شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
إتيكيت تقديم العزاء... رغم الحالة العاطفية لكنها مناسبة رسمية

إتيكيت تقديم العزاء... رغم الحالة العاطفية لكنها مناسبة رسمية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الاثنين 30 يناير 202301:38 م

موت الأحبة من أكثر الأمور المؤلمة التي قد تواجه الإنسان، وحين يكون المُصاب كبيراً وموجعاً قد يفقد الإنسان قدرته على التعبير، فيصبح غير مؤهل للكلام، أو ليس بكامل وعيه من شدّة الحزن، فكيف نقدم تعاطفنا لمن هو في هذه الحالة دون ابتذال، ودون أن نتخطى الحدود اللائقة، وفي نفس الوقت دون جمود.

بسبب استخدامنا المفرط لمواقع التواصل الإجتماعي، وانتقال حياتنا من الخاص إلى العام، قد تتحول إعلانات الفرح أو إعلانات الحزن أو أي حدث شخصي إلى مجرد منشور أو تغريدة على الفيسبوك أو انستغرام تويتر، خاصة إذا كان العزاء لأحد الشخصيات العامة أو المشاهير، حينها يصبح موت الشخص وطريقة موته وتفاصيل حياته حديث الساعة، ويتحول الموضوع من التعاطف والمواساة إلى التعليق على طريقة الحزن والبكاء. 

لذا إذا كان الشخص يهمنا فعلاً، فمن اللائق أن نقوم بزيارة سريعة إلى بيت العزاء وألا نكتفي برسالة، أحد أهم النصائح في هذا الشأن أن على التعزية أن تكون سريعة، من نصف ساعة إلى ساعة على الأكثر، 

في لحظة تقديم العزاء علينا أن نتذكر أن نضع مشاعرنا وراحتنا جانباً مقابل راحة أهل الميت، هذا يعني أننا قد نضطر لتجاوز مشاعر برود أو خصام مؤقتة للتعبير عن احترامنا.

للـ"قيام بالواجب" على أكمل وجه، لا بد من معرفة التصرفات اللائقة والتي تعكس حساسيتنا تجاه الحدث.فعلى الرغم من الحالة العاطفية التي تسود بيت العزاء، لكنه مناسبة رسمية، ويجب الالتزام بالإتيكيت والأعراف السائدة فيه، وعدم محاولة البروز أو الظهور في الحدث.

الالتزام بالمواعيد المعلنة في النعي

تقول خبيرة الإتيكيت الدكتورة سلام سليم: "مراسم تقديم واجب العزاء والمواساة لأصحاب المصاب، تبدأ بالتزام المعزّين بالمواعيد المحددة من قبل أهل الفقيد، لأن الموت يجعل الإنسان مكسوراً وحزيناً، لذا فالالتزام مطلوب". 

على الرغم من الحالة العاطفية التي تسود بيت العزاء، لكنه مناسبة رسمية، ويجب الالتزام بالإتيكيت والأعراف السائدة فيه، وعدم محاولة البروز أو الظهور في الحدث  

وتشير سلام إلى أن أهمية الحضور وفق المواعيد الموضوعة وتجنب الحضور قبلها أو بعدها فأهل الميت لا يعانون من الحزن فقط،  بل من التعب والإرهاق كذلك، فبنظرها تقبل واجب العزاء يعتبر أمراً شاقاً ومتعباً جداً.

اللباس والمكياج للنساء

أما اختيار اللباس خلال التوجه لتقديم واجب العزاء، فيجب أن يكون أسود اللون لأن العادات والتقاليد في بلادنا العربية ربطت الأسود بالحزن، لكنها تنبه بقولها: "ليس كل أسود يليق بالعزاء وخاصة للسيدات، يجب الابتعاد عن أي شيء مبهرج كالأسود الجلدي أو الذي يعكس بريقاً أو أحجاراً لامعة، كما يجب الابتعاد عن اللبس القصير مثل التنانير أو الفساتين الكاشفة، ويفضل أن تكون تحت الركبة ويسبقها (كولون أسود)، وتشدد على الحضور بثياب رسمية. وتجنب لبس المجوهرات الظاهرة لأن العزاء ينّم عن حزن والحضور فيه للمواساة وليس للظهور.

من المهم الحضور وفق المواعيد الموضوعة وتجنب الحضور قبلها أو بعدها لأن أهل الميت لا يعانون من الحزن فقط، بل ومن التعب والإرهاق كذلك 

وفيما يخص الأحذية تقول: "ليس محبذاً أن ترتدي السيدات الأشياء المفتوحة كالصنادل، والأفضل لباس الأحذية المغلقة وليس العالية منها".

تقول: "موضوع التبرج للسيدات مرفوض، فكما يجب الالتزم بثياب رسمية سوداء اللون، فلا يمكن لك سيدتي أن تضعي مساحيق التجميل ومن ثم تتوجهي للعزاء، فالقاعدة في الإتيكيت تقول يجب أن يظهر اللباس والشكل العام التعاطف مع أهل العزاء، ولكن أيضاَ لست مطالبة بالظهور بطريقة غير لائقة، يمكنكِ ترتيب مظهرك وشكلك واستعمال مساحيق التجميل ذات الألوان الهادئة التي قد تظهركِ على طبيعتكِ وتغطي التعب في وجهك بطريقة ليست صارخة".

نصيحة للرجال

تعتبر سليم أن اللباس بالنسبة للرجال أسهل بكثير، إذ يفضل حضور العزاء بزي رسمي كالبدلة السوداء أو الكحلي أو الرمادي الغامق ويرافقها قميص أبيض مع ربطة عنق سوداء اللون، أو لباس شبه رسمي كقميص أبيض أو أسود وبنطلال أسود أو أي لون داكن، وتنصح بالابتعاد عن القمصان ذات الألوان الفاقعة أو التيشرت بالأكمام القصيرة.

أما فيما يخص الحذاء فيفضل ولكي يتماشى مع الخيارات السابقة أن يكون رسمياً بلون داكن.

لا ترتدوا النظارات الشمسية

شددت خبيرة الأتيكيت على تجنب العطور النفاذة والصارخة، فبنظرها فالعطور قد تزعج الآخرين في الأيام العادية في حال كانت تسبب الحساسية للبعض، وفي أغلب الأحيان يقام العزاء في أماكن مغلقة، ويمكن لرائحتك النفاذة تزعج أهل الفقيد والحضور، لذا يُفضل استخدام عطور هادئة جداً تجعل رائحتك نضرة ولكن ليست نفّاذة ومزعجة.

كذلك صارت الكمامة تعتبر  من آداب العزاء الاختيارية مؤخراً، وبالأخص خلال السلام على أهل الفقيد، لتجنيبهم الأمراض التي تنتقل مع كثرة الاحتضان والتقبيل من المعزيين، وأيضاً لتجنب أخذ العدوى من بيت العزاء.

اهتمت سليم أيضاً بالحديث عن بعض الأشخاص الذين يرتدون النظارات الشمسية في العزاء، تقول: "بحسب قواعد الإتيكيت يعتبر هذا خطأً فادحاً، فمن غير المقبول في البروتوكول لباس النظارات الشمسية في الأماكن المغلقة، فكيف لو كانت هذه الأماكن من دور العبادة؟  فالعزاء كثيراً ما يقام داخل كنيسة أو جامع أو أي مجمع ديني آخر، ولا يفضل للسيدات والرجال ارتدائها أو وضعها على الرأس كشكل من أشكال الزينة".

صارت الكمامة تعتبر  من آداب العزاء الاختيارية مؤخراً، ويفضل لبسها خلال السلام على أهل الفقيد، لتجنيبهم الأمراض التي تنتقل مع كثرة الاحتضان والتقبيل من المعزيين، وأيضاً لتجنب أخذ العدوى من بيت العزاء

واعتبرت أن ارتداء بعض المشاهير للنظارات الشمسية داخل العواء مرتبط بحذرهم من التصوير ولأن الناس اعتادت على ظهورهم بمساحيق التجميل وبأفضل صورة، فهذا الموضوع خارج عن القواعد واستثنائي وليس من المقبول تعميمه.

أحاديث بيت العزاء

كثيرة هي الأحاديث الجانبية التي تجري داخل بيوت العزاء، سيما مع التقاء الأشخاص من الدوائر الاجتماعية المختلفة أو من العائلة، تنصح سليم بالابتعاد عن هذه الأحاديث باعتبارها غير لائقة، تقول: "نحن لسنا في مقهى لنأخذ راحتنا في الحديث".

فخلال المراسم كثيراً ما يكون هناك شعائر دينية تُقرأ، وأدعية وصلوات تُقام، ومن الواجب احترامها والإنصات إليها، وفي حال لزم الأمر وفُتحت الأحاديث يجب أن تكون مقتضبة وقصيرة.

 أما من جهة الحديث فلا تفضل تذكير أهل الفقيد بمواقف الراحل، حتى لا يزيد حزنهم وتشتعل بدواخلهم الذكريات، وتفضل الاكتفاء بمساندتهم بالصبر والدعاء.

عزاءات المشاهير

مراسم العزاء الخاصة بعائلات المشاهير مختلفة، فالاهتمام واسع ويتعدى عائلة الفقيد ومعارفه، وكثيراً ما تنشر الصحافة أخبار هذه الأحداث تحت مسميات "الهفوات"، أو تنقل المشاكل إلينا عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أماكن العزاء، وآخرها عزاء الفنان جورج الراسي، وعزاء نجل الفنان جورج وسوف.

تفضل خبيرة الإتيكيت عدم تذكير أهل الفقيد بمواقفه، حتى لا يزداد حزنهم والاكتفاء بمساندتهم بالصبر والدعاء

كانت هناك بعض المنابر الإعلامية التي تنقل العزاء في بث مباشر، وتقوم بعمل لقاءات مع الفنانين، فمنهم من يعبر عن حزنه، ومنهم من يرفض الإدلاء بتصريح، إضافة إلى كثير من الأخبار التي تدور حول لباس المشاهير ومن حضر ومن لم يحضر منهم، وهكذا.

تعلق سليم على هذه الحالات بقولها: "في هذه الحالات، لا مشكلة في وجود الصحافة إن كان مصرحاً لها من قبل العائلة، ولكن عليهم الالتزام بقواعد الإيتيكيت ونقل الصورة العامة ومراسم العزاء بشكل يليق بالمناسبة، والابتعاد عن الأسئلة المستفزة أو التي لا تمت للمناسبة بصلة".

وتقارن بجنازة الملكة إليزابيت مؤخراً، التي لم تشهد أي تصرفات غير لائقة أو مستفزة، لأن الإعلام الذي حضر من جميع أنحاء العالم التزم بالشروط وبنوع المناسبة، ونقل للمشاهد ما يهمه، بعيداً عن إثارة الجدل.

لكل مقام مقال، وللموت مقام غير كل المقامات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نرفض أن نكون نسخاً مكررةً ومتشابهة. مجتمعاتنا فسيفسائية وتحتضن جماعات كثيرةً متنوّعةً إثنياً ولغوياً ودينياً، ناهيك عن التنوّعات الكثيرة داخل كل واحدة من هذه الجماعات، ولذلك لا سبيل إلى الاستقرار من دون الانطلاق من احترام كل الثقافات والخصوصيات وتقبّل الآخر كما هو! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، فكل تجربة جديرة بأن تُروى. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image