لليوم الثالث على التوالي، تستمر الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى "إنقاذ" الداعية والأكاديمي السعودي عوض القرني (66 عاماً) والإفراج عنه إثر أنباء عن مطالبة الادعاء العام في المملكة بإعدام الشيخ المعتقل منذ عام 2017.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد نقلت، في 15 كانون الثاني/ يناير الجاري، عن نجل القرني، ناصر ، الذي فرّ من المملكة قبل بضعة أشهر وطلب الحماية في المملكة المتحدة، أن المدعين العامين في السعودية طلبوا عقوبة الإعدام لوالده على خلفية التهم الموجهة إليه بإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتوجيه رسائل "معادية" لحكام المملكة.
وكان القرني قد اعتُقل في أيلول/ سبتمبر 2017 في أول حملة قمع أعقبت صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحت مسمى "الإصلاح" والقضاء على تيار الصحوة الديني المتشدد.
وبينما تصر وسائل الإعلام الموالية للحكومة في السعودية على تصوير القرني على أنه "إرهابي خطير"، يقول معارضون للحكومة إنه كان مفكراً مؤيداً للإصلاح ولديه متابعة قوية عبر السوشال ميديا تبلغ نحو مليوني متابع في تويتر فقط.
وفق ما تظهره وثائق الادعاء التي شاركها ناصر القرني مع الغارديان، فإن التهم الموجهة لوالده منذ اعتقاله تشمل "اعتراف" الداعية باستخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي باسمه واستغلاله "في كل فرصة... للتعبير عن آرائه"، و"إقراره" بالمشاركة في محادثة على واتساب، وإشادته بجماعة الإخوان المسلمين في مقاطع فيديو.
بسبب نشاطه "المُعادي" للدولة في واتساب وتويتر وتيليغرام… الادعاء العام في #السعودية يطلب عقوبة #الإعدام للداعية #عوض_القرني وحملة للمطالبة بالإفراج عنه عبر وسم #أنقذوا_عوض_القرني
"لا يجوز الصمت بعد"
على الرغم من عدم صدور أي حكم رسمي ضد القرني بعد، أثارت الأنباء عن طلب إعدامه قلق عشرات المغردين العرب الذين دشّنوا وسم "#أنقذوا_عوض_القرني" للمطالبة بالإفراج عنه.
طالب حساب "معتقلي الرأي" المعني بالسجناء السياسيين في المملكة، والذي يتابعه أكثر من 455 ألف شخص في تويتر، بـ"الإفراج الفوري عن الداعية عوض القرني وإسقاط جميع التهم الجائرة ضده"، قائلاً إنه خلال فترة اعتقاله تعرض لـ"العزل الانفرادي" و"إهمال صحي ودوائي تسبب بدخوله المستشفى".
وقالت الناشطة نورة الحربي: "سيكتب التاريخ أنه في حين أن الكثير من الشعوب تتمتع بالحريات وتمتلك حرية في التعبير عن الرأي، السعودية تحكم بإعدام الشيخ #عوض_القرني لمجرد تعبيره عن الرأي"، مستدركةً بأنه "لا يجوز الصمت أمام هذه الانتهاكات بعد".
وكدليل على شجاعته، تداول كثيرون مقطع من مناظرة تلفزيونية سابقة للشيخ القرني يقول فيه: "أنا لا أستدر عطف أحد. أنا دخلت السجون، وأنا مُنعت من الكلام، وأنا فُصلت من الجامعة، وأنا مُنعت كتبي بسبب تحريضكم، وأنا لم أستدر عطف أحد ولم أطرق باب مسؤول ولم أسأل شيئاً لنفسي على الإطلاق… بقيت 16 عاماً ما تكلّمت، ما كتبت حرفاً. أنا أعبر عن نفسي وعن ضميري وعن ديني وعن عقيدتي، وأحمي مقدسات أمتي ومجتمعها وشبابها وأجيالها".
في المقابل، هاجم عدد من المغردين الداعية والحملة التضامنية معه إلى حد وصف المشاركين في الوسم بأنهم "خونة"، قائلين إن الداعية "تطاول وحرض، وطريقة تفكيره تكفيرية بغيضة". واعتبر هؤلاء أن القرني يستحق المصير الذي آل إليه كونه "رجل دين ودخّل نفسه بالسياسة ويطعن ويشكك وينادي بالجهاد ويتطاول على رب العباد"، على حد قولهم.
"المملكة تسعى لإبراز صورتها دولياً كمستثمرة في التكنولوجيا والبنية التحتية الحديثة والرياضة والترفيه" في وقتٍ يطالب الادعاء العام فيها بإعدام أشخاص بسبب محادثاتهم ومنشوراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي…
حملة قمع جديدة؟
ولفت حساب "معتقلي الرأي" إلى أن المطالبة بالإعدام لا تقتصر على القرني فقط وإنما على عدد من معتقلي الرأي، بينهم الداعية سلمان العودة والشيخ حسن فرحان المالكي. ومنذ عام 2019، تكررت الأنباء حول الحكم بإعدام القرني والعودة.
لكن فريقاً من المراقبين يرى أن الرياض لن تغامر بإعدام أي من الشخصيات الدينية البارزة التي تعتقلها في وقت تسعى للترويج لنفسها كبلد منفتح مستقطب للاستثمارات الغربية والمقارّ الإقليمية للشركات العملاقة وأيضاً كوجهة سياحية.
في الأثناء، حذّر عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السعوديين الذين يعيشون في المنفى من أن سلطات المملكة منخرطة في "حملة قمع جديدة وشديدة" ضد الأشخاص الذين تعتبرهم منتقدين للحكومة.
وهم يستدلون على ذلك بالأحكام غير المسبوقة التي صدرت خلال عام 2022 ضد طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز سلمى الشهاب بالسجن 34 عاماً، وضد المواطنة نورة القحطاني بالسجن 45 عاماً، وذلك بتهم تتعلق باستخدامهما مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشارت الغارديان في مقالها إلى المفارقة في معاقبة السلطات السعودية المواطنين على استخدام السوشال ميديا بينما تسعى من خلال صندوق الثروة السيادي أو بعض كبار رجال أعمالها إلى امتلاك حصص مالية في منصات التواصل الاجتماعي الأوسع انتشاراً، بما في ذلك تويتر وفيسبوك.
ويعد الأمير السعودي الوليد بن طلال ثاني أكبر مستثمر في تويتر بعد استيلاء إيلون ماسك على الشركة. وكان الوليد أحد المحتجزين في ما اعتبرته الحكومة السعودية حملة تطهير لمكافحة الفساد عام 2017، واعتبرها منتقدون حملة قمع وابتزاز. أُفرج عن الوليد بعد التوصل إلى اتفاق "تفاهم" سري مع قادة المملكة.
وزاد صندوق الثروة السيادي في السعودية حصته في شركة "ميتا" التي تمتلك فيسبوك وواتساب.
تعقيباً على ذلك، قالت جيد بسيوني، رئيسة قسم الدفاع عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة ريبريف لحقوق الإنسان، للغارديان، إن الاستثمار السعودي في فيسبوك وتويتر "لو لم يكن خبيثاً، لاعتبرناه هزلياً. إنه يتفق مع الطريقة التي يعملون بها تحت قيادة ولي العهد".
وتابعت: "المملكة تسعى لإبراز صورتها دولياً كمستثمرة في التكنولوجيا والبنية التحتية الحديثة والرياضة والترفيه. لكن في الوقت نفسه، لا يمكن أن يتواكب ذلك مع جميع الحالات التي نراها… نتحدث عن المدعي العام - بتوجيه من محمد بن سلمان - يدعو إلى إعدام الناس بسبب آرائهم، وتغريداتهم، ومحادثاتهم"، مردفةً بأنهم "ليسوا خطرين، ولا يدعون إلى إسقاط النظام".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون