شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
ولي العهد الإيراني السابق يستعد للفترة الانتقالية وسط فقدانه الكاريزما ومخالفة الأقليات

ولي العهد الإيراني السابق يستعد للفترة الانتقالية وسط فقدانه الكاريزما ومخالفة الأقليات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 21 يناير 202304:43 م

"يجب أن تكون لعملنا شرعية من الداخل، وهذا يتطلب الإفصاح عنه بشكل عملي"؛ بهذه الكلمات طالب الأمير رضا بَهْلَوي، حفيد شاه إيران المخلوع في عام 1979 بعد انتصار الثورة الإسلامية، أن يتم منحه تمثيل وتوكيل الشعب الإيراني إذا ما أراد اللقاء مع المجتمع الدولي والمفاوضات معهم لتقديم برنامج أو مشروع حول مستقبل البلاد.

جاء ذلك في لقاء تلفزيوني مع قناة "من و تو" ومقرّها لندن في 16 من كانون الثاني/يناير الحالي والذي أفصح الأمير السابق فيه عن أفكاره تجاه النظام البديل من الجمهورية الإسلامية.


في غضون ذلك أطلق الممثل والإعلامي الإيراني إحسان كرَمي الذي غادر البلاد بعد احتجاجات إيران ويعيش حالياً في المنفى، عريضةً إلكترونية وطلب من الجميع التوقيع عليها بغية تأييد رضا بهلوي كقائد الحركة الاحتجاجية في إيران، وحصدت الحملة وخلال 5 أيام من انطلاقها على أكثر من 300 ألف توقيع.

طالما هتفت القوميات التي تعيش في إيران بشعارات مثل "لا نريد مَلكاً ولا شيخاً"، "لا مِلكية ولا ولائية، ديمقراطية ومساواة"، رغم أن أنصار الحكم المركزي في إيران الذين يستحوذون على الإعلام المعارض في الخارج، يرفضون سماع هذه الأصوات

وذكر في العريضة المسجلة على موقع change.org الأمريكي الشهير: "نظراً للثورة التي تدور في إيران، وبالنظر إلى أن الأمير رضا بَهْلَوي طلب من الشعب الإيراني تفويضه لقيادة هذه الحركة فإن هذا الالتماس يساعد الشعب الإيراني على التعبير عن آرائه".

تمثيل المواطنين أم عودة إلى الملكية؟

تزامن هذا مع إطلاق هاشتاغ "من وِكالت مِي دَهم" وتعني "أنا أعطي التوكيل" باللغة الفارسية من قبل الصحافي الإيراني في صحيفة إندبندنت البريطانية سعيد حافظي، حتى تحول الوسم إلى ترند على منصة تويتر التي تشكل المنصة الأولى في السوشيال ميديا لمعرفة آخر المستجدات الإيرانية.

تداول الهاشتاغ قليل من الإيرانيين في الداخل وكثير من رواد شبكات التواصل الاجتماعي في الخارج ومنهم نشطاء سياسيون ونجوم الفن والرياضة في المنفى كأسطورة كرة القدم علي كريمي والممثل حميد فرُّخ نجاد ونجم الغناء إبراهيم حامدي المعروف باسم إبي (Ebi).

وأظهر الفنان الغنائي داريوش إقبالي الذي كان يوماً ما سجيناً في سجون عهد الشاه محمد رضا بَهْلَوي قبولَه بإعطاء التوكيل لابن الملك السابق لـ"أنه يجد رضا بهلوي خياراً جيداً، وهو يمتلك المؤهلات الكافية أكثر من الآخرين في صفوف المعارضة الإيرانية التي تعيش في المنفى لأداء دور بارز على المستوى الدولي كي يعكس بصدق المطالب الإيرانية في سبيل نيل الحرية". كما أكد الفنان على أن "هذا التوكيل هو للفترة الانتقالية فحسب، وبعد ذلك سيتم تعيين المصير عبر انتخابات حرة".

بعد يوم على وفاة والده في عام 1980 في القاهرة، أدى الیمین وسط أفراد أسرته والمقربين من النظام الملكي، كي يناضل ضد نظام الجمهورية الإسلامية 

بعد هدوء حذر في شوارع إيران، توجه الجميع نحو تعميق دراسة المجتمع ومطالب المحتجين وكيفية التعاطي معها حكومياً وشعبياً ودولياً، فيرى أنصار هذه الحملة التي تدعم ولي العهد السابق أنها حركة ديمقراطية وحل ناجع للتواصل والتفاوض والتعامل مع الدول الغربية، للعبور من نظام الجمهورية الإسلامية والوصول إلى دولة مدنية يختارها الشعب.

وفي الجهة الثانية تطلق مجموعة من المعارضة على الحملة بأنها تعارض الديمقراطية وتحمل مفاهيماً رجعيةً تشبه "الوصاية" أو "البيعة". وثمة من يخالف العريضة الإلكترونية التي اعتبروها مخالفة صريحة مع فكرة الاحتجاجات التي تحمل شعار "المرأة، الحياة، الحرية".

وأرفق معارضو الحملة وسم آخر على غرار وسم أنصار رضا بهلوي، تحت عنوان "من وکالت نمي دهم"، ويعني "أنا لا أعطي التوكيل"، وعبّر ممثلو الأقليات العرقية والدينية، وبعض أفراد مجتمع الميم عين والناشطات النسويات عن مخالفتهن الصريحة للعودة إلى أفراد النظام الملكي.

وغردت الناشطة النسوية بَنَفْشَة جمالي: "إذا ما عرفت الشعوب الغربية التي دعمت انتفاضة المرأة، الحياة، الحرية، أن البعض في القرن الـ21 يجمعون على التوكيل للأمير والبيعة على غرار أسلافهم، فسوف يتركوننا".

وانتقدت مجموعة من الجمهوريين المعارضين للنظام الإسلامي الحالي حملةَ التمثيل الرمزي لإعطاء التوكيل، واعتبرتها "مخالفة للتضامن والائتلاف"، وصرحت أن "أسلوب أنصار رضا بهلوي انتهازي وحصري".

القوميات والنظرة الدونية

بدأت الاحتجاجات الأخيرة في إيران من المدن الكُردية في شمال غرب البلاد تنديداً بمقتل الشابة الكُردية مهسا أميني، وسرعان ما التحقت بها القومية البلوشية في شرق البلاد، وبعد القمع، تحولت الاحتجاجات في تلك المنطقتين إلى فرصة للتعبير عن مطالب القوميات المضطهدة في نظام الجمهورية الإسلامية حسب وصفهما، حيث وبالرغم من الهدوء الذي يسود شوارع إيران اليوم إلا أن البلوشيين السنّة ما زالوا يتظاهرون كل جمعة بعد إقامة صلاة الجمعة في مدينة زاهدان وحواليها.

وكتب عبد الله مهتدي، أمين عام حزب كوملة الكُردي الإيراني المعارض، رداً على اختيار رضا بهلوي كممثل المحتجين: "الرسالة الواضحة للثورة هي: المرأة، الحياة، الحرية والديمقراطية والمساواة في الحقوق ونفي الديكتاتورية والقبول بالتعددية والتنوع"، كما وصف تهمة الانفصالية التي يتغنى بها أنصار الملكية ضد القوميات الإيرانية بأنها "تخويف" فحسب، وأنها تبرير للقمع والتفرقة.

يبحث ناشطو حقوق الأقليات عن حريات أكثر في مستقبل البلاد، ومنهم من يؤكد على نظام فدرالي يحترم حقوقهم وهويتهم، بيد أن المعارضة من أصول القومية الفارسية التي تشكل نصف سكان البلاد، ترفض النظام الفدرالي وتؤكد على نظام جمهوري فحسب، وطالما شهدت مظاهرات الجالية الإيرانية المقيمة في دول غربية، مشاجرة كلامية، لما يحمله أفراد القوميات بيدهم من أعلام غير العلم الإيراني الرئيسي.

وعبر الأكاديمي الإيراني من أصول عربية في أمريكا، عقيل دغاغلة: "كان لم يكن بإمكان نظام الجمهورية الإسلامية أن يضرب الانتفاضة الأخيرة، كما فعلت لعبة (التوكيل). إنها كانت مخالفة صريحة مع من صدح بشعار لا للنظام الملكي، كما شكلت اللعبة فجوة لا يمكن سدها بين من يدافع عن وجود حكم مركزي في إيران وبين الأكراد والبلوش والعرب والأتراك".

طالما هتفت القوميات التي تعيش في إيران بشعارات مثل "لا نريد مَلكاً ولا شيخاً"، "لا مِلكية ولا ولائية، ديمقراطية ومساواة"، رغم أن أنصار الحكم المركزي في إيران الذين يستحوذون على الإعلام المعارض في الخارج، يرفضون سماع هذه الأصوات، حيث يعتبرون مطالب القوميات بنظام فدرالي، يمزق وحدة أراضي البلاد.

أرقام تويترية

علّق الباحث في الإعلام الرقمي محمد رَهْبَري أن وسم أنصار الأمير السابق: "#من_وکالت_میدهم"، قد تم تداوله 776 ألف مرة حتى نهاية يوم الجمعة 20 من كانون الثاني/يناير الحالي. وفي نفس الفترة تظهر الإحصائيات الرقمية أنه في المقابل تم تداول وسم معارضة تمثيل الأمير للمجتمع الإيراني: "#من_وکالت_نمیدهم"، 71 ألف مرة في تويتر.

وأشار الباحث إلى أن معارضة ولي العهد السابق تأتي في حين أن الكثير من الشخصيات السياسية المعارضة لم تتخذ موقفاً واضحاً حتى الآن و"علينا أن ننتظر ما إذا يتم التفاعل معه أم لا".

وعن أنصار الجمهورية الإسلامية فقد نشرت صحيفة "هَمْشَهْري" التابعة لبلدية العاصمة طهران رسماً كاريكاتورياً من رضا بهلوي وعنونته بـ"سيرك التوكيل"، أما وكالة "فارس" للأنباء التابعة للحرس الثوري، أعدّت تقريراً من المخالفة التي أطلقها أنصار النظام الإسلامي مع حملة أنا أعطي التوكيل.

من هو رضا بَهلَوي؟

ولد رضا بهلوي عام 1960 كان ولياً للعهد منذ السادسة من عمره، وقد ترعرع في أحضان معلمته الفرنسية، وفي سن 13 قام والده الشاه محمد رضا بَهلَوي بتعليمه الطيران بنفسه. وعند انتصار الثورة ضد الملك، كان ولي العهد ذات الـ18 عاماً في الولايات المتحدة يقضي دورة تدريبية في طيران المقاتلات.

بعد الأزمة الاقتصادية العنيفة التي يعاني منها المجتمع الإيراني خلال السنوات الأخيرة، زاد الإقبال على الأسرة الملكية وسط الأجيال الجديدة التي لم تعاصر ذلك النظام، بيد أن ولي العهد السابق لا يملك شخصية قوية كما والده وجدّه 

وبعد يوم على وفاة والده في عام 1980 في القاهرة، أدى الیمین وسط أفراد أسرته والمقربين من النظام الملكي، كي يناضل ضد نظام الجمهورية الإسلامية وزعيم الثورة الإسلامية روح الله الخميني، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن ما زال ينشط بقوة على غرار ذلك القرار الذي تعهد له في مصر.


عاش رضا لنحو 4 سنوات في المغرب ومن هناك درس عن بعد فرع السياسة في جامعة كاليفورنيا الجنوبية حتى تخرج منها بدرجة البكالوريوس، كما بادر في كتابة 3 كتب سياسية باللغة الإنكليزية والفرنسية.

بعد الأزمة الاقتصادية العنيفة التي يعاني منها المجتمع الإيراني خلال السنوات الأخيرة، زاد الإقبال على الأسرة الملكية وسط الأجيال الجديدة التي لم تعاصر ذلك النظام، بيد أن ولي العهد السابق الملقب بـرضا بهلوي الثاني، كونه يحمل اسم جدّه الملك، لا يملك شخصية قوية كما والده وجدّه.

وله من الأولاد ثلاث بنات وهن: نور وإيمان وفرح، وقد أثار تصريح الأميرة فرح بهلوي زوجة الشاه الإيراني السابق ضجة في الأشهر الماضية، عندما قالت إنه من الممكن أن تكون حفيدتها نور، ولية العهد إذا ما عاد النظام الملكي إلى إيران. وتحولت نور (31 عاماً) التي لا تتحدث اللغة الفارسية إلى ناشطة تدعم الحراك النسائي القائم في إيران.  


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image