهر الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كذلك سيكون له مردود مباشر على عودة تحويلات المصريين بالخارج في شغل مشغولات أو خام ذهب.
قبل صدور قرار مجلس الوزراء المصري، كانت سلطات الجمارك تسمح للراكب القادم إلى مصر بالدخول بهدايا أو مجوهرات في حدود 10 آلاف جنيه فقط، وما يزيد عن هذا المبلغ يتم التعامل معه جمركياً، وفي حالة الذهب تُحتسب عليه رسوم تقدر بـ10% من الكمية المضبوطة مع المسافر، إضافة إلى 14% ضريبة قيمة مضافة (تفرض على المصنعية)، باستثناء أن تكون المشغولات الذهبية ترتديها امرأة وتتناسب كميتها مع وضعها الاجتماعي، في هذه الحالة لا يفرض عليها رسوماً جمركية.
وقبل أيام، تداولت المواقع المحلية أخباراً تفيد بضبط سلطات جمارك مطار القاهرة الدولي عدداً من السبائك الذهبية قارب وزنها كيلوغرامين من الذهب، بحوزة ركاب أخفوها بطرق متنوعة في محاولة للعبور بها دون سداد الرسوم الجمركية المقررة.
الذهب داخل مصر أفضل
يرى الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل، مدحت نافع، أن قرار مجلس الوزراء بشأن إعفاء واردات الذهب من الرسوم الجمركية، يسير في الاتجاه الصحيح، مشيراً إلى أن تعامل السلطات الجمركية مع الذهب باعتباره أقرب إلى الممنوعات، وتصوير القادمين به لم يكن تعاملاً صحيحاً، في ظل ندرة المعدن الثمين في الأسواق المحلية، وارتفاع أسعاره بشكل كبير باعتباره ملاذاً آمناً يلجأ له المواطنون بدلاً من فائدة البنوك التي لا تعكس الحقيقة، إذ أن الفائدة الحقيقية حالياً تقدر بالسالب مع ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير.
وبحسب آخر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، سجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 31.5% لشهر أبريل/نيسان 2023، بينما سجل معدل التضخم الأساسي خلال نفس الشهر 38.6%، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
والفائدة الحقيقية = (معدل الفائدة الرسمي - معدل التضخم)، وفي آخر اجتماعات لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري بتاريخ 30 مارس/ آذار 2023، تقرر رفع الفائدة بالبنوك بمعدل 200 نقطة أساس، أو 2%، لتصل إلى 18.25 على الإيداع، و19.25 الإقراض، و18.75 على الإقراض لليلة واحدة، وبالتالي فإن الفائدة الحقيقية على الإيداع= (الفائدة الرسمية- معدل التضخم لإجمالي الجمهورية)= (18.25- 31.5= -13.25) فائدة سالبة.
وقال نافع لرصيف22 إن اكتناز الذهب في كل الأحوال ليس صحياً على حالة الاقتصاد، إذ يحول دون تدوير الأموال في الأسواق، لكن إذا كانت الأموال ستكتنز فخير لها أن يكون ذلك داخل مصر وليس خارجها، خاصة أموال العاملين في الخارج، وبالتالي من المفيد تقليل القيود على هذا النوع من المنتجات، ودخول الذهب إلى مصر لتقليل الندرة في المعروض.
قرار يحل الأزمة بشرط
يرى عضو مجلس إدارة شعبة الذهب بغرفة التجارة، عمرو المغربي، أن قرار مجلس الوزراء بإعفاء واردات الذهب من الرسوم الجمركية، هدفه تحقيق استقرار الأسعار التي تجاوزت الأسعار العالمية، من خلال زيادة المعروض وبالتالي تقليل الفجوة بين العرض والطلب.
وقال المغربي لرصيف22 إن أسعار الذهب ترتفع في اليوم الواحد على نحو يراوح بين 70 و100 جنيه، وهو معدل كبير يعبر عن عدم الاستقرار، لافتاً إلى أن عودة الاستقرار مرهونة باستجابة القادمين من الخارج وضخهم كميات من الذهب تتناسب مع حجم الطلب ليحدث انخفاض تدريجي في سعره وصولاً للسعر العالمي.
سكرتير عام شعبة المعادن الثمينة بالغرفة التجارية سابقاً: قرار الحكومة هدفه تشجيع المصريين في الخارج على الدخول بالذهب وبيعه في الداخل لإحداث راوج وتحقيق استقرار وتناسب بين سعره المحلي وسعره العالمي
بلا تأثير على سعر الذهب
في المقابل، يرى سكرتير عام شعبة المعادن الثمينة والمصوغات والمجوهرات بالغرفة التجارية سابقاً، نادي نجيب، إن قرار إعفاء الذهب من الرسوم الجمركية لن يكون له تأثير قوي على أسعار المعدن الثمين بالأسواق المحلية، إذ كان وضعاً طبيعياً قبل صدور هذا القرار أنه لا تفرض رسوماً على الذهب الوارد للاستعمال الشخصي، كما أنه لا يضمن كميات محددة من الذهب تدخل مصر خلال فترة تنفيذه، إذ تعتمد الكمية على رغبة القادم من الخارج في الدخول إلى مصر بمجوهرات وبيعها في السوق المحلي: "محدش يقدر يملي على صاحب الذهب إنه يشتري من الخارج ويبيعه في الداخل، وبالتالي الخام اللي هيدخل السوق هيبقى نسبته بسيطة جدا".
وقال نجيب لرصيف22 إن قرار الحكومة هدفه تشجيع المصريين في الخارج على الدخول بالذهب وبيعه في الداخل لإحداث راوج وتحقيق استقرار وتناسب بين سعره المحلي وسعره العالمي، في حين أن استفادة الدولة محدودة تتمثل في تحصيل ضريبة القيمة المضافة التي تمثل 14% على المصنعية فقط.
ولفت إلى أن الفرق يبن سعر الذهب المحلي والسعر العالمي يراوح بين 300 و400 جنيه، وهذا الفارق مدفوع بعاملين رئيسيين، الأول ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية التي تمول صناعة الذهب في مصر، إذ من الممنوع على البنوك تمويل شراء الذهب، والثاني ارتفاع الطلب على الذهب خاصة غير المشغول (السبائك والجنيهات) في مقابل ندرة المعروض.
ويراوح سعر الدولار في السوق الموازية بين 36 و40 جنيهاً للدولار، مقابل السعر الرسمي المحدد بـ30.95 جنيه للدولار. وهنا أشار نادي نجيب إلى أن سعر الدولار أيضاً يخضع للعرض والطلب وكل تاجر بالسوق الموازية يعرض سعره وعلى المشتري القبول أو الرفض حسب الحاجة، وكلما قل احتياطي الدولة من العملة الأجنبية ارتفع سعره في السوق الموازية.
وتعاني مصر من ندرة في العملات الصعبة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط 2022، وما ترتب عليها من زيادات كبيرة في أسعار الغذاء والوقود، وتوقف عائدات السياحة الحيوية، إضافة إلى مواجهة أسوأ أزمة للعملات الأجنبية منذ سنوات بعد فقدان نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة بمجرد اندلاع الحرب.
وأشار إلى أن المواطنين خلال العام الماضي، بعدما جربوا شراء الشهادات البنكية، اكتشفوا ان قيمتها تقل عند موعد الاستحقاق بسبب انخفاض قيمة الجنيه الذي فقد 50% من قيمته خلال عام، وازداد الأمر سوءاً عندما طرحت الدولة شهادات مدتها ثلاث سنوات، وهي مدة طويلة لن تجاري الفائدة البنكية خلالها ارتفاع سعر الذهب، وبالتالي أيقن الناس أن الاستثمار في الذهب كان الأكثر ربحاً – قفز سعر الذهب من عيار 24 في أبريل/ نيسان إلى حدود الـ3000 جنيه، من 1240 في نفس الشهر من العام الماضي بزيادة نحو 250%- واتجهوا لشراء السبائك والعملات الذهبية ذات القيمة المضافة العالية والمصنعية المنخفضة (تراوح بين 40 و60 جنيها) مقابل المشغولات التي تتجاوز مصنعيتها الـ100 جنيه.
وخلال عام 2020 طرحت الدولة شهادات ادخار بقيمة 18%، تآكلت فائدتها بفعل التضخم وتخفيض قيمة الجنيه قبل موعد استحقاقها، كما طرحت شهادات بفائدة 25%، تجاوزها معدل التضخم إذ وصل إلى 31.5% هذا الشهر، ومؤخراً طرحت شهادات بفائدة متناقصة أقصاها 22% مدتها ثلاث سنوات.
وفقد الجنيه المصري 50% من قيمته خلال العام الماضي بفعل ثلاثة تخفيضات أجراها البنك المركزي، ويتنظر المواطنون التخفيض الرابع خلال الأيام المقبلة.
وكشف نادي نجيب أن شراء السبائك والجنيهات الذهبية يضر بصناعة الذهب ويساهم في ارتفاع أسعاره، لأنها منتجات منخفضة المصنعية، لا توفي بالتزامات ورش صناعة الذهب من ضرائب ومصروفات، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر الغرام: "لو الناس اتجهت لشراء المشغولات الذهبية الورش هتقدر تسدد مصروفاتها من المصنعيات وده هيساهم في تخفيض سعر الجرام، لكن اللي هدفه الاستثمار بيركز على التوفير بقدر الإمكان بشراء الخام".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع