شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
الانتخابات التركيّة وتقارب أنقرة والقاهرة.. هل يحملان أخباراً مُحبطة للاجئين المصريّين؟

الانتخابات التركيّة وتقارب أنقرة والقاهرة.. هل يحملان أخباراً مُحبطة للاجئين المصريّين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أمس الإثنين، 10 إبريل/ نيسان، عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا، هي الأولى من نوعها منذ انتهاء حكم الإخوان المسلمين إثر موجة احتجاجات شعبية واسعة أعقبها تحرك عسكري فيما يعرف بـ"ثورة 30 يونيو" في مصر، تبعها وصول الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي إلى السلطة.

تأتي التحركات التركية لاستعادة الاستقرار في العلاقات المضطربة مع دول العالم العربي ذات الثقل الاقتصادي والسياسي أو السكاني، في ظل استعدادات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لخوض الانتخابات العامة والرئاسية المرتقبة في 14 مايو/ أيار المقبل، وسط تحديات اقتصادية وسياسية في الداخل التركي، ربما كانت دافعه للتقارب مع أعداء الأمس.

يواجه إردوغان في الانتخابات المرتقبة أربعة منافسين، هم كمال كليشدار أوغلو مرشح تحالف "الطاولة السداسية" المعارض، ولذي يُنظر إليه على أنه أقوى منافسي إردوغان ويحمل برنامجه إلغاء جميع التغييرات الدستورية التي قام بها الرئيس التركي الحالي والعودة بالبلاد إلى النظام البرلماني عوضاً عن النظام الرئاسي الذي انتزعه إردوغان ومعه حزمة غير مسبوقة من السُلطات والصلاحيات.

أين يقف اللاجئون المصريون في ملعب الانتخابات التركية؟ وماذا يحمل التقارب بين الرئيسين (إردوغان والسيسي)، ونظاميهما للاجئين،  بعدما كفل العداء الممتد بين الرئيسين منذ 10 سنوات للاجئين المصريين في تركيا مساحة من الأمان خلال السنوات الماضية؟

المنافس الثاني هو محرم إنجه مرشح حزب الشعب الجمهوري وهو حزب يميني، وسنّان أوغان المحسوب أيضاً على اليمين المتطرف، وكلاهما ليسا من ذوي الحظوظ العالية في المنافسة، لكنْ لهما اعتبار في تفتيت أصوات مرشح المعارضة الأبرز كليشدار ويستخدمان ورقة معاداة اللاجئين بقوة في خطابيهما الانتخابي.

 فأين يقف اللاجئون العرب وبخاصة المصريون في ملعب الانتخابات التركية؟ وماذا يحمل التقارب بين الرئيسين (إردوغان والسيسي)، ونظاميهما للاجئين،  بعدما كفل العداء الممتد بينهما منذ 10 سنوات للاجئين المصريين في تركيا مساحة من الأمان خلال السنوات الماضية؟ وماذا ينتظرهم إذا ما فاز إردوغان أو خسر؟

مخاوف متصاعدة

تستضيف تركيا نحو 3.4 مليون لاجئ، معظمهم من سوريا، والكثير منهم من أفغانستان ومصر. ومنذ العام الماضي مع بدء الإعداد لجولة انتخابات عامة ورئاسية جديدة، بات طرح ورقة اللاجئين على طاولة مغازلة الأصوات أمراً معتاداً، وسط ارتفاع موجة معاداة الأجانب في الشارع التركي في ظل أزمة اقتصادية فاقمتها ظروف الحرب الروسية الأوكرانية.

وإذ يلقى اللاجئون السوريون النصيب الأكبر من العداء والاستخدام السياسي في الانتخابات، لا يخفي اللاجئون المصريون تخوفهم من أن تمتد موجة العداء الواضحة للاجئين إليهم.

بينما كانت تطمئنهم احتمالات بقاء الرئيس التركي الحالي على مقعده، من ناحية البقاء في تركيا من دون مشكلات أو تهديدات بالترحيل عنوة إلى مصر، بات التقارب المصري التركي يسبب لهم قلقاً كانوا يظنون أن بابه مغلق

وبينما كانت تطمئنهم احتمالات بقاء الرئيس التركي في الحالي على مقعده من ناحية البقاء في تركيا من دون مشكلات أو تهديدات بالترحيل عنوة إلى مصر، بات التقارب المصري التركي يسبب لهم قلقاً كانوا يظنون أن بابه مغلق، إلا أن ذلك الباب قد انفتح على مصراعيه، مع مصافحة الرئيسين المصري والتركي على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

تأتي المساعي التركية المصرية لاستعادة العلاقات الرسمية في ظل حاجة البلدين أحدهما إلى الآخر لأسباب مختلفة، فمصر تنظر بعين الاعتبار إلى التقارب التركي السعودي، كما أن تركيا تمثل شريطاً تجارياً مهماً للجانب المصري الذي يعاني من أزمة اقتصادية متصاعدة، وعزلة سياسية إقليمية لها أبعاد اقتصادية.

على الجانب الآخر، ينظر الرئيس التركي بعين الاعتبار إلى منافسه الأبرز كليشدار، الذي وعد ضمن برنامجه الرئاسي بعودة العلاقات المصرية التركية كاملة من دون أن يهمل الوعد بإعادة اللاجئين إلى بلادهم في غضون عامين، وإن كان قد ركز في تصريحاته على اللاجئين السوريين.

الانتخابات تؤثر على كل شيء

 تأثير المشهد الانتخابي التركي اتسعت رقعته ليشمل كل شيء في البلاد، وهو تأثير رصده رصيف22 من خلال الحديث مع عدد من اللاجئين والمقيمين المصريين في تركيا. فيوماً بعد يوم تزداد مصاعب الحياة في تركيا على الرغم من تراجع معدلات التضخم، ليجد المقيمون في تركيا أنفسهم، بخاصة العمال والموظفون في مأزق معيشي تركوا بلادهم هرباً منه.

تقول رشا عمَّار، مصرية تقيم في تركيا منذ خمس سنوات: "جئت لتركيا عام 2019 من أجل حياة أفضل لأبنائي الثلاثة الذين يدرسون هنا في مراحل تعليمية مختلفة، إذ كانت حينها الظروف أفضل في كل شيء، لكن اليوم مع ارتفاع تكلفة المعيشة أصبحنا غير قادرين على تلبية جميع احتياجاتنا، فضلاً عن ارتفاع تكلفة استخراج الإقامة في تركيا إن تم الموافقة عليها أصلاً".

وتضيف رشا في حديثها لرصيف22: "الاستقرار السياسي الذي كانت تتمتع به تركيا على مدار السنوات الماضية أصبح الأن مهدداً بسبب رغبة قطاع كبير من الأتراك في تغيير النظام الحالي".

يبلغ عدد اللاجئين المصريين 132,375 بحسب الإحصاءات الرسمية التي تعترف بها الأمم المتحدة

وعقب ما شهدته مصر في 2013 من إطاحة نظام الإخوان المسلمين وما تبعها من عنف واسع النطاق تجاه كل من ينتمي إلى الجماعة المصنفة إرهابية بحكم من القضاء المصري، فر عشرات الآلاف من المنتمين إلى الجماعة والمحسوبين عليها إلى الخارج، وفضل كثيرون منهم اللجوء إلى تركيا التي يحكمها نظام يتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين وأظهر عداءً واضحاً للنظام المصري الحالي ورفضاً للاعتراف بشرعيته منذ اليوم الأول. ومثلت تركيا لهذا السبب، وتحديداً بسبب شخص إردوغان وسياساته، ملاذاً آمناً للمنتمين إلى الجماعة، إلا أن ذلك كان له توابعه - سلباً وإيجاباً- على الجالية المصرية في تركيا. 

العنصرية تتزايد

 جانب آخر من تأثير الصراع الانتخابي على حياة اللاجئين والمقيمين العرب في تركيا، ومن بينهم المصريين، يتحدث عنه عمر السعيد لرصيف22.

لجأ عمر إلى تركيا عقب عام 2013، وافتتح مكتباً للعمل في مجال التصدير والإستيراد.

كان عمر وأسرته شهوداً على ما يصفه بـ"حادث اعتداء عنصري" في إحدى حافلات المواصلات العامة في تركيا: "أثناء ركوبي وأسرتي إحدى الحافلات، اندلعت مشاجرة عنيفة بين مواطن تركي ولاجئ عربي بسبب أولوية النزول من الحافلة، وتطور الأمر بينهما حتى وصل إلى اعتداء المواطن التركي على زوجة اللاجئ العربي بالضرب والسب قائلاً له «اذهبوا من هنا لا نريدكم». كل هذا حدث وسط ذهول جميع الذين شاهدوا الموقف ولم يتدخلوا لفض الاشتباك، وكلهم من الأتراك". ويكمل: "حينها أدركت أن لا مكان لنا في هذه البلاد، فلا أنا ولا أولادي سنكون في مأمن هنا حتى لو حصلنا على الجنسية وأتقنا التركية".

وقائع هذا المشهد دعت سعيد للبدء في البحث عن بلد أخرى ينتقل إليها "اليوم قبل غداً" حسب قوله، فهو لن يتحمل نتائج الانتخابات لو جاءت بمن ينادون بترحيل اللاجئين قسراً من تركيا. 

على مدار السنوات الخمس الماضية، اتهمت أحزاب المعارضة إردوغان بمنح مئات الآلاف من اللاجئين الجنسية التركية بغية الاستفادة من أصواتهم في الانتخابات

للأتراك رأي آخر

 تختلف وجهة نظر بعض المواطنين الأتراك – أصحاب الحق في التصويت- نحو مخاوف اللاجئين، بعضهم يرى أن اللاجئين سيتأثرون خلال الفترة المقبلة، سواء مع اقتراب موعد الانتخابات أو حتى بعدها، وأن المضايقات ضدهم لن تنتهي بعد انتهاء الانتخابات، حتى على المستوى الشعبي، خاصة أن أحزاب اليمين على اختلاف درجات يمنيتها تتفق على الترويج على أن مرجع ما تشهده البلاد من أزمات هو اللاجئون؛ بدءاً من البطالة وتراجع الأعمال والأزمات الاقتصادية، فيما يرى آخرون أن هناك روابط لا تسمح لتركيا بالتخلي عن اللاجئين، خاصة السوريين، من الناحية الأخلاقية والإنسانية والقرابة والمصير المشترك.

 الصحافي التركي فاتح مارت المتخصص في شؤون الأحزاب يقول لرصيف22: "سمعنا دعوات كثيرة من رؤساء المعارضة لترحيل اللاجئين بأسرع وقت ممكن، حتى أنّ هذا الملف أصبح ورقة ضغط تستخدمها المعارضة بين الحين والآخر ضدّ الحكومة، ضاربة باتفاقيات الاتحاد الأوروبي وحقوق الإنسان عرض الحائط، والأمر المقلق الآخر هو تصاعد العنصرية ضد العرب والأجانب المقيمين في تركيا بسبب دعايات ومنشورات غير مسؤولة من جانب قوى المعارضة التركية"، إلا أنه مطمئن إلى أن "تركيا من غير المرجح أن تعيد اللاجئين إلى بلدهم إذا كانت العودة غير آمنة لهم بسبب المعاهدات الدولية التي تحمي حقوق اللاجئين".

هل يكون المجنّسون جزءاً من المعادلة الانتخابية؟

 حملات كثيرة قامت بها أحزاب المعارضة في تركيا ضد منح حكومة أردوغان آلاف اللاجئين الجنسية التركية، فعلى مدار السنوات الخمس الماضية، اتهمت أحزاب مثل "الشعب الجمهوري" و"الجيد" و"النصر" إردوغان بمنح مئات الآلاف من اللاجئين، خاصة السوريين، الجنسية التركية بغية الاستفادة من أصواتهم في الانتخابات التي ستشهدها البلاد الشهر المقبل.

 لكن وفق الأرقام الرسمية التي أعلنتها الحكومة، فإن أعداد المجنسين ضئيلة مقارنة بالعدد الكلي لأصوات الناخبين في تركيا، أي أن أصوات المجنسين لن تكون عاملاً حاسماً في ترجيح كفة على الأخرى مقارنة بالأكراد الذين يُنظَر لهم في هذه الانتخابات مفتاح فوز أحد المرشحين، إما رجب طيب أردوغان أو كمال كليشدار أوغلو.

وكشف وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في بيان، أن عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات حتى نهاية العام الماضي 2022، بلغ 219.000، بينهم 87.296 طفلاً لا يحق لهم التصويت.

وأكد أن نسبة مشاركة السوريين المجنسين في الانتخابات التركية 2018 - 2019 كانت منخفضة، إذ بلغت 30-35% من المجنسين فقط، مضيفاً أن هناك عرباً من جنسيات أخرى حصلوا خلال السنوات الأخيرة على الجنسية التركية، لكن أعدادهم قليلة مقارنة بأعداد السوريين.

 عدد اللاجئين

يمثل اللاجئون الآن 7% من سكان تركيا حيث يوجد في البلاد ستة ملايين لاجئ من بينهم أربعة ملايين من سوريا ومليونان من العراق وأفغانستان وإيران ودول أخرى، ويعدّ العرب الأقلية العِرقية الثانية بعد الأكراد الذين يشكّلون 15-20 في المئة من السكان. فيما يبلغ عدد اللاجئين المصريين 132,375 بحسب الإحصاءات الرسمية التي تعترف بها الأمم المتحدة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image