أجرى مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق جون برينان حواراً مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تحدث فيه عن مذكراته التي نشرها مؤخراً بعنوان "بلا هوادة: معركتي ضد أعداء أمريكا، في الداخل والخارج".
في مذكراته، يروي رجل الاستخبارات السابق "تاريخ حياته المليء بالمفاجآت والأحداث الدرامية والاضطرابات والنجاحات"، كما "ينتهز الفرصة ليصفي حساباته مع أولئك الذين أساءوا إليه أو تصرفوا بشكل غير عادل أو غير أمين تجاهه وحاولوا إيذاءه أو إيذاء بلاده".
برينان في مصر
وُلد جون أوين برينان في بيرغن، شمالي نيوجيرسي، عام 1955، لعائلة مهاجرة من إيرلندا، وتولى رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" عام 2013.
الحدث الأهم في حياته كان عام 1974، إذ توجه للدراسة في الجامعة الأمريكية في القاهرة بناءاً على توصية من أحد أساتذته. وهناك، تعلم برينان اللغة العربية، وكتب في مذكراته أن "أكثر ما جذبني في القاهرة هو أهلها"، مشيراً إلى أنه لم يكن يمضي كل وقته في قراءة الكتب المدرسية، بل اكتشف مع أصدقائه "الحشيش الذي استنشقته"، على حد تعبيره.
برينان في السعودية
بفضل طلاقته في اللغة العربية، كان أول منصب أجنبي يتولاه برينان في عالم الاستخبارات في السعودية عام 1982، تحت ستار دبلوماسي للسكرتير الثالث في سفارة الولايات المتحدة في جدة.
بعد عامين قضاهما في المملكة، عاد برينان إلى الولايات المتحدة، ومن هناك انطلقت مسيرته المهنية، فشغل عدة مناصب مرموقة، منها رئيس فرع وكالة الاستخبارات المركزية في السعودية.
ويروي أنه بعد ساعات قليلة من اغتيال أسامة بن لادن عام 2011، طلبت منه غرفة العمليات الاتصال بوزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف لإبلاغه بوفاة "أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم".
كما طُلب من برينان أن يسأل "صديقه"، ولي العهد المعتقل حالياً محمد بن نايف، عما إذا كان السعوديون يريدون رفات الإرهابي المقتول، فأتى رد الأمير الذي كان مسؤولاً عن وزارة الداخلية في ذلك الوقت: "نحن نثق في أنك ستعتني بجسده... ليست هناك حاجة لإرسال جسده إلى السعودية".
وكشف المدير السابق لوكالة الاستخبارات أن إسرائيل ساعدت في قتل بن لادن، مشيراً إلى أن هذه العملية كانت أمريكية خالصة، لكن تل أبيب قدمت العديد من التقارير التي ساعدت في الوصول إليه.
برينان ومحمد بن سلمان
في الحوار مع الكاتب في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية زين ريد حول مذكراته، تحدث برينان عن الأخبار التي انتشرت مؤخراً حول عقد اجتماع بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال برينان: "لسنوات عدة، كانت هناك نقاشات تجري بين الطرفين. في بعض الأحيان كانوا إسرائيليين ولم يكونوا جزءاً من الحكومة الإسرائيلية وسعوديين لم يكونوا جزءاً من دائرة الحكم في السعودية"، مضيفاً: "كانت هناك أيضاً اتصالات مباشرة بين الاستخبارات الإسرائيلية والسعودية. أنا على علم بها وربما ساعدت في تسهيل بعض تلك الاجتماعات".
وصف نتنياهو بأنه "ليس شخصاً أخلاقياً"، انتقد قتل سليماني، كشف عن دور إسرائيل في قتل بن لادن وعن الاتصالات السعودية والإسرائيلية منذ سنوات عدة... أبرز ما جاء في مذكرات مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق جون برينان المنشورة حديثاً
وتابع بالقول: "أعتقد أن ما يجري الآن هو نضج للاتصالات السابقة. وأعتقد أن هذا الاجتماع انعقد كوسيلة لمساعدة محمد بن سلمان على الوقاية من الإجراءات السلبية ضده في ظل إدارة بايدن. أعتقد أنه يبحث عن طرق لمحاولة عزل نفسه عن الاتهامات الناتجة عن القتل المروع للصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018".
وبرأيه، فإن الاجتماع يتماشى مع ما يحاول القيام به، وهو تقديم صورة أكثر اعتدالاً أو حداثة كزعيم بحكم الأمر الواقع، على الرغم من أنه ليس الملك.
وحول تطبيع العلاقات رسمياً، قال برينان: "قد يكون هناك نوع من الاجتماع المفتوح بين المسؤولين السعوديين والإسرائيليين في اجتماع دولي، كطريقة لمحاولة دفع الأمر إلى الأمام. ما يقلقني هو أن الفلسطينيين يُترَكون هنا. أتمنى فقط أن يكون العرب أكثر وعياً بضرورة أن يكونوا دعاة لتقرير الفلسطينيين لمصيرهم".
واستبعد برينان أن يكون بإمكان السعوديين المضي قدماً في العلاقات مع إسرائيل دون أي تقدم على الجبهة الفلسطينية، قائلاً: "لا أعتقد ذلك. بالتأكيد ليس في وجود الملك سلمان على قيد الحياة، فلطالما كان مدافعاً عن المصالح الفلسطينية. أفهم أن الملك سلمان لم يكن سعيداً بالقرار الأمريكي بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس. حدث هذا الشيء من خلال عمل بن سلمان مع وزير الخارجية مايك بومبيو وصهر الرئيس دونالد ترامب جاريد كوشنر والبيت الأبيض".
وفي كتابه، ركز برينان على قضية مقتل خاشقجي، قائلاً: "استناداً إلى كل ما تعلمته على مدار الأربعين عاماً الماضية حول أجهزة الاستخبارات والأمن السعودية والطريقة التي تعمل بها الحكومة السعودية، فأنا على يقين أن هذه العملية الجريئة التي حدثت داخل بعثة دبلوماسية سعودية ضد صحافي رفيع المستوى يعمل لحساب صحيفة أمريكية، لم تكن لتحدث من دون تفويض مباشر من القيادة العليا للسعودية. ولا شيء في تاريخ الملك سلمان يوحي بأنه كان سيأذن بقتله، لكن تاريخ محمد بن سلمان يقول إنه يفعل ذلك".
"قاسم سليماني عدوي"
في حديثه مع الكاتب في "هآرتس"، أتى برينان على ذكر مقتل قاسم سليماني، قائلاً: "كان عدوي في كثير من النواحي عندما كنت في وكالة الاستخبارات المركزية. كان لاعباً خطيراً للغاية".
في المقابل، استدرك قائلاً: "مرة أخرى، هو مسؤول حكومي وقتل الولايات المتحدة مسؤولاً كبيراً في دولة أجنبية لا يتماشى مع التزاماتها تجاه النظام الدولي".
"نتنياهو ليس رجلاً أخلاقياً"
قال برينان عندما سئل عن رأيه في نتنياهو: "إنه ناشط وسياسي حذر وماكر للغاية، وأعتقد أن لديه فهماً وتلاعباً ذكياً للغاية في السياسة الداخلية الإسرائيلية"، واصفاً إياه بأنه "ليس شخصاً ذي مبادئ أو أخلاقياً".
وأضاف برينان: "إذا كان نتنياهو يعتقد أن حل الدولتين سيفيد مصالحه السياسية، فسوف يسعى لتحقيق ذلك. وهو يدرك أن اليمين الإسرائيلي هو المكان الذي يحصل فيه على قوته ودعمه".
وحول ما إذا كان نتنياهو شخصاً كاذباً، قال برينان: "في لقاءاتي معه، وجدت أن تصويره للواقع شوّه الحقيقة، وهذا هو السياسي النموذجي، لكن لا أعتقد أن الصدق أو الالتزام بالكلام هي من صفاته. سيغير آراءه وموقفه ولن ينفذ التزاماته إذا شعر أن من مصلحته السياسية ألا يفعل ذلك. هل كذب علي شخصياً؟ أعتقد أنه فقط زخرف الحقائق".
درس في مصر وبدأ رحلته في عالم الاستخبارات من السعودية... مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق جون برينان نشر مؤخراً مذكراته بعنوان "بلا هوادة: معركتي ضد أعداء أمريكا، في الداخل والخارج"، فما أبرز ما كشفه عن بن لادن ونتنياهو وبن سلمان وسليماني وقضايا حساسة في المنطقة؟
واعتبر برينان أن إيران بالنسبة لنتنياهو هدف مفيد للغاية للإدانة والنقد، وكذلك لإذكاء مخاوف الإسرائيليين، كاشفاً أن وكالة الاستخبارات المركزية شاركت مع الفلسطينيين في مجموعة متنوعة من البرامج التدريبية، إذ "كان علي أن أعلمهم ما يعنيه أن أن تكون في وكالة استخبارات مهنية، سواء كان ذلك في جانب العمليات أو التجنيد وكذلك التحليل والتدريب على أنظمة تكنولوجيا المعلومات وقواعد البيانات".
المسكوت عنه في كتاب برينان
لا يزال هناك الكثير من الأشياء التي رفض برينان الحديث عنها في كتابه، منها ما يتعلق بالجدل حول ما إذا كان يجب تسليح المعارضة السورية.
كتب برينان في هذه المسألة أنه "غير قادر على معالجة العديد من الجوانب والتفاصيل المهمة للسياسة الأمريكية تجاه سوريا خلال إدارة أوباما لأنها ظلت سرية للغاية".
وورد على نطاق واسع في تقارير غربية، أن وكالة الاستخبارات المركزية قامت سراً بتوجيه الأسلحة إلى بعض المسلحين خلال تولي برينان رئاستها.
وتجاهل برينان قضايا التعذيب التي جرت في وكالة الاستخبارات، إذ حاول أن يبرئ نفسه بأنه لم يشارك فيها، قائلاً: "أتذكر بوضوح أنني علمت بهذه التفاصيل الدنيئة لأول مرة في آب/ أغسطس عام 2002، عندما قرأت عن استجواب أبو زبيدة والإيهام بالغرق".
وكان أبو زبيدة أول مشتبه به مهم تم اعتقاله بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر عام 2001، وتعرض للإيهام بالغرق 83 مرة. وهو محتجز في خليج غوانتنامو من دون أن يُحاكم بعد.
قال برينان إنه بعد قراءة أول تقرير عن التعذيب في الوكالة سار إلى موقف سيارات وكالة الاستخبارات وأشعل سيكارة، ثم بدأ يحدث نفسه قائلاً: "يا إلهي، ماذا نفعل؟". كما ذكر أنه أثار هذه القضية مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك جورج تينيت في المساء نفسه، مؤكداً أنه لم يشارك بشكل مباشر في برنامج الاستجواب لكنه "يوبخ نفسه لعدم بذل المزيد من الجهد لوقفه".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...