شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
إلى متى ستستمر خدعة محمد هنيدي؟

إلى متى ستستمر خدعة محمد هنيدي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن وحرية التعبير

الأربعاء 25 يناير 202312:09 م

لم أدخل الفيلم الأخير لمحمد هنيدي "نبيل الجميل أخصائي تجميل"، ولن أفعل، رغم إيراداته المرتفعة وحملات السوشال ميديا الممنهجة، لأني تعلمت من درس فيلمه الأخير "الإنس والنمس" إخراج شريف عرفة، الذي صوّرته لنا الحملات المدفوعة وحلقته الطويلة مع منى الشاذلي، بوصفه "إعجازاً كوميدياً... عاصفة لن تجعلك مستقرّاً على مقعدك".

تحدثت تلك الحملات أيضاً عن حالات إغماء من الضحك، في النهاية تجد نفسك أمام فيلم لا يدفعك حتى للابتسام مرغماً.

إلى متى ستستمر خدعة محمد هنيدي مدفوعة الأجر في إنقاذه؟ وهل كل ما تبقى منه، هو نكات على صفحته على فيسبوك وتويتر من خلال مناوشات وتعليقات ظريفة، نعرف جميعاً أن لا علاقة له بها، بل هي مسؤولية فريق كامل يعمل على إعادة ابتكاره كبراند؟

هل كل ما تبقى من محمد هنيدي، هو نكات على صفحته على فيسبوك وتويتر من خلال مناوشات وتعليقات ظريفة، نعرف جميعاً أن لا علاقة له بها؟

ربما ينجح فعلاً في تسويقه في موسم الرياض وهيئة تركي آل شيخ للترفيه، ربما تركي آل شيخ هو آخر من يضحك على كوميديا هنيدي الذي لا يجد حتى ما يبتكره في حفل توزيع جوائز "جوي أوردز" سوى الإشارة المتكرّرة والأبدية إلى حد الملل إلى قصر قامته.

أين هنيدي الذي يخصّنا؟

في عملية تحويل هنيدي إلى براند، ينفصل هنيدي الكوميديان عن ناسه الذين توسموا فيه ذات يوم أن يكون المضحك الأول لهم، لكنه على عكس عادل إمام مثلاً، لم يتطور بأي شكل من الأشكال، وبعد انطفاء قوة الارتجال الفطرية التي ستتعارض قطعاً مع اختلاق هيئته عبر الباروكة وحقن البوتكس، وإصراره على لعب دور الشاب الصغير، رغم أنه في عامه السابع والخمسين، فلن ينقذه سوى ورق مكتوب باحترافية، لا يعتمد فيه هنيدي على أساطير الماضي.

في عملية تحويل هنيدي إلى براند، ينفصل هنيدي الكوميديان عن ناسه الذين توسموا فيه ذات يوم أن يكون المضحك الأول لهم.

لم يكن "الإنس والنمس" هو الفيلم الأول الذي يفشل في إضحاكي لمحمد هنيدي المستمرّ بقوة القصور الذاتي، والذي لا يملك وعداً يربطنا به سوى شيء واحد: أن يضحكنا فعلاً، ولم يكن هذا الفشل قرين أفلام قريبة العهد، بل إن فشله الأول في الإضحاك المقترن بالإيرادات العالية، يبدأ، يا للمفاجأة، منذ الفيلم الثاني من بطولته "همام في أمستردام" عام 1999، الذي اعتمد خلطة مدحت العدل، التي هي خليط من النوستالجيا والحوار الرومانسي المفتعل والأفكار الوطنية الزاعقة، فيلم حمل بذرة فشله مبكراً، أنه لا يحمل رأساً واعياً قادراً على تطوير نفسه باستمرار.

كان نجاح "همام في أمستردام" هو النجاح الذي يجب أن يُنسى، لكن للأسف، النجاح المبني على سمعة أن هنيدي يضحكنا مهما فعل هو الذي بقي في المخيلة، ثم استمرت الأفلام في الصعود والهبوط، لكن شرطها الأساسي الذي أغفله، أنه لم ينجح فيها بدون سيناريو جيد ومخرج جيد، فيصبح حينها ارتجاله فعالاً وذا معنى، "كوش إجرام"، "فول الصين العظيم" و"رمضان مبروك أبو العلمين حمودة".

دخل هنيدي، ودخلنا معه، عصر السيناريست أيمن بهجت قمر، الذي تحول معه إلى شخص فقد عفويته في ارتجال النكتة، لتصبح مصطنعة، عنيفة، عسيرة الولادة، كأننا معاً، نحن وهنيدي، في عملية إجبار متبادلة على الضحك، نفعلها فقط لصالح الأيام الخوالي.

كوميديا تمرّ على الضابط أولاً لن تضحك أحداً. الضابط يعامل ما هو مضحك بريبة وشك، لأنه يبعث على التجرّؤ، وليس مطلوباً من أحد هذه الأيام أن يتجرأ على شيء

كان الفيلم الأخير الذي تمكن من إضحاكي فعلاً لمحمد هنيدي، خلال السنوات العشر الأخيرة، وسط سلسلة من الأفلام السيئة، هو الفيلم الذي كتبه له عمر طاهر "يوم مالوش لازمة"، ربما لأنه لم يحاول من جديد أن يعيد اصطناع ما لم يعد يملكه: الاعتماد على الارتجال، بل مواقف مكتوبة بعناية، كان ذلك بالنسبة لي هو فرصة هنيدي في تطوير نفسه كممثل كوميدي لا كمرتجل، خاصة بعد انفصاله عن سوق إمبابة الذي أتى منه بأغلب إيفيهاته الطازجة العالقة في أذهاننا، لا كوميديا تنشأ وسط أسوار الكومباوندات.

بشكل عام، تعيش الكوميديا المصرية أزمة كبرى، ليس فقط بسبب إصرار نجومها على العيش على أوهام الماضي، لكن لأن المجال العام خانق ومكتوم، فكوميديا تمر على الضابط أولاً لن تضحك أحداً. الضابط يعامل ما هو مضحك بريبة وشك، لأنه يبعث على التجرّؤ، وليس مطلوباً من أحد هذه الأيام، لا الممثلين ولا الجمهور أن يتجرأوا على شيء. أمام فكرة الضابط عن الفن والكوميديا، الموضوعات كلها مغلقة، لن يتبقى معها سوى الادعاء والتصنع.

أما تركي آل شيخ، فوحده الذي ما زال تضحكه النكات القديمة، لأنه، ربما على عكس الضابط، يدفع جيداً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image