بعد نجاح عرض "يوم لم ينتهِ" الذي تناول تداعيات انفجار مرفأ بيروت، يعود المخرج اللبناني الفلسطيني علاء ميناوي ليقدم عرضاً جديداً بعنوان "2048 - تَحَلّلْ هَوِيَة". ينطلق هذا العرض التفاعلي من واقع عدم قدرة الأم اللبنانية على إعطاء الجنسية لأولادها ليذهب إلى أماكن أخرى وأسئلة شائكة اختار علاء أن يتشاركها مع الجمهور.
المتفرجون أبطال العرض
"علاء حابب يعزمكم على بيت مش بيته بشارع مش شارعه ببلد يمكن مش بلده" هذا ما اختار علاء أن يقوله للجمهور قبل العرض، ليشرك هذا الجمهور في مرحلة لاحقة في تجارب ستجعل الحاضرين، بقصصهم وما سيختارون أن يشاركوه، الأبطالَ الحقيقيين لهذا العرض التفاعلي.
العرض مبني على استعمال الواتساب الذي يتواصل علاء من خلاله مع الحاضرين، ولن يتمكن أحد من المشاركة من دون تشغيل التطبيق. لذلك، عند حجز التذكرة من مكتبة "أنطوان"، سيتم تسجيل رقم الواتساب وستتم مشاركته مع 12 فرداً، كحد أقصى، وهي القدرة الاستيعابية لفضاء العرض.
يعود المخرج اللبناني الفلسطيني علاء ميناوي ليقدم عرضاً جديداً بعنوان "2048 - تَحَلّلْ هَوِيَة" ينطلق من واقع عدم قدرة الأم اللبنانية على إعطاء الجنسية لأولادها ليذهب إلى أماكن أخرى وأسئلة شائكة اختار علاء أن يتشاركها مع الجمهور
من خلال الواتساب، يطلب علاء ممن اختاروا مشاهدة عرضه التجمع بدايةً في حديقة مقابل قهوة كاليه في مار مخايل، ليطلب بعدها التوجه إلى بيت قريب في بناية إيسيان في الأشرفية والصعود إلى الطابق الثاني.
الجمهور متوجه لبناية إيسيان- تصوير شيارا فيريلي
يمشي الجمهور من الحديقة إلى بناية إيسيان. يكون الجميع في حالة ترقب. يتساءل الحاضرون: ما الذي ينتظرهم في الطابق الثاني؟ منزل من سيزورون؟ ما الذي سيحدث في ذلك البيت؟ من سيكون في استقبالهم؟
يكتشف الحاضرون أن علاء اختار أن يترك لهم المفتاح تحت دعسة البيت. وهنا يُطلب من أول الواصلين أن يجد هذا المفتاح ويفتح الباب ليدخل الجميع إلى البيت. ولا أحد يكون في استقبال الزائرين.
في بيت ليس بيت علاء
تتوالى توجيهات علاء من خلال الواتساب. "رجاءً شلحوا من إجركم. صحاب البيت بيفضلوا هالشي. متل ما قلتكم البيت مش بيتي". وبعد أن يطلب علاء من الحاضرين خلع أحذيتهم، يطلب منهم ترك بطاقات هوياتهم في مدخل البيت قبل الانتقال إلى الصالون.
في مدخل البيت - تصوير شيارا فيريلي
في الصالون يتبادل 12 شخصاً يلتقون لأول مرة الحديث وفق توجيهات المخرج، وفي الخلفية شاشة تلفاز تنقل مشاهد متواصلة من ثورة 17 أكتوبر/تشرين الأول اللبنانية. مشاهد من ساحة الشهداء، ورياض الصلح وجسر الرينغ… تذكّر بجمال ثورة كُتب لها أن تُجهض، واختير لها أن تتزامن مع واحدة من أشدّ الأزمات الاقتصادية التي فتكت بالبلاد.
34 سنة عاشها علاء ميناوي في لبنان، 270 عمل ثقافي لبناني شارك فيه، أم لبنانية، أصدقاء لبنانيون، ثورة آمن بها، مظاهرات شارك فيها… كلها لم تشفع به ليحصل على الجنسية اللبنانية، مقابل خمس سنوات قضاها في هولندا كانت كافية ليحصل على الجنسية الهولندية
في هذه المساحة يناقش علاء مع الحاضرين قضايا الانتماء، والهوية، والعلاقة بالأماكن والأشخاص. قصص تُشارك وتُحكى لتكون نقطة التقاء أو خلاف، لكنها تحمل الأمل بأنّ مثل هذه اللقاءات قد تجعلنا نقبل العيش سوياً رغم كل ما يفرّقنا.
من الصالون إلى غرف البيت الأخرى
يصحب علاء الجمهور المشارك في هذا العرض في غرف البيت المتنوعة ليكتشف الكثير من الأمور عن نفسه ويعرف من الجمهور وعن الجمهور أكثر. من الصالون، يطلب علاء من الحاضرين التوجه إلى غرفة الطعام، حيث يلتفّ الجميع حول طاولة واحدة. يخبر علاء الحاضرين أنه جهّز لهم طبق "فتوش"، ويطلب منهم أن يسكبوا ويأكلوا، وتتوالى أسئلة علاء ومداخلاته من خلال الواتساب.
في غرفة الطعام - تصوير شيارا فيريلي
يتحدث الحاضرون عن أحوالهم، عن وجعهم، عما عانوا منه، وعن أمهاتهم، لأشخاص التقوهم من نصف ساعة. لا أحد يفهم ما يحدث وكيف يحدث كل هذا. وبعد الأحاديث الحميمة حول طاولة الطعام، يحين وقت الرحلة الأخيرة داخل المنزل وهذه المرة يطلب علاء من الحاضرين التوجه نحو غرف النوم. في إحدى الغرف، يظهر بروفايل علاء بالأسود على الجدار.
المحطة الأخيرة للعرض - تصوير شيارا فيريلي
في آخر خمس دقائق، يقول علاء كل ما هيّأ الجمهور لسماعه منذ بداية التجربة. آخر خمس دقائق اختارها علاء خالية من أي تفاعل. هو وحده يتكلّم والجميع هذه المرة يصغون. آخر خمس دقائق، يفهم الجمهور لماذا اختار علاء "2048-تحلل هوية" عنوانا لمسرحيته، ما سر الرقم 2048 وما يعنيه في سياق قصة علاء مع الجنسية اللبنانية.
قوة اللامرئي وثنائية الحضور والغياب
حتى الحظات الأخيرة، ينتظر الجمهور ظهور علاء لكنّ علاء يختار ألّا يظهر في العرض كله، فكيف يظهر في عرض لمجتمع يرفض أن يكون علاء جزءاً منه؟ يقول علاء: "أنا غير موجود بالعرض لأن المجتمع يرفض أن أكون أحد أبنائه، إذ ما زال يرفض أن يعطي الجنسية اللبنانية لأولاده". ويضيف: "يختبر الحاضرون أن يكونوا ضيوفاً في بيت ألفوه مثلما يريد المسؤولون اللبنانيون أن أكون ضيفاً في بلد أمي".
34 سنة عاشها علاء في لبنان، 270 عمل ثقافي لبناني شارك فيه، أم لبنانية، أصدقاء لبنانيون، ثورة آمن بها، مظاهرات شارك فيها… كلها لم تشفع به ليحصل على الجنسية اللبنانية، مقابل خمس سنوات قضاها في هولندا كانت كافية ليحصل على الجنسية الهولندية.
"يختبر الحاضرون أن يكونوا ضيوفاً في بيت ألفوه مثلما يريد المسؤولون اللبنانيون أن أكون ضيفاً في بلد أمي"
من حق علاء أن يسأل لماذا؟ يقول: "يعتبر الكثيرون الحديث عن حق الأم اللبنانية في إعطاء الجنسية لأولادها ترفاً في هذه الأيام. الوقت غير مناسب للبحث في هذه المواضيع وفي مواضيع مماثلة. هناك دائماً مواضيع أهمّ. وهذا مؤسف، لأن يبدو أنّ أغلب المواضيع ليس وقتها الآن في هذا البلد".
تُستأنف عروض "2048 - تَحَلّلْ هَوِيَة" من 7 شباط/فبراير حتى 18 منه. تجدون المزيد من التفاصيل عن العرض في هذا الرابط.
علاء ميناوي: فنان مقيم في أمستردام ، بدأ مسيرته المهنية عام 2006 كمصمم ضوء وسينوغراف في بيروت، ثم انتقل إلى عمل تجهيزات فنية خاصة به. في ممارسته، يحاول علاء استكشاف إمكانيات دمج فنون الأداء مع التجهيز الفني. كما يحاول إشراك الجمهور كعنصر أساسي في بناء العرض. لذلك يقلل من دور المؤدي ويسلط الضوء على الحضور. تناولت أعماله موضوعات مثل الانتماء، الحضور، الغياب، المستقبلية العربية، الحروب، الصدمات، والشفاء . وهو حاصل على بكالوريوس في فنون التواصل من الجامعة اللبنانية الأمريكية وماجستير في الفنون الجميلة من De voor Hogeschool Kunsten Utrecht. ومحاضر في Hogeschool voor De Kunsten Amsterdam وHogeschool voor De Kunsten Utrecht وSandberg Institute. هو أيضاً مؤسس ومدير برنامج "مدرسة بيروت الصيفية للمسرح وفنون الأداء".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...