شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
ما الذي يؤخِّر

ما الذي يؤخِّر "صفقة" تسليم النائب عماد العدوان المعتقل لدى إسرائيل للأردن؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

الخميس 27 أبريل 202309:46 ص

بينما تواصل السلطات الإسرائيلية احتجاز النائب الأردني عماد العدوان لليوم الخامس على التوالي، منذ توقيفه عند معبر اللنبي، المعروف بجسر الملك الحسين، للاشتباه في تورطه في عملية "تهريب كميات من السلاح والذهب"، ازداد غضب الأردنيين النشطين عبر الإنترنت مما وصفوه بـ"الصمت الحكومي" و"بطء التحرك" لإعادة صاحب الحصانة الدبلوماسية.

والعدوان هو أحد أصغر النواب في البرلمان الأردني (35 عاماً)، ويمتهن المحاماة، ويحمل شهادة الماجستير في القانون الدولي. وقد فاز في الانتخابات البرلمانية لعام 2020 عن محافظة البلقاء (وسط غرب البلاد) وهو عضو في لجنة فلسطين في مجلس النواب الأردني.

وتتوفر معلومات شحيحة عن القضية بعدما فرضت الشرطة الإسرائيلية أمر حظر نشر حتى انتهاء التحقيقات. لكن مقطعاً مصوراً متداولاً زعم احتواء سيارة العدوان على ثلاث حقائب من الأسلحة فيها 200 مسدس ورشاشات من طراز "إم 16" و12 بندقية هجومية من طراز "أيه آر 15"، علاوة على كميات من الذهب.

إسرائيل: لا دخل للأردن

وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن "الاشتباه في" تورط النائب الأردني في عملية تهريب "واسعة النطاق" للأسلحة والذهب أسفرت عن توقيفه من قبل جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) خلال محاولته اجتياز الحدود بسيارته إلى الضفة الغربية المحتلة ظهر يوم السبت 22 نيسان/ أبريل 2023، مضيفةً أن الحادثة تأتي في "وقت تشهد العلاقات الثنائية بين البلدين توتراً بالفعل".

أحد أصغر نواب البرلمان الأردني ومعروف بانحيازه للقضية الفلسطينية… إسرائيل تواصل اعتقال النائب عماد العدوان للاشتباه في تورطه في قضية "تهريب أسلحة" لـ"المقاومة الفلسطينية"، وتُصر على "أن يدفع الثمن الجسيم عن الذي ارتكبه". أردنيون غاضبون ويطالبون حكومتهم بسرعة إعادته

ونقلت عن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين قوله إن "الحدث خطير جدا" و"جنائي" و"لا علاقة له بالأردن عموماً"، مضيفاً أن تلك "جريمة غير مسؤولة" وأنه "لا يريد اتهام الحكومة أو البرلمان الأردني"، ملمحاً إلى ورود "معلومات استخباراتية" ساهمت في اكتشاف محاولة التهريب المزعومة.

واعتبر كوهين أن خطورة الحادثة تكمن في أن التهريب "لم يقتصر على أمور اقتصادية فقط وإنما أيضاً على وسائل قتالية. وبينما لفت إلى أن السلطات الإسرائيلية "تدرس الأمر جيداً"، رد كوهين على التساؤلات عن موقف إسرائيل إزاء المطلب المتوقع من الحكومة الأردنية بإعادة النائب الموقوف بقوله: "قبل كل شيء، مطلبنا الأساسي هو تقديمه إلى العدالة وإجباره على أن يدفع الثمن الجسيم عن الذي ارتكبه".

قليل من "البيانات" الرسمية

وفي 23 نيسان/ أبريل، كان التعليق الرسمي الأول على اعتقال العدوان من الجانب الأردني إذ نقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، سنان المجالي، قوله إن الوزارة، بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية، "تتابع" قضية النائب العدوان الموقوف لدى السلطات الإسرائيلية للتحقيق على خلفية "عملية تهريب مزعومة لكمّيات من السلاح والذهب"، وذلك من أجل "الوقوف على حيثيات الموضوع ومعالجته بأسرع وقت ممكن".

"الأردن رسمياً وشعبياً يريد عودة النائب العدوان، ليس من السهل تطبيق أي عقاب على شخصية أصبحت في ذهن المجتمع الأردني بطلاً قومياً"... ما "الضمانات" التي تريدها إسرائيل لتسليم النائب الأردني المعتقل لديها؟

لاحقاً، أعلنت وزارة الخارجية في بيان أن السفير الأردني في تل أبيب غسان المجالي والقنصل في السفارة زارا العدوان، يوم الثلاثاء 25 نيسان/ أبريل، قائلةً إن النائب الموقوف "أكد أنه بصحة جيدة، ولا يتعرض لأي ممارسات مسيئة جسدياً أو نفسياً، وطلب طمأنة أسرته أنه في صحة جيدة".

وزاد البيان أن السفير الأردني تحدث بشكل مفصل مع النائب العدوان حول ظروف توقيفه وإجراءات التحقيق معه، وتأكد منه أن ظروف توقيفه تحترم حقوقه القانونية والإنسانية، في سياق جهود الوزارة لـ"ضمان ظروف توقيف وإجراءات تحقيق منسجمة مع القوانين والمواثيق الدولية تحفظ حقوق النائب كاملة والعمل على معالجة الموضوع".

"عمل بطولي" وعلى الحكومة إعادته

ويعمل الشارع الأردني، وشريحة من الفلسطينيين، للضغط على الحكومة الأردنية عبر الإنترنت للتحرك السريع وإعادة العدوان عبر وسوم من بينها: #النائب_عماد_العدوان و#عماد_العدوان و#الحرية_للنائب_عماد_العدوان و#عماد_العدوان_يمثلني و#عماد_العدوان_نائب_الأوطان، مسترجعين دفاعه عن القضية الفلسطينية ومواقفه "المشرفة" إزاءها. واحتفى غالبية المعلقين بـ"العمل البطولي" المتمثل في تهريب الأسلحة للضفة الغربية المحتلة، رافضين "رواية الاحتلال" بشأن تهمة تهريب الذهب.

من هؤلاء النائب السابق في البرلمان الأردني طارق خوري الذي قال: "على الحكومة القيام بواجبها الدستوري إتجاه النائب #عماد_العدوان ونقطة" وإن أكد "تهريب" العدوان للسلاح. كتب: "قصة الذهب كذبة صهيونية كعادتهم لتحويل العمل البطولي إلى قضية تهريب… المواد المنقولة للمقاومة مع سعادة النائب المحترم كلها سلاح ونقطة".

بينها زيادة توتر العلاقات بين الأردن وإسرائيل، وحلّ البرلمان الأردني، و"اختبار لمصداقية الحكم في الأردن"... خبراء يتحدثون عن تبعات عديدة متباينة محتملة لاعتقال النائب الأردني عماد العدوان من قبل السلطات الإسرائيلية

وأردف خوري: "تهريب الذهب قضية جمركية تنتهي بغرامة. تهريب السلاح قضية أمن دولة وحكمها السجن. إذا كانت العملية تهريب كما يحاول تحويلها بعض المنبطحين المستسلمين، كان هرّب بس ذهب، أربح له وبدون سجن… مجنون يحكي وعاقل يسمع".

اتفق مع هذا الرأي المتخصص في الشأن الإسرائيلي د. صالح النعامي الذي كتب: "اتهام إسرائيل النائب الأردني عماد العدوان بمحاولة تهريب الذهب إلى جانب السلاح جاء بهدف الطعن في دوافعه والمس بصورته أمام الشارع الأردني. إقحام تهريب الذهب إلى جانب السلاح غير منطقي".

وتجدر الإشارة إلى أن القناة 12 الإسرائيلية أفادت في أحد تقاريرها بأن المواد التي عُثر عليها في سيارة النائب الأردني هي أسلحة فقط ولا وجود لذهب مهرب.

ووصف النائب الفلسطيني مشير المصري توقيف العدوان في إسرائيل بأنه "اختطاف" و"قرصنة صهيونية مرفوضة، وتجاوزه لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وضربة بعرض الحائط لكل الاتفاقيات، وهي دليل إضافي على عداء الاحتلال للأمة جمعاء".

ولام أردنيون غاضبون "الصمت الحكومي" و"بطء التحرك الرسمي" مع استمرار اعتقال العدوان لليوم الرابع على التوالي، مسترجعين عدة حوادث بادرت فيها المملكة بتسليم إسرائيليين متهمين في قضايا جنائية وبسرعة.

من جهتها، أعربت قبيلة العدوان في بيان عن ثقتها المطلقة في الحكومة الأردنية، مناشدةً العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إعادة ابنها، كما خاطبت "الشرفاء كافة في الأردن للوقوف صفاً واحداً للمطالبة بالإفراج الفوري" عنه، قائلةً إنه اعتُقِلَ "وهو على رأس عمله" في "اعتداء صارخ على الأعراف الدولية كافة".

كذلك، طالبت لجنة الحريات وحقوق الإنسان في نقابة المحامين، في بيان، بالتحرك الفوري لتخلية سبيل "المحامي الزميل"، مؤكدةً على "ضرورة عدم ترك المجال للعدو الصهيوني لزعزعة صفوفنا الوطنية برواياته المفبركة". وأضافت أنها ستتابع الملف "مع جميع الجهات الحكومية الرسمية انطلاقاً من دورها المنبثق من الدستور وسيادة القانون لتأمين جميع الضمانات الحقوقية والإنسانية" للعدوان، أولاً كمواطن أردني وثانياً كمحامي زميل.

تداعيات محتملة

وتحدثت تقارير إعلامية عن تداعيات محتملة متباينة لهذه القضية في الأردن وإسرائيل. على سبيل المثال، تحدّث الصحافي الفلسطيني داوُد كتاب في مقالة بموقع "عمان نت" عن "إشاعة" في "الأوساط السياسية" الأردنية بأن توقيف النائب عن محافظة البلقاء والشروط التعجيزية لإطلاق سراحه قد يؤديان إلى حل البرلمان التاسع عشر والتحضير لانتخابات نيابية في خريف 2023.

وشدد كتاب على أن ما يعقّد وضع العدوان هو جسامة جريمة تهريب الأسلحة في إسرائيل ومنطقية اشتراطها محاكمة العدوان في أي صفقة لإعادته. لكن بينما "الأردن رسمياً وشعبياً يريد عودة النائب عدوان، ليس من السهل تطبيق أي عقاب على شخصية أصبحت في ذهن المجتمع الأردني بطلاً قومياً".

"من الممكن أن تقوم الحكومة الأردنية بتقديم وعود للجانب الاسرائيلي بسحب عضوية النائب. ولكن بدل أن يتم ذلك من خلال قرار برلماني بعقاب النائب العدوان، قد يكون الحل الأسهل سياسياً حل البرلمان بمجمله وبذلك يكون الأردن رسمياً قد أوفى بوعده".

واستدرك: "من الممكن أن تقوم الحكومة الأردنية بتقديم وعود للجانب الاسرائيلي بسحب عضوية النائب. ولكن بدل أن يتم ذلك من خلال قرار برلماني بعقاب النائب العدوان، قد يكون الحل الأسهل سياسياً حل البرلمان بمجمله وبذلك يكون الأردن رسمياً قد أوفى بوعده (للجانب الإسرائيلي) ولم يبق العدوان نائباً".

هناك أيضاً تخوّف من أن تزيد الأزمة توتر العلاقات بين الأردن وإسرائيل والمتأزّمة بالأساس عقب الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على الأقصى والمصلين المسلمين فيه. قالت هيئة البث الإسرائيلي الرسمية (مكان) إن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي رفض الرد على نظيره الإسرائيلي عقب الأنباء عن اعتقال العدوان.

واعتبر د. صالح النعامي أن اعتقال العدوان في إسرائيل "اختبار لمصداقية الحكم في الأردن"، مذكراً بأنه "في 2018، اعتقلت السلطات الصهيونية ثلاثة مواطنين أتراك، هم: إبرو أوزكان، وأورهان بويروك، وجميل تكلي، ووجهت لهم تهماً أمنية خطيرة جداً، تتعلق بتقديم مساعدات لحركة حماس، لكنها أفرجت عنهم في وقت قصير رغم القرائن الدامغة ضدهم خوفاً من ردة فعل الحكومة التركية. فما بالك عندما يتعلق الأمر بنائب في مجلس النواب الأردني".

واستطرد النعامي: "للحكم في الأردن أوراق ضغط هائلة بإمكانه توظيفها في إجبار إسرائيل على الإفراج عن النائب العدوان: منها الشراكات الأمنية والاقتصادية وغيرها"، مصيفاً "يجب ألا يفوت هذا الأمر للصهاينة كما تم تفويت الإهانة التي تعرض لها الأردن عندما منع الصهاينة ولي العهد الحسين بن عبد الله من زيارة الأقصى، وبعدما استقبل نتنياهو استقبال الأبطال حارس السفارة الصهيونية في عمان الذي قتل مواطنين أردنيين".

في الأثناء، أشارت تقارير إعلامية إلى "تزايد الآمال في تأمين صيغة للإفراج عنه وتسليمه إلى الأردن" في ظل "معركة مفاوضات تجري خلف الستائر وتدخّلت فيها مستويات أمريكية وأوروبية بين وزارة الخارجية الأردنية والجانب الإسرائيلي بهدف تقليل كلفة تسليم إسرائيل للنائب العدوان".

ولفت مصدر أردني مطّلع وكالة "سما نيوز" الفلسطينية إلى أن الجانب الإسرائيلي يريد "ضمانات" برفع الحصانة الدستورية عن العدوان حال تسليمه إلى بلده، ومحاكمته هناك. وهو الأمر الذي أشار المصدر الأردني إلى صعوبته في ظل "الطبيعة العشائرية والمناطقية والتقاطعات القانونية والأمنية".

ومحاولة تهريب أسلحة عبر حدود الأردن هي مخالفة صريحة لقانون العقوبات و"قضية أمن الدولة" لا تقل عقوبتها عن السجن تسع سنوات في الأحوال العادية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image