حلّ نجل شاه إيران رضا بَهْلَوي، الذي يعيش في المنفى، ضيفاً في مراسم إسرائيل الرسمية لإحياء ذكرى المحرقة النازية، وقد وصفته حكومة تل أبيب بأنه "الشخصية الإيرانية الأبرز على الإطلاق التي تزور إسرائيل علناً".
والتقى بهلوي، على هامش المراسم، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزيرة استخباراته غيلا غملئيل، كما جاء في بيان الأخيرة أن ولي عهد شاه إيران سيزور محطة تحلية المياه من أجل التعرف على تقنيات المياه المتقدمة في إسرائيل كأمر ممكن التطبيق، رداً على انهيار البنية التحتية للمياه في إيران.
كما اجتمع بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وأكد له أن النظام الإيراني سبب للمجازر والتوترات في المنطقة حسب الإعلام الإسرائيلي. وقبل ذلك كان قد زار رضا بهلوي وزوجته حائط البراق (المبكى) في القدس، والتقى بعدد من الإسرائيلين على هامش الزيارة، ومن المفترض اجتماعه كذلك مع الطائفة البهائية وأعضاء الجالية اليهودية الإيرانية في إسرائيل.
وصرّح نجل الشاه حول الزيارة بأنها تأتي لإعادة العلاقات السلمية مع إسرائيل وجيران إيران العرب، وأضاف: "لا يزال الملايين من أبناء وطني يتذكرون العيش إلى جانب أصدقائهم وجيرانهم اليهود الإيرانيين، قبل أن تمزّق الثورة الإسلامية نسيج مجتمعنا. إنهم يرفضون سياسات النظام القاتلة والمعادية لإسرائيل والسامية ويتوقون إلى التبادلات الثقافية والعلمية والاقتصادية مع إسرائيل".
"لا يزال الملايين من أبناء وطني يتذكرون العيش إلى جانب أصدقائهم وجيرانهم اليهود الإيرانيين، قبل أن تمزّق الثورة الإسلامية نسيج مجتمعنا. إنهم يرفضون سياسات النظام القاتلة والمعادية لإسرائيل والسامية ويتوقون إلى التبادلات الثقافية والعلمية والاقتصادية مع إسرائيل"
كما غرّد رضا بهلوي، قبل وصوله إلى إسرائيل، شارحاً غايته من تلبية دعوة وزيرة الاستخبارات، وهي إيصال رسالة صداقة من الشعب الإيراني، والحوار مع خبراء في مجال الماء لتفادي أزمة المياه في البلاد، والتي أثارها نظام الجمهورية الإسلامية، وتكريم ضحايا الهولوكوست.
وتحدث نتنياهو في مراسم المحرقة عن البرنامج النووي الإيراني، قائلاً: "نعارض بشدة أي اتفاق نووي مع إيران ومساعيها الإرهابية".
ردود الفعل الرسمية والشعبية
رسمياً، قلّل المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، من أهمية زيارة نجل الشاه حينما تلقّى سؤالاً عن الزيارة في مؤتمر صحافي: "لا الشخص الذي ذكرته (رضا بهلوي)، ولا هدفه من الزيارة، ولا المكان الذي يريد أن يسافر إليه، يستحقون النقاش".
بيد أن ردّ الرئيس الإيراني كان قاسياً على التهديدات الإسرائيلية خلال كلمته الثلاثاء 18 نيسان/أبريل الجاري، في استعراض عسكري بمناسبة يوم الجيش الوطني، إذ قال: "أي خطأ من كيان الاحتلال ستكون نتيجته تدمير حيفا وتل أبيب وهذه الرسالة قد وصلتهم حتماً".
شعبياً، هناك من اتفق مع زيارة ولي العهد الإيراني السابق، وهناك من ندّد بها، وكتب الباحث محمد علي جنت خواه: "خلق رضا بهلوي استقطاباً ثنائياً في رحلته إلى إسرائيل، وهذا يولّد مجموعةً متنوعةً من الأفكار السياسية الجديدة".
أما عن صورة لقاء نجل الشاه الإيراني، برئيس الوزراء الإسرائيلي، فثمة من استشكلت عليه لغة الجسد بين الجانبين، إذ لم يكن لقاءً رسمياً، كما أن نتنياهو ووزير استخباراته يظهران في موقع أفضل في الاجتماع مع رضا بهلوي.
وقال بعض النشطاء السياسيين الإيرانيين المعارضين، أن رضا بهلوي لا يمثل كل الشعب الإيراني. وكتب علي أفشاري الناشط السياسي المعارض في تغريدة على موقع تويتر: "يمكن لرضا بهلوي أن يرسل رسالة صداقة إلى اسرائيل من جانبه وعملائه كحدٍ أقصى! انه لا يمثل شعب ايران ".
كما انتقد البعض في مواقع التواصل الاجتماعي رضا بهلوي لأنه سافر إلى إسرائيل في الوقت الذي تحكمه حكومة يمينية ومتطرفة جداً، وتشهد احتجاجات شعبية.
وانتقدت الصحافية الإسرائيلية من أصول إيرانية، مُجكان نوي، منطق "عدو عدوّي صديقي"، وذكّرت رضا بهلوي بأن والده قد أنشأ مؤسسة السافاك الاستخباراتية لقمع الناس بمساندة إسرائيلية، و"اللافت للنظر أنه حلّ ضيفاً على وزيرة الأمن وليس وزير الخارجية".
وتصاعد نشاط رضا بهلوي (62 عاماً)، السياسي، بعد موجة الاحتجاجات التي عمّت إيران العام الماضي، إذ أعلن عن استعداده لقيادة المعارضة ضد نظام الجمهورية الإسلامية، وترك الخيار للمواطنين في تعيين نوعية النظام القادم الجديد، إذا ما أطيح بالنظام الحالي.
كما كثّف الإعلام الغربي اهتمامه بنجل الشاه الإيراني المخلوع، والذي يعيش في الولايات المتحدة، وقد دُعي إلى مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، بدلاً من الساسة الإيرانيين، وبرغم مكانته في تاريخ البلاد ودوره في محور المعارضة، إلا أنه لا يملك كاريزما والده أو جدّه، اللذين حكما البلاد لنحو 54 سنةً خلال القرن الماضي، بل يتفق الكثير على ضعف شخصيته. كما أن بعض المعارضين الإيرانيين يعتقدون بأنه لا يمثل الشعب الإيراني، ولا يمكنه أن يكون ممثلاً أو مندوباً من جانبهم.
سيرة رضا بهلوي الذاتية
وُلد رضا، عام 1960، وكان ولياً للعهد منذ السادسة من عمره، وقد ترعرع في أحضان معلّمته الفرنسية، وفي سن الـ13 قام والده الشاه محمد رضا بَهلَوي، بتعليمه الطيران بنفسه. وعند انتصار الثورة ضد الملك، كان ولي العهد، ذو الـ18 عاماً، يقضي في الولايات المتحدة وقته في التدرّب على الطيران بالمقاتلات.
وبعد يوم من وفاة والده في عام 1980 في القاهرة، أدّى الیمین وسط أفراد أسرته والمقربين من النظام الملكي، كي يناضل ضد نظام الجمهورية الإسلامية وزعيم الثورة الإسلامية روح الله الخميني، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن ما زال ينشط على غرار ذلك اليمين الذي أدّاه في مصر.
له من الأولاد ثلاث بنات، هن: نور وإيمان وفرح، وقد أثار تصريح الأميرة فرح بهلوي، زوجة الشاه الإيراني السابق، ضجةً في العام الماضي، عندما قالت إنه من الممكن أن تكون حفيدتها نور، ولية العهد إذا ما عاد النظام الملكي إلى إيران. وتحولت نور (31 عاماً)، التي لا تتحدث اللغة الفارسية، إلى ناشطة تدعم الحراك النسائي الأخير في إيران.
وبعد الأزمة الاقتصادية العنيفة التي عصفت بالمجتمع الإيراني خلال الأعوام الأخيرة، ازداد الإقبال على الأسرة الملكية وسط الأجيال الجديدة التي لم تعاصر ذلك النظام، وهناك من هتف باسمهم خلال احتجاجات الأعوام الماضية. وما زالت شرائح واسعة، من المعارضة حتى، غير متفقة مع الأسرة المالكة ولا ترحب بعودة نجل الشاه إلى الساحة السياسية.
تاريخ حافل بين طهران وتل أبيب
جمعت العلاقات الأمنية والتجارية والعسكرية، الشاهَ الإيراني الذي كان يُلقَّب بـ"شرطي الخليج"، بالكيان الإسرائيلي، وتجسدت هذه العلاقات الحسنة من خلال شراء إيران الأسلحة والمعدات العسكرية من إسرائيل مقابل بيع البترول لتل أبيب.
كانت لإسرائيل سفارة في طهران، مثلما كانت لطهران سفارة في إسرائيل. وكانت تقيم قبل الثورة في إيران أكثر من 500 عائلة إسرائيلية، يدرس أطفالها باللغة العبرية في مدرسة تابعة للسفارة الإسرائيلية.
وتخطّت العلاقات بيع النفط وشراء الأسلحة، ووصلت إلى تحديث إسرائيل للنظام الزراعي، والدفاع الجوي والقواعد البحرية الإيرانية، بالإضافة إلى نشاطات أخرى، ووصل حجم التصدير إلى طهران 225 مليون دولار في سنة 1977، أي قبل عامين من الإطاحة بالشاه.
وتبادلت وفود الجانبين الزيارات، وكان معظم أعضاء الوفود يسافرون على متن طائرات شركة الطيران الإسرائيلية "العال"، بين مطار "مهر آباد" ومطار "بن غوريون".
كانت لإسرائيل سفارة في طهران، مثلما كانت لطهران سفارة في إسرائيل. وكانت تقيم قبل الثورة في إيران أكثر من 500 عائلة إسرائيلية، يدرس أطفالها باللغة العبرية في مدرسة تابعة للسفارة الإسرائيلية
وفي مثل هذه الظروف، تكونت فكرة الثوار الإيرانيين ضد الشاه وسياساته الداخلية والخارجية، ومن ضمنها الكراهية الشديدة تجاه إسرائيل، والدعم اللا محدود للقضية الفلسطينية. ومما زاد من توطيد علاقة الثوار بالقضية الفلسطينية، تواصل ياسر عرفات مع الثوار الإيرانيين في منفاهم في سوريا ولبنان. وكان عرفات الذي أسس منظمة تحرير فلسطين، غير مقبول لدى دولة إيران آنذاك، التي كانت تعدّ تأسيس المنظمة تهديداً للمنطقة.
بعد نجاح الثورة، لم يستمر نشاط السفارة الإسرائيلية والملحقيتين التجارية والعسكرية التابعتين لها، فبعد أسبوع فقط من إعلان انتصار الثورة الإسلامية، حلّ عرفات كأول ضيف أجنبي على طهران، ورحّب به المرشد روح الله الخميني، وتم تسليم سفارة تل أبيب بممتلكاتها كلها إلى عرفات، ليختار الأخير هاني الحسن كأول سفير فلسطيني في إيران.
واستمرت إيران في عدائها المتصاعد ضد إسرائيل، ووعدت بإزالتها من وجه الأرض، كما قدّمت دعماً علنياً للجان المقاومة في غزة ولبنان، بالمال والسلاح، وشنّت هجمات سيبرانيةً متعددةً ضد مواقع إسرائيلية.
كما نفذت إسرائيل خلال عقود، عمليات اغتيال ضد علماء نوويين إيرانيين، وهجمات جوية ضد مواقع نووية، وحرباً بالوكالة في سوريا، ووقفت خلف هجمات سيبرانية على مواقع طهران.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع