بعد أسابيع من التكهنات والتسريبات، تأكَّد استعداد الإمارات لإدراج الهولوكوست (المحرقة) في مناهج التعليم الرسمي في البلد الخليجي بالتنسيق مع مؤسسة النصب التذكاري لمحرقة اليهود الإسرائيلية (ياد فاشيم) ومعهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي (إمباكت).
وفي عام 2020، وقّعت الإمارات اتفاق "أبراهام" لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وتعددت أوجه التعاون والتقارب منذ ذاك الحين بين الجانبين.
وكان البلد الخليجي سبّاقاً إلى إنشاء جناح لإحياء ذكرى الضحايا اليهود للهولوكوست، إبّان الحرب العالمية الثانية، كجزء من متحف "معبر الحضارات" في إمارة دبي. ويعد هذا المعرض الأول والوحيد من نوعه في الدول العربية.
وبينما تدرس غالبية المدارس الخاصة في الإمارات الهولوكوست ضمن مناهجها لم تضمّن المدارس الرسمية المحرقة في موادها التعليمية حتى الآن، برغم التكهنات المتكررة منذ إعلان تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل قبل نحو ثلاثة أعوام.
الخطة قيد التطوير بالتنسيق مع مؤسستي "ياد فاشيم" و"إمباكت" الإسرائيليتين… #الإمارات تتأهب لإدراج #الهولوكوست ضمن مناهج التعليم الرسمي كـ"مؤشر إضافي على التقارب المتواصل مع إسرائيل"
"مؤشر إضافي على التقارب"
وأكدت السفارة الإماراتية في واشنطن، في وقت سابق من الشهر الجاري، عبر حسابها في تويتر "إدراج المحرقة في مناهج المدارس الابتدائية والثانوية"، دون تفاصيل إضافية.
ونقلت وكالة فرانس برس، الثلاثاء 24 كانون الثاني/ يناير، عن مصادر في "إمباكت" و"ياد فاشيم"، أن خطة أبو ظبي لإدراج الهولوكوست في مناهج التعليم الرسمي قيد التطوير راهناً بالتنسيق مع الجهتين، معتبرةً أن ذلك "مؤشر إضافي على التقارب المتواصل مع إسرائيل.
في تصريح عبر حساب السفارة الإماراتية في واشنطن، قال المسؤول الإماراتي علي النعيمي، أحد مهندسي "اتفاقات أبراهام" إن "إحياء ذكرى ضحايا المحرقة اليهودية يُعد أمراً بالغ الأهمية". في حين صرّح مواطنه أحمد عبيد المنصوري، مؤسّس "متحف معبر الحضارات"، بأنه "من المهم تدريس المحرقة في المنطقة، لأن الإنكار منتشر بشدة"، معتبراً أنه "إن أردنا أن يتعاطف الناس معنا، فعلينا التعاطف مع الآخرين".
وذكر ماركوس شيف، من المعهد الإسرائيلي البريطاني "إمباكت" لفرانس برس، أن "الجزء الخاص بالمحرقة سيكون بسيطاً للغاية من المنهج"، مبرزاً أنه "يتم العمل عليه الآن". وأكدت "ياد فاشيم" للوكالة أن هذه "المبادرة ما زالت قيد التطوير"، معتبرةً أنه ما زال من "المبكر للغاية" الإدلاء بمزيد من التفاصيل عنها.
"القضية الفلسطينية مقدسة في العالم العربي، بما في ذلك لدى الغالبية العظمى من الإماراتيين"... باحثة تستبعد أن يُسفر إدراج الإمارات الهولوكوست في مناهجها التعليمية عن المزيد من التسامح تجاه إسرائيل في المستقبل القريب
خطوة غير مرحب بها؟
بحسب "فرانس برس"، لم تلق خطوة إدراج الهولوكوست في المناهج الرسمية الإماراتية "ثناءً واسعاً" إذ لفتت إلى عدم التطرق إلى المحرقة أو حتّى الاعتراف بها في الدول العربية نتيجة للتضامن الواسع مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في المنطقة، فضلاً عن إقامة إسرائيل عام 1948 على حساب الفلسطينيين وعلى أرضهم في أعقاب المحرقة.
ويتهم الكثير من العرب إسرائيل باستغلال المحرقة وربما تضخيمها لتحقيق "مكاسب سياسية". من هؤلاء، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله الذي قال لفرانس برس إن "الهولوكوست واقعة تاريخية تُستخدم من إسرائيل لأغراض سياسية"، مشدداً "إسرائيل تُسيّسها وتسيء استخدامها لأغراضها السياسية الخاصة".
ودلّلت فرانس برس على قولها إن الخطوة لا تحظى بثناء واسع بتعليقات زوار جناح الهولوكوست في دبي، حيث يرد في كتاب للزوّار العديد من التعليقات المعادية لإسرائيل، على غرار: "من ظُلم يجب أن يدافع عن المظلومين لا أن يظلُم" و"لتسقط الإمبريالية الصهيونية" و"دمروا إسرائيل".
مع ذلك، قال أليكس بيتروفروند، أحد زعماء الجالية اليهودية في الإمارات حيث يعيش منذ عام 2014 وجديّه من ضحايا المحرقة، إنه "فخور" بهذه التغييرات، مضيفاً "عبر تعليم المحرقة، ترغب الإمارات في إظهار إمكانية ما سيحدث إن لم يتمكن أشخاص من ديانات وثقافات مختلفة من العيش معاً".
وتقلل هند الأنصاري، من مركز "ويلسون" للأبحاث في واشنطن، من احتمال حدوث تغيير سريع عبر إدراج الهولوكوست في المناهج التعليمية.
قالت لفرانس برس إن تعليم الهولوكوست "لن يؤدي على الأرجح إلى المزيد من التسامح تجاه إسرائيل في المستقبل القريب" سيّما أن "القضية الفلسطينية مقدسة في العالم العربي، بما في ذلك لدى الغالبية العظمى من الإماراتيين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...