"قبل الزواج كان غير"، هذه المقولة الشهيرة غالباً ما نسمعها من بعض الأزواج.
صحيح أن الحياة الزوجية ليست "كالسمن على العسل" دائماً، وفيها نكهات حادّة أيضاً، لكن كيف لشخص يحبّ، أن يتغيّر فجأةً مع الشريك/ ة؟ وما الذي قد يتغيّر بين ما قبل دخول القفص الذهبي وما بعده؟
لماذا تغيّر بعد الزواج؟
لم تتمكّن ميلاني، إلى الآن، من معرفة سبب تغيّر زوجها، ولكنّها تحاول فهمه للمحافظة على أسرتها، وهي ما تزال تأمل بأن يعود كما عرفته خلال فترة الخطوبة، رجلاً عاطفياً ومهتمّاً.
قضت هذه الشابة أجمل الأوقات مع شريكها قبل فترة خطوبتها وبعدها، والتي امتدّت لنحو سنتَين، وفق ما قالت لرصيف22: "صدق مَن قال إن البدايات دائماً ما تكون أجمل، ويا ليتها تبقى مجرّد بداية لا نهاية. خلال فترة تعارفنا، كنّا نلتقي كل يوم تقريباً، ونشاهد التلفاز معاً، نتجوّل في السيارة، نسهر معاً، نطبخ معاً وندردش. لقد كانت فعلاً لحظات رائعةً قضيتها مع شريكي خصوصاً بعد خروجي من علاقة سامة".
صحيح أن الحياة الزوجية ليست "كالسمن على العسل" دائماً، وفيها نكهات حادّة أيضاً، لكن كيف لشخص يحبّ، أن يتغيّر فجأةً مع الشريك/ ة؟ وما الذي قد يتغيّر بين ما قبل دخول القفص الذهبي وما بعده؟
وتابعت ميلاني: "كنتُ أشعر بالأمان بقربه، وبقدر ما كان يهتمّ بي كنتُ أحبّه أو ربما أكثر، فتزوّجنا وقضينا شهر عسل لا يُنسى".
بغصّة، أوضحت أنّه فجأةً لم يعد يهتمّ بها، وبات شخصاً عصبياً جداً بسبب أو من دون سبب، وهذا الجانب منه لم ترَه من قبل، ليتضّح في ما بعد أنّه كان مديوناً لأحد شركائه في العمل وليس في مقدوره تسديد الدين في القريب العاجل: "كنت مجرّد فشّة خلق على شي ما خصني في"، هكذا وصفت ميلاني الحالة التي كانت تعيشها.
في حديثها إلى رصيف22، كشفت مدرّبة العلاقات وتطوير الذات، سالي نعمة، عن أسباب تغيّر بعض الرجال بعد الزواج:
• قد يكون بسبب المسؤوليات والتغيّرات الجديدة في حياته الشخصية، فهو غالباً ما يشعر بضغط كبير لتأمين أفضل نمط حياة لعائلته. لذلك تجرّده هذه المسؤوليات والضغوط من مشاعره وتجعله عملياً أكثر.
• من الممكن أن يكون بسبب المرأة، خاصةً عندما تصبح شخصاً ينتقد ويعلّق على أبسط الأمور، وهذا الأمر قد يجعل الرجل يبتعد عنها مع مرور الوقت.
• لأنّه باختصار قد يكون أخذها for granted.
انفصلت ريم، وهي أستاذة في اللغة الفرنسية، عن زوجها بعد 13 عاماً من الزواج: "بعد أن تزوّجنا أصبح رجلاً غيوراً بشكل لا يُحتمل، وبات يتصرّف بازدواجية: يهتمّ بي أمام الناس ويكون هادئاً إلى درجة أنّ الناس كانت تحسدني عليه، وعندما نكون وحدنا يصبح شخصاً مختلفاً تماماً".
تحمّلت ريم تقلّب مزاج زوجها سنةً تلو الأخرى، وذلك بسبب طفليها، ولكنّها خرجت عن صمتها أخيراً بعد أن أصبح يضربها.
وقد واجهتها مشكلات عدّة قبل أن تحصل على حرّيتها، وفق ما كشفت لرصيف22: "بعد أن انفصلتُ عنه، عدتُ بذاكرتي إلى فترة الخطوبة وتذكرتُ كيف كان يقنعني بعدم ارتداء الملابس القصيرة حينها، ولم أكن أعطي الموضوع أهميةً، ولكن على ما يبدو أنّه كان يغار عليّ ولكن بهدوء".
في هذا الصدد، أوضحت سالي نعمة، أنّه لا يمكن معرفة ما إذا كان الرجل سيتغير أم لا بشكل جازم، ولكن طريقة كلامه قد تدلّ على ذلك في فترة التعارف، مشيرةً إلى أن الرجل الذي لديه علاقات متعدّدة غير ناجحة، قد يتغيّر، فهذا مؤشر أو في حال كان يعيش نمط حياة سيئاً.
ملل وفتور في العلاقة
أكّدت سالي نعمة، أن تغيّر الشريك بعد الزواج له تأثير واضح على الثنائي، فإمّا تصبح العلاقة باردةً ومملّةً للغاية أو تصبح المرأة كثيرة الانتقاد والتعليق: "عندما لا تأخذ المرأة الاهتمام الذي تحتاج إليه من زوجها، تبدأ بالتدقيق في أبسط الأمور في العلاقة، الأمر الذي يؤدّي إلى مشكلات زوجية كثيرة وإلى انسحاب الزوج أكثر. بمعنى آخر، هي تتقرّب منه لتأخذ الاهتمام الذي تريده وهو يتهرّب كونه يشعر بالاختناق".
"بعد أن تزوّجنا أصبح رجلاً غيوراً بشكل لا يُحتمل، وبات يتصرّف بازدواجية: يهتمّ بي أمام الناس ويكون هادئاً إلى درجة أنّ الناس كانت تحسدني عليه، وعندما نكون وحدنا يصبح شخصاً مختلفاً تماماً"
هذا تماماً ما حصل مع جورجيت، وهي ربّة منزل، فبعد زواجها لاحظت أنّ زوجها لم يعد كالسابق واهتمامه بها قد تلاشى: "عدم الحصول على الاهتمام الذي أريده، حتى أنّنا لم نعد نقيم علاقةً جنسيةً معاً، جعلني نوعاً ما عصبيةً ومنتقدةً لتصرّفاته كلها"، كاشفةً أن ابتعاده عنها فجأةً، جنسياً وعاطفياً، دفعها إلى طلب الطلاق، "ولكن ليس من السهل على ربّة منزل لا تملك شهادةً جامعيةً أن تُقدم على هذه الخطوة الجريئة"، على حدّ قولها.
وتابعت جورجيت: "يوم إيه يوم لا في مشكل مع أو من دون سبب. وعلى الرغم من أنّني أخبرته بما أشعر به وانزعاجي من ابتعاده عنّي فجأةً، إلّا أن شيئاً لم يتغيّر".
أمّا جاد، وهو والد لأربعة أولاد، فقد أكّد أن العلاقة مع زوجته لم تعد كما كانت هادئةً وجميلةً، إذ إنّه لاحظ أنّها لم تعد تهتمّ بنفسها ومشاعرها تبدّلت: "عم حسّ بآخر فترة كأنّو مزوّج إختي، ما في هل شغف بالعلاقة".
وعندما سألته: ما السبب؟ أجاب: "يمكن أنا الحق عليّ مشغول بالشغل بس في 4 ولاد ومصاريف، ويمكن لأنو هيي ما عم بتلاقي وقت لحالها كمان بما إنو في مسؤوليات وولاد".
أوضح جاد أنّ زوجته لم يعد يهمّها أي شيء ولم تعد تتحمّس للمشاريع، وأصبحت يائسةً وتتذمّر من أي شيء، وهذا أثّر على علاقتهما الجنسية.
كيف تتصرّف الزوجة في هذه الحالة؟
أشارت مدرّبة العلاقات وتطوير الذات سالي نعمة، إلى أنه "للأسف لم نتربَّ على التعبير عن مشاعرنا والتفاهم مع الطرف الآخر بالطريقة الصحيحة، لذلك يبدأ كلّ من الرجل وزوجته بإلقاء اللوم على الآخر. لذلك في حال تغيّر الرجل بعد الزواج، على المرأة أن تعمل على نفسها حتى تبقى هادئةً ولا تُستفزّ، بمعنى آخر عليها أن تتعلّم كيفية السيطرة على طريقة حديثها من دون إخراج ردة فعل قوية حتى لا تتفاقم المشكلة أكثر، فهي التي تملك القوة لإدارة المشكلات خصوصاً إن كان الحب موجوداً".
وتابعت: "من بين الأمور التي من الممكن أن تقوم بها المرأة، البحث عن أساس المشكلة لإيجاد الحلّ، كما يجب على الزوجة أن تعود وتهتمّ بنفسها أكثر من خلال ممارسة الرياضة مثلاً ولقاء الصديقات، ما يساعدها في عدم التفكير في الموضوع كثيراً، ويبدأ الرجل حينها بالعودة إلى المسار الصحيح، فيشتاق إليها ويهتمّ بها".
متى يكون الطلاق هو الحلّ الأفضل؟
لعلّ أنسب وقت للطلاق، وخصوصاً إن كان هناك أطفال، هو بعد أن يجرّب الرجل والمرأة كلّ الطرق لحلّ المشكلة وقبل أن يكرها بعضهما البعض، هذا ما أوضحته سالي نعمة التي رأت أن العلاقات تشكّل عنصراً مهمّاً في الحياة، فمن خلالها تظهر الجروح وضعف الشخص، هذا إلى جانب تأثّر المزاج بالعلاقة، فإن كانت المرأة سعيدةً بالارتباط ستشعر بنجاحها، أمّا في حال كانت في علاقة سيئة فستشعر حينها بأن كلّ ما تفعله لا يُجدي نفعاً ودائماً ما تشعر بالإحباط. من هنا فإن الدمار الذي يحصل للطرفين نفسياً، عاطفياً وعملياً، لن يدمّرهما وحدهما فقط، بل سيؤثّر على الأطفال أيضاً.
إلى جانب استشارة المعالج/ ة النفسي/ ة، من الضروري أن يقوم الزوجان بنشاطات معاً لكسر الروتين والملل، بالإضافة إلى الاتصال الجنسي، فهو عنصر مهمّ لإعادة إحياء العلاقة من جديد بينهما
من جهة أخرى، أوضحت نعمة: "من الأفضل أن يعيش الطفل مع أب وأمّ منفصلَين، على أن يعيش في عائلة تتشاجر يومياً وتفتعل المشكلات، إذ إنّ هذا كله سيؤثّر حتماً على الجوّ العام".
بحسب سالي، فإن "أفضل علاج هو ألّا يمرض المرء"، بمعنى أنّه لا يجب انتظار أن يبدأ الزوجان بالنفور من بعضهما حتى يقرّرا إصلاح الأمر: "من الأفضل أن يذهبا إلى معالج نفسي مرةً في الشهر حتى لا تتّسع الفجوة بينهما، ولكي يتقرّبا من بعضهما أكثر، أمّا في حال لم تكن هذه الفكرة واردةً، فعلى الثنائي البدء باستشارة مدرّب/ ة علاقات وتطوير الذات، ما أن يلاحظا أنّهما يفتعلان المشكلات لأبسط الأمور".
في الختام، أكّدت سالي نعمة، أنّه إلى جانب استشارة المعالج/ ة النفسي/ ة، من الضروري أن يقوم الزوجان بنشاطات معاً لكسر الروتين والملل، بالإضافة إلى الاتصال الجنسي، فهو عنصر مهمّ لإعادة إحياء العلاقة من جديد بينهما.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...