شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
علماء يعيدون بناء وجه

علماء يعيدون بناء وجه "سيدة نبطية" عاشت في السعودية قبل 2000 عام

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتاريخ

الثلاثاء 7 فبراير 202306:24 م

تمكّن فريق من علماء الهيئة الملكية لمحافظة العُلا من "إعادة بناء" وجه سيدة يُعتقد أنها عاشت في السعودية قبل ألفي عام، فترة الحضارة النبطية، في عملية هي الأولى من نوعها بعد العثور على هيكلها العظمي في منطقة الحِجر الحيوية التي هيّمنت على طريق البخور في الماضي.

بمرسوم ملكي، تأسست الهيئة الملكية لمحافظة العلا في تموز/ يوليو 2017، بهدف تطوير وحماية منطقة العلا التاريخية، شمال غربي المملكة، وتحقيق التنمية الحضرية والاقتصادية على المدى الطويل، علاوة على الحفاظ على التراث الطبيعي والتاريخي للمنطقة وتحويلها إلى "وجهة مثالية للعيش والعمل والسياحة".

وتُشرف الهيئة على مجموعة واسعة من المبادرات في قطاعات الآثار والسياحة والثقافة والتعليم والفنون في نطاق المحافظة، ما يعكس التزامها بتطوير قطاعي السياحة والترفيه في البلاد لهدف أعمق يتمثل في تعزيز رؤية المملكة 2030.

ومنذ صعوده إلى الحكم عام 2017، استهدف ولي العهد السعودي تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد السعودي بعيداً عن النفط، مانحاً مجالي السياحة والترفيه الأولوية في التطوير والإنفاق.

مشروع غير مسبوق انطلق عام 2019… فريق من علماء الآثار والأنثروبولوجيا والطب الشرعي يعيد بناء وجه "سيدة نبطية" بعد 2000 سنة من دفنها في مقابر منطقة الحِجر الأثرية. إليكم/ ن قصّة "حنّات"

قصّة "حنّات"

عُثر على الهيكل العظمي للسيدة عام 2008، قبل أن يبدأ فريق من علماء الآثار والمختصين في الطب الشرعي وصناعة النماذج عام 2019 في العمل على رسم صورة للسيدة التي يرجحون أنها عاشت في القرن الأول قبل الميلاد.

مما شجّع العلماء على هذه الخطوة غير المسبوقة أن الهيكل العظمي للسيدة كان بحالة جيدة داخل مقبرتها بنتوء جبلي على أطراف مدينة الحِجر، تضم رفات حوالى 80 شخصاً تربطهم صلة قرابة بحسب اعتقاد العلماء. كان هيكل السيدة العظمي "الأكثر اكتمالاً" بين الهياكل الموجودة في المقبرة تقريباً، لذلك وقع عليه الاختيار لتنفيذ مشروع إعادة بناء الوجه.

منح الفريق السيدة، التي يُعتقد أنها كانت تحظى بمكانة اجتماعية مرموقة وثروة، نظراً لدفنها في مقبرة خاصّة ضمن منطقة الحِجر الأثرية بالمملكة، اسم "حنّات". اعتباراً من الاثنين 6 شباط/ فبراير، سمح مركز الاستقبال بمنطقة الحِجر الفرصة للزوار بمشاهدة وجه السيدة النبطية.

و"الحِجر" هي أول موقع سعودي يُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي قبل 15 عاماً. وتشتهر بالآثار والمدافن التي تعود لعصر الدولة النبطية وتمتاز بكونها منحوتة داخل الجبال ومرصّعة بزخارف ونقوش دقيقة من الخارج تعكس عراقة فنون العمارة في هذه الحضارة.

استوطن النبطيون "الحِجر" في القرن الأول قبل الميلاد، بعد أن توسعوا من البتراء نحو الجنوب الغربي للسعودية وصولاً إلى مناطق تمثل في وقتنا الحالي شمال غربي المملكة وفيها جمعوا ثرواتهم من تجارة اللبان والتوابل وغيرها من السلع الثمينة.

مما شجّع العلماء على هذه الخطوة أن الهيكل العظمي للسيدة كان بحالة جيدة و"الأكثر اكتمالاً" داخل مقبرتها التي ضمّت رفات نحو 80 شخصاً يُعتقد أنهم أقاربها. لذلك وقع عليه الاختيار لتنفيذ مشروع إعادة بناء الوجه

إعادة ترميم رقمية ثلاثية الأبعاد

وشارك عدد من علماء الآثار والأنثروبولوجيا والأطباء الشرعيين المتخصصين في عملية إعادة الترميم الرقمية لوجه السيدة بمساعدة خبراء النحت الثلاثي الأبعاد. علماً أن الفريق اجتمع في لندن في أيلول/ سبتمبر 2019 وناقش تصوره للشكل النهائي المتوقع لوجه "حنّات" علاوة على عناصر أخرى لمظهرها تتضمن شكل الملابس التي يُعتقد أنها كانت ترتديها. 

لاحقاً، أعد الفريق ملفاً شخصياً تضمن صوراً مرجعية مرفقة لملابس "حنّات" وشعرها ومجوهراتها حتّى الانتهاء من عمليات إعادة الترميم الرقمية الثلاثية الأبعاد في تموز/ يوليو 2020 بعد الحصول على موافقة الخبراء الذين عدّلوا شكل  أقراطها المتصوّرة لتكون ملائمة لتلك الأقراط التي عُثر عليها في منطقة الحِجر. 

بعد ذلك، انطلقت عملية صنع القوالب لتمثال نصفي من السيليكون لتشكيل وجه "حنّات"، زرع فيه الخبراء خصلات شعرها بشكل تدريجي ودقيق في مراحل عملهم النهائية، وقد تضمّنت أيضاً تطبيق المكياج على وجهها وإلباسها الأقراط وقماش كتان منسوج يدوياً ليتناسب مع الأجزاء التي انتُشلت من المقابر في "الحِجر".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ماضينا كما يُقدَّم لنا ليس أحداثاً وَقَعَت في زمنٍ انقضى، بل هو مجموعة عناصر تجمّعت من أزمنة فائتة ولا تزال حيّةًً وتتحكم بحاضرنا وتعيقنا أحياناً عن التطلّع إلى مستقبل مختلف. نسعى باستمرار، كأكبر مؤسسة إعلامية مستقلة في المنطقة، إلى كسر حلقة هيمنة الأسلاف وتقديم تاريخنا وتراثنا بعين لا تخاف من نقد ما اختُلِق من روايات و"وقائع". لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. ساعدونا. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image