بجهودٍ ذاتية ومبادرات فردية ودون أي دعم حقيقي وملموس، أطلق فنانون ومتطوّعون ومخرجون سينمائيون "مهرجان حيفا المستقلّ للأفلام"، بعد غيابٍ عن الساحة لمدة 3 أعوام بسبب فيروس كورونا، معتمدين على الطاقات الشبابية الموجودة في حيفا والداخل الفلسطيني من أجل العمل على التسويق والتواصل مع المخرجين/ات من مختلف أنحاء العالم العربي، للحصول على الحقوق في عرض الأفلام في حيفا، كما تضمّن المهرجان العديد من الورشات والمحاضرات بتقديم من مختلف المخرجين الفلسطينيين، ليضيف ذلك تنوّعاً على المشهد الثقافي في المدينة.
استضاف كل من مسرح خشبة ومسرح سرد وجاليري فتوش وجمعية الثقافة العربية عروض الأفلام وتسيير الأنشطة بشكلٍ تطوعيّ ومساند للمشهد الثقافي - السينمائي في المدينة.
أطلق المهرجان فعالياته وعروضه في الثالث من أيار/ مايو، واختتم فعالياته في السابع من أيار/ مايو 2023، من خلال عرض فيلم "الغريب" للمخرج السوري، ابن الجولان السوري المحتل، أمير فخر الدين، ثم تلاه الحفل الختامي للحفل. وفي الدعوة إلى افتتاح المهرجان، أكّد القائمون عليه أنه يطمح إلى مواكبة التطور الحاصل على المشهد السينمائي، وإلى المساهمة في مشهد صناعة السينما في فلسطين والعالم العربي، كما يسعى إلى فتح باب الجدل والنقاش في عالم السينما، من خلال كسر الحدود بين حيفا والمشهد السينمائي العالمي.
بجهودٍ ذاتية ومبادرات فردية ودون أي دعم حقيقي وملموس، أطلق فنانون ومتطوّعون ومخرجون سينمائيون "مهرجان حيفا المستقلّ للأفلام"، بعد غيابٍ عن الساحة لمدة 3 أعوام
خلال المهرجان، تم عرض أفلام: "أسبوع غزّاوي" لباسل خليل، "120 كيلومتر" لوسيم خير، "اليد الخضرا" لجومانة منّاع، "تحت الشجرة" لأريج السحيري، "سولا" لصلاح إسعاد، "كوستا برافا" لمنية عقل، "فلسطين الصغرى" لعبد الله الخطيب، "جزائرهم" للينا سويلم، "حديد نحاس بطاريات" لوسيم شرف، والعديد من الأفلام القصيرة والتجريبية المحلية الّتي صنعت في فلسطين، كفيلم "ورشة، ع البحر"، "بيت لحم 2001"، "ضيف من ذهب"، "فلسطين 87"، كما تم تمرير عدد من الورشات في التصوير السينمائي، قراءة السينما، مدخل إلى عالم إنتاج الأفلام والتمثيل السينمائي والمسرحي.
جهود فردية واستثمار بالطاقات الشبابية
افتتح المهرجان من خلال مؤتمر صحفي تم عقده في مسرح خشبة، بحضور كل من روجيه خليف، مؤسس المهرجان، وعايدة قعدان، مديرة فنية ومديرة لجنة اختيار الأفلام في المهرجان، وباستضافة الممثلة السينمائية الفلسطينية منى حوا، إحدى بطلات فيلم "أسبوع غزّاوي" للمخرج باسل خليل. حيث شرح روجيه خلال المؤتمر حيثيات العودة والعمل على المهرجان بنسخته المختصرة: "لقد قررنا العودة في المهرجان بشكلٍ مفاجئ نهاية السنة الماضية، بعدما صارت الفرص أكبر للعمل على نجاحه، وقد كانت خطتنا العمل ضمن برنامج مصغّر لتكون عودة تحضيرية للسنة القادمة بعد انقطاع وبدون تمويل أيضاً، جاء اجتماعنا كمجموعة مخرجين وكتّاب ونقّاد ومهتمين بالسينما في المشهد الثقافي في حيفا وقررنا العودة. بدأنا العمل على ذلك في شهر كانون الثاني/ يناير 2023، ولم نكن نملك الوقت الكافي للإعلان والعمل بشكلٍ موسع، لكن لمفاجئتنا فقد كان الدعم كبيراً بتوفير مساحات العرض والورشات بشكلٍ مجانيّ من المساحات الثقافية الداعمة في حيفا، وباستعداد الكثير من الناس للتطوع والعمل ضمن طاقم المهرجان بدون مقابل.".
أضاف روجيه شارحاً عن سبب تسمية المهرجان هذا العام بنسخة مصغّرة: "عام 2019 عرضنا 59 فيلماً وهذا العام لدينا 25 فيلماً و5 ورشات من عالم السينما، كما أننا خلال الأعوام الماضية قمنا باستضافة العديد من المخرجين وصنّاع السينما من مختلف أنحاء العالم في حيفا، موفّرين لهم تذاكر طائرات وفنادق في المدينة، ولكن هذا العام بسبب نقص التمويل لم نستطع العمل على ذلك، واقتصر حضور الضيوف على المخرجين والممثلين والمنتجين المتواجدين في فلسطين فحسب".
وفي حديث لرصيف22 مع مرح زعبي، المديرة التنفيذية للمهرجان قالت: "حين بدأنا بالتفكير بالعودة كنا ندرك بأن عملنا هذا العام سيكون تطوعياً ودون مقابل لأي شخص فينا، وكان لدينا بعض التخوفات بسبب اختلاف المهرجان وعدم توفر تمويل كما في السنوات الماضية، لكن هذه المخاوف تبدّدت عند بداية عملنا على المهرجان من خلال الالتفاف الكبير حولنا والترحيب الّذي تلقيناه من جميع الجهات الّتي توجهنا إليها. الشعور خلال العمل على المهرجان وخلال المهرجان نفسه كان مميّزاً خاصةً أنه منحنا فرصة للانفصال قليلاً عن الوضع الصعب في البلاد والانشغال بمشهد غاب عنا طويلاً".
تنوّع المشهد السينمائي بين فلسطين والعالم
يمتاز مهرجان حيفا المستقل للأفلام بأنه المهرجان الأول من نوعه في الداخل الفلسطيني يهتم بعرض أفلام باللغة العربية أو مترجمة للغة العربية للمشاهد الفلسطيني، حيث يضطر الفلسطيني في الداخل إلى مشاهدة الأفلام العالمية المترجمة إلى العبرية حصراً في دور السينما الإسرائيلية، والّتي لا تحتوي على أفلام تعبّر وتقضي احتياجات المشهد الثقافي في الداخل.
يمتاز مهرجان حيفا المستقل للأفلام بأنه الأول من نوعه في الداخل الفلسطيني، يهتم بعرض أفلام باللغة العربية أو مترجمة للغة العربية، حيث يضطر الفلسطيني في الداخل إلى مشاهدة الأفلام العالمية المترجمة إلى العبرية حصراً
وقد جاء المهرجان بعروض سينمائية من مختلف الدول العربية، إضافةً إلى العروض الفلسطينية المحلية للأفلام المستقلة الّتي لا تتلقى دعماً من الحكومة الإسرائيلية وتعتمد على التمويل الذاتي للفيلم. عن ذلك قالت عايدة قعدان لرصيف22: "الأفلام الموجودة في المهرجان هذا العام هي من كلّ أنحاء العالم العربي، لدينا أفلام روائية طويلة من تونس والجزائر وأفلام قصيرة منها لبنانية وسعودية، وأفلام قصيرة إنتاج محلي بالشراكة مع إنتاج عالمي، فمن ناحية تنوّع دول في الإنتاجية بالمهرجان لدينا تنوّع جيد، لكن الضيوف الّذين تواجدوا في المهرجان هم فقط من يقيمون في الداخل الفلسطيني".
ويضيف روجيه لرصيف22، متحدثاً عن ثيمة المهرجان الأساسية والأسباب الّتي لأجلها بدأ العمل على إطلاق المهرجان في البلاد: "بدأ المهرجان من أجل توفير مساحة لعرض أفلام عربية من العالم العربي وأفلام محلية أيضاً، وذلك لعدم توفّر مساحات لعرض الأفلام المحلية والعربية، وكذلك ليكون مساحة لصنّاع السينما المحلية ليكون بيتاً ومكاناً لعرض الأفلام ولإقامة ورشات ولتبادل الأفكار والتشبيك بين صنّاع السينما والمهتمين في المجال في الداخل الفلسطيني، وأيضاً لوضع حيفا على الخريطة العالمية للأفلام والسينما، ليتعرف علينا العالم والعالم العربي وليعرفوا بأن هناك فلسطينيين في الداخل لديهم مساحتهم الخاصة.
في السنوات الأولى كنا نواجه مشكلة حقيقية في التواصل مع الجهات السينمائية في الدول العربية، حيث كانت حيفا والمساحات الثقافية فيها تابعة للحكومة الإسرائيلية، واحتجنا وقتاً كي نوصل رسالتنا بأننا جهة مستقلة لا تأخذ أي دعم من حكومة إسرائيل ومؤسساتها، اليوم بعد سنوات صار لدينا علاقات مختلفة ومميزة مع مخرجين وموّزعين عرب، من المغرب والجزائر ومصر ولبنان والسعودية وغيرها من الدول العربية، كما تم دعوتنا إلى العديد من المهرجانات وعروض الأفلام خارج البلاد، وهذا شيء مميّز بالنسبة لنا".
"من أجمل الأمور الّتي حدثت منذ بداية المهرجان عام 2016 أنّ الأفلام الفلسطينية المحلية صارت تعرض على شاشات عالمية مختلفة في تورنتو وغيرها من المدن والدول الغربية والعربية، وهذا يعني أنهم صاروا يعرفون بوجود صناعة سينما محلية بسبب المهرجان الّذي دعونا عليه ضيوف من مختلف أنحاء العالم، وصار هؤلاء الضيوف يتواصلون مع المخرجين المحليين من أجل عرض أفلامهم في دول مختلفة"، يقول روجيه.
"كنا نواجه مشكلة حقيقية في التواصل مع الجهات السينمائية في الدول العربية، حيث كانت حيفا والمساحات الثقافية فيها تابعة للحكومة الإسرائيلية، واحتجنا وقتاً كي نوصل رسالتنا بأننا جهة مستقلّة لا تأخذ أي دعم من حكومة إسرائيل"
وتقول مرح، حول وجود حيفا على المشهد السينمائي العربي والعالمي من خلال المهرجان لرصيف22: "أتمنى القول بإن حيفا فعلاً موجودة على الخريطة العالمية السينمائية، وهذا فعلاً هدفنا من خلال هذا المهرجان، فالسينما هي فن يجمع الموسيقى والحركة والتصوير والكتابة والألوان والخ، والمهرجان هو تجسيد لهذا التنوع، لدينا ندوات، محاضرات، عرض أفلام الخ. لدينا هدف آخر هو أن يصير المهرجان محطة يحضر المخرجون والفنانون أنفسهم له كلّ عام لعرض أعمالهم فيه، ونأمل أننا في مرحلة معينة نتمكن كمهرجان من تمثيل فلسطين في مهرجانات أخرى، وهذا يقود إلى تجنيد تمويل لصناعة أفلام ولدعم السينما المحلية".
نقص المساحات يخلق التميّز
بعد الغياب الاضطراري للمهرجان خلال السنوات السابقة، واختفاء معظم المشهد الثقافي في الداخل الفلسطيني بسبب فيروس كورونا، يعود المهرجان ليكون الواجهة الأولى للمشهد، وليخلق نوعاً مميّزاً من التفاف الناس حوله وحول المدينة. تقول مرح زعبي لرصيف22: "أعتقد أن ما يميّز المهرجان هذا العام هو أن الناس فعلياً مشتاقة لوجود هذا المشهد في المدينة وفي الداخل ككل. خلال هذا المهرجان لاحظت وجود جيل جديد ووجوه جديدة لم تتواجد معنا سابقاً في المهرجانات، هذا الغياب لثلاث سنوات كان غياباً للجمهور أيضاً وليس فقط لنا نحن القائمين عليه. هذا الحماس لدى المشاهدين جعلنا نعيد عرض بعض الأفلام أكثر من مرة بناءً على طلب الجمهور ورغبتهم في المشاهدة، ثمة شعور هذا العام بأن الجمهور هو الذي يريد هذا المشهد وهو من يطلب هذه المساحة ولسنا نحن من يطلب منهم الحضور".
وتضيف: "الجميل في مهرجان هذا العام هو أن كلّ شخص تطوّع في مجاله، فعندما يتطوّع أصحاب الحرفة كلّ في المجال المختص به، أولاً تشعرين بأن الأمور تسير بحبّ ودون ضغط، ثانياً يكون العمل محترفاً حتى لو كان تطوعياً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 23 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع