شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الحقيقة بلا شريعة... لماذا الافتتان بمواقف ومخاطبات الإمام النفري؟

الحقيقة بلا شريعة... لماذا الافتتان بمواقف ومخاطبات الإمام النفري؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 29 مارس 202306:05 م

من أكثر الكتب المثيرة للمؤمنين، معتدلين ومتطرفين، ومن أكثر النصوص المبهجة للروحانيين، والملهمة للشعراء والمثقفين، هو "المواقف والمخاطبات| للإمام النفري، برغم أنه من أكثر الكتب إثارة للجدل في صحتها، ونسبتها إلى النفري، بل وحقيقة كاتبها التي لا زالت موضع شك وقلق بعض الباحثين في مجال التصوف (النفري).

أول مرة سمعت فيها عن هذا الكتاب في دار نشر "سرية" أقامها ماركسي ناشر في محافظة المنوفية، ورغم كراهية الناشر إلى نزعة التصوف الإسلامي بشكل عام، التي يرى فيها نزعة هروبية من الواقع، وتحمسه الديني للماركسية وأفكارها ومذاهبها، إلا أن النفري كان استثناءً لديه، وأول وصف لهذا الإمام، وذكر لذلك الكتاب سمعته كان منه: "ده أعظم حاجة اتكتبت بالعربية".

في ذلك الوقت حيث لم يكن الإنترنت بهذا الانتشار، والرخص، والجودة طبعت صحيفة القاهرة في عددها المجاني الشهري تحت سلسلة "كتاب في جريدة" رسالتي "المواقف والمخاطبات" للنفري، لا زلت أذكر أول كلمة قرأتها للنفري كانت مرتبطة بالبحر.

في هذه النقاط سنوجز بعض من أهم ملامح تجربة النفري:

1 - انزعاج المتدينين

منذ إقامة الإمبراطوريات الإسلامية، منذ بداياتها الأموية إلى توهجها العباسي والأندلسي، وثمة اتجاه فرض نفسه قسراً على "الأمة"، يتزعمه فقهاء وعلماء لغة بالتعاون مع خلفاء وولاة الأمور، منح الفريق الأول الثاني الاستقرار والمكانة الدينية، وأعطى الثاني الأول احتكارية الشرعية الأخلاقية والروحانية للمجتمعات العربية، من هذا التحالف الضمني ظهر مذهب أهل السنة والجماعة وتفريعاته الصوفية والأشعرية والاعتزالية أحياناً.

وفي بدايات انحلال الخلافة العباسية، حيث ظهرت وبرزت كتابات ابن تيمية وابن خلدون، اختلط التمسك بهذه الشرعية بوجاهة سياسية، أو بفاعلية سياسية، فلقد حافظت تلك الإمبراطوريات على تماسك مساحات شاسعة وشعوبها، وحققوا استقراراً وأمناً وازدهاراً يجعلهم الأفضل في عصرهم وزمانهم، وبدأ المسلمون بشكل عام يذوقون مرارة ذهاب تلك الإمبراطوريات، وما استتبعها من صراعات لا تهدأ، وثورات لا تطمئن حتى تظهر ثورات أخرى.

أول مرة سمعت فيها عن هذا الكتاب في دار نشر "سرية" أقامها ماركسي ناشر، ورغم كراهيته للتصوف الإسلامي بشكل عام، التي يرى فيها نزعة هروبية من الواقع، وتحمسه الديني للماركسية، إلا أن النفري كان استثناءً لديه، وأول وصف لهذا الكتاب سمعته: "ده أعظم حاجة اتكتبت بالعربية"

وبعد انهيار الدولة العثمانية، وصدمة الحضارة المتجسدة في التفوق العسكري والتقني للعلمانية الغربية، ازداد هذا التيار في التمسك الطفولي بثقافة تلك العصور، آملين أن يعيد لنا النمط الذهني والاجتماعي التماسك الإمبراطوري لدولة محورها العرب وجوهرها الإسلام كما حدث في الزمن الماضي.

هنا، يتمسك الفقهاء والصوفيون ومن تأثر بهم بتلك الرؤى الدفاعية الاعتزالية والصوفية والفلسفية، فلا تفكير بلا فقه، ولا حقيقة بلا شريعة، ولكنهم فقدوا تلك السلطة السياسية التي أبادت المانويين وأخبارهم ومأثورتاهم والتي فلترت الكثير من كتابات الملاحدة والصوفيين التي لا تتفق مع الفقه والشريعة.

في هذا السياق جاءت حركة مزعجة، وهي الاستشراق، وبدأت تعيد نبش التراث، وبدا أعلام صوفية يحتلون مساحة لدى المثقفين العرب، الحلاج وابن عربي وابن الفارض، وعلى رأسهم جاء الصوفي القنبلة، الذي يمثل ذروة ما يأمل مثقف حداثي، وملحد روحاني أن يعثر عليه، وكأنه يجسد حلماً أو كابوساً بقدر ما يجسد كتابة ثورية تنتمي لعصر الإمبراطورية العباسية الغابرة، الإمام النفري وكتابه "أو رسالته" المواقف والمخاطبات.

تشكك العقلية النقلية في هذا الكتاب وصحة نسبته إلى النفري، يقول يوسف زيدان:" الشخص الذي حقق النص اعتمد على مخطوطة واحدة"، وبعد أداء تهكمي على المثقفين وحبهم "المغرض" لهذا الكتاب، وفي دور النشر التي تطبع وتعيد طباعة هذا الكتاب، يتساءل زيدان: "الكتاب مش كتاب، والراجل مش معروف، ونسبته حتى مش مؤكدة، طيب ليه الاهتمام"؟

"لإن المواقف والمخاطبات نص استثنائي جدا في تاريخ التصوف"، يجيب زيدان على نفسه، ويشرح: "استخدم الرجل رمزية معينة ستعرف بعد ذلك بالخطاب الفهواني".

بعيداً عن هذا التفسير الذي ينتصر للبحث الأكاديمي "المعتدل" و"المتوازن" مع الأنساق الاجتماعية والسياسية، ما يهمنا هنا، وما هو جدير بالانتباه لفهم تجربة النفري، أنه منذ بدايات العصر العباسي، وبعد حملات القتل، وحمل جثث القتلى في الطرق العامة لإرهاب الناس، وثمة كتب فقدت وضاعت للأبد، وتجارب لن نقرأ عنها، فقد كل هؤلاء "الأرضية" الاجتماعية التي ظهروا منها.

منذ العصر العباسي وظهور الملاحدة، المانويين والصوفيين المهرطقين، ستختفي كتب إلى الإبد، وستصبح أكثر المأثورات روحانية المنقولة عن النبي قوة تعبيرية ضعيفة سنداً، كالأحاديث القدسية التي يتداولها الصوفيون، وأشدها ضعفاً في التعبير صحيحة سنداً، وسيظهر مشايخ صوفية يبررون قتل الحلاج باعتباره فضح السر الإلهي فاستحق ما حدث له، وتبريرات وجودية أخرى، وسيناصر الروحانيون ضرورة التزام الحقيقة بالشريعة، والفلاسفة التوفيق بين العقل والنقل، وسيأتي الاستشراق ثم الحداثة لتعيد اكتشاف نصاً مثل النفري، يمثل المهمش والمهزوم والمدان، وتنتصر له.

وما يلفت الانتباه حقاً أن الصوفيين المغامرين والعقلانيين الذين لم يلتزموا بالفقه أو الشريعة أو المعتقد غذى في أهل السنة والجماعة عقلهم ووجدانهم، فاضطروا أن يقرؤوا هذه الفلسفات، ويدافعوا عن العقيدة "المعتزلة والأشاعرة"، واضطروا إلى أن يخوضوا غمار التجربة الروحانية، ويبرمجوا توازنها وتكاملها مع شرائع الدين، كما تجسد في الطرق الصوفية وأعلامها بشكل عام.

2 - الخلفية الاجتماعية المفقودة

"قلما يظهر التفكير الفردي منطلقا من العدم، وغنما تكون ظهوره انطلاقا من أرضية اجتماعية مؤاتية تستحضر اتجاهات روحية وفكرية جماعية يكون تجابهها خصبا بامتياز".

يقول دومنيك أورفورا في كتاب "المفكرون الأحرار في الإسلام"، ويحاول أدونيس جاهداً وصف تلك الأرضية في كتاب "الصوفية والسوريالية": "نشأت التجربة الصوفية في مناخ ثقافي ينهض على الإيمان بأن هناك حقيقة واحدة، وحيدة، نهائية، وكل ما عداها باطل، وهي إلى ذلك مجسدة في شريعة، يستند إليها ويحرسها نظام سياسي، وكل قول آخر إما أنه يتطابق معها، وحينئذ يكون نافلاً، وإما أنه يتناقض معها، وحينئذ يجب رفضه ونبذه".

"هي ذي تجربة كتابية بدءاً من القطيعة مع الواقع، ومن الصلة مع المتخيل، أو مع إمكانات الواقع، إنها تجربة تتجاوز الواقع، من أجل أن تحسن الغوص في داخله، وتحسن استقصاء ما يضمره… نص يمثل قطيعة مزدوجة: مع الكتابة الشعرية في عصره، ومع لغة هذه الكتابة".

تداعب كلمات أدونيس خيال ومشاعر الشعراء والكتاب، ولكني أرى في مقدمة يوسف سامي اليوسف في كتابه "مقدمة في المواقف والمخاطبات" ما هو أقرب إلى الواقع، والتطور الطبيعي كما يكون لمثقف في ذلك العصر، ما قبل الاستشراق والحداثة، يقول: "تأثر النفَّري بالديانات القديمة، كالبوذية والمانوية التي تعتبر نتاجاً للديانة البوذية. وموطن المانوية بابل؛ ولقرب المكان الذي ولد وعاش فيه النفَّري منها فقد تأثر بتراث هذه الديانات التي بقيت آثارها قائمة حتى زمن ظهور الإسلام. فالإثنينيات، من خير وشر، ونور وظلام، وولادة وموت، وتسامٍ وتسافُل، إلخ، قد وردت في نصوص النفَّري؛ بل هي أركان فلسفته في التخلص والوصول إلى الحقيقة".

يتأثر أدونيس بتقليد بحثي غربي يفردن العملية الإبداعية، دون الرجوع لأرضيتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فتمرد النفري، في فترة "الصمت الكبير" بحسب زيدان التي أعقبت مقتل الحلاج في القرن الرابع الهجري، واستمرت ما يقارب عقدين من الزمان، كان يشبه التجاوز وليس الرفض، الامتداد أكثر منه القطيعة، حتى ونحن نتأمل نصوصه لا نرى أثراً لمعارك فكرية كانت تعتمل داخله، أو غضباً اجتماعياً أو عقدياً، وإنما إحساس مرهف وعميق بداية من القرآن، حيث اصطبغت بها بعض تراكيبه ومفرداته، مروراً بالإثنية المانوية، الثنائيات المطلقة المتساوية في قدر الألوهية، انتهاءً بالوحدة المطلقة، بفلسفة وطريقة تعبير خاصة ومميزة.

لقد قطع النفري طريقاً بدأه من الإسلام الفقهي الظاهري وذهب به إلى أبعد مدى باطني ووجودي يمكن أن تعبر عنه لغة. ولو كان يؤسس لقطيعة لما ذكره ابن عربي، وأصل موقفه بحسب التقاليد الصوفية، فقد "ذكره الشيخ الأكبر ابن عربي في فتوحاته ورسائله، ونسب إليه الطريقة "الواقفية"، إشارة إلى "مقام الوقفة" الذي أضافه النفَّري إلى تراث مقامات أهل التصوف والعرفان. واعتبره ابن عربي من "الأفراد"؛ وهو مقام عزيز، لا يرتبط بالشكل التمثيلي مع مشايخ أهل الطريق، ولا بمعارفهم ومفردات سلوكهم زمانياً؛ بل إن للأفراد طريقهم ونتاجهم الخاص".

لذا أتفق أكثر مع ما كتبه الباحث وليد عبد الله عن النفري، مؤصلاً تجربته في تمازج بين التقاليد الشرعية، والديانات القديمة، والنزعات الصوفية، مما يتطلب بحثاً دقيقاً معمقاً لفهم جذور رؤيته.

أما عن إعجاب الملحدين العرب، خاصة من لهم نزعات روحانية مرتبطة بالتأمل البوذي واليوغا، يكتب وليد: "لا يذكر الشيخ النفَّري أقوال الأنبياء، ولا أسماءهم أو مقاماتهم، ولا أقوال الأئمة والأولياء المعروفين ولا أسماءهم، ولم يستشهد بآيات القرآن الكريم والكتب السماوية الأخرى. فرغم أنه يُجمِل نفس الصياغات والاشتقاقات الأسلوبية للكتب المقدسة، ورغم أن أهل التصوف والعرفان مهووسون بهذه الأسماء والأقوال، وخاصة آيات القرآن الكريم، فإنه يورد ثلاث كلمات فقط من القرآن الكريم، وذلك في نص واحد".

3 - وصف الحالة الداخلية للتأمل

لا شك أن أول ما يلاحظه وأبرز ما يثير إعجاب مثقف عربي يمارس التأمل أو اليوغا كيف تحولت تلك الممارسة المرتبطة بشريعتها وناموسها الخاص إلى طقس رياضة روحانية، يقبل عليها الناس من مختلف المشارب أفواجاً، على عكس الإرث الصوفي المثقل بالتزامات الشريعة، والغارق في لغة لن يستطيع أن تفهمها جالية غير عربية أو مسلمة إلا بعد مراكمة مجهود معرفي شبه أكاديمي، أو الدخول في الإسلام وممارسته.

إذا حاولنا أن نستشف النمط الرياضي لتجربة مثل تأمل الشمعة "الكاراتاكا"، ويشبهه تأمل المرآة، في البداية عندما لا ترى عينك في الظلمة سوى الشمعة، يتحول الكون إلى تلك النقطة المضيئة، لا شيء في الماضي أو المستقبل سوى هذا النور، أنت هو هذا النور، بكل المشاعر والفيوضات التي يلهمها لك.

"المواقف والمخاطبات" مهم جداً لكل مثقف حداثي عربي، يمارس روحانية غير إسلامية، ليس لإنه فقط يصف الأحوال الداخلية لأنماط التأمل الرئيسية، ولكن لأنه أيضاً يصالح القارئ "الحداثي" على الرجوع إلى القرآن، والكتابات الإسلامية والعربية الأخرى، ويدفعه لإعادة قراءتها واستكشافها في بعدها الشعري الجمالي، والروحاني الديني

في مرحلة أعمق تفقد الفاعلية الإدراكية، وتشعر وكأن الشمعة هي من تراك، وأنت تشبه الجماد، وفي مرحلة أشد عمقاً تعمل الهلوسات البصرية عملها، البعض يرى أهرامات، وأحياناً عين واحدة تراك، ووجوه، وفي مرحلة استبطانية يختفي كل ذلك، وتغرق في بحر عدمي، يتداخل فيه النور مع الظلمة، وتتداخل فيه الألوان.

في محاولة لشرح الحالة النفسية والوجدانية للصوفي التي تؤدي به إلى ما يعرف بـ “الشطحات"، ونميل إلى أن كتابات النفري تستوفي هذه النوعية من طرق التعبير، يكتب عبد الرحمن بدوي في كتاب "شطحات الصوفية": "الشطح كلام يترجمه اللسان عن وجد يفيض عن معدنه، مقرون بالدعوى"، "الشطح سر للصوفي لا بد منه".

العناصر الضرورية لوجود ظاهرة الشطح، بحسب بدوي، هي:

أولاً شدة الوجد.

ثانياً أن تكون تجربة اتحاد.

ثالثاً أن يكون الصوفي في حال سكر.

رابعاً أن يسمع في داخل نفسه هاتفاً إلهيا، يدعوه إلى الاتحاد، فيستبدل دوره بدوره.

وخامساً أن يتم هذا كله والصوفي حال من عدم الشعور.

هنا يظهر النمط المشترك واضحاً، الروحاني+ الشمعة+ التأمل= حلول واتحاد وتبادل هوية، الصوفي+الله+ الذكر= حلول واتحاد وتبادل هوية.

يقول بدوي: "ليس من شك في أن داعي الوجد بالنسبة إلى الشطح هو آخر ما ذكر من دواع، وهو المناجاة بسر، هو مقابلة الظاهر بالظاهر والباطن بالباطن، أي الشعور بالهوية فيما بين العبد الواصل والمعبود الموصول إليه، فيشعر بأن المعبود هو الباطن، وأن العبد هو الظاهر، فباطن العبد هو ظاهر المعبود، وباطن المعبود هو ظاهر العبد، فناسوت الله يظهر سر سنا لاهوته الثاقب، كما يقول الحلاج: "استخراج ما لك بما عليك مما سبق لك لتسعى فيه".

وبلغة رياضية، يضيف بدوي: "درجات الشطح تتناسب تناسباً طردياً مع درجات الاتحاد أو الحلول، كلاهما صالح لإيجاد ظاهرة الشطح".

وهذه بعض من اقتباسات النفري تناقلها القراء على موقع "جود ريدز"، وتأمل إلى أي مدى يمكن لمفردات غير نبوية أن تصف بعيداً ما يعتمل في شخص روحاني يتحدث العربية، ويحبها:

"كلما اتسعت الرؤية، ضاقت العبارة"

"القلب يتغير وقلب القلب لا يتغير والحزن قلب القلب"

"وقال لي اعرف من أنت فمعرفتك من أنت هي قاعدتك التي لا تنهدم وهي سكينتك التي لا تزل"

"وقـال لي من عبدني وهو يريد وجـهي دام، ومن عـبدني من أجـل خـوفي فَـتَـر، ومن عـبدني من أجـل رغـبته انقطـع"

"وقال لي: القرب الذي تعرفه مسافة، والبعد الذي تعرفه مسافة، وأنا القريب البعيد بلامسافة"

"ومعرفتك بالبلاء بلاء، وإنكارك للبلاء بلاء"

"يا عبد.. شيءٌ كان، وشيءٌ يكون، وشيءٌ لا يكون.

فشيءٌ كان: حبي لك

وشيءٌ يكون: تراني

وشيءٌ لا يكون: لا تعرفني معرفة أبداً"

"وقال لي:

سِرْ، فأنا دليلك إليّ"

"قَال لِي انْ رَأيْت غَيْري.. لمْ تَرنِي"

"وقال لي أنت معنى الكون كله"

"وقال لي: بين النطق والصمت برزخ فيه قبر العقل وقبور الأشياء”

"كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة".

"إن لم تَرني من وراءِ الضدَّينِ رؤية واحدة لم تعرفني"

"أوقفني في البحرِ فرأيت المراكب تغرق، والألواح تسلم، ثم غرقت الألواح؛ وقال لي: لم يسلمْ من ركب، وقال لي: خاطر من ألقى بنفسهِ ولم يركب، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻲ: ﻫﻠﻚَ ﻣﻦ ﺭﻛﺐَ ﻭﻣﺎ ﺧﺎﻃﺮ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻲ: ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮﺓ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ".

في النهاية، أستطيع أن أقول بحسب تذوقي لتجربة قراءة النفري والتأمل، إن "كتابه" مهم جداً لكل مثقف حداثي عربي، يمارس روحانية غير إسلامية، ليس لإنه فقط يصف الأحوال الداخلية لأنماط التأمل الرئيسية، ولكن لأنه أيضاً يصالح القارئ "الحداثي" على الرجوع إلى القرآن، والكتابات الإسلامية والعربية الأخرى، ويدفعه لإعادة قراءتها واستكشافها في بعدها الشعري الجمالي، والروحاني الديني، أي يصالحه على عربيته القديمة، دون أن يحرمه فرديته.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image