شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
رسالة إلى الرجل بمناسبة يوم المرأة العالمي

رسالة إلى الرجل بمناسبة يوم المرأة العالمي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الأربعاء 8 مارس 202308:32 ص

عزيزي الرجل

حبيبي الرجل

بلغني أن أمورك ليست بخير، وأنه يتمّ الاستغناء عنك شيئاً فشيئاً، وأن أياً يكن، وأحياناً أي شيء، سيصبح بإمكانه أن يحل مكانك.

وأنا، رغم الانقطاع القسري للعلاقة فيما بيننا منذ سنواتٍ طويلة (أقصد انقطاع العلاقة التي أرغبها) إلا أنني لا زلت أبحث عنك كل الوقت. هذه الانقطاع القسري هو أصلاً سبب أحد أسباب بحثي المستمر. ربما كنت سأستمرّ بالبحث حتى لو لم تكن العلاقات مقطوعة. لا أعلم، لا يمكنني التنبؤ الآن.

أبحث عنك بالصيغة التي كنتَها، والتي لا زلت أذكرها ولا زلت أرى آثاراً لها، وأود أن أصدق أن نسخة، وإن باهتة منها، لا تزال موجودة ولم يتم مسحها تماماً.

أبحث عنك بالجينز الواسع لا الضيق تحديداً عند القدمين، وتباً لملابس اليونيسكس! لا أريد أن أراك بتنورة ولا بقميص ضيق، ولا بمحاولات المشي بكعب عالٍ حتى لو لأجل قضيةٍ سامية (أو هكذا أقنعوك) وحكماً لا أريد أن أراك ببدلة رقص. لا أريدك أن تصبح امرأة، لا تثيرني النساء، وأحبك لأنك لست امرأة، ولأني معك أكون امرأة. وربما على المرأة أن تحل مشاكلها بعيداً عنك -وتتركك لي- وإن كنت سبب الكثير من مشاكلها، أو فليتركوا لي "كوتا" من الرجال خارج الإخصاء.

بلغني أن أمورك ليست بخير، وأنه يتمّ الاستغناء عنك شيئاً فشيئاً، وأن أياً يكن، وأحياناً أي شيء، سيصبح بإمكانه أن يحل مكانك

على الأغلب أنك لا تعلم عن بحثي المستمر شيئاً، لذلك اضطررت أن أكتب لك هذه الرسالة العلنية المثيرة للشفقة، فلو كنت تعلم لكنت وجدتني منذ مدة، لكنت أولاً فرحت أن البحث عنك لا يزال جارياً عكس ما جعلوك تظن. وكيف لا أبحث؟

حتى عندما أكون منهمكة بأموري فيبدو عليّ أنك آخر ما في بالي؛ أكون أبحث عنك أو أنتظرك على أقل تقدير. أصلاً عندما أكون منهمكة بأموري أكون منهمكة بك: أنت أموري. عندما أكون مالة أكون كذلك لأنك لست قربي. عندما أكون حزينة أكون كذلك لأنك بعيد عند نظري. عندما أتأمل البحر أتأمله لأن رقبتك ليست أمامي لأتأملها. عندما أتمدّد تحت الشمس أتمدّد لأني لا أستطيع أن أتمدّد تحتك، ولا حتى عليك. عندما آكل أفعل ذلك لأن يدك بعيدة جداً عن فمي، وعندما أكتب؛ أكتب لأن الكتابة تجعل الوقت الذي بدونك يمر أسرع. لست منغمسة بشيء غيرك حتى، بل تحديداً في غيابك الذي طال.

لا الكلاب -وتحديداً كلبتي التي لا تعبّر لي أبداً ولا تلحس يدي كما تفعل الكلاب عادة- ولا الدردشات مع الصديقات، ولا ولائم الغداء مع الأهل ولا حضور المناسبات مع الجيران، لا المهنة التي بصقت عليها، ولا تحقيق الذات الذي تبرّأت منه، ولا مهام إنقاذ السلاحف البحرية من أكياس البلاستيك في المحيطات، ولا قراءة تاريخ الفنون وتعلم القدرة على التمييز بين الانطباعية والتعبيرية، ولا محاولات فهم ثم حفظ معاني كل المصطلحات التي يعرفها الجميع سواي. لا شيء يمكن أن يعوّض عندي تيشرتك القطني الأبيض، أو لحيتك النابتة قليلاً لأنك تفضلها مثلي هكذا، أو مرورك بخطوات بطيئة ببساطة أمامي، أو تلصصك -الذي أتمناه -عليّ، أو متابعتك الصاخبة والصبيانية لكرة القدم أو حتى لعبك غير المتقن لكرة القدم.

برغم كل أفعالك التاريخية المشينة، لا نية لي على محاسبة جنسك من خلالك. لا وقت لدي للمحاسبة ولا طاقة

برغم كل أفعالك التاريخية المشينة، لا نية لي على محاسبة جنسك من خلالك. لا وقت لدي للمحاسبة ولا طاقة. أوفر كل طاقتي للبحث عنك، وأحياناً لتمضية وقت مع من يمكن أن يكون أنت. وقت ضائع ولكن فيه بعض الأمل وإن خاب لاحقاً.

إذا قررتُ النظر في النصف، في الربع، في السنتيمترات القليلة الممتلئة من الكوب، سأفرح أن زوال صلاحيتك عندما يتمّ فعلاً ستكون صلاحيتي أنا أيضاً انتهت. فأنا أكبر أثناء تحولك تجاوبك مع التحوّل، ولا أقصد "أنضج" لأني أشك بمسألة نضجي، بل أكبر في العمر، سنوات عمري تزداد وتقل حظوظي، ومعها أتمنى ألا أشهد الفترة التي سيتقاطع عمري فيها مع تحولك التام.
أكتب لك كمن يتحدث مع رجل في غيبوبة؛ أكتب على أمل بعيد بأن تقرأني. أشدك نحوي بكل الكلمات كيلا تستسلم وتذهب إلى حيث ينوون أخذك بسرعة لا تناسبني. اسمع صوتي، اتبعه.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard