شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
التونسيون قلقون على صحة قيس سعيد ووزير الصحة لا يُجيبهم

التونسيون قلقون على صحة قيس سعيد ووزير الصحة لا يُجيبهم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

الاثنين 3 أبريل 202303:25 م

أثار غياب الرئيس التونسي قيس سعيد عن الظهور العلني نحو 10 أيام شائعات وشكوكاً حول تدهور حالته الصحية في ظل "صمت رسمي" عن التعليق على تقارير إعلامية حول ذلك بالتكذيب أو التأكيد، وهو ما دفع العديد من التونسيين للمطالبة بمعاملتهم كمواطنين لهم الحق الكامل في معرفة ما يستجد في حياة رئيسهم.

وراجت خلال الأيام الماضية شائعات عديدة مفادها أن صحة الرئيس التونسي تدهورت مع تكهنات بنقله إلى العناية المركزة في المستشفى العسكري بسبب أمراض القلب.

في المقابل، راحت حسابات موالية لسعيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي تكذب هذه الشائعات في المطلق تارةً، بينما تتمنى له الشفاء العاجل تارةً أخرى. كما اتهمت "صفحات مأجورة" تابعة "للإخوان" أو "المعارضة" بنشر أخبار "لا صحة لها" لإثارة الفرقة والفتن في البلاد، مشددةً على أنها "حركات بهلوانية لا أكثر".

لماذا التونسيون قلقون؟

ومنذ 22 آذار/ مارس 2023، لم يظهر الرئيس التونسي علناً. كما غابت أنشطته عن صفحة الرئاسة الرسمية باستثناء خبر عن إقالة والي قابس. وهو ما فتح باباً واسعاً أمام الإشاعات والسيناريوهات لا سيّما في ظل عدم نشر أية تصريحات أو معلومات رسمية عن أسباب غياب الرئيس، وهل كان ذلك قراراً شخصياً منه بتقليص أنشطته ربما في شهر رمضان أو بوجه عام. أو بناءً على نصيحة طبيّة أو هو أمر آخر.

"إذا كان الرئيس يواجه بعض الموانع الصحية للقيام بواجباته، فمن يدير البلاد الآن؟!"... غياب الرئيس #قيس_سعيد عن الظهور يُثير شكوكاً حول تدهور صحته، والتونسيون غاضبون من "الصمت الرسمي" ومعاملتهم "كرعايا لا مواطنين"

زادت الشكوك في إعلان وكالة "نوفا" الإيطالية "إلغاء" سعيد لقاءً مبرمجاً مع المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جينتيلوني، دون توضيح الأسباب قبل عدة أيام. علاوة على قيام وزير الخارجية، نبيل عمّار باستلام نسخة من أوراق اعتماد السفير البرازيلي الجديد، فرناندو جوزيه دي آبرو، في حين أن البروتوكول يقضي بأن يقوم الرئيس شخصياً بهذه المهمة.

وجاء إحجام وزير الصحة التونسي علي مرابط، الأحد 2 نيسان/ أبريل 2023، عن الرد على أسئلة الصحافيين عن الشائعات المتعلقة بصحة الرئيس، ليفاقم المخاوف حيال صحة الرئيس وقدرته على أداء أدواره الرسمية. امتنع الوزير عن قول أي كلمة مطمئنة أو نفي الشائعات وبادر بالمغادرة فور سؤاله.

الأحد أيضاً، نشرت صحيفة "لوموند أفريك" مقالاً عن "الحالة الصحية المقلقة" و"المشكلات الصحية الخطيرة" للرئيس سعيد، قائلةً إنه نُقل إلى غرفة العناية المركزة في المستشفى العسكري بالعاصمة تونس بسبب "اضطرابات القلب الناجمة عن العلاجات الشديدة التي يتبعها لعلاج اضطرابات المزاج الشديدة والمتكررة".

واعتبرت الصحيفة أن "الصمت التام للسلطات على حالة الرئيس التونسي يخلق ضائقة حقيقية داخل المجتمع التونسي وبين الدبلوماسيين الأجانب، إذ تنتشر أكثر الشائعات إثارة للقلق على الشبكات الاجتماعية، بما في ذلك استقالة قيس سعيد لأسباب طبية. كما أن مثل هذا السيناريو، الذي لم يؤكده أي مصدر موثوق به حتى الآن، من شأنه أن يشكل مشكلة مؤسّسية خطيرة".

والاثنين 3 نيسان/ أبريل 2023، أكد رئيس جبهة الخلاص الوطني التونسية، أحمد نجيب الشابي، معرفته باعتلال صحة سعيد. قال: "بلغنا تعرض رئيس الجمهورية قيس سعيد لوعكة صحية منذ اليوم الأول. لكن قررنا التريث لأن معركتنا معه سياسية وليست شخصية"، لافتاً إلى أن تداول الخبر في بعض وسائل الإعلام علاوة على ردة فعل وزير الصحة هي التي دفعته للحديث عن الأمر.

وبينما طالب رئاسة الحكومة بـ"مواجهة الرأي العام وتوضيح الوضع الصحي للرئيس"، حث على تسليم مقاليد السلطة إلى رئيسة الحكومة" إذا كان "غيابه وقتياً إلى حين التعافي" ما من شأنه "أن يبعث الطمأنينة للتونسيين".

"مقتضى الشفافية والحكم الرشيد أن يحاط المواطنون علماً بكل ما يستجد في حياة رئيس دولتهم، وخاصة إذا كان لذلك علاقة مباشرة بإدارة البلاد"

أما إذا كان "الشغور دائماً فإن هناك فراغ دستوري خطير باعتبار أنه لم يتم تركيز المحكمة الدستورية"، وفق الشابي الذي أكد أن جبهة الخلاص "ترفض أن يكون هناك قرار مسقط. لا بد أن تكون هناك مشاورات جدية بين القوى المدنية السياسية المختلفة للاتفاق على مخرج لإنقاذ تونس والانتقال السلس للسلطة".

"مواطنون لا رعايا"

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، علّق العديد من التونسيين على غياب الرئيس سعيد، وعلى الشائعات المتعلقة بحالته الصحية. تراوحت التعليقات بين قلق على الرئيس ومتخوِّف على مصير البلاد إذا حدث له مكروه، وغاضب من "الصمت الرسمي" إزاء كل ما يدور في هذا السياق.

عبر حسابه في فيسبوك، ذكّر أستاذ القانون الدستوري التونسي أمين محفوظ بأن "الفصل 3 من دستور 17 أوت (آب/ أغسطس) 2022: ‘الشعب التونسي هو صاحب السيادة (...)‘. الفصل 71: ‘رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن، وسلامة ترابه (...) ويضمن استمرارية الدولة‘"، معقِّباً "نرجو السلامة لرئيس الجمهورية. ولكن من حق الشعب، أمام جسامة مسؤولية رئيس الجمهورية، الحصول عن المعلومة وبدقة".

وتساءل السياسي والكاتب التونسي رياض الشعيبي: "أليس من حق التونسيين الحصول على توضيح رسمي حول أسباب غياب رئيس الدولة منذ 10 أيام؟ وفي ظل انتشار الشائعات حول صحة الرئيس، لماذا لا تنشر الحكومة تكذيباً رسمياً لها؟!".

"إذا حصل مكروه لرئيس الدولة، لا قدّر اللّه، فسيرمي ذلك بالبلاد إلى المجهول ويعرّض استقرارها وأمنها لمخاطر لا أحد يتوقّع تبعاتها ومداها!"... تونسيون قلقون على صحة #قيس_سعيد ويخشون شغور منصبه

وزاد: "إذا كان الرئيس يواجه بعض الموانع الصحية للقيام بواجباته، فمن يدير البلاد الآن؟!"، مستدركاً "بعيداً عن حيثيات الصراع السياسي، نتمنى السلامة للسيد قيس سعيد إن كان مريضاً… ونذكّر بأن مقتضى الشفافية والحكم الرشيد أن يحاط المواطنون علماً بكل ما يستجد في حياة رئيس دولتهم وخاصة إذا كان لذلك علاقة مباشرة بإدارة البلاد".

بدوره، كتب القيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني، عبر فيسبوك: "في الدول التي تحترم نفسها ومواطنيها، من حقّ الرأي العام معرفة سبب ‘اختفاء‘ أو ‘غياب‘ رئيس جمهوريتها لمدّة طويلة (راحة أو عطلة أو مرض...) حتى لا يقع إطلاق العنان للإشاعات والتخمينات، وحتى لا يقع المسّ من استقرار البلاد وسِلمِها الأهلي!".

وتابع: "في الدّول التي تحترم نفسها ومواطنيها، نشر التقرير الطبّي لرئيس جمهوريتها بطريقة دوريّة مسألة طبيعيّة ولا تثير جدلاً. كما لا يمكن أن يقع فراغ في السلطة إذا حصل مكروه لأعلى هرم في السلطة، لا قدّر الله، وكلّ السيناريوهات الممكنة يقع الاستعداد لها ويقع تطبيق بروتوكولاتها حرفيّاً و يتمّ انتقال السلطة بسلاسة و بدون أيّ إشكال!".

وأضاف العجبوني: "دستور قيس سعيّد الذي صدر قبل نحو سبعة أشهر (آب/ أغسطس 2022)، يقول إن الذي يتولّى رئاسة البلاد في حالة عجز الرئيس أو الشغور الدّائم هو رئيس المحكمة الدستورية"، مذكِّراً "طبعاً، رئيس الدولة يرفض إرساء المحكمة الدستورية حتى يواصل احتكار صلاحيّة تأويل الدستور، رغم أنّه جرّدها من العديد من الصلاحيّات (مثل إبداء الرأي في حالة الخطر الداهم أو في إقرار حالة العجز المؤقت أو الدائم)!".

وخلص العجبوني إلى أن "إذا حصل مكروه لرئيس الدولة، لا قدّر اللّه، فسيرمي ذلك بالبلاد إلى المجهول ويعرّض استقرارها وأمنها إلى مخاطر لا أحد يتوقّع تبعاتها ومداها!"، متمنياً "السلامة لقيس سعيّد" و"أن يتمّ التعاطي معنا كمواطنين وليس كرعايا وأن ننتقل في أقرب وقت إلى مصافّ الدول التي تحترم نفسها ومواطنيها!". وذيّل منشوره بوسمي "#كونوا_مواطنين" و"#ما_تكونوش_رعايا".

وشدد معلقون على أن الاهتمام بصحة الرئيس لا يقتصر على منتقدي سياساته أو خصومه السياسيين كما يحاول أن يروّج بعض أنصاره. أوضحت خولة بوكريم، رئيسة تحرير موقع "كشف ميديا" المحلي في تويتر: "من الغباء الرسمي أيضاً اعتبار أن موضوع الاهتمام بصحة #الرئيس يُثار فقط من طرف #المعارضة و‘الإخوان‘ و‘صفحاتهم‘، وكأن المواطن غير المسيس، وحتى المسيس يا سيدي معارضاً كان أو مسانداً ليس لديه الحق في تداول معلومة #شفافة و#صحيحة عن أعلى هرم في السلطة وكأن صحته معطى شخصي بحت، لا يجوز التداول في شأنه".

وتابعت خولة: "غياب المستشارين الإعلاميين في معظم الوظائف الحساسة، صلب الدولة، كشف عن فجوة كبيرة بين السلطة وجمهور المواطنين، وعن عجز فادح في إيصال المعلومة، وخضوع أيضاً لسياسة الأمر الواقع - ‘صفحة فيسبوك الرئيس‘".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

معيارنا الوحيد: الحقيقة

الاحتكام إلى المنطق الرجعيّ أو "الآمن"، هو جلّ ما تُريده وسائل الإعلام التقليدية. فمصلحتها تكمن في "لململة الفضيحة"، لتحصين قوى الأمر الواقع. هذا يُنافي الهدف الجوهريّ للصحافة والإعلام في تزويد الناس بالحقائق لاتخاذ القرارات والمواقف الصحيحة.

وهنا يأتي دورنا في أن نولّد أفكاراً خلّاقةً ونقديّةً ووجهات نظرٍ متباينةً، تُمهّد لبناء مجتمعٍ تكون فيه الحقيقة المعيار الوحيد.

Website by WhiteBeard
Popup Image