شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
معارك على أجساد السودانيات... لتصفية الحسابات السياسية!

معارك على أجساد السودانيات... لتصفية الحسابات السياسية!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والنساء

الاثنين 9 يناير 202312:27 م
Read in English:

Victims of Sudan's patriarchy: Settling political scores at the expense of women’s bodies

في حادثٍ يعكس مدى تطور الجريمة السياسية في السودان، كشف مسؤول رفيع في لجنة تفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير، يوم الجمعة الماضي، عن تعرض طفلته البالغة 15 عاماً، للاغتصاب من قبل مجهولين، من باب تصفية الحسابات السياسية.

الطفلة اختُطفت طبقاً للأمين العام للّجنة، الطيب عثمان يوسف، من أمام منزلها في ضاحية المعمورة، جنوب العاصمة الخرطوم، على يد ثلاثة أفراد مجهولين إلى أحد البيوت الخالية، حيث جرى ضربها واغتصابها، ومن ثم أُطلق سراحها بعد ساعات من الواقعة، وهي في حالة سيئة بالقرب من أحد الجسور النيلية، مع تبليغها بتوصيل رسالة شفهية إليه، ومفادها: "نحن قادرون على أن نصل إليك في أي وقت".

 اتهام الحركة الإسلامية بالوقوف وراء جريمة الاغتصاب عبر عناصر الأمن الشعبي

تعريف باللجنة أو لجنة التفكيك

قبل قراءة الحادثة، يلزمنا تسليط الضوء على لجنة إزالة التفكيك التي استُهدفت الضحية جرّاء نشاط والدها في أروقتها.

وتشكلت "لجنة تفكيك نظام الثلاثين من حزيران/ يونيو 1989 ومحاربة الفساد واسترداد الأموال العامة" في كانون الأول/ ديسمبر 2019، على يد السلطات المدنية في الحكومة الانتقالية المعزولة، بهدف استعادة الأموال والأصول المنهوبة في حقبة الرئيس المعزول عمر البشير، وملاحقة المتورطين في جرائم المال العام، زيادةً على تنقيح هياكل الخدمة المدنية من عمليات التمكين لصالح حزب المؤتمر الوطني المحلول.

وظلَّ قادة اللجنة في حالة شكوى مستمرة من محاولات لتعويق أعمالهم، سواء ممن يصفونهم بـ"فلول النظام المعزول"، أو حتى من قبل الشريك العسكري في السلطة آنذاك.

وكشف الرئيس المناوب للّجنة، وعضو مجلس السيادة المعزول، محمد الفكي سليمان، عن تعرض لجنة التفكيك لحرب شرسة ومستمرة منذ قيامها، بهدف حلها عبر وسائل عديدة تتضمن تعطيل أعمال اللجنة، وتعطيل قيام لجنة الاستئنافات، وحرمانهم مالياً من ترقية أعمالهم من خلال حجب التمويل عن نشاطاتهم.

وفي 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أصدر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، قراراً بتجميد أعمال لجنة التفكيك، وذلك ضمن أولى قراراته بعد الإطاحة بالمدنيين من السلطة.

وخلال فترة تجميد أعمال اللجنة، استفاد رجالات المعزول البشير من القرار، واستردّوا الكثير من حساباتهم المصرفية المجمدة، وعاد بعضهم إلى سلك الوظيفة العامة، بينما اختار آخرون الخروج من البلاد.

وفي كانون الأول/ ديسمبر المنصرم، وجرّاء ضغوط دولية، وقّع العسكر على إطار اتفاق يمهد لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، ومن ضمن القضايا التي اشترط الفريق المدني تضمينها في الاتفاق النهائي المرتقب توقيعه خلال الشهر الجاري، ما يخص عودة أعمال لجنة التفكيك من جديد.


البُعد السياسي

نشر موقع "سودان تربيون"، صبيحة السبت، خبراً عن توقيف أحد الجناة المشاركين في جريمة الاعتداء على كريمة الطيب يوسف، ولكنها لم تشر إلى أسباب الحادثة، بالقول إن القضية لا تزال في طور التحريات.

ولكن ما يعطي الحادث بعده السياسي، آمران: الأول ما قاله يوسف عن رسالة وصلته من الخاطفين عبر ابنته عن قدرتهم على الوصول إليه وإيذائه، والثاني لتزامنه مع ورشة تمهيدية عقدها أعضاء اللجنة المجمدة، لتقييم تجربتهم الماضية وتقويمها، تمهيداً لعقد مؤتمر قضايا تفكيك نظام الثلاثين من حزيران/ يونيو 1989.

سارع القيادي البارز في اللجنة، صلاح مناع، إلى اتهام الحركة الإسلامية (الحاضنة الفكرية لحزب المؤتمر الوطني المحلول)، بالوقوف وراء جريمة الاعتداء والاغتصاب، عبر عناصر الأمن الشعبي، وهو تكوين أمني خاص أنشأه الإسلاميون لحماية النظام المعزول، والفتك بالخصوم.

وذهب القيادي في الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل، عمر حسين، إلى أن البعد السياسي واضح في جريمة المعمورة، وهو بغرض قطع الطريق أمام عودة أعمال لجنة التفكيك.

ونبّه في حديثه مع رصيف22 إلى أن استهداف اللجنة وأعضائها ليس بجديد، إذ سبق أن تعرّض مقرّها للحرق من قبل مجهولين في أثناء أحد المواكب الاحتجاجية، كما سبق أن جرت محاولة لاستهداف مقرر اللجنة وجدي صالح. زد على ذلك التهديدات المجهولة التي تصدر بين الفينة والأخرى لقيادات اللجنة.

هل أصبحت أعراض السودانيات رخصية إلى هذا الحد!!

وأضاف بأنه في حال ثبت تورط حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في الحادثة، فينبغي صدور تشريع بإعلانهما كيانات إرهابيةً.

في الأثناء، طالب الصحافي المختص بقضايا الحوادث، محجوب الزين، بعدم استباق التحقيقات، واتهام أطراف بعينها لجهة عدم المساعدة في إفلات الجناة من العقاب.

وقال لرصيف22، إن لجنة التفكيك ونتيجةً لأعمالها في كشف فضائح النظام المعزول، اكتسبت الكثير من الخصوم السياسيين؛ بعضهم من أتباع البشير، وآخرون بعيدون عن تلك الدائرة، ولكنهم تضرروا من القرارات أو تضرر مقرّبون منهم.

ولفت إلى أن دائرة الخصوم يمكن أن تضم كذلك، أطرافاً مؤيدةً للقادة العسكريين الذين أبانوا عن تحفظات على عمل اللجنة، حد استقالة رئيسها وعضو مجلس السيادة عن المكوّن العسكري، الفريق الركن ياسر العطا.

ولم يستبعد الزين، أن تكون الجريمة لأبعاد ذات صلة بحالة الانفلات الأمني التي تعانيها البلاد مؤخراً.

وأضاف: علينا أن نتريث، ونترك للأجهزة الأمنية دور الكشف عن الجريمة وأسبابها.

 الشعارات الزائفة

منذ بروز خبر حادثة الاعتداء على ابنة القيادي في اللجنة، ذهبت معظم التحليلات إلى البعد السياسي، متغافلةً عن بُعد مهم وحاسم يتصل بحالة المجتمع السوداني.

ونادى الباحث الاجتماعي، شهاب أبو القاسم، بضرورة التخلي عن الشعارات الزائفة عند وقوع كل جريمة كالقول إنها "غريبة عن المجتمع السوداني".

وقال لرصيف22، إن كافة الجرائم موجودة في السودان، بدايةً من جرائم الشرف، مروراً بجرائم القتل على الهوية، وصولاً إلى الجرائم السياسية.

ونبّه إلى تسجيل الصحيفة الجنائية، جرائم سياسيةً تتصل بإشانة سمعة الخصوم، وبث الشائعات المؤذية، وصولاً إلى القتل كما جرى في محاولة اغتيال رئيس الوزراء المعزول، عبد الله حمدوك، في آذار مارس 2020.

وفي سياق الاغتصاب، أبان عن تسجيل حوادث سياسية شهيرة كما جرت تصفية إسحاق على يد عناصر في الأمن، وحادثة قتل المعلم أحمد الخير بـ"الخازوق"، الذي بعد انتهاكه بيد أمنيين قال أحدهم في المحكمة إنه "خبير اغتصاب"، وليس نهايةً بتسجيل حوادث اغتصاب وتحرش ضد المشاركات في الاحتجاجات السلمية المطالبة بالحكم المدني.

وأردف: مع أن كل حالات الاغتصاب مدانة ومؤسفة، ولكن ما يزيد الأسى أن معظم الحالات التي تقع تكون بعيدةً عن الضوء، لأسباب اجتماعية ربما تنتهي بقتل الضحية لدرء العار.

وتابع: صحيح أن الساسة مسؤولون عن حالة الخراب التي تعيشها البلاد، جرّاء صراعاتهم وقراراتهم غير المحسوبة، ولكن علينا أن نقرّ كذلك بأن المجتمع السوداني ليس بخير.

وختم أبو القاسم حديثه مشدداً على أهمية تقديم العون النفسي لابنة المسؤول السياسي، وأشاد بتصدي والدها للقضية وخروجه إلى الرأي العام، بالرغم من الأصوات التي كانت تطالب بمداراة القضية، خوفاً من الوصمة الاجتماعية.


فلندعم الفتاة

وحظيت الطفلة المعتدى عليها، بتضامن كبير، سواء من القوى السياسية، أو المنظمات الحقوقية والنسوية، وحتى من ناشطي التواصل الاجتماعي.

وأعلن حزب المؤتمر السوداني، جاهزيته لتقديم الإسناد القانوني إلى الطفلة وأسرتها، لضمان حصول الجناة على عقاب رادع.

وأصدرت مبادرة لا لقهر النساء، بياناً يدين الحادثة، ويرفض تحويل أجساد النساء إلى ساحة للمعارك، ومحل للتصفيات السياسية.

من المهم أن نترك المثاليات، وأحاديث أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضيةً، ونتذكر أن السياسة لعبة قذرة، والتصدي لقضايا الرأي العام يتطلب تضحيات قد تصل إلى الأسرة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image