شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
أنباء عن وجود زعيم القاعدة في إيران... واشنطن تؤكدها وطهران تعتبرها

أنباء عن وجود زعيم القاعدة في إيران... واشنطن تؤكدها وطهران تعتبرها "لعبة الإيرانوفوبيا الفاشلة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 18 فبراير 202307:04 م

بعد تأكيد الأمم المتحدة في تقرير خاص حول أن الرأي السائد للدول الأعضاء هو أن الضابط المصري السابق، سيف العدل، بات زعيماً لتنظيم القاعدة الإرهابي، أكدت ذلك الخارجية الأمريكية من جديد وصرحت أن "تقييمنا يتوافق مع تقييم المنظمة الدولية بأن الزعيم الحالي الجديد للقاعدة هو سيف العدل الموجود في إيران".

وشرحت واشنطن بأن سيف العدل أصبح زعيماً للتنظيم بعد مقتل أيمن الظواهري في تموز/يوليو 2022، بيد أن حكومة طالبان في أفغانستان ما زالت تنفي ذلك ولم ترغب في الاعتراف بمقتل الطواهري بصاروخ أمريكي في كابل، وهذا ما أخر عملية الإعلان عن الأمير الجديد من قبل التنظيم. كما حدد برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية مبلغ يصل إلى 10 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى الوصول لسيف العدل.

بدورها، استنكرت الخارجية الإيرانية، تقارير الأمريكان والأمم المتحدة، واعتبرته "لعبة الإيرانوفوبيا الفاشلة". وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأن التصريحات حول تواجد زعيم القاعدة في طهران "كاذبة ومثيرة للسخرية"، مضيفاً: "من أوجدوا القاعدة وداعش هم المسؤولون عن تنامي الإرهاب في العالم".

الخلفية

لم تكن تقارير الولايات المتحدة حول نشاط القاعدة في إيران، جديدة، فكانت قد أعلنت في الماضي عن وجود محطتين للقاعدة داخل طهران ومدينة مشهد الواقعة شمال شرقي البلاد المحاذية للحدود الأفغانية، وذلك لتسهيل سفر عناصرها من وإلى أفغانستان.

استنكرت الخارجية الإيرانية، تقارير الأمريكان والأمم المتحدة، واعتبرته "لعبة الإيرانوفوبيا الفاشلة". وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأن التصريحات حول تواجد زعيم القاعدة في طهران "كاذبة ومثيرة للسخرية"

ومع انطلاق الغزو الأمريكي لأفغانستان بعد هجمات سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة، يعتقد أن سيف العدل بذل جهوداً كبيرة في تهريب نشطاء وعناصر القاعدة إلى إيران وإقامتهم في المحطتين وشبكة البيوت الآمنة هناك.

قطن سيف العدل وأبو محمد المصري، المسؤول البارز في القاعدة في إيران فعاود الاتصال بقادة القاعدة في أفغانستان وباكستان حتى أرسل المقاتلين الذين دخلوا إيران إلى هناك.

وذكر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز في 2015، أن طهران ألقت القبض على سيف العدل وأبو محمد المصري في سنة 2003، بعد ممارسة ضعوط أمريكية وسعودية عليها، مما سبب بتراجع دور سيف العدل في نشاط القاعدة، وأطلقت سراحه في 2015 خلال عملية تبادل أسرى بين التنظيم وإيران.

وباشر سيف العدل يتردد على باكستان وأفغانستان، ولكنه بقي مقيماً في إيران مع بعض القيود، بينما نفت طهران هذا التقرير جملة وتفصيلاً واستشهدت بالصراع الدامي بين القاعدة وإيران في سوريا حينذاك.

كما أعلنت نفس الصحيفة في 2020، أن عملاء إسرائيليين اغتالوا الرجل الثاني في تنظيم القاعدة آنذاك، أبو محمد المصري واسمه الحقيقي عبد الله أحمد عبد الله، وذلك في العاصمة طهران في 7 آب/أغسطس من نفس العام.

واستكملت الصحيفة معلوماتها، بأن المصري قتل مع ابنته مريم وهي أرملة حمزة بن لادن، نجل زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في سیارته بالقرب من منزله الواقع في حي باسداران في شمال العاصمة الإيرانية، بعد إطلاق أربع رصاصات عليهما.

أما النشطاء الإيرانيين في شبكات التواصل الاجتماعي كانوا قد أعلنوا في 7 من آب/أغسطس 2020، عن مقتل مواطن لبناني يدعى حبيب داود وإنه مدرس مادة التاريخ ويبلغ من العمر 58 عاماً، مع ابنته مريم 27 عاماً.

ونفت حينها الخارجية الإيرانية التقارير الصحفية حول مقتل المصري وابنته، وقال المتحدث باسم هذه الوزارة: "الولايات المتحدة وإسرائيل تحاولان في بعض الأحيان ربط إيران بهذه الجماعات من خلال الكذب وتسريب معلومات كاذبة إلى وسائل الإعلام للتهرب من المسؤولية عن الأنشطة الإجرامية لهذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية في المنطقة".

وفي السنوات الأخيرة أعلن بعض قادة الحرس الثوري بشكل غير رسمي أنهما عملا مع عناصر تنظيم القاعدة في حرب البوسنة (1995-1992)، ضد الجيش الأمريكي.

وخصصت وكالتا المخابرات البريطانية والأمريكية مكافآت مالية بمقدار 7.5 مليون جنيه إسترليني، و10 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات عن سيف العدل بسبب دوره في تفجيرات السفارة الأمريكية وفي نيروبي ودار السلام سنة 1998 والتي خلفت 224 قتيلاً.

من هو سيف العدل؟

محمد صلاح الدين زيدان المشهور باسم "سيف العدل"، من مواليد محافظة المنوفية في مصر في سنة 1960 ومصادر أخرى تؤكد ولادته في سنة 1963. تبنى الأفكار المتطرفة خلال حضوره في مسجد "فجر الإسلام"، منذ فترة المراهقة.

دخل الجيش المصري ووصل إلى رتبة العقيد في القوات الخاصة المصرية في منتصف ثمانينيات القرن المنصرم وكان ناشطاً في صفوف الجماعات الإسلامية المتطرفة المناهضة لحكم الرئيس الراحل حسني مبارك.

سرح سيف العدل من الجيش بسبب الحملة التي شنتها السلطات المصرية على ستة آلاف من المتطرفين عقب تعرض وزير الداخلية حسن أبو باشا لمحاولة اغتيال في 1987.

غادر القاهرة نحو الرياض، ويعتقد أنه التقى بابن لادن خلال إحدى رحلات الأخير إلى مسقط رأسه لجمع التبرعات للجهاد الأفغاني، ويرجح أن سيف العدل انتقل منها إلى كابول حيث للمشاركة في المعارك ضد القوات السوفيتية حينها.

تلك الحقبة كانت بمثابة الفرصة لسيف العدل كي يضع خبرته ومؤهلاته العسكرية قيد التطبيق، فتولى مهمة تدريب المقاتلين. وبعد سقوط الحكومة الأفغانية التي تحظى بدعم السوفييت في 1992، ودخول المجاهدين إلى كابول واندلاع مواجهات ومعارك بين رفاق السلاح السابقين، ساعد سيف العدل، زعيم القاعدة بن لادن على نقل نشاطات التنظيم إلى السودان، وإقامة معسكرات تدريب هناك. كما تولى سيف العدل إقامة معسكرات تدريب في الصومال لتدريب المنتسبين الجدد إلى صفوف القاعدة.

وأفلحت هذه التدريبات في واقعة نصب كمين وإسقاط طائرتين عموديتين أمريكيتين من طراز بلاك هوك في مقديشو عام 1993، التي أودت بحياة 18 جندياً أمريكياً.

القيادة المستقبلية

لم يكن سيف العدل ينتمي إلى جيل مؤسسي القاعدة في 1988، لكن قيل عنه بأنه أدى دوراً جوهرياً في تعزيز قدرات وإمكانات التنظيم العسكرية.

ذكائه ومؤهلاته العسكرية، سنحت له الفرصة بتدرج التسلسل الهرمي للقاعدة بشكل سريع، حيث شغل منصب رئيس اللجنة الأمنية في التسعينيات ويعود له الفضل في توطير نشاط القاعدة في القرن الإفريقي.

أقنع سيف العدل، زعيم التنظيم أسامة بن لادن على تقديم مساعدات مالية لمجموعة الأردني أبو مصعب الزرقاوي، كي يقيم معسكراً تدريبياً في ولاية هرات الأفغانية بالقرب من الحدود الإيرانية، وعندما شنت باكستان حملة ملاحقة "الأفغان العرب"، كان المعسكر جسراً لتسهيل حركة الجهاديين من وإلى أفغانستان عبر الأراضي الإيرانية.

ووفق تقرير أمريكي سابق فإن سيف العدل كان ضمن مجموعة قليلة من قادة القاعدة الذين أبدوا تحفظاتهم على مخطط هجوم 11 سبتمبر 2001، لأن الهجمات قد تهدد حكم حركة طالبان في أفغانستان حسب رأيهم.

مواصفاته

ليست للرجل صور كثيرة، باستثناء ثلاث صور مستخدمة على قائمة المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي. وعلى عكس سلفيه اللذين كانا يظهران كثيراً في مقاطع فيديو نارية، إلا أنه يقوم بنشاطاته في الظل والصمت، رغم املتلاكه شخصية "جريئة للغاية"، وفقاً للخبراء.

ويذكر العميل الخاص السابق في المكتب الأمريكي، علي صوفان، الذي يتعقب عناصر القاعدة، أن "سيف العدل شخصية ذكية بملامح جامدة، لا يمكن من خلالها تكوين أي انطباعات عن أفكاره ومشاعره".

يقول خبراء في مجال تنظيم القاعدة إن سيف العدل كانت له نشاطات عسكرية قبل أن يصبح زعيماً لتنظيم القاعدة، وإنه أحد القلائل الذين لا يزالون على قيد الحياة من الحرس القديم للقاعدة، وكان قريباً من القيادة المركزية للتنظيم 

ويضيف صوفان الذي يؤكد بدوره أن سيف العدل يقيم في إيران منذ عام 2002 أو 2003: "عرف عن سيف العدل أيضاً تقلب المزاج ويملك لساناً حاداً وهو مستعد لتهديد أي شخص يضايقه بالعنف ومن المعروف أنه يواجه الخيانة بالشدة سريعاً وبلا رحمة".

ويكمل صوفان حديثه في تقرير نشره مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي: "يمكن أن يعامل أتباعه باحتقار، وبوحشية في لحظة الغضب. لكنه عرف أيضاً بكونه ناصحاً يقدم المشورة برفق. وفي الأوقات الأكثر بهجة يظهر موهبة في لعب كرة القدم، وميلاً لتدبير المقالب على سبيل المزاح". كما يؤكد صوفان أن سيف العدل وُضع في بداية تواجده في إيران رهن الإقامة الجبرية، لكنه أصبح حراً فيما بعد حيث تمكن بالقيام برحلات إلى باكستان.

هذا، ويقول خبراء في مجال تنظيم القاعدة، إن سيف العدل كانت له نشاطات عسكرية قبل أن يصبح زعيماً لتنظيم القاعدة، وإنه أحد القلائل الذين لا يزالون على قيد الحياة من الحرس القديم للقاعدة، وكان قريباً من القيادة المركزية للتنظيم، وكان في السابق كبير الحراس الشخصيين لأسامة بن لادن ومدرباً بارزاً للمسلحين.

ووفقاً للخبراء بدأ سيف العدل مسيرته عام 1981 عندما كان يشتبه بتورطه في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات. كما يقول خبراء آخرين إن لسيف العدل خبرةً كبيرة حيث كان رئيس للجنة العسكرية للقاعدة قبل هجمات 11 أيلول/سبتمبر. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard