ولد في الأرجنتين، وبسبب عمل والده كسفير في السلك الدبلوماسي عاش فراس سعيد -السوري الأصل والأرجنتيني الجنسية- طفولته بين عدة دول مثل إسبانيا، وإيطاليا، وإنجلترا. ودرس الهندسة المعمارية في جامعة بلغرانو في الأرجنتين.
بدأ مخرجاً للأعمال الدرامية، ثم خاض مجال التمثيل، وقدّم أعمالاً تلفزيونية كثيرة منها "كأنه إمبارح"، "فرح ليلى"، "اختيار إجباري". وظهر كضيف شرف في جملة من الأعمال مثل "بلا دليل"، و"مين قال" و"موجة حارة"، وشاهدناه مؤخراً في رمضان في "دفعة لندن" و"رسالة الإمام " كضيف شرف في المسلسلين، بينما انتهى من تصوير فيلمين وهما "الحريفة" و"ساعة إجابة".
رصيف 22 التقاه. وفي ما يأتي نص الحوار.
سوريا، السودان، الأرجنتين، مصر، وإسبانيا، لا بد أنها كانت طفولة مختلفة لا سيما في محاولات الاندماج في المجتمعات، وتعلم اللغات، والثقافات الجديدة، إرجع بنا للزمن وحدثنا عن تلك السنوات؟
حياة طفل من عائلة دبلوماسية تتنقل كثيراً بين عدة بلدان لها إيجابياتها، وسلبياتها، كما طبيعة الحياة (أشياء مقابل أشياء أخرى). والإيجابيات كانت التعرف على الثقافات، ورؤية الحضارات المختلفة، والتعلم من الناس، والعقليات المختلفة، وتعلم لغات كثيرة جداً، والتثقف بشكل مختلف، والخبرة في التعامل مع البشر بشكل عام، أما السلبي فكانت فكرة عدم وجود استقرار، وعدم الانتماء لمكان، وعدم وجود إحساس بأن هناك أصدقاء عُمر، وبالنسبة لطفل كان شعوراً صعباً أن تدخل مدرسة، وتبني صداقات تعي أنها غير دائمة، إذ تنتهي بمرور ثلاث سنوات على الأكثر بالرحيل إلى بلد أخرى.إذاً، عانيت من صعوبة تشكيل صداقات جديدة كطفل من خلفية مختلفة.
على العكس، الموضوع كان مرهقاً في المرة الأولى، والثانية، أما لاحقاً فقد بدأت أتأقلم مع الفكرة، وتعودت على عدم وجود تعلُق، وهناك صداقات استمرت معي، ولكن ليست بمنطق فكرة الصديق منذ الطفولة إلى الجامعة، ذلك لم يحدث لي قط، والآن عندما كبرت صرت أدعُم فكرة الاستقرار، وأن أعيش في مكان محدد أبني فيه علاقات وصداقات.سعيد: "عانيت في طفولتي من عدم الاستقرار وبناء أصدقاء جدد كل ثلاث سنوات بسبب عمل والدي، وفي المقابل تعلمت لغات كثيرة، وتعرفت إلى ثقافات جديدة"
كيف تصف دورك في مسلسل "دفعة لندن"، وكيف ترى العمل كمنتَج فني، وبرأيك لماذا أثار الجدل؟
أقوم بدور ضيف شرف في حبكة خاصة في نهاية العمل الدرامي، وهو دور محوري تقوم عليه أحداث كثيرة تقع في نهاية المسلسل، وهو شخص يترتب على ظهوره وقوع أحداث للشباب والفتيات في العمل.من الناحية الإنتاجية هو عمل درامي كبير، وضخم بأعلى جاهزية، وبتقنية قوية للغاية، ومدعم بإمكانيات كبيرة جداً، فالجهة المنتجة لم تبخل إطلاقاً عليه، وقد تم تصويره بين لندن، ومصر، وتم بناء ديكورات كثيرة جداً. العمل عبارة عن قصص ومواضيع إنسانية خاصة بفتيات وشباب يعيشون في الخارج في حقبة زمنية، ومجتمع معين، وأعتقد أن هذا هو ما أثار الجدل، فربما فكرة الثقافات المختلفة عن بعضها هي التي خلقت هناك مفاهيم غير واضحة من مجتمع لآخر، ما تسبب في بعض الجدل في مناطق درامية معيّنة بالمسلسل.
يشاركك نجوم من جميع الوطن العربي خلال العمل، هل تعتقد أن للأعمال المشتركة نفس فرص النجاح كالأعمال المحلية؟ ولماذا يبدو أن هناك جزءاً من العمل مفتعلاً أو غير منسجم، هل هو حاجز اللهجات أم ماذا؟
نعيش في وقت أضحى خلاله المشاهد مشاهداً للعالم العربي كله، وذلك يرجع إلى وجود المنصات، التي تمكن الشخص من مشاهدة أي عمل من أي منطقة في العالم، لم يكن أحد يتوقع أننا سوف نتمكن من مشاهدة دراما إسبانية، وكورية. وفي المقابل تستطيع تلك البلاد مشاهدة أعمالنا العربية على المنصات. أظن أننا معتادون على فكرة الأعمال المشتركة منذ أيام الأفلام السينمائية التي كانت تقدمها مصر بالمشاركة مع لبنان، وسوريا. فمصر هي من عودتنا على تلك الأعمال، وهي الرائدة لفكرة الأعمال الفنية العربية المشتركة. باعتقادي تستطيع هذه الأعمال أن تحقق فرص النجاح ذاتها التي تحققها الأعمال المحلية، لا سيما بعد الانفتاح الموجود حالياً.سعيد: "خلال كتابة الأعمال العربية المشتركة يجب أخذ الفروقات الثقافية بعين الاعتبار، وإلا سيكون هناك جزء غير منسجم أو مفتعل في العمل"
ربما يكون هناك جزء مفتعل وغير منسجم، ليس خلال الأحداث الدرامية فقط بل أيضاً خلال كتابة العمل نفسه، وذلك بسبب وجود ورشة كتابة يشارك فيها كُتّاب من جنسيات مختلفة. قدّمت في الماضي مسلسل "فرصة ثانية"، وكانت قصته تدور حول أزواج من مختلف دول العالم العربي يعيشون في إمارة دبي. وبالطبع كنا نرى خلال أحداث العمل أن ردود أفعال المصريين مختلفة عن ردود فعل السوريين، أو الإماراتيين، أو السعوديين، وعلى الرغم من أننا تربطنا كدول عربية أشياء كثيرة لكن هذا لا يمنع من أن اختلاف الثقافة والعادات وطريقة التربية يخلق نوعاً من الاختلاف. من المهم جداً أن يؤخذ ذلك بعين الإعتبار خلال كتابة عمل درامي عربي مشترك، وأن يكون هناك مستشارون ضمن ورشة الكتابة على قدر كبير من الوعي والثقافة والفهم للمجتمعات التي يتم تناولها درامياً خلال العمل.
هل سعيت للبطولة المطلقة سابقاً أم أن العدد الكبير من الممثلين في الساحة الفنية صار يحول دون ذلك؟
لم أضع في ذهني فكرة البطولة المطلقة، إذا أتت فسيكون ذلك جميلاً بالطبع، وإن لم تأت فليس ثمة مشكلة. ينصب اهتمامي بالأساس على البحث عن الأدوار الجيدة في مشاريع قوية يبذل فيها مجهود فني وتقني كبير بحيث تترك علامة لدى الناس، وتكون قريبة منهم. الأهم بالنسبة لي هو تقديم عمل ملائم للمشاهد العربي، فالفكرة ليست في وجود ممثلين كُثر على الساحة، فهناك أعمال عدة حالياً، ومنصات، والفرص مطروحة أمام الجميع.برأيك، هل تقدم المعالجات الدرامية في المسلسلات قيماً إنسانية قادرة على تحسين أفكار المجتمع تجاه فئاته الأضعف كالنساء، والأطفال، والفقراء؟
بالفعل نرى مجهوداً فنياً جيداً حالياً، يتطرق إلى حياة المرأة، والمعاناة التي من الممكن أن تعانيها في مجتمعاتنا، ولكن ما زال أمامنا الكثير من الأطروحات والمواضيع التي يجب أن نتحدث عنها، ونعالجها بشكل يصل إلى الناس.ربما كان الترفيه هو رسالة الدراما، والسينما في لحظة من اللحظات. من المهم جداً التأثير على المجتمعات، وأن تكون هناك رسالة توعية، وتسليط الضوء على مشاكل معينة وكيفيه علاجها، لأن جزءاً من رسالة الفن هو التوعية، وترك رسالة معينة للجمهور. حينها يمكننا القول إن للمشاهد الحق في الاختيار بين رسالة الترفيه فقط ورسالة التوعية والتثقيف، وكلتا الرسالتان صحيحتان، إلا أنه لا بد من وجود الاثنتين، وليس تحقيق إحداهما على حساب الأخرى.
ما رأيك في المنافسة الدرامية خلال شهر رمضان، وهل تنتقص من القيمة الفنية كثرة المنافسة وضيق الوقت؟
أراها منافسة جيدة على الرغم من الظروف الإنتاجية الصعبة بسبب الضغوط الاقتصادية التي بدأت خلال الأعوام الثلاثة الماضية ولا زلنا نمر بها حتى الآن، ولكن في النهاية نرى الآن الأعمال الدرامية جميعاً في منافسة جميلة، وهناك مواضيع جيدة للغاية، وصارت هناك فكرة الأعمال الدرامية المكونة من 15 حلقة فقط، والتي تعالج مشكلة الشد، والمط، والتطويل في المسلسلات. أرى هذا العام تطوراً ملحوظاً بالنسبة للقيمة الفنية للأعمال. لا بد أن تكون هناك أعمال مظلومة في المنظومة الرمضانية كل عام، ولم تتم متابعتها، فإن تلك المنظومة تتمحور فكرتها حول من يستطع حصد أكبر عدد من المشاهدين، ومقدار الخامة الجيدة التي يتم تقديمها، والموسم الرمضاني دائماً مميز عن بقية العام، وذلك بسبب القدرة على معرفة ردود أفعال الجمهور في توقيت العرض ذاته، أما في حالة عرض الأعمال خارج رمضان، فلا تظهر ردود الأفعال سوى بعد فترة كبيرة من العرض.سعيد: "تقديم قيم جديدة جزء من رسالة الفن، وللمشاهد الاختيار بين رسالة الترفيه ورسالة التثقيف، كلتاهما صحيحتان، ولا بد من وجود الاثنتين، وليس تحقيق إحداهما على حساب الأخرى"
هل من فنانة أو فنان تتمنى العنل معها أو معه؟
نعم، هناك تجارب فنية كثيرة جداً أحب خوضها، كنت أتمنى طيلة عمري العمل مع أستاذنا الفنان الكبير عادل إمام، وأتمنى أن يمنحه الله الصحة، وطيلة العمر، أيضاً مع الأستاذة يسرا.هل توافق على دخول أولادك مجال التمثيل، وهل لديهم مواهب فنية؟
ابنتي تحب الرسم، وشاركت هي وابني بالتمثيل في أحد أعمالي الفنية خلال طفولتهما. بالتأكيد أرحب بدخولهما المجال الفني إذا كانا يحبان ذلك، فليست لدي مشكلة، إلا أنني لا أحبذ حالياً لأنهما في مرحلة الدراسة، وأحب أن يركزا جهودهما عليها. كل مرحلة في العمر جميلة، ولا بد أن تُعاش بشكل صحيح. عندما ينتهيان من الدراسة فليفعلا ما تتجه أحاسيسهما نحوه.لديك جانب آخر إنساني، فأنت رسّام، وجامع للنباتات، كيف يتعرف الإنسان إلى هواياته أو شغفه بالأشياء الصغيرة في وسط عالم مادي وشديد التنافسية؟
سؤال مهم ، ولا يُطرح في هذه الأيام، بالفعل يرجع ذلك إلى تركيز الجميع على الأشياء المُتعارف عليها، والجري وراء لقمة العيش حتى ننسى أنفسنا والإنسانيات البسيطة داخلنا، فلا نعود نعبأ بحاجاتنا الروحانية وحالاتنا النفسية التي تحتاج هي الأخرى إلى غذاء مثل أجسادنا. يستطع الإنسان التعرف على شغفه من خلال التجربة، فليس من الخطأ أن يجرب ليكتشف في نفسه أشياء لا يعرفها، فهو لن يعلم أن لديه إحساساً تجاه شيء إذا لم يجربه، ويستطع حينها التيقن، والحُكم، واكتشاف ذاته.ما هي أكبر مخاوفك في الحياة؟
المرض، والوحدة، والشر، أنا لا أحب الناس الشريرة، ويجب على الإنسان إذا كان بمقدوره تقديم شيء جيد أن يقدمه، وإذا لم يستطع ينبغي له تجنب فعل الشرور، يجب أن يحاول كل واحد منا أن يتعامل بالجانب الإيجابي منه عندما يجالس الآخرين، فكل فرد تكفيه همومه، والجميع يخرج من بيته حاملاً على عاتقه الكثير من المشاكل، والمعوقات الحياتية، وعندما يجالس أحداً يجده يشكو إليه هو الآخر، وتلك الطاقة السلبية أصبحت صعبة، لذا يجب أن يحاول كل منا مساعدة الآخر، بحيث نجد جميعنا الراحة والابتسامة عندما نلتقي ببعضنا.كيف يهتم الرجل بأناقته ووسامته مع تقدمه في العمر؟
أرى أن الابتذال الذي يقدم عليه الكثير من الرجال عند تقدمهم في العمر سواء أكان بالملابس أو بعمليات التجميل هو أكثر ما يسيء للرجل، فلا يوجد أجمل من الرجل الذي يتقدم بالسن بأناقة وتحضّر ويظهر بطبيعته. الرياضة مهمة جداً بالنسبة للرجل وتزداد أهمية مع التقدم في السن، وتقديم الاحترام للجميع بغض النظر عن عمرهم، هناك الكثير من الأشياء التي تجعل الرجل يكبر بشكل لائق.سعيد: "لا يوجد أجمل من الرجل الذي يتقدم في السن بأناقة، لكن عليه أولاً تقديم الاحترام للآخرين ليحصل هو على الاحترام منهم"
ما هو أكثر عمل تعتز به على مدار مشوارك الفني؟
أعمال كثيرة. كل عمل قدمته له بصمة في حياتي. ومشواري الفني أعتبره ما زال صغيراً، إلا أن كل خطوة قمت بها حصلت منها على خبرة كبيرة جداً، مثل مسلسل "فرح ليلى" الذي أعتبره محطة وصولي جماهيرياً لأكبر قدر من الناس، أيضاً مسلسل "اختيار إجباري" الذي كان يتناول موضوعاً شائكاً وكنت أريد تقديمه من أجل أولادي، ومن أجل من هم في جيلهم.حدثنا عن دوريك في فيلمي " الحريفة" و"ساعة إجابة"، ومتى سيعرضان؟
"ساعة إجابة" سوف يُطرح في عيد الفطر، وهو كوميدي يرصد قصة طفل صغير، يتمنى في إحدى لحظات العناد الذي يتسم به الأطفال، أن يبدل أهله بآخرين، وتتحقق أمنيته فتقع مواقف كوميدية عدة نتيجة لذلك. أقوم بدور أحد أفراد عائلته، وهو فيلم مناسب للمشاهدة العائلية.أما فيلم "الحريفة" فهو للشباب من بطولة نور خالد النبوي، وأجسد دور والده، ويتحدث عن حياة الشباب وأحلامهم، وبه جانب كروي، وغنائي، ولم يتحدد موعد عرضه بعد، لكنه سيكون قريباً.
ما هو أطرف موقف حدث لك من معجب أو معجبة على الـ"سوشال ميديا"؟
عندما راسلني أحدهم بشكل غزير، وتحدث معي كثيراً، وفي نهاية المطاف اكتشفت أنه يعتقد أنني الفنان صبري فواز.إذا عُرض عليك تجسيد سيرة ذاتية لأحد المشاهير في عمل درامي، فما الشخصية التي تحب تجسيدها؟
أتمنى القيام بعمل تاريخي عن الحقبة الأندلسية، فإن هناك قصصاً كثيرة في غاية الجمال متعلقة بتلك المرحلة، ومن الممكن تقديمها بشكل فني رائع، ولا أظن أن تلك الحقبة قد تم تناولها كثيراً من قبل في الدراما، وهي توضح مقدار التأثير القوي للحضارة العربية والإسلامية في الغرب، ومدى ثرائها بالعديد من الشخصيات التاريخية المشوقة.هل هناك دور قدمته قريب من قناعاتك الشخصية؟
جسدت الكثير من أدوار الشر ولا يوجد بها ما يشبهني، إلا أنني في بداية مسيرتي الفنية قدمت شخصية "أدهم" في مسلسل "فرح ليلى"، والتي تشبهني بقدر كبير، فقد عاشت في الغرب طيلة عمرها، وتحاول اكتشاف ثقافتها، وحضارتها.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعتين??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 22 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون