شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
استكشاف النشاط الجنسي خلال رمضان وتأثيره على النساء والرجال

استكشاف النشاط الجنسي خلال رمضان وتأثيره على النساء والرجال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الجمعة 14 أبريل 202301:42 م

خلال شهر رمضان، يحتاج الرجال والنساء إلى تقسيم مسؤولياتهم/ ن بالتساوي، للتفرغ للعبادة والروحانيات، لكن هناك شيئاً آخر قد لا يتحدث عنه البعض، وهو ممارسة الجنس في هذه الفترة.

تُعدّ ممارسة الجنس واحدةً من الاحتياجات الأساسية للإنسان، ولكنها في رمضان تتضمن بعض الإشكاليات التي من الواجب على الشركاء معرفتها، خاصةً أن شهر رمضان هو الشهر الأكثر قداسةً عند المسلمين/ ات. ففي هذا الشهر، يتغير نمط حياة الناس، ويصوم البعض عن الطعام والشراب، ويمتنع البعض الآخر عن النشاط الجنسي من شروق الشمس إلى غروبها. مع العلم بأنه بعد غروب الشمس وقبل الفجر، يُسمح بالنشاط الجنسي للمتزوجين/ ات.

النشاط الجنسي للنساء خلال رمضان

قد يُنظر إلى حظر النشاط الجنسي في نهار رمضان، على أنه امتداد للسيطرة الأبوية على أجساد النساء ونشاطهنّ الجنسي، وغالباً ما يتم فرض هذه السيطرة من خلال المعايير الدينية والثقافية التي تعطي الأولوية لرغبات الرجال الجنسية، وتحدّ من قدرة المرأة على الاستقلالية.

يثير هذا تساؤلات حول تأثير الصيام والامتناع عن ممارسة الجنس على صحة المرأة وعافيتها ورفاهيتها، فضلاً عن الضغط الذي قد تشعر به لممارسة النشاط الجنسي خلال شهر رمضان.

زيادةً على ذلك، فإن تحريم النشاط الجنسي في أثناء النهار، قد يتسبب في ضغط إضافي على المرأة لإشباع الحاجات الجنسية لشريكها، خلال الوقت المحدود المتاح بعد الإفطار، ويمكن أن يتفاقم هذا الضغط بسبب التوقع الاجتماعي لأداء الأنوثة، والذي يتضمن غالباً الوفاء بالأدوار التقليدية للجنسين.

قد يُنظر إلى حظر النشاط الجنسي في نهار رمضان، على أنه امتداد للسيطرة الأبوية على أجساد النساء ونشاطهنّ الجنسي، وغالباً ما يتم فرض هذه السيطرة من خلال المعايير الدينية والثقافية التي تعطي الأولوية لرغبات الرجال الجنسية

قد يكون للصيام تأثير على الصحة الإنجابية للمرأة، خاصةً بالنسبة للنساء اللواتي يعانين بالفعل من مشكلات في الخصوبة، إذ يمكن أن تؤدي فترات الصيام الطويلة إلى اضطراب الدورة الشهرية والإباضة، مما يزيد من صعوبة الحمل عند النساء.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر الجفاف بسبب الصيام على إنتاج مخاط عنق الرحم "الإفرازات"، والتي تلعب دوراً رئيسياً في الخصوبة، وفي تسهيل عملية الجماع.

في سياق متصل، يمكن أن تكون للامتناع عن ممارسة الجنس آثار سلبية على صحة المرأة الجنسية والعاطفية.

بالنسبة للعديد من الناس، يُعدّ النشاط الجنسي جزءاً مهماً من توطيد العلاقة العاطفية مع الشريك/ ة. يمكن أن يؤدي عدم القدرة على ممارسة النشاط الجنسي لفترات طويلة إلى الشعور بالإحباط والقلق والاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، قد تشعر نساء كثيرات بالضغط لممارسة النشاط الجنسي خلال شهر رمضان، حتى لو لم يشعرن بالراحة في القيام بذلك، إذ يُنظر إليه على أنه التزام ديني.

وعليه، يمكن أن يؤدي الضغط من أجل الانخراط في نشاط جنسي خلال شهر رمضان، إلى تفاقم قضايا الإكراه الجنسي والاعتداء الجنسي. فقد تشعر نساء كثيرات بالضغط أو الاضطرار إلى الانخراط في نشاط جنسي حميمي، حتى لو لم يرغبن في ذلك، وهو ما يمكن أن يكون شكلاً من أشكال الإكراه الجنسي، بالإضافة إلى وصمة العار المرتبطة بالانخراط في نشاط جنسي خارج إطار الزواج، وهو ما يمكن أن يمنع النساء من التحدث علناً عن الاعتداء الجنسي أو طلب المساعدة.

"أرغمني زوجي على قطع الصيام لممارسة الجنس معي"

في حديثها إلى رصيف22، قالت ليلي (اسم مستعار): "في أثناء شهر رمضان، أتجنب أنا وزوجي التواصل الجسدي بأي شكل من الأشكال حتى لا يُستثار أحدنا"، واستدركت بالقول: "في أثناء صيامي 6 أيام في شهر شوال، فوجئت بزوجي يطلبني لممارسة الجنس. أخبرته بأنني صائمة، غير أنه قال إن ممارسة الجنس حق له، وتجب عليّ طاعته، وإلا أكون آثمةً، وإن صيام التطوع يجب على المرأة فيه أن تستأذن زوجها أولاً".

وأضافت: "أرغمني زوجي على الإفطار، وقطع صيامي لممارسة الجنس معي".

للأسف، في بعض الأحيان، وتحديداً في المجتمعات الذكورية، يُتوقع من المرأة أن تؤدي كلا الدورين في العلاقات أو المجتمع: دور تقديم الرعاية والدعم، ودور أن تكون امرأةً مرغوبةً من أجل المتعة الجنسية.

"في أثناء صيامي 6 أيام في شهر شوال، فوجئت بزوجي يطلبني لممارسة الجنس. أخبرته بأنني صائمة، غير أنه قال إن ممارسة الجنس حق له، وتجب عليّ طاعته، وإلا أكون آثمةً"

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى عدّ المرأة موضوعاً و/ أو شيئاً وتقليل قيمتها، لأن قيمتها غالباً ما تستند إلى مظهرها الجسدي وجاذبيتها الجنسية.

وعليه، فإن موضوع النشاط الجنسي خلال شهر رمضان، موضوع معقّد وله آثار على صحة المرأة ورفاهيتها واستقلاليتها وسيطرتها على جسدها. من المهم تدارك الأمر ومعالجة الطرائق التي يمكن للتوقعات الدينية والثقافية أن تؤثر بها على حقوق المرأة الجنسية والإنجابية، والتأكد من أن المرأة قادرة على اتخاذ خيارات صحيحة بشأن جسدها وحياتها الجنسية.

النشاط الجنسي للرجال خلال رمضان والتأثير المحتمل

من المهم تسليط الضوء على التوقعات المجتمعية والضغوط التي يتعرض لها بعض الرجال خلال شهر رمضان.

في الواقع، إن رمضان هو شهر مخصص للعبادة والتأمل الروحي والانضباط وضبط النفس. ومع ذلك، يمكن أن تكون فيه التوقعات والضغوط المجتمعية عاليةً، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالرجال وتوقعاتهم الجنسية.

من المهم التفكير في مفهوم الرجولة وارتباطها بالجسد والجنس خلال شهر رمضان. ففي العديد من المجتمعات، يرتبط المفهوم التقليدي للرجولة بالقوة الجسدية، والقدرة على التحكم في رغبات المرء. وخلال شهر رمضان، يتم تعزيز هذا المفهوم بشكل أكبر حيث يُتوقع من الرجال الامتناع عن الطعام والماء والنشاط الجنسي خلال ساعات النهار.

يُعتقد أن النشاط الجنسي للرجال يؤدي إلى الإفطار ويضعف روحانيتهم، حتى لو كان ذلك في فترة ما بعد أذان المغرب وقبل أذان الفجر. يمكن أن يفرض هذا التوقع قدراً كبيراً من الضغط على الرجال الذين قد يشعرون بأنهم لا يرقون إلى مستوى التوقعات المجتمعية إذا ما شاركوا في نشاط جنسي خلال شهر رمضان. ويمكن أن يؤدي هذا إلى الشعور بالذنب والإحساس بالعار وعدم الكفاءة، مما قد يكون له تأثير سلبي على صحة الرجل النفسية.

من ناحية أخرى، يعاني بعض الرجال من انخفاض في الرغبة الجنسية بسبب الصيام، وما يترتب على ذلك من إجهاد بدني وعاطفي. قد يجد البعض الآخر أن النشاط الجنسي يوفر التحرر من ضغوط الصيام والتفكير الروحي.

ومع ذلك، من الضروري ملاحظة أن أي ضغط أو توقّع يمارَس على الرجال لممارسة نشاط جنسي خلال شهر رمضان يمثل مشكلةً أيضاً. يمكن أن ينبع هذا من قواعد الذكورية السامة التي تضع الرجال تحت ضغط "البراعة الجنسية/ الأداء الجنسي"، ويعزز تلك الأعراف الجنسية الضارة التي تساهم بشكل ما في زيادة معدلات العنف ضد المرأة.

تحدث دكتور الباطنة، أحمد أشرف محمد، إلى رصيف22، عن علاقة الصيام بالجنس والرغبة الجنسية، شارحاً أن "هناك العديد من الدراسات التي أجريت حول العلاقة بين الصيام خلال شهر رمضان والرغبة والأداء الجنسي. ومع ذلك، فقد كانت النتائج متباينةً، ويتطلب الأمر المزيد من البحث للوصول إلى استنتاجات قاطعة".

وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الصيام خلال رمضان، قد يؤدي إلى انخفاض في الرغبة الجنسية وتراجع في الأداء، ربما بسبب آثار الجفاف والتعب والجوع على الجسم.

في حين وجدت دراسة أخرى، نُشرت في مجلة الطب الجنسي في العام 2013، أنه لا يوجد فرق ملحوظ في الرغبة الجنسية أو الأداء بين الرجال المسلمين الصائمين وغير الصائمين خلال شهر رمضان. ولاحظ الباحثون أن المعتقدات الشخصية والعوامل الثقافية قد تلعب دوراً في كيفية تجربة الأفراد للصيام خلال رمضان.

ووجدت دراسة نُشرت في مجلة أبحاث الجنس، عام 2016، أن النساء المسلمات اللواتي صمن خلال رمضان، أبلغن عن ارتفاع في الرغبة الجنسية والرضا الجنسي مقارنةً بالنساء المسلمات غير الصائمات. واقترح الباحثون أن يكون هذا بسبب الفوائد الروحية والنفسية للصيام.

واللافت أن التوقع المجتمعي بأن الرجال يجب أن يمتنعوا عن ممارسة الجنس خلال شهر رمضان، يعزز الصور النمطية الضارّة عن الذكورة والجنس، بحيث أنه يديم فكرة أن الرجال بطبيعتهم كائنات جنسية وليس في وسعهم التحكم في رغباتهم، وأنه يجب تأديبهم والسيطرة عليهم من قبل المجتمع من أجل الحفاظ على نقائهم الروحي، ناهيك عن إدامة الأفكار الضارة حول أدوار الجنسين وديناميكيات السلطة.

بالنسبة للرجال، يمكن أن تكون لحظر النشاط الجنسي خلال شهر رمضان آثار جسدية ونفسية. جسدياً، يمكن أن يؤدي الافتقار إلى تحرير الشهوة وإلى الجنس، إلى زيادة مستويات التوتر والإحباط. من الناحية النفسية، فإن الاعتقاد بأن الانخراط في النشاط الجنسي في رمضان، خطيئة، يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالذنب والعار.

بدلاً من وضع عبء السيطرة الجنسية على الرجال، يجب أن نعمل من أجل خلق مجتمع يقدّر التوافق والاحترام المتبادل والمساواة بين الجنسين. من خلال تحدّي القوالب النمطية الجنسانية الضارّة، وخلق ثقافة من التواصل المفتوح والاحترام

في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي الضغط للتوافق مع التوقعات المجتمعية أيضاً، إلى سلوك ضارّ تجاه المرأة. على سبيل المثال، قد يستخدم بعض الرجال رمضان ذريعةً لممارسة السيطرة على زوجاتهم أو شريكاتهم، مستخدمين الحظر الديني على النشاط الجنسي لتبرير السلوك المسيء.

من المهم أن نلاحظ أن الرجال المسلمين لا ينظرون كلهم إلى رمضان بهذه الطريقة، بحيث أن كثراً منهم في وسعهم الصيام والامتناع عن النشاط الجنسي من دون ظهور أي آثار سلبية على صحتهم النفسية أو الجسدية.

ومن المهم أن ندرك أنه بدلاً من وضع عبء السيطرة الجنسية على الرجال، يجب أن نعمل من أجل خلق مجتمع يقدّر التوافق والاحترام المتبادل والمساواة بين الجنسين. من خلال تحدّي القوالب النمطية الجنسانية الضارّة، وخلق ثقافة من التواصل المفتوح والاحترام، يمكننا إنشاء مجتمع لا يتم فيه الحكم على الرجال من خلال رغباتهم الجنسية، بل من خلال شخصيتهم وقدرتهم على معاملة الآخرين باحترام وكرامة.

في الختام، إن ممارسة الجنس بالنسبة للشركاء، أمر مقدس وليست مجرد إطلاق للرغبات وتفريغاً لها، ولكنها ذات مغزى ومعنى أكبر لأنه من المفترض أن هناك مبادئ احترام متبادلةً ونيةً لتوزيع السعادة والرضا الجنسي بين الزوجين.

وعليه، فإن موضوع النشاط الجنسي خلال شهر رمضان متعدد الأوجه ويتطلب فهما دقيقاً للديناميكيات والتقاطعات المتداخلة للجنس والدين والثقافة، ومن المهم تحدّي الأعراف والتوقعات الأبوية التي تحدّ من قدرة الأفراد على استقلاليتهم وسيطرتهم على أجسادهم مع تعزيز العلاقات الجنسية الصحية والتوافقية لجميع الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، فإن إشراك الرجال في المناقشات حول الرجولة الصحية ومكافحة العنف ضد المرأة أمر حيوي وجوهري وحاسم في خلق مجتمع أكثر إنصافاً وعدالةً. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image