شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
صعوبة وصول العابرين/ ات إلى العلاج الهرموني في لبنان

صعوبة وصول العابرين/ ات إلى العلاج الهرموني في لبنان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والميم-عين

الأربعاء 8 مارس 202304:29 م


لم يكن كفاح العابرين/ ات في لبنان للوصول إلى رعاية صحيّة آمنة من قبل المؤسسات الطبية والقانونية وغيرها من المؤسسات الهرميّة في السنوات الماضية، كافياً، حتى حلّ الانهيار الاقتصادي بالتزامن مع مجموعة من الأزمات، خاصةً الوباء العالمي وانفجار مرفأ بيروت، ليقضّ مضاجعهم/ نّ، ويهدّد أمنهم/ نّ وحيواتهم/ نّ.

واللافت أن تأثير هذه الأزمات، كما قال مستشار منظمة أوكسفام للجندر، نزار عوّاد، "كان أكبر على مجتمع الميم-عين، بسبب التمييز الممنهج ضد أفراد هذا المجتمع"، منبّهاً إلى أن "هذه الأزمات تعزّز استمراريّة الظروف السابقة لا بل تفاقمها في كثير من الأحوال".

مظاهر العنف والإقصاء

حال العابرين/ ات اليوم، كحال من يحارب على جبهات عدة. لا تقتصر معاناتهم/ نّ على رفض وجودهم/ نّ فقط، بل تتعداها إلى عمليات بحث مستمرة عن أماكن آمنة للسكن بعد أن تشرّد كثر منهم/ن وخسروا/ ن وظائفهم/ نّ، وهي عملية شاقّة في مدن وأحياء لا تتقبّل الاختلاف وتنوّع الهويّات الجندرّية، بل تتعدّاها إلى صعوبة حصولهم/ نّ على الرعاية الصحية الشاملة لعلاج أي مشكلات صحّية، خاصةً الأدوية الهرمونيّة.

في الحقيقة، إن قلّة الوصول إلى العلاجات الهرمونيّةوصعوبتها، ما هي سوى مظهر من مظاهر العنف الممتدّ منذ سنوات، تمارسه الدولة على العابرين/ ات، معرّضةً حيواتهم/ نّ وصحّتهم/ نّ الجسديّة والنفسيّة للخطر.

وعليه، لجأ العديد من العابرين/ ات، نتيجة النقص الحاصل في الأدوية وغلاء الأسعار بعد رفع الدعم عن الأدوية المستوردة، إلى أخذ العلاج بناءً على تجارب آخرين وأخريات، أو طلبه من الخارج، خاصةً من تركيا وسوريا، كذلك لجأ البعض إلى التعويض عن الأدوية الهرمونيّة المخصّصة بأدوية منع الحمل لاحتوائها على نسبة من الأستروجين، إذ إن العلاج الهرموني للعابرات، يتكوّن من هرمون الأستروجين ومضادات الأندروجين، أمّا للعابرين فتكون هناك جرعات من التستوسترون الموصى بها، ومن المفضّل تلقّي العلاج بعد استشارة مختصين/ ات طبّيين/ ات، وإجراء بعض الفحوصات الطبيّة قبل المباشرة بتناوله، والحصول على معاينة طبيّة مستمرة لمراقبة أي احتمال لآثار جانبيّة للهرمونات، وتعديل الجرعات واختيار النوع الذي يناسب الجسم.

إن قلّة الوصول إلى العلاجات الهرمونيّةوصعوبتها، ما هي سوى مظهر من مظاهر العنف الممتدّ منذ سنوات، تمارسه الدولة على العابرين/ ات، معرّضةً حيواتهم/ نّ وصحّتهم/ نّ الجسديّة والنفسيّة للخطر

ويواجه العابرون/ ات مشكلةً إضافيةً تتمثل في عدم كفاءة معظم الأطباء/ الطبيبات في تقديم الرعاية الصحيّة للعابرين/ ات وتجاهل الحقوق القانونية والطبية من خلال عدم تزويدهم/ نّ بالمعلومات التي يحتاجون/ ن إليها لقبول العلاج أو رفضه، وهي تتضمّن الفوائد والمخاطر المحتملة لأي علاج، بالإضافة إلى أنّ معظم هذه العلاجات لا تغطيها أنظمة الصحة العامة أو التأمين الصحي الخاص.

ناجون/ يات من أبويّة القطاع الطبّي؟

في حديثها إلى رصيف22، قالت جيهان، وهي امرأة عابرة في بداية العشرينات من العمر: "ليس ثمّة انقطاع فعليّ في الأدوية، فهي موجودة في غالب الأحيان، لكنّ الخيارات محدودة وهناك صعوبة في الوصول إليها، لأننا بحاجة إلى الذهاب عند أخصائيي/ ات هرمونات لوصفها".

وتحدثت عن غلاء هذه الأدوية قائلةً: "بالرغم من كون السعر هو نفسه تقريباً بالدولار، لكن انهيار الليرة خلق هذه الفجوة، بالإضافة إلى مصدر هذه الأدوية. تبقى مسألة الحقن المشكلة الأكبر، لغلاء سعرها، وعدم قدرة معظم العابرين/ ات على الحصول عليها، خاصةً أننا نعيش في مجتمع أبويّ، كما لا تتوفّر لنا حاصرات التستوتسترون، فقط الأستروجين، ويصعب على بعض العابرات الحصول على الأستروفيم، وهو دواء يوصف لمن عُيّنّ إناثاً عند الولادة، عند بلوغهنّ سن انقطاع الحيض، فبعضهنّ يفضّلن تجنّب المواقف التي تعرّضهن للاستجواب إذا ما طلبنه في الصيدليات".

وأكملت جيهان: "حتى أنّ معظم من يشحنون هذه الأدوية يُعدّون محافظين ولا يرحبون بالعلاج الهرموني".

وعن غلاء العمليات الجراحية، قالت: "على سبيل المثال، إن استئصال الخصيتين يكلّف تقريباً 1،700 دولار، لذا من الضروري الاستمرار في تناول الأستروجين، والأمر نفسه بالنسبة إلى من يتناول الهرمونات، فأي انقطاع مفاجىء سيؤدي إلى مشكلات جسديّة ونفسيّة هم في غنى عنها".

"إنّ هذه الظروف تمنعنا من أن نكون الأشخاص الذين نرغب في أن نكون، وقد تمنع الكثيرين/ ات من الخروج من منازلهم/ نّ لمواجهة المجتمع، لكنني أرفض دور الضحيّة برغم كل الظروف"

بدورها، رأت ليا، وهي امرأة عابرة، تعمل منسقة مشاريع وتنقّلت في وظائف مختلفة، "أن المشكلة في لبنان مرتبطة بكفاءة ومؤهلات الأطباء وافتقادهم الخبرة المتعلّقة بصحة العابرين/ ات، وهذا ما يعرّض الكثيرين/ ات ليكونوا/ يكنّ فئران تجارب، وأحياناً سوء المعاملة والأحكام التي يطلقها مقدّمو/ ات الرعاية الصحيّة، وجميعها أسباب تشكّل عائقاً أمامنا، وتدفع البعض للخوف من زيارة المراكز الطبّية وتجنّب الذهاب إلى المعاينات لتفادي التمييز والكلام غير اللائق والضغوط النفسيّة".

وأضافت: "قد يذهب العديد من الأفراد إلى المعالجة الذاتية (self-medicate)، ويشرعون في تناول الأدوية من دون زيارة مختصين/ ات، والشائع هو تناول حبوب منع الحمل لعدم حاجتها إلى وصفة طبيّة، كذلك فإن غلاء فحصيّة الأطباء (تتجاوز الـ50 دولاراً)، تمنع البعض من إجراء متابعة دوريّة، وارتفاع سعر الفحوصات يحول دون الكشف الطبي المستمر للبعض على صحتهم/ ن".

أما بالنسبة إلى انقطاع الأدوية، فرأت أن النقص غير مقتصر على منطقة محدّدة في لبنان: "الجميع يعانون/ ين أينما كان، بدرجات متفاوتة".

وأشارت إلى أن كل هذه المشكلات تضاعفت مع الأزمة، إذ إن الكثير من هؤلاء الأفراد خسروا منازلهم وأعمالهم وتشردوا، وجميعها مشكلات تعيقهم عن الاعتناء بصحتهم الجسدية والجنسيّة وتفاقم أزماتهم/ ن النفسيّة: "إنّ هذه الظروف تمنعنا من أن نكون الأشخاص الذين نرغب في أن نكون، وقد تمنع الكثيرين/ ات من الخروج من منازلهم/ نّ لمواجهة المجتمع، لكنني أرفض دور الضحيّة برغم كل الظروف، فنحن نعيش اليوم بغرض النجاة، وهذا هو المهم".

أما راجي، وهو عابر في الثلاثينات من العمر، ويعمل في مقهى، فيقول لرصيف22: "إنّ تركيز معظم الجمعيّات في لبنان خلال الفترة الماضية كان منصبّاً بشكل حصري على المطالبة بحقوق المثليين/ ات، بالرغم من أنّه ليس كافياً، بينما تُتجاهل حقوق الترانس، فلا وجود للترانس كوميونيتي في لبنان بعد. كما أنّنا نضطر إلى البحث في كل الصيدليات في بيروت وتدفعنا الحاجة أحياناً إلى البحث خارج بيروت عن الأدوية، وهو ما يؤخرنا عن تناول العلاج في وقته المحدّد، مثل أن نأخذه كل جمعتَين، في اليوم نفسه".

دعم اجتماعي وتضامن

في حين تسعى بعض الجمعيات إلى تقديم خدمات لمجتمع الميم-عين، سألنا نائبة مديرة مشروع الألف سامية حبلي، عن دور الجمعيّة في هذا السياق، فقالت: "نهتم في مشروع الألف بالتركيز على السياسيات الجنسانيّة، محاولين/ ات خلق البدائل، وذلك بفتح المجال للتحدّث عن الأمور المتعلّقة بالجنسانيّة، الصحّة الجنسيّة والإنجابيّة والعدالة الإنجابيّة، بالإضافة إلى خلق مساحات للأشخاص للتعارف، ودعم بعضهم/ نّ في بناء وعيهم/ نّ السياسي، وفهم تأثير الأنظمة السياسية والاقتصادية على حيواتنا كأفراد، وعبر وصلهم/ نّ بمجموعات الدعم والتضامن الموجودة".

وتابعت: "لذا لا نقوم بشكل مباشر بتقديم الخدمات، فلسنا عيادةً أو مركزاً طبّياً، بل نساعد على وصل الأشخاص وإحالتهم/ ن إلى أماكن تقديمها، بإعطائهم/ ن أسماء أطباء/ طبيباتوأرقامهم/ ن، وقد حصلنا على توصيات إيجابيّة تتعلق بأسعارهم/ نّ ومعاملتهم/ نّ من أشخاص قاموا بزيارتهم/ ن، إلا أنّ لائحة الإحالات الصغيرة لدينا تقلّصت أكثر بسبب هجرة الكثير منهم/ نّ"، مشيرةً إلى أنه يمكن لمن لديه/ ا تجربة عياديّة جيدة (أطباء من مختلف الاختصاصات أو مستشفيات...)، المساعدة من خلال ملء استمارات الاستطلاع في هذا الرّابط .

كما كشفت أنه توجد لديهم/ ن وبفضل التبرّعات، كمّيات معيّنة من وسائل منع الحمل، ولوازم الدورة الشهريّة المستدامة وبعض الأدويّة الهرمونيّة ومشدّات الصدر...

وختمت سامية حديثها بالقول: "نساعد في التحدّث إلى الأشخاص الترانس حول الهويّة الجندريّة والخيارات التي يمكنهم/ نّ القيام بها، وطمأنتهم/ نّ أحياناً بأن رحلة العلاج الهرموني ليست واحدةً يعيشها الجميع بالطريقة نفسها بل هي عبارة عن خطوات يعايشها كل فرد بشكل مختلف".

ما هو مشروع الألف؟

يهتم مشروع الألف بوجود مجتمع تستعيد فيه النساء والأفراد ذوات/ و الجندر غير النمطي الاعتراف بجنسانيتهم/ نّ وصحتهم/ نّ الجنسيّة والإنجابيّة.

ويهدف إلى إنشاء منصات تؤكّد الاستقلالية والوكالة الذاتيّة في هذه المواضيع، كما يقدّم خطاباً سياسياً يبحث عن بدائل لمواجهة الأبويّة الطبيّة التي تهمّش الأجساد.

ومن النشاطات التي يسعى إلى تقديمها: الخط الساخن للجنسانيّة، ومجموعات الدعم المتنوّعة، بالإضافة إلى ورشات العمل والتدريب التي تُشرك المجتمع، خاصةً اللاجئين/ ات، والمهاجرين/ ات وغيرهم/ نّ في المناقشة في مسائل الصحة والحقوق الجنسيّة والإنجابيّة، وخلوات قراءة تتعلّق بالسياسيات الجنسانيّة والعدالة الإنجابيّة وغيرها من القضايا، بالإضافة إلى إنتاج مواد وثائقيّة بوسائط متعددّة وتوثيق الشهادات بعد الحصول على الموافقة من المعنيين/ ات لإغناء الأبحاث الجنسانيّة النسويّة والكويريّة في لبنان، وبودكاست فاصلة الذي يحتوي على نقاشات متنوعة متاحة لجميع المستمعين/ ات.

الخط الساخن

يؤمّن الخط الساخن للجنسانيّة الدعم الاجتماعي والنفسي والمعلومات في العديد من القضايا المتعلّقة بالصحّة الجنسيّة والإنجابيّة، وخيارات منع الحمل والإجهاض، وفيروس نقص المناعة البشرية، والميل الجنسي والهويّات الجندريّة، والعنف واللّذّة الجنسيّة والالتهابات المنقولة جنسيّاً، وغيرها من المواضيع، لكلّ الأفراد من مختلف الأعمار والجنسيّات.

"نساعد في التحدّث إلى الأشخاص الترانس حول الهويّة الجندريّة والخيارات التي يمكنهم/ نّ القيام بها، وطمأنتهم/ نّ أحياناً بأن رحلة العلاج الهرموني ليست واحدةً يعيشها الجميع بالطريقة نفسها" 

وعليه، يمكن للمتصلين/ ات مشاركة أفكارهم/ نّ مع المتطوعين/ ات على الخط الساخن.

يشمل دوام المناوبة على الخط السّاخن الأسبوع بأكمله، من الساعة الخامسة مساءً حتى الحادية عشرة ليلاً. يمكن للراغبين/ ات التواصل عبر الرسائل النصيّة أو المكالمات الهاتفيّة أو عبر البريد الإلكتروني.

عنوان البريد الإلكتروني: sexualityhotline@gmail.com

رقم الخط السّاخن للجنسانيّة:

96176680620 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image