شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
بومبيو يشوّه خاشقجي... لزيادة مبيعات كتابه أم محاباةً لبن سلمان؟

بومبيو يشوّه خاشقجي... لزيادة مبيعات كتابه أم محاباةً لبن سلمان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

الأربعاء 25 يناير 202303:05 م

"كرّس جمال نفسه مدافعاً عن قيم حرية التعبير والصحافة الحرّة النزيهة والتزم بأعلى المعايير المهنية. ومن أجل هذا التفاني دفع الثمن الأغلى"، بهذه الكلمات ردّ فريد رايان، المدير التنفيذي والناشر لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية على عبارات التشويه التي خطّها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مايك بومبيو في مذكراته عن الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي.

قُتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2018، قبل أن يُقطّع جثمانه بمنشار ويُحرق تماماً داخل فرن بالمبنى الدبلوماسي، وفق الرواية الأكثر تأييداً لعدم العثور على جثمانه. جرى ذلك على أيدي فريق مكوّن من خمسة عشر شخصاً، سبعة منهم من النخبة المقرّبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المعروف باسم MBS.

وأدانت وكالة الاستخبارات الأمريكية MBS بـ"الموافقة" على عملية "أسر خاشقجي أو قتله". وتعرضت السعودية لانتقاد دولي واسع فيما تضررت سمعة ولي العهد بشدة.

"تحدث بلا احترام ولا إنسانية عن شخص قُتل بوحشية"… وزير الخارجية الأمريكية الأسبق مايك بومبيو مُتهم بتشويه سمعة جمال خاشقجي في مذكراته إذ زعم ارتباطه بتنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين وألمح إلى عدم نزاهة انتقاداته للقيادة السعودية

ماذا قال بومبيو عن خاشقجي؟

والثلاثاء 24 كانون الثاني/ يناير 2023، كشف بومبيو عن مذكرات ترصد فترة وجوده في إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تُعد -وفق مراقبين- مقدّمةً لخوضه انتخابات الرئاسة بالولايات المتحدة عام 2024. حملت المذكرات التي نُشرت تحت عنوان "لا تُبدِّل رأيك مطلقاً… القتال لأجل أمريكا التي أحب"، الكثير من المعلومات التي اعتبر كثيرون أنها تشوِّه حقيقة خاشقجي وتمجِّد بن سلمان.

وبينما لا يُنكر بومبيو ضلوع الحكومة السعودية في مقتل خاشقجي، حاول تبرير فعلتها أو التخفيف من حدتها. كتب في مذكراته: "هذه المجزرة المروّعة كانت شائنة وغير مقبولة ومروّعة وحزينة وحقيرة وشريرة ووحشية وبالطبع غير قانونية. لكن ذلك لم يكن مفاجئاً، بالنسبة لي على الأقل. شهدت سلفاً ما يكفي في الشرق الأوسط لأدرك أن هذا النوع من القسوة كان أمراً روتينياً للغاية في هذا الجزء من العالم".

في الوقت نفسه، نفى أن يكون خاشقجي صحافياً وحاول اتهامه بالارتباط ببعض التنظيمات الإسلامية المحظورة والمتشددة. وعن خاشقجي كتب: "الكثير من الضجة العالمية غير المتناسبة كانت مدفوعة بوسائل إعلام عرضت القصة بشكل أكثر بشاعة على أساس خاشقجي كان ‘صحافياً‘. للتوضيح، كان خاشقجي صحافياً بقدر ما أنا والعديد من الشخصيات العامة الأخرى صحافيون، وننشر كتاباتنا أحياناً، لكننا نقوم أيضاً بأشياء أخرى".

باستهجان، أضاف: "وسائل الإعلام جعلت من خاشقجي ‘بوب وودوارد السعودية‘ (وهو الصحافي الأمريكي الذي فجّر فضيحة ووترغيت) الذي استُشهِد لانتقاده الشجاع للعائلة المالكة السعودية عبر مقالات الرأي التي نشرها في واشنطن بوست".

واستدرك: "في الحقيقة، كان خاشقجي ناشطاً دعم الفريق الخاسر في معركة أخيرة للصراع على العرش في السعودية، ولم يكن سعيداً بنفيه"، وهذه العبارة الأخيرة على الأرجح كانت محاولة لإظهار أن خاشقجي لم يكن موضوعياً في انتقاده نظام الحكم في المملكة.

قال إنه "يقود أكبر إصلاح ثقافي في تاريخ المملكة" وإنه "شخصية تاريخية حقاً على المسرح العالمي"...  وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مايك بومبيو يُبدي إعجابه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مذكراته

وبكلمات أكثر خُبثاً، كتب بومبيو في مذكراته: "تعبير جمال خاشقجي العلني عن حزنه على مقتل (مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة الراحل) أسامة بن لادن يظهر، على الأقل، وضعاً أكثر تعقيداً مما تم الاعتراف به. لم يكن يستحق الموت، لكننا بحاجة إلى أن نكون واضحين بشأن هويته وكثير من الناس في وسائل الإعلام لم يكونوا كذلك". وزعم بومبيو أيضاً أن خاشقجي كان على صلة بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في عدة دول عربية.

وفي مراجعتها لمذكرات بومبيو، وصفت الغارديان البريطانية الكتاب بأنه "خبيث… الكراهية هي التي تتحكم في محتواه. إنه يحتوي على سموم أكثر مما في جعبة الكوبرا".

"مثير للصدمة والاشمئزاز"

وفي مقال رأي لهيئة التحرير، اعتبرت "واشنطن بوست" أن تعليقات بومبيو على خاشقجي وجريمة اغتياله "تكشف الكثير عن بومبيو أكثر مما يقوله منتقدوه. بدلاً من التصرف كدبلوماسي أمريكي بارز، اختار السيد بومبيو محاباة الشخص الذي أرسل فريقاً لاغتيال خاشقجي".

ولفتت الصحيفة إلى أنه بينما كانت جريمة قتل خاشقجي، جزئياً على الأقل، انتقاماً منه بسبب دعوته إلى عالم عربي أكثر حرية وسعودية أكثر انفتاحاً وتسامحاً وانتقاده الأساليب الدكتاتورية لمحمد بن سلمان، "لا يُخفي بومبيو إعجابه به، قائلاً إن بن سلمان ‘يقود أكبر إصلاح ثقافي في تاريخ المملكة‘ وإنه ‘شخصية تاريخية حقاً على المسرح العالمي‘".

في مراجعتها لمذكرات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مايك بومبيو، وصفت الغارديان الكتاب بأنه "خبيث… الكراهية هي التي تتحكم في محتواه. إنه يحتوي على سموم أكثر مما في جعبة الكوبرا"

دعم بن سلمان ليس جديداً على بومبيو الذي كان أول مسؤول غربي يزور الرياض ويلتقي بن سلمان عقب أيام من مقتل خاشقجي. لفترة طويلة بعد الجريمة، لم يجرؤ أي مسؤول غربي على تجاهل الانتقادات الدولية ومقابلة بن سلمان علناً على الأقل. لعل هذا ما دفع بومبيو إلى الشعور بأنه "الشخص الذي أعطى الإصبع الوسطى للواشنطن بوست ونيويورك تايمز وجبناء آخرين منفصلين عن الواقع"، حسبما كتب في مذكراته.

تعقيباً على ذلك، قالت واشنطن بوست إن "هذه هي لغة الشارع المتوحش، وليست لغة زعيم أمة تقوم على سيادة القانون"، معتبرةً أن بومبيو تذرّع بـ"حجة واهية وجاهلة" حين أشار إلى أن القتل أمر روتيني في الشرق الأوسط.

وختمت واشنطن بوست مقالها التحريري بالقول إن "صحافة خاشقجي" هي "من أفضل صور تطبيق القيم الأمريكية لحرية التعبير، حيث سلطت الضوء على الزوايا المظلمة من العالم. يكشف السيد بومبيو أنه بعيد عن هذه المبادئ".

في غضون ذلك، اتهم فريد رايان بومبيو بنشر "الأكاذيب الدنيئة لمحاولة بيع المزيد من نسخ كتابه" مشدداً على أن ذلك "صادم ومحبط" لأن خاشقجي "كانت جريمته الوحيدة فضح فساد وقمع من هم في السلطة"، مردفاً بأنه "لهذا التفاني، دفع الثمن".

وفي تصريح لشبكة "إن بي سي نيوز"، اتهمت حنان العتر، أرملة خاشقجي، بومبيو بترويج "معلومات سيئة وخاطئة" عن زوجها الراحل، مطالبةً إياه بـ"الصمت ووقف نشر هذه الأكاذيب" لأنه "أمر غير مقبول" من شخص لا يعرف خاشقجي.

أما خطيبة خاشقجي التركية، خديجة جنكيز، آخر شخص رافقه إلى القنصلية السعودية، فقالت عبر حسابها في تويتر: "شعرت بالفزع والانزعاج لقراءة كلمات بومبيو عن جمال. لقد تحدث بلا احترام ولا إنسانية عن شخص قُتل بهذه الوحشية".

وأردفت: "ما فشل تماماً في قوله هو أنه يجب أن تكون هناك عدالة وإظهار للحقيقة. بدلاً من ذلك، تعطي كلماته الضوء الأخضر لمزيد من جرائم القتل. تعني كلماته أنه لن تكون هناك عقاب للقتلة، فقط الإهانات للقتلى وأحبائهم".

ورد بومبيو على الانتقادات لمذكراته، عبر حسابه في تويتر: "الأمريكيون أكثر أمناً لأننا لم نُعامل السعودية كدولة منبوذة. لم أترك وسائل الإعلام تُسيء إليّ. أن يعمل شخص (يقصد خاشقجي) بدوام جزئي في واشنطن بوست، لا يجعل ذلك حياته أكثر أهمية من جيشنا الذي يخدم في أماكن خطرة ليحمينا جميعاً. لن أنسى ذلك أبداً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image