الروكتان... العلاج السحري لمشاكل البشرة

هل عانيت أو عانيتِ من أحد المشاكل الجلدية وتحديداً حب الشباب، في الغالب نعم، فمعظمنا عانى منه بتفاوت في مرحلة ما من مراحل الشباب وقد يستمر حتى العقد الثالث وأحياناً الرابع من العمر.

أحد خيارات العلاج هو "الأيزوتريتنوئين" أو "Isotretinoin"، المعروف باسم الروكتان "Roaccutane"، ويأتي هذا العلاج في شكل حبوب، وهو مصمم ليتم تناوله مرة أو مرتين يومياً، وتتراوح مدة العلاج بالـ"روكتان" عادةً من أربعة إلى ستة أشهر بحسب الحالة وبحسب تقدير الطبيب. ويُعتبر العلاج الذهبي لهذا النوع من المشاكل بحسب الأكاديمية الأمريكية لأمراض الجلد.

هل يسبب الروكتان تهيج حب الشباب؟

يُعالج الروكتان حب الشباب الشديد، الذي يحوي على ندبات أو كيسات أو عقيدات كبيرة تمتد في عمق الجلد. غالباً ما يكون هذا النمط من المشاكل الجلدية عنيداً مقابل علاجات حب الشباب التي لا تستلزم وصفة طبية.

ويشفي الروكتان حوالي نصف المرضى الذين يتناولونه بحيث لا يحتاجون أبداً إلى أي دواء آخر لعلاج حب الشباب. لكن يجب على المرضى أن يعرفوا أنه في الأسابيع القليلة الأولى من العلاج، يتهيج حب الشباب قليلاً عند واحد من كل خمسة مرضى، ويتهيج بشكل شديد عند واحد من كل 500 مريض. أما البقية فتتحسن بشكل واضح. ورغم هذا العرض لا يوجد أي دواء آخر في العالم يقترب من هذه الفعالية في علاج حب الشباب الشديد. 

يشفي الروكتان حوالي نصف المرضى الذين يتناولونه بحيث لا يحتاجون أبداً إلى أي دواء آخر 

كيف يعمل الروكتان؟

يكون لدى المرضى الذين يعانون من حب الشباب إفراط في إنتاج الـ"زُّهم" وهي مادة دهنية تعمل على ترطيب الشعر والجلد. يمكن أن يختلط هذا الإنتاج الزائد بخلايا الجلد الميتة ويسد بصيلات الشعر، وتكاثر بكتيريا تُسمى "البروبيونية العُدية" ما يسبب ظهور حب الشباب، يعمل الروكتان على تقليل إنتاج الـ"زُّهم"، وتثبيط نمو البروبيونية العُدية، ويقلل من التورم والاحمرار في الجلد لأنه يحتوي على خصائص مضادة للالتهابات.

إحذري... الروكتان والحمل

أول ما يسأل عنه طبيب الجلدية والتجميل المريضة قبل وصف دواء الروكتان هو الحمل، لأنّ جرعة واحدة من الروكتان قد تسبب تشوهات جنينية كبيرة في القلب والدماغ، لذا يجب إجراء اختبارَي حمل سلبيين قبل تناوله، ومرة أخرى قبل تجديد الوصفة، ومرة بعد آخر جرعة من الروكتان، وبعد شهر من إيقاف العلاج، واستخدام وسيلتي منع حمل خلال فترة تناوله.

يبقى الروكتان في الدم مدة شهر بعد إيقافه، لذلك يُمنع على المريضة التبرع بالدم طيلة فترة العلاج وخلال شهر من إيقافه، وهذه التوصية هي للرجال أيضاً (لا للتمييز الجندري) لأنه قد يتبرع بالدم وتأخذه سيدة حامل أو تخطط للحمل ما  قد يؤدي إلى تشوه الجنين.

تحاليل لا بد أن تسبق تناول الروكتان

يوصي أطباء الجلدية والتجميل كل مريض أو مريضة بإجراء مجموعة من التحاليل المخبرية مثل صورة الدم الكاملة (CBC)، وخمائر الكبد (AST, ALT)، وتحاليل الشحوم والكولسترول، ويطلب الأطباء عادةً تكرارها كل فترة أو عند الحاجة لتغيير الجرعة، لذا لا يمكن لأي مريض تناوله من تلقاء نفسه أو الامتناع عن المراجعات الدورية للطبيب المختص بأمراض الجلد، لأنّ هذا الدواء قد يرفع شحوم الدم، أو قد يضرّ بالكبد في حال تناوله بدون إشراف طبي.

صحيح أنّ الروكتان له تأثيرات ضارة بالكبد والشحوم ونقي العظم، ولكنها نادرة الحدوث، ومع المراجعة الدورية للطبيب تصبح هذه المخاطر شبه معدومة. 

جرعة واحدة من الروكتان قد تسبب تشوهات جنينية كبيرة في القلب والدماغ، لذا يجب إجراء اختبارَي حمل سلبيين قبل تناوله 

من الأعراض الشائعة أيضاً ارتفاع خمائر الكبد أو الشحوم خلال العلاج، ولكن هذا الارتفاع غالباً ما يكون خفيفاً أو خاضع لتقدير الطبيب، وإذا كان أكثر من اللازم فقد يلجأ الطبيب إلى تخفيف الجرعة على سبيل المثال، ومن ثم إعادة طلب التحاليل.

وبما أنّ استقلاب الروكتان يتم عبر الكبد، يجب على المريض/ـة إبلاغ الطبيب عن تاريخه/ـا الطبي بدقة، خصوصاً في حال وجود تاريخ طبي من المعاناة من أي من أمراض الكبد. كذلك يُنصح أو يفضّل ممارسة الجنس الآمن خلال فترة العلاج، لتجنب الإصابة بالتهاب الكبد B.

هل نتناول الروكتان مع الطعام؟

تناول الروكتان مع الطعام يزيد من امتصاصه، وكلما امتص الجسم الدواء أكثر -وكانت الجرعة أكبر-، زادت فرصة الشفاء. ولكن لسوء الحظ ، تعتمد الآثار الجانبية على الجرعة أيضاً. فعند الجرعات المنخفضة، لا توجد أي آثار جانبية على الإطلاق، والعكس صحيح. أما عندما يعاني المريض/ـة من آثار جانبية مزعجة يقوم الطبيب بتعديل الجرعة لتحقيق التوازن بين الفعالية والآثار الجانبية.

بالإضافة إلى ما ذكر يوجد للروكتان مجموعة من الآثار الجانبية المزعجة الأخرى، وأكثرها شيوعاً هو جفاف الجلد والأغشية المخاطية، وهو أمر طبيعي لأنّ آلية عمل الروكتان الأساسية تكمن في تقليل الإفرازات الـ"زهمية" التي ترطب الجلد.

قد يتسبب الدواء بأعراض مثل جفاف الجلد، وحرقة في العينين، وبعض الرعاف البسيط في الأنف

كما قد يتسبب الروكتان بحرقة في العينين بسبب جفافهما، لذلك يجب وضع القطرة العينية المرطبة حوالي خمس مرات يومياً بشكل وقائي، وألا ننتظر حدوث الحرقة، كذلك الأمر بالنسبة للشفاه حيث يصف الطبيب مرطبات الشفاه المناسبة للذكور والإناث.

كما قد يتسبب الروكتان جفافاً في مجرى الأنف، لذا قد تحدث بعض الحكة والانزعاج في الأنف، وقد يحصل رعاف "نزف" بسيط تبعاً لذلك.

النصيحة الذهبية لمن يتعالجون بالروكتان

النصيحة الذهبية والأكثر أهمية التي يجب على كل من يتعالج بالروكتان الالتزام بها، هي وضع واقي الشمس، والتأكيد على عدم الخروج من المنزل بدونه، مع اصطحابه إلى مكان العمل، بسبب ضرورة تجديده كل ساعتين، حيث يفقد واقي الشمس الكثير من فعاليته بعد ساعتين. فتعرض الجلد لأشعة الشمس خلال فترة العلاج تُعرضه لمخاطر حدوث حرق الشمس والتصبغات والكثير من الأضرار الأخرى.

كما ينصح الأطباء بضرورة تجنب التعرض لأشعة الشمس ما أمكن، ويعتبر التشمس الـ"برونزاج" ممنوع منعاً باتاً، كما يجب ارتداء القبعات الشمسية ذات الحواف السميكة، والملابس ذات الأكمام الطويلة، والسير في أماكن الظل قدر الإمكان، لذا يُعتبر فصل الشتاء الوقت الأمثل للعلاج بالروكتان.

يجب على المرضى تجنب إزالة الشعر بالشمع أو النتف أو الليزر، وتجنب تعريض الجلد لليزر خلال فترة العلاج بالروكتان لأي سبب كان، لأن ذلك سيؤدي إلى تهيج الجلد وحدوث التهابات مزعجة.

هل يسبب الروكتان الاكتئاب؟

لا يزال موضوع ارتباط الاكتئاب والتغيرات المزاجية بالروكتان مثار جدل حتى الآن، حيث يُعاني بعض المرض من تغيرات مزاجية خلال فترة تناوله، ولم تُعطِ الدراسات السريرية حول الاكتئاب والروكتان نتائج حاسمة بعد، وتختلف نسبة الإصابة بالاكتئاب بعد تناول الروكتان من 1 إلى 11٪.

وفي دراسة أخرى أجريت على عدد كبير من مرضى حب الشباب الذين يتناولون الروكتان، أوضح الدكتور "ويليام جيمس" أستاذ الأمراض الجلدية في كلية الطب في جامعة بنسلفانيا، أنّ ظهور تأثير سلبي على الحالة المزاجية لدى عدد قليل من المرضى، من المحتمل أن يكون حوالي أربعة من كل 1000 حسب تقديره.

وعلى العكس من ذلك، تشير إحدى الدراسات الحديثة التي تفحص تغيرات الحالة المزاجية، وجدت مجموعة صغيرة من المرضى الذين يتناولون الروكتان "الإيزوتريتنون" تحسنًا ملحوظًا في الأعراض النفسية بالتزامن مع تحسن حب الشباب.

النصيحة الأهم لمن يستخدمون الروكتان هي وضع واقي الشمس، وارتداء القبعات، وعدم التعرض للشمس أبداً

هل يسبب الروكتان التهابات في الأمعاء؟

تنكر الدراسات الأحدث والأهم إحصائياً وجود ارتباط بين الروكتان والداء المعوية الالتهابي (داء كرون) وبدلاً من ذلك تشير إلى وجود صلة محتملة بين شدة حب الشباب ومرض التهاب الأمعاء أو داء كرون.

ويوجد حالات طبية يترافق فيها حب الشباب مع داء كرون مثل متلازمة SAPHO، كما أنّ مرض التهاب الأمعاء يبدأ عادةً في سن 19 ، وهو قريب من العمر الذي قد يصاب فيه المريض بحب شباب حاد بالروكتان.