الكشك، الأبريه، السوبيا، القصب، العرديب... عصائر رمضانية بعدد الأقاليم المصرية

مثلما يشتهر رمضان بأكلاته اللذيذة، يشتهر كذلك بأنواع الشراب التي لا تكتمل مائدة بدونها، إذ هناك مكانة خاصة للعصائر والمشروبات لدى المصريين في هذا الشهر، لا تفارق إفطاراتهم وسحوراتهم.
لأن طباع وعادات المصريين تختلف من منطقة إلى أخرى، تتميز كل محافظة بمشروباتها الخاصة، التي قد لا يسمع بها أهل المحافظة الأخرى أو يعرفها، وتتصف بعض هذه العصائر ببساطة مكوناتها بينما هناك مشروبات أخرى تمر بعدة مراحل وتحتاج أياماً لصنعها.

الدوم والخروب في الإسكندرية 

من أشهر العصائر الإسكندرانية النشأة عصير الخروب وعصير الدوم، وعلى الرغم من وجودهما طوال العام في محالّ العصائر، يعدّان من المشروبات الأساسية على السفرة الرمضانية، وربما تعرّف بعض القاهريين على عصير الخروب ونقلوه إلى محالّهم بعد أن ذاع صيته هناك، ولكن الدوم لا يزال غير معروف لدى القاهريين أو لدى أهالي المحافظات الأخرى.
أما عن طريقة تحضير الدوم فتقول الإسكندرانية لوسي نشأت: "لا يحتاج لمجهود أو مكونات خاصة، فقط نحتاج إلى ربع كيلوغرام من الدوم المجروش والذي ينقع في لترين من الماء الدافئ، ثم يترك عدة ساعات، ولاحقاً يوضع ليغلي على النار عشر دقائق أو أكثر حتى يأخذ الماء كل خلاصة الدوم، ثم نصفّي العصير مباشرة بشاش أو مصفاه ضيقة جداً حتى نحصل عليه خالياً من الشوائب، ونقوم بتحليته حسب الرغبة مع مراعاة أنه من العصائر التي لا تحتاج لكمية كبيرة من السكر.

تعرّف بعض القاهريين على عصير الخروب ونقلوه إلى محالّهم بعد أن ذاع صيته هناك، ولكن الدوم لا يزال غير معروف لدى القاهريين أو المحافظات الأخرى كما في الإسكندرية 

تقول: "هناك من يقوم في البداية برش كمية من السكر وتقليب الدوم المجروش ثم إضافة الماء وتركه يغلي لتعزيز لون العصير، ولكني أرى أن الطريقة الأولى لصنعه أسهل، بالإضافة إلى أنها تعطى نتيجة أفضل للعصير كلون جيد وطعم أنقى للدوم كونه غير مختلط بطعم السكر المكرمل".

عصير القصب في دمياط 

تقول دعاء، وهي من محافظة دمياط، لرصيف22: "لعصير القصب أهمية كبيرة لدى أهالي دمياط في شهر رمضان، فنشتريه من العصارات الشهيرة في البلد ويكون متوفراً على مائدة الإفطار بشرط أن يكون الإفطار بطّاً".
كما يهتم أهالي دمياط بمشروب قمر الدين، الذي تقول عنه دعاء: "قمر الدين يتم تحضيره بتقطيعه وضربه في الخلاط مع السكر، أو يتم وضعه في ماء مع السكر قبل يوم فيذوب ويتحول إلى عصير".

السوبيا في ضواحي الجيزة 

من أهم مشروبات شهر رمضان هي "السوبيا"، يشرح الباحث في التراث خطاب معوض الساكن في مركز منشأة القناطر في محافظة الجيزة: "يهتم الصائمون لدينا بمشروبات عديدة وأهمها الكركديه الذي يتم صنعه من نبات الكركديه المضاف إليه السكر والماء، وكذلك مشروب السوبيا الذي يتكون من اللبن المضاف إليه جوز الهند والسكر والفانيليا، وهو من المشروبات التي تمد الصائم بالطاقة".

تشتهر دمياط بعصيري القصب وقمر الدين، بينما تنتشر السوبيا في ضواحي الجيزة والمانجا في الاسماعيلية 

ويضيف في حديثه لرصيف22: "في ضواحي الجيزة أيضاً يلتف الناس على محالّ عصير القصب إذ يحبون شراءه قبل الأذان مباشرة لتناوله بشكل طازج، كما يعدّ الكثير من الناس التمر باللبن وهو المشروب الذي يتم تناوله في السحور أو بعد الإفطار، ويُحضّر من خلال تقطيع التمر ووضعه في اللبن مع إضافة السكر حسب الرغبة".

المانغا في الإسماعيلية

لأن المانغا هي الفاكهة الأكثر شهرة في محافظة الإسماعيلية "بلد المانغا" كما يقال عنه. فلا تخلو مائدة الإفطار في رمضان من عصير المانغو.
نورا من أهالي المحافظة تقول لرصيف22: "كل أهالي الإسماعيلية يحبون المانغا. هناك عصائر أخرى ولكن المانغا أهم. وأحياناً نصنعها بالطريقة التقليدية: توضع  قطع المانغا مع المياه والسكر في الخلاط، وأوقات أخرى يتم أكلها كما هي دون أي إضافات أخرى أو يجري تقطيعها فوق فاكهة أخرى ونضيف السكر حسب الرغبة وطبعاً نشرب أيضاً عصائر رمضان الأخرى مثل التمر الهندي والسوبيا والعرقسوس".

التمر في البحيرة وكفر الشيخ 

وفي محافظتي البحيرة وكفر الشيخ لا تخلو مائدة الإفطار وأيضاً السحور من التمر، الذي يُعدّ بطرق عدة تختلف من مكان لآخر بل من بيت إلى آخر.
قمر من محافظة كفر الشيخ تقول لرصيف22: "التمر لدينا أساسي على الإفطار نقوم أولاً بتفصيصه وغسله ثم يُوضع في إناء مع الماء والسكر ونضيف إليه أيضاً الزبيب والتين إن وجد، أما في السحور فيكون التمر باللبن هما الأساس الذي يعتمد عليه الصائم. فالتمر باللبن وجبة غنية بكل الفيتامينات ويوضع التمر المكسر مع اللبن قبل السحور بساعات وتتم تحليته بالسكر ويشرب بارداً أو ساخناً". 

لأهالي محافظتي البحيرة وكفر الشيخ طريقة خاصة في صناعة شراب التمر، تتلخص بخلطه وإذابته في اللبن، وقد تتم إضافة السكر له في وقت السحور، لزيادة مخزون الطاقة في جسم الصائم
أما الكردكديه، فتتحدث عن طريقة صنعه من إحدى قرى محافظة البحيرة سارة، تقول لرصيف22: "شراب التمر يُعدّ بطريقة بسيطة جداً فيتم تكسيره ووضعه في الماء مع السكر فقط دون إضافات أخرى، وهناك من يطحنه في الخلاط بعد ذلك".

الجبنة والعرديب 

لقبائل العبابدة في البحر الأحمر عادات مختلفة، فيعطون القهوة أهمية كبيرة، وفي رمضان لا غنى لهم عن مشروب "الجبنة" الذي يعتمد بشكل كبير في تكوينه على البن، ولا عن مشروب "العرديب".
مصطفى سباق من العبابدة قال لرصيف22 عن الجبنة: "أحياناً نحضره قبل الإفطار مباشرة حتى يكون جاهزاً بعده، وفي أوقات أخرى ننتظر بعد الإفطار بساعات لتناوله ويُحضر بتحميص حبوب البن الخضراء على الفحم لتتحول اللون الأسمر ثم وضعها على الفخار مع الزنجبيل والماء ثم تحضيرها مثل القهوة ووضعها في فنجان أصغر وتكون لها رائحة زكية جداً وهي تضبط مزاج شاربها".  

مشروب "العرديب" أو التمر الهندي من العصائر المحببة لدى قبائل العبابدة نواحي البحر الأحمر 
كما تحدث سباق عن مشروب "العرديب" الذي يحظى بشهرة كبيرة أيضاً، يقول: "من أهم العصائر لدينا في شهر رمضان العرديب وهو التمر الهندي الحي. نغليه في المياه ربع ساعة حتى يذوب ويُخرج كل النكهة، ثم نتركه منقوعاً ليلة كاملة، قبل أن نصفيه ونحليه بالسكر".

الكشك في الصعيد 

الباحث في التراث الصعيدي محمد سباق جمال الحويطي تحدث لرصيف22 عن أهم المشروبات في الصعيد ومنها مشروب "الكشك"، الذي يوضع على مائدة رمضان ويحبه الأطفال والكبار.ووقال إنه يصنع من القمح بعد غسله ونقعه بالماء ثم  تصفيته وتجفيفه في الشمس وطحنه ليصبح مثل الفريك، ويتم عجنه بالرائب ثم خلطه مع الثلج والسكر.
واللافت أن "الكشك" معروف كمشروب في محافظة سوهاج فقط، بينما يعرفه باقي الصعيد كوجبة يتم تناولها في كل الأوقات. وطبق الكشك يتكون من الدقيق والبصل والسمن والشوربة والزبادي، ويحضر من خلال تحمير البصل في السمن وإضافة الشوربة، ثم وضع الدقيق والزبادي.
وتحدث الحويطي أيضاً عن مشروب "البوظة" الذي يشبه الـ"سوبيا" التي يعرفها الوجه البحري، وهو رغيف خبز من العيش الشمسي يجب أن يكون خامراً، ويوضع في الخلاط مع ماء وسكر، ومن الممكن وضع اللبن بدلاً من الماء.

شراب "الإبريه" النوبي يتكون من رقائق خبز تصنع من الماء والدقيق وبعض التوابل، ويغلق عليه 11 يوماً، وفي الـ12 يخبز على "الدوكة"، ويُترك حتى يجف، ثم يكسر ويوضع على عصير الليمون

الإبريه في النوبة

يبرع أهل النوبة في إعداد مشروب "الإبريه" الذي ينال شهرة كبيرة ولا غنى عنه في رمضان، ولأنه يمتاز بوصفة صعبة. ويقدمه النوبيون عادة للأقارب والأصدقاء من أبناء أسوان هدية جاهزة.
تقول هالة بشاري من قرية "أدندان" في أسوان لرصيف22 إن "الإبريه" يتكون من رقائق خبز تصنع من الماء والملح ودقيق الذرة وبعض التوابل مثل الزنجبيل والعرديب ويكون مثل عجين الكريب ويغلق عليه 11 يوماً، وفي اليوم الثاني عشر يخبز على "الدوكة"، ويُترك حتى يجف، ثم يكسر ويوضع على عصير الليمون، وأحياناً توضع فواكه ومشمشية وزبيب بداخله.