شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الجزائر بلد العجائب... السكّر للبناء ولحم الحمير للمواطنين

الجزائر بلد العجائب... السكّر للبناء ولحم الحمير للمواطنين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الأربعاء 22 مارس 202302:35 م

المتناقضات المبهرة في بلد المليون شهيد، لا تتوقف. ففي ظل أزمة اقتصادية طاحنة، وارتفاع جنوني في الأسعار، طفت فوق السطح في الجزائر قضيتان متصلتان، كل واحدة منهما أغرب من الأخرى. الأولى كانت الكشف عن ظاهرة ذبح الحمير، وبيع لحومها للمواطنين، وفي الوقت عينه تبيّن أن مصانع السكر تفضّل إعطاءه لتصنيع مواد البناء، على أن تبيعه للشعب، وهي القضية الأخيرة... فتخيّل أن جدران بيتك فيها سكّر، وطعامك لا!

"إفطاراً شهياً" مع لحم الحمير

نوبة غضب وارتباك انتشرت بين الجزائريين مؤخراً، بعد نشر البيانات الرسمية الصادرة من الأمن والدرك الوطنيين، اللذين أذاعا صوراً لورش سرّية يتم فيها ذبح الحمير وبيع لحومها للمواطنين، كبديل من اللحوم المعتادة التي ارتفعت أسعارها بجنون مؤخراً في الجزائر.

ظهر الحديث عن أزمة لحوم الحمير في الجزائر، بعدما أمرت السلطات، في أقل من شهر، بإغلاق ورش سرّية كانت تتأهب لتسويق قناطير من لحوم الحمير، في ولايتي "تيارت" و"تلمسان". كما ضبطت مؤخراً مصنعاً متخصصاً في فرم لحوم الحمير، وصنع نقانق تباع في محال اللحوم!

رصيف22، التقى بالمحلل الاقتصادي عبد النور جحنين، الذي قال: إن الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم، هو السبب الرئيس الذي أدى إلى تفاقم ظاهرة بيع لحوم الحمير في الجزائر.

تخيّل أن جدران بيتك فيها سكّر، وطعامك أنت وأبناؤك لا!

ووفقاً لجحنين، أصبح المواطن الجزائري يبحث عن دنانير تخفيض من أجل اقتناء اللحوم، خاصةً ونحن على أبواب شهر رمضان.

من جانبها، أعربت المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، على لسان عضوها جودي فرحات، عن قلقها من هذه الظاهرة، وأكدت أن على السلطات الجزائرية العمل لتوفير اللحوم خلال شهر رمضان، وبأسعار معقولة لتجنّب مثل هذه الظواهر.

واختتم الرجل حديثه متوجهاً إلى المواطنين بالقول: كل الأسعار التي يتم عرضها للّحوم بعيداً عن سعر السوق، هي أسعار لحوم مشكوك فيها، وعلى الجزائريين تجنّب شرائها.

ما هي الأسباب التي أدت  إلى تفاقم ظاهرة بيع لحوم الحمير في الجزائر؟

أطنان السكر في ورش البناء

وصل استغراب الجزائريين إلى عنان السماء، حينما اكتشفوا أن السكّر، أحد أكثر المواد استهلاكاً، يتم توجيهه إلى ورش البناء لخلطه مع الخرسانة المسلحة المستعملة في تسقيف الشقق، وتثبيت أعمدة البنايات، في سابقة لم تشهد مثلها الجزائر.

وقد كشفت وزارة التجارة في بيان لها، عن حجز أزيد من 11 ألف طن من مادة السكّر المدعّم، داخل مصنع مختص بإنتاج مواد البناء، في بلدية سيدي موسى في العاصمة الجزائر، على خلفية قضية استعماله في الخرسانة.

ذاك المصنع لم يكن الأول في ذلك الطابور المدهش من المتلاعبين بقوت الجزائريين، فقد تم الحجز قبل مدة وجيزة على 5 آلاف كيلوغرام من السكّر "المدعوم حكومياً"، داخل ورشة في العاصمة وكان يُستعمل عبر خلطه مع خرسانة البناء.

السؤال الأبرز الآن، هو كيف يمكن أن يُستخدم السكّر في مواد البناء؟

يجيبنا عن هذا التساؤل، المهندس عمر ديدين، قائلاً: بسبب ارتفاع أسعار المواد الكيميائية اللازمة للحفاظ على الخرسانة، لجأ البعض إلى فكرة خلط الخرسانة بالسكّر لحمايتها من التلف خاصةً خلال نقلها عبر الطرق.

دخول الفلاحين في الجزائر عالم التصدير نقمة أم نعمة؟ 

البصل "زئبق" الجزائريين

مع اقتراب شهر رمضان، طفت فوق مائدة الجزائريين مشكلة أخرى، هي الارتفاع الجنوني لسعر "البصل"، فضلاً عن صعوبة الحصول عليه، وهذا على الرغم من أن ولايات جزائريةً عدة، احتلت صدارة الريادة في إنتاج البصل!

المحلل الاقتصادي عبد النور جحينين، يشرح لرصيف22، سبب تلك الأزمة الغرائبية في دولة منتجة للبصل، قائلاً: دخول الفلاحين عالم التصدير المباشر عبر المنافذ الحدودية، فتح لهم فرصةً لتحقيق مكاسب أكبر، فذهبت إلى مالي وموريتانيا آلاف الأطنان من المنتجات الزراعية الجزائرية.

رحيل الوزير

تفاقم الأزمات في السوق الجزائري، ابتداءً بالسيارات وانتهاءً بالبصل وأزمة لحم الحمير وغيرها، أطاحت بوزير التجارة كمال رزيق من منصبه، وذلك بعد أن أسفر الضغط الشعبي عن تحرك البرلمان، الذي دخل مع الوزير في حرب ضروس انتهت بخروجه من الوزارة.

أمام كل تلك التصرفات المسجلة، وبرغم خروج الوزير وتأمّل الخير في سلفه، يجد الجزائريون أنفسهم على أعتاب شهر رمضان، في وضع صعب مادياً وصحياً، في ظل ندرة بعض المواد والتهاب أسعار أخرى.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image