قرب ميدان طلعت حرب في وسط القاهرة، تحديداً على مسرح راديو العريق، جدّد "أسبوع القاهرة للصورة" موعده مع التاريخ بحضور متألق هذا العام بعد غياب طويل، وسط حضور دولي ومشاركة جماهيرية.
لفتت أعمال الفنان فاروق إبراهيم الانتباه وشاركها المعجبون على مواقع التواصل الاجتماعي، مما لفت انتباه الجمهور إلى الحدث المهم في مصر. لكن يجب ألا ينسينا ذيوع بعض الصور وإعجاب الكثيرين بها، أنشطة أخرى مهمة صنعت التميز في فعاليات الأسبوع في دورته الثالثة التي استمرت من 8 فبراير/ شباط الجاري حتى 18 منه.
القاهرة والصورة
"أسبوع الصورة"، الذي يأتي من القاهرة، يحمل دلالة تفتح الطريق لفن الفوتوغرافيا من جديد، خاصة أن مصر هي البلد التي التقطت فيها أول صورة فوتوغرافية في تاريخ القارة الإفريقية، كانت لقطة شخصية لمحمد علي باشا عام 1839، ولكن الإهمال رافق الفوتوغرافيا لعقود طويلة.
سبق “أسبوع الصور” معرض المحاكاة الذي نظمته الجامعة الأمريكية قبل نحو عام 2021، احتفالاً بمئوية المصور المصري الأرميني "فان ليو". وأصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب هذا العام عددا ًتذكارياً من مجلة "فنون" عن "فن الفوتوغرافيا" يحوي نحو 160 صفحة، وذلك ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023.
وأشار الناقد د. ياسر منجي إلى تأخُّر الاعتراف بهذا المجال باعتباره (فنّاً)، مقارنةً بغيره من المجالات الفنية الأخرى، التي سبقته بعدة عقود قليلة، برغم معرفة مصر للتصوير الفوتوغرافي قبل انتظام حركة الفنون التشكيلية بها، إذ كانت مصر من بين البلاد التي نشط فيها العديد من المصورين الأجانب، الذين وثقوا معالمها وسجلوا تنوعها البشري وخصائصها العمرانية والحضرية، واشتهر منهم عددٌ غير قليلٍ من المصورين المتميزين، الذين استقر بعضهم فيها واتخذها وطناً ثانياً، وذلك قبل تأسيس مدرسة الفنون الجميلة المصرية بفترةٍ ليست بالقليلة.
"أسبوع الصورة"، الذي يأتي من القاهرة، يحمل دلالة تفتح الطريق لفن الفوتوغرافيا من جديد، خاصة أن مصر هي البلد التي التقطت فيها أول صورة فوتوغرافية في تاريخ القارة الإفريقية، كانت لمحمد علي باشا عام 1839، ولكن الإهمال رافق الفوتوغرافيا لعقود طويلة
وقال منجي إن “هذه الحالة من الإهمال حدثت برغم ريادة بعض الجمعيات الفنية المصرية في تنظيم معارض متخصصة للفوتوغرافيا في مرحلةٍ مبكرةٍ نسبياً، كجمعية "محبي الفنون الجميلة"، التي نظمت معرضاً دولياً باسم "معرض الصور الشمسية" عام 1938، استمرت دوراته خلال عدة سنوات، ولكن برغم ذلك، ظلت علاقة السواد الأعظم من متذوقي الفنون ومحبيها في مصر بالفوتوغرافيا علاقةً محصورة في إطار ضيق، يتعاطى مع هذا الفن من زاوية الهواية، ويُدرِجه ظلماً في مكانة تالية لفنون التصوير والرسم والنحت، التي عومِلَت بوَصفِها (فنوناً رفيعة)، في مقابل الفوتوغرافيا التي ظلت لصيقةً بالأغراض الصحفية والتذكارية والتوضيحية”.
الجمهور العام في "المشهد"
وسط تلك الحالة من التهميش التي عاناها الفنانون والفوتوغرافيا، لفت الفنان في مؤسسة أخبار اليوم، المصور البارز فاروق إبراهيم الأنظار للصورة في مصر بعد رحيله عن دنيانا بما يقارب 12 عاماً، وانتشرت صور مؤثرة يتضمنها معرضه الذي قام ابنه بتنظيمه ضمن فعاليات الأسبوع تكريماً لذكرى والده، لتكشف العديد من المشاهد لنجوم المجتمع المصري في حالات يراها الجمهور للمرة الأولى، فنجد مشهد العالم أحمد زويل، أول عربي يتوج بجائزة نوبل في الكيمياء، وهو يجلس في قهوة "الفيشاوي" العريقة في وسط القاهرة ويدخن الشيشة.
وشاركت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع مركز "فوتوبيا"، في عرض أعمال المصور فاروق إبراهيم، وتكشف اللقطات عن حقب زمنية واسعة من تاريخ مصر، وتظهر فيها العديد من الشخصيات العامة والفنية المحلية والدولية.
معرض "الصور الصحافية العالمية" يعود بعد غياب
صنع الأسبوع منذ انطلاقه خلال فبراير/ شباط حالة من الزخم في وسط القاهرة بمقره في سينما راديو العريقة بشارع طلعت حرب، وتابع الجمهور على مدار 10 أيام، نحو 100 متحدث من المتخصصين، بالإضافة إلى 14 معرضاً في ثمانية مواقع مختلفة في وسط القاهرة، كما تم تمديد معرض "فاروق إبراهيم" حتى نهاية فبراير/شباط بشكل استثنائي في ظل الحضور الجماهيري المتزايد.
ثمة عوامل تضع حرفة التصوير في خطر: الأجيال الجديدة في مصر، وأنماط “التفاعل” التي يفرضها عالم وسائل التواصل الاجتماعي، بإيقاعاته السريعة، وتعامله غير الاحترافي
وبعد غيابه عن الحضور في القاهرة 18 عاماً، عاد معرض الصور الصحافية العالمية لعام 2022، وجذب المعرض الجمهور بشدة وسط حضور كبير في الافتتاح.
غطى المعرض أغلب أنواع الصور الفوتوغرافية، باستخداماتها المختلفة، كما يرى القائمون على الفعاليات أن الصور الصحافية جذبت الأنظار للفعاليات، وأشارت مستشارة الشؤون العامة للسفارة الأمريكية في القاهرة، لورين لوفليس، ان أحد أصدقائها من المغرب عرض لها يوماً لقطات لكوكب الشرق أم كلثوم، وعرفت أن مصورها هو الفنان فاروق إبراهيم وقتذاك.
فعاليات هذا العام أقيمت تحت عنوان "العودة إلى الجذور"، وتوثق حكايات من عدة بقاع في العالم، حفظتها عدسات الكاميرات من الضياع.
ما وراء الحكايات
وشهدت الفعاليات جلسة بعنوان "وسط البلد.. ما وراء الحكايات"، بالتعاون بين دار الشروق للنشر، وقالت مروة أبو ليلة مديرة "فوتوبيا" خلال تلك الجلسة إن الشاغل المهم الذي يقدمه أسبوع الصورة من خلال 14 معرضاً فنياً افتتحت في وسط القاهرة وحي الزمالك، هو الانتصار لأصول حرفة التصوير الفوتوغرافي.
ترى مروة أن ثمة عوامل تضع حرفة التصوير في خطر: الأجيال الجديدة في مصر، وأنماط “التفاعل” التي يفرضها عالم وسائل التواصل الاجتماعي، بإيقاعاته السريعة، وتعامله غير الاحترافي.
وقد أصدرت دار الشروق بالتعاون مع شركة الإسماعيلية للاستثمار العقاري، كتاب "وسط البلد: ما وراء الحكايات"، من تحرير: زينيا نيكولسكايا - المحرر المشارك والمترجم: نوران إبراهيم عبد الرؤوف - الإخراج الفني: أمبارو باكريزاس، وذلك تزامناً مع أسبوع المعرض.
وشاركت في الفعاليات هذا العام مراسلة نيويورك تايمز منى بو شناق، التي تقدم إنتاجاً متنوعاً من الصور الفوتوغرافية، فضلاً عن المصور سيزر ريلو من إسبانيا، والهولندي غاسبر دوستو.
محاور العمل في "إسبوع الصورة"
وركزت ورش العمل والمحاضرات في "إسبوع الصورة" على تبادل الخبرات حول فنون التصوير في كل ما يتعلق بصناعة الصورة والفيديو والأعمال الوثائقية والأزياء والكتب المصورة، وشهدت الفعاليات حضوراً مكثفاً تزايد حتى نهاية جدول "أسبوع القاهرة للصورة" في 18 فبراير/ شباط.
مؤسسة “فوتوبيا” للتصوير الفوتوغرافي نظمت الفعاليات بالتعاون مع وزارة السياحة والأثار المصرية وسفارة المملكة الهولندية بالقاهرة، وتضمنت الأنشطة 90 حلقة نقاشية و15 ورشة عمل، فضلاً عن العديد من المحاضرات والمعارض والأستوديوهات المفتوحة والخدمات واللقاءات ومساحات العمل المشترك للمصورين.
اختيار مواقع الفعاليات في وسط القاهرة في كل من المركز الثقافي الفرنسي وجاليري «المصنع» و«ستارت – آب هاوس» وغاليري «أكسيس»، ومبنى القنصلية، ومركز التحرير الثقافي، ساعد على دمج الجمهور العام وسط الحضور. وسجلت دورة هذا العام حضوراً كبيراً بعيداً عن المتخصصين والعاملين في المجال، وهو أمر غير اعتيادي.
وشهدت مسابقة صور الصحافة العالمية منافسة شرسة بين 4066 مصوراً من 130 دولة شاركوا بـ64823 صورة، وشملت المسابقة أربع فئات توثق جميعها لحظات الأخبار والأحداث وما بعدها.
كنز عميد مصوري "أخبار اليوم"
أهم ما كشف عنه "أسبوع القاهرة" للمتخصصين والباحثين هو أن نجل المصور الراحل، الذي يعمل في نفس مجال عمل والده، أستطاع أن يحفظ بمجهود فردي أرشيفاً عربياً مهماً من الضياع، وتغطي صور فاروق إبراهيم الفترة الممتدة بين عامي 1952 مع بداية عمله حتى وفاته عام 2011.
ومن الوجوه التي ظهرت في لقطات "عميد مصوري أخبار اليوم" جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات وعبد الحليم حافظ ونجيب محفوظ وسعاد حسنى وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب، وأم كلثوم وغيرهم من أباطرة السياسة والفن والثقافة في مصر والعالم العربي.
وقد بلغ عدد الصور التي قام نجل فاروق إبراهيم برقمنتها من أرشيف والده نحو 600 ألف، وهي تعتبر أهم الكنوز التي كشف عجانب من تراث التصوير الفوتوغرافي في مصر خلال السنوات الأخيرة.
انتقد الكاتب ماجد عاطف، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تفاعل وتقدير المتابعين لبعض الصور دون الأخرى، مشدداً على وجود صور متميزة فنية كان ينبغي الالتفات إليها، والإشادة بها، كتب في منشوره: "مع كامل تقديري لعمادة "فاروق ابراهيم" وتفهمي للاحتفاء بصوره، عن نفسي بشوف معرضه أضعف حاجة في مهرجان Cairo Photo Week المقام في وسط البلد، الصور الكويسة عنده هي صور الفنانين في مرحلة بالأبيض والأسود، ودي هو كويس فيها طبعاً، بس إللي مساعده كمان أننا قصاد ناس عندهم سحر وحضور طاغي قصاد الكاميرا".
الناشرة المصرية كرم يوسف انتبهت هي الأخرى للدلالات التي يحملها الاهتمام الجماهيري بالصورة الفوتوغرافية وضرورة دفعه في الاتجاه الصحيح، وقالت في منشورها على فيسبوك: "بمناسبة معرض القاهرة للتصوير وعرض أرشيف المصور الصحافي الراحل فاروق إبراهيم- بغض النظر عن قيمتها الفنية واذا كان مصور عبقري أو متوسط الإمكانات- أتصور لو استمر المعرض بصورة سنوية وموعد ثابت قدر الإمكان، ممكن تكون فرصة للقائمين عليه البحث عن أرشيف مصورين مصريين آخرين ومشاركته بالعرض، زي المصور جميل، صاحب ستوديو جميل في حلوان ميدان المحطة - عمارة الإتحاد الاشتراكي، واللي كانت فيلته جنبنا في شارع رستم، المصور الراحل "محمد جميل" كان فنان كبير ولا يقل موهبة وعظمة عن "فان ليو"، واللي راح الاستوديو مرة أكيد شاف جزء من الجمال ده”.
وأنهت الناشرة منشورها مشددة: “يعني لو القائمين على معرض القاهرة للتصوير تبنوا البحث والحفاظ على إرث الصورة في مصر، هيكون عمل عظيم ومتماشي مع سياستهم والبدء في اكتشافه واستعادته".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع